الحسناء البرازيلية التي كافحت التحيز والنظام الأبوي لتصبح حكَم كرة قدم
[ad_1]
- فرناندو دوارتي
- بي بي سي سبورت
في السبعينيات من القرن الماضي، كان سيأخذ معظم الناس في البرازيل وقتاً طويلاً للتفكير، قبل أن يقتربوا من رئيس البلاد، الجنرال إميليو جارستازو ميديتشي، الديكتاتور العسكري الحاكم.
كان حكم ميديتشي، عسكرياً قمعياً ووحشياً، اعتمد على اغتيال المعارضين والتعذيب الممنهج. لكن لي كامبوس (تبلغ من العمر الآن 77 عاماً) كانت على وشك الذهاب لمقابلته.
كانت كامبوس تعتقد أن باستطاعة ميديتشي مساعدتها في صراعها مع المسؤولين الرياضيين البرازيليين وعلى رأسهم جواو هافيلانج، صاحب النفوذ في عالم كرة القدم، الذي أصبح لاحقاً رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
قبل أربع سنوات، أصبحت كامبوس، مؤهلة لتصبح حكماً، وكانت واحدة من أوائل السيدات في العالم اللائي فعلن ذلك، لكن اتحاد الرياضة البرازيلي، لم يسمح لها بمواظبة العمل في ذلك المجال.
كانت الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، واحدة من العديد من البلدان التي تم فيها حظر كرة القدم النسائية المنظمة.
في الواقع، كان القانون الذي صدر في عام 1941 في البرازيل، يستبعد النساء من سلسلة من الألعاب الرياضية. وبحسب كامبوس، فقد أخبرها هافيلانج، الذي ترأس اتحاد الرياضة البرازيلي منذ عام 1958، بأن الحظر ينطبق على التحكيم أيضاً، وكان واضحاً في قراره.
وقالت كامبوس لبي بي سي سبورت: “أخبرني هافيلانج في البداية أن بنية النساء الجسدية ليست مواتية لتحكيم مباريات الرجال، وقال لاحقاً إن أشياء مثل الدورة الشهرية ستجعل حياتي صعبة، وفي النهاية أصر على أن النساء لن يصبحن حكاماً أبداً لطالما هو المسؤول”.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تجد فيها كامبوس نفسها تكافح من أجل اقتحام عالم الرياضة الذي أحبته.
وُلدت لي كامبوس في عام 1945 في أبايت، وهي بلدة صغيرة في ولاية ميناس جيرايس جنوب شرق البرازيل، ظهر اهتمامها بكرة القدم في سن مبكرة، وتتذكر طفولتها باعتزاز كيف كانت تركل كرة مكونة من حزمة جوارب.
واجهت كابوس الإحباط من جميع الجهات.
تتذكر قائلة: “كنت أحاول دائماً لعب كرة القدم مع الصبيان في المدرسة، لكن المدرسين كانوا يوقفونني ويقولون إن هذه اللعبة غير مناسبة لي.
أما بالنسبة لوالديّ، فقد كانا يقولان إنه ليس شيئاً يمكن للنساء الاشتراك فيه”.
دفعها والداها إلى خوض مسابقات ملكات الجمال بدلاً من ذلك.
كانت تفوز بشكل روتيني في المسابقات، ومن المفارقات أنها فازت في عام 1966 في إحدى المسابقات التي جرت وبفضل ذلك حصلت على وظيفة في مكتب العلاقات العامة لفريق كروزيرو الرياضي الذي كان في الدرجة الأولى.
جابت كامبوس مع الفريق جميع أنحاء البلاد، وتجدد اهتمامها بكرة القدم.
وفي النهاية، خيل لها أنه ربما توجد طريقة ما تمكنها من المشاركة في اللعب بطريقة ما.
وتقول: “لو حاولت اللعب حينها لكان من المستحيل بالنسبة لي أن أحصل على أي دعم من أي جهة، لأنه لم يكن مسموحاً للنساء قانونياً الانخراط في كرة القدم في ذلك الوقت، لكن أن يكون الشخص حكماً، فهي وسيلة للدخول في ذلك المجال”.
لم يكن ذلك ممنوعاً، فالقانون كان ينص على وجه التحديد، بمنع النساء من ركل الكرة ولم يذكر النفخ في الصافرة”.
في عام 1967 التحقت كامبوس بدورة تحكيم مدتها ثمانية أشهر واجتازتها في أغسطس/آب من ذلك العام. قد لا تكون أول امرأة حصلت على ذلك التدريب، لكن تحديد أول امرأة تولت مهمة التحكيم في كرة القدم أصعب مما قد يبدو للوهلة الأولى.
في عام 2018 ورد أن الفيفا، عرّف امرأة تركية تدعى دراسان أردا، كأول امرأة حكَم، في رسالة أرسلها إليها. حصلت أردا على رخصة الحكَم في نوفمبر/تشرين الثاني 1967، وتولت مسؤولية أول مباراة لها في يونيو/حزيران 1968.
وأرسلت الوثائق الداعمة إلى الفيفا وتلقت رداً يقول فيه الفيفا إنه أخطأ في التعبير، لقد أدرك ببساطة أنها كانت واحدة من أوائل الحكام الإناث في كرة القدم. تم لفت انتباه الفيفا مؤخراً إلى امرأة أخرى من السويد، وهي إنغريد هولمغرين، ويُعتقد أنها كانت قد تأهلت للتحكيم في عام 1966. كما أن هناك أيضاً إيديث كلينج، وهي امرأة نمساوية كانت تفكر في العمل كحكم في عام 1935.
لم يستطع الفيفا حسم من كانت الأولى على وجه الدقة بعد، لكنه أقرّ بأهمية البحث في هذا الأمر ويحرص على المساعدة في إجراء مزيد من البحث والتحقيق.
ما يمكن قوله بشكل قاطع هو أن كامبوس كانت واحدة من الأوائل. لكن تأهلها كان بداية معركة طويلة مع النظام الأبوي لاتحاد الرياضة البرازيلي.
بعد أن أنهت تأهيلها، رفضوا منحها ترخيصاً، بدعوى أن القانون الذي يحظر لاعبات كرة القدم في البرازيل يحظر أيضاً الموظفات في هذا المجال.
تقول كامبوس: “طلبت استشارة قانونية وتأكدت من عدم وجود أي شيء ينص على مثل هذا التمييز”. “لكن السلطات لم ترغب في الاستماع”.
ما تبع ذلك كانت سنوات قضتها كامبوس في الدفاع عن قضيتها ضد اتحاد الرياضة البرازيلي ورئيسها هافيلانج.
سعت إلى زيادة الوعي من خلال تنظيم مباريات ودية حيث يمكنها أن تدير، بعضها شاركت فيها لاعبات، والتي غالباً ما كانت تٌفرق من قبل الشرطة.
في فترات القمع الشديد في البرازيل، لم يتم الاستخفاف بهذه “المعارضة”. وتقول كامبوس إنها اعتقلت 15 مرة على الأقل.
لكنها تلقت في عام 1971 رسالة أعطتها طاقة إضافية للمحاربة من أجل قضيتها: كانت دعوة لها للمشاركة في بطولة كأس العالم للسيدات غير الرسمية في المكسيك.
لم ترغب في ترك الفرصة تضيع منها، لكنها كانت تحتاج إلى تجاوز العقبة التي كانت تواجهه، وهو هافيلانج، رئيس الاتحاد البرازيلي.
كان السبيل الوحيد هو اللجوء إلى قوة أكبر من هافيلاج. وللمرة الثانية، شفع لها ماضيها كملكة جمال وحصلت على المساعدة.
واحدة من مسابقات الجمال العديدة التي فازت فيها كامبوس كانت مسابقة “ملكة جمال الجيش” لمنطقة ميناس جيرايس. طلبت من قائد محلي مساعدتها في تأمين لقاء مع رئيس البلاد ميديتشي، الذي كان على وشك زيارة عاصمة الولاية بيلو هوريزونتي.
مُنحت ثلاث دقائق للقاء الرئيس. أخبرته أنها بحاجة إليه لإبطال قرار هافيلانج.
تقول كامبوس: “نظر ميديتشي إلي وقال لي إنه سيقابلها في القصر الرئاسي في برازيليا في غضون يومين”.
“بالتأكيد كنت خائفة جداً من مقابلته، كنا نعيش في ظل نظام ديكتاتوري، وكنت أتحدى النظام. دار في ذهني احتمال الاعتقال أو الاختفاء “.
وبحلول موعد اللقاء، سافرت كامبوس إلى برازيليا واستقبله ميديتشي لتناول طعام الغداء. ولدهشتها، سلمها رسالة يطلب فيها من هافيلانج منحها رخصة التحكيم. كما كشف الجنرال لها عن مفاجأة وهي أنه ثمة معجبون بها في الدائرة المقربة من الرئيس.
وتقول: “تابع أحد أبناء ميديتشي مسيرتي المهنية عن كثب، وكان لديه سجل من القصاصات والصور والمقالات الصحفية عني”. “كانت مجموعته أكبر من مجموعتي الشخصية!”
“ربما كان هذا هو السبب وراء موافقة ميديتشي منحي ذلك الاستثناء، وفي كلتا الحالتين، لم يجرؤ أحد على التشكيك في أوامره.
في يوليو/تموز 1971 دعا هافيلانج إلى مؤتمر صحفي وقال إنه بعد “تغيير موقفه” سيسمح لكامبوس الآن بالعمل كحكم.
وتضيف كامبوس: “لقد صرح للصحافة إنه يشرفه أن يعلن أن البرازيل سيكون لها أول حكم امرأة في العالم وأن ذلك يحدث في عهده”.
بعد بضعة أسابيع، سافرت إلى المكسيك لكنها للأسف مرضت هناك ولم تستطع القيام بدورها كحكم هناك.
عندما عادت إلى بلدها، كان من الواضح أخيراً أنها ستقوم بعملها، لكن حيازتها على الرخصة لم يحمِها من التحيز.
كانت معظم المباريات الـ 98 التي أدارتها كامبوس عبارة عن مباريات من الدرجة الدنيا في جميع أنحاء البرازيل، حيث اعتُبر وجود امرأة في الحكم على أنه نوع من حرف الإهتمام.
كان الترهيب والتمييز على أساس الجنس حاضراً باستمرار في عملها، فقد طبعت الصحف عدة رسوم كاريكاتورية لها بطريقة مريبة. وأشار أحدهم إلى أن حَكَمَة ستثير اللاعبين.
وتتذكر مباراة فئة الشباب تحت سن الـ 23 عاماً، بين المتنافسين اللدودين كروزيرو وأتلتيكو مينيرو في عام 1972.
وتقول: “قبل المباراة، اقترب مني أحد مدراء أتليتكو ورفع قميصه، ورأيت سلاحه”.
“فاز فريق كروزيرو بـ 4-0 ، وبعد المباراة، رأيت نفس الرجل في النفق وسألته عما إذا كان لا يزال يريد إطلاق النار علي، لكنه عانقني بدلاً من ذلك وقال لي إنني قدت مباراة جيدة”.
تقول كامبوس ، بشكل عام، لم أعامل بشكل مختلف عن أي حكم ذكر.
وتضيف: “حسناً، أحياناً كان بعض اللاعبين يغضبون، وحدث أن رفض أحدهم مغادرة أرض الملعب عندما طردته. كانت هناك مناسبات أخرى كان يشتم اللاعبون فيها بعضهم البعض أمامي. شعرت في معظم الأوقات بالاحترام حقاً”.
كانت سعيدة وقتها ولكن بعد ذلك حدث حادث مروع غيّر حياتها.
في عام 1974 ، كانت كامبوس مسافرة على متن حافلة اصطدمت بمؤخرة شاحنة. وأصيبت بجروح شديدةفي ساقها اليسرى، وبالكاد نجت من بترها. وما زاد الطين بلة، كانت الحافلة التي كانت مسافرة على متنها مملوكة لعائلة هافيلانج.
خضعت كامبوس لأكثر من 100 عملية جراحية وقضت عامين على كرسي متحرك، وتعالجت من بعضها في نيويورك ، حيث التقت بـ لويس إدواردو ميدينا، وهو كاتب رياضي كولومبي، وتزوجا في التسعينيات وانتقلت للعيش في الولايات المتحدة.
في أمريكا، بدأت حياتها من جديد، وهذه المرة في صناعة الحلويات، وحققت نجاحاً خاصاً بين مجتمع المغتربين البرازيليين في منطقة نيويورك ونيوجيرسي.
في السنوات اللاحقة، تدهورت صحتها وأصيبت بنوبة قلبية. لكن أصعب الفترات التي مرت بها كانت في مايو/أيار 2020، عندما تفشى فيروس كورونا.
فقد زوجها لويس وظيفته وكان الزوجان يعانيان من صعوبات مالية شديدة. ومرت عليهما أيام باتوا خلالها لدى الأصدقاء بعد أن أصبحوا بلا مأوى.
في ذلك الوقت، جمعت حملة تبرع بين الحكام البرازيليين ما يكفي من المال لكامبوس وزوجها لاستئجار شقة في نيوجيرسي. والآن، استطاعا التغلب على المحنة التي مرا بها.
تقول كامبوس: “ما فعلوه كان جميلاً وأنا ممتنة جداً لهم، لقد جعلني ذلك أعتقد أن كل كفاحي لم يذهب سدى وأنني حقاً تركت إرثاً خلفي”.
كما أنها تتحدث بفخر عند التفكير في قدرة الحكام النساء على القيام بدورهن على أرض الواقع.
لقد “رفعت يدي عالياً” ابتهاجاً عندما أصبحت الحكم الفرنسي ستيفاني فرابارت أول امرأة تدير مباراة في دوري أبطال أوروبا للرجال في عام 2020.
وتضيف كامبوس: “شعرت أن نجاح ستيفاني كان انتصاراً لي أيضاً. لقد اتضح لي أن كل شيء مررت به كان يستحق العناء. شعرت وكأنني شجرة معمرة لا تزال تثمر”.
كما أنها تشعر أن إنجاز فرابارت قد تأخر كثيراً. ربما قطع الحكام الإناث شوطاً طويلاً منذ السبعينيات، لكن كامبوس لا تزال تعتقد أن هناك الكثير من التمييز ضد النساء، وتتساءل: “لماذا لم تكن هناك امرأة تدير مباراة كأس العالم للرجال؟”.
“كنت أتوقع أن تتطور الأوضاع أكثر قليلاً. يخضع الحكام من الرجال والنساء لنفس التدريبات الصارمة، فلماذا يفرقون بينهم؟ إنه أمر مثير للسخرية”.
[ad_2]
Source link