اقتحام الكونغرس: أين هم أنصار جماعة كيو أنون الآن؟
[ad_1]
- ستيفاني هيغارتي
- بي بي سي
يصادف اليوم، السادس من يناير/كانون الثاني، مرور عام على اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكونغرس الأمريكي. العديد من هؤلاء كانوا أتباع نظرية المؤامرة التي تروج لها جماعة كيو أنون، والتي اعتبرت ترامب بطلا سيهزم النخب العالمية التي تعبد الشيطان. على الرغم من عدم وجود أدلة، وعدم تحقق تنبؤات كيو أنون، إلا أن ملايين الأمريكيين لا يزالون يصدقون هذه القصة المخيفة.
كان الطقس خلابا في ظهيرة ذلك اليوم على الشاطئ الممتد بطول ساحل كاليفورنيا، وكانت مجموعة من الدلافين تتجول في مياه المحيط، بينما كان أفراد الأسر الذين خرجوا للاستمتاع بالطقس يتناولون شطائرهم المختلطة بالرمل، ويتناوبون على الهرولة نحو المياه، ثم العودة إلى الشاطئ.
كنت قد جئت إلى هنا للقاء كيم، التي خرجت من سيارتها لتمشية كلبها الضخم ترافيس، الذي كان متململا بعد مكوثه في السيارة لمدة ساعتين بسبب الازدحام المروري في مدينة لوس أنجليس.
كيم سيدة شقراء ذات ابتسامة ودودة. كانت في السابق ملاكمة محترفة، ولكنها تلقت دورات تدريبية على الاعتناء بهندام الكلاب ونظافتهم، بعد أن فقدت إحدى عينيها عندما هاجمها شخص كان مهووسا بملاحقتها. الكلب الأنيق ترافيس هو الآن أقرب أصدقائها، وهو عينها التي ترى بها وهو “الموديل” الذي تجرب فيه ما تعلمته عن الاعتناء بمظهر الكلاب. اليوم، كان الشعر الذي يغطي جسده قصيرا فيما عدا قمة رأسه التي زانها شعر مصبوغ باللون البنفسجي وتدلى بطول ظهره.
تمشينا على الشاطئ، وتركز حديثي مع كيم على الكلاب وأنواعها ا لمختلفة. ثم توقفت كيم فجأة عند سلة مهملات، وقالت لي وهي تشير بحماس بإحدى يديها، بينما كانت يداها الأخرى تطبق على الحبل المتصل برقبة ترافيس: “أرأيت؟ إنهم يضعونها هنا في وجهنا”. كانت تشير إلى رسم كرتوني لبعض الأطفال الذين يلعبون في الرمل، يطلب من الناس عدم إلقاء النفايات على الأرض.
كلمة “إنهم” التي استخدمتها تشير إلى جماعة سرية عالمية – ذلك أن كيم كاربنتير تؤمن بشدة بنظرية المؤامرة التي تروج لها كيو أنون. يعني هذا أنها تؤمن بأن هناك مجموعة من النخب من مختلف أنحاء العالم تتحكم في سياساتنا ووسائل إعلامنا وترتكب مختلف أنواع الجرائم البشعة، بما في ذلك الإتجار بالأطفال في إطار ممارسة طقوسها الشيطانية. تقول كيم إن تلك الجماعة وضعت لافتات من هذا النوع في كل مكان، وقد رأت واحدة منها على سلة المهملات.
كنت في الولايات المتحدة لأجري تحقيقا حول نظرية المؤامرة التي تروج لها كيو أنون، وإلى أين وصلت، بعد مرور عام على الهجوم الذي تعرض له المقر التشريعي لحكومة الولايات المتحدة.
في عام 2017، قام شخص يطلق على نفسه اسم “كيو” بنشر تدوينات على منصة لتبادل الرسائل على الإنترنت، وتضمنت تدويناته إشارات إلى وجود مؤامرة. قال كيو إنه يشغل منصبا رفيعا في الحكومة الأمريكية، وإنه على اتصال بمجموعة صغيرة من المسؤولين بالجيش والاستخبارات تسعى إلى محاربة الجماعة السرية. وقال “كيو” إن الرئيس ترامب على رأس ما وصفها بالمعركة ضد الشر. لا أحد يعلم على وجه التأكيد من يكون “كيو”، وما إذا كان الأمر كله مزحة أم تجربة.
لكن ما لا شك فيه هو أن ملايين الأشخاص صدقوا تلك الرواية. وأظهر استطلاع أجرته منظمة “موري” واطلعت عليه بي بي سي حصريا أن سبعة في المئة من الأمريكيين يعتقدون أن جماعة من النخب التي تعبد الشيطان وتدير شبكة لاستغلال الأطفال جنسيا تحاول الهيمنة على منظومتهم السياسية ووسائل إعلامهم.
وقد انخفضت تلك النسبة عن العام الماضي، حيث كان استطلاع مماثل قد توصل إلى أن 17 في المئة يؤمنون بهذه النظرية. لكن بالإضافة إلى هذا، فإن واحدا من بين ثلاثة أمريكيين يقولون إنهم غير متأكدين مما إذا كانت النظرية صحيحة أم لا.
في عام 2020، أعددت تقريرا عن الصعود السريع لكيو أنون خلال الوباء. قابلت آنذاك نيك نيتولي، وهو موسيقي ومنتج لأغاني “الهيب هوب” ويؤمن بنظريات المؤامرة منذ وقت طويل. كانت كيو أنون هي أحدث نظرية يقرأ عنها ويصدقها. أخبرني بأنه يعتقد أن الوباء كان خدعة، وأنه كان مخططا تنفذه الجماعة السرية لفرض سيطرتها علينا.
عندما سافرت مرة أخرى إلى الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، التقيت نيك، وبدا لي أن شيئا قد تغير.
فقد أخبرني بأنه “كان من المفترض أن يُعتقل الكثير من الأشخاص – ولكن ذلك لم يحدث”.
كما أنه أصيب بفيروس كورونا عندما استضافه مقدم بودكاست حول نظريات المؤامرة. ثم نقل العدوى إلى صديقته، ومر كلاهما بظروف صحية صعبة. رغم أنهما تعافيا من آثار كوفيد، إلا أن التجربة أثارت خوفه. وهو الآن نادم على ما قاله من أن الوباء ليس حقيقيا.
لكن رغم أن الشكوك بدأت تساور نيك، فإنه لم يتبرأ تماما من نظرية مؤامرة كيو أنون. جلسنا معا وشاهدنا مقاطع فيديو لبعض أعضاء الحركة، من أمثال الممثل جيم كافيزيل، ولاحظت كيف أشعل ذلك حماس نيك.
بالنسبة لشخص من خارج كيو أنون، من الصعب فهم كل ذلك – رغم أنني حضرت العديد من اجتماعات كيو أنون على الإنترنت، واطلعت على الكثير مما يعتبرونه دليلا على هذه المؤامرة المزعومة. بعد حظر الجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي، يستخدم أعضاؤها الآن منابر أقل شهرة مثل “تيليغرام” (Telegram) و”غاب” (Gab) و”بيتشوت” (Bitchute).
وصلتني مئات الرسائل التي تحتوي على ما يقول أصحابها إنه “دليل” على المؤامرة. لكنني لم أرها مقنعة بأي شكل من الأشكال.
أحد مقاطع الفيديو التي أرسلتها لي كيم قبل أن نلتقي بدت وكأنها إعلان لفيلم من أفلام هوليوود الرديئة. زعم المقطع أن السفينة التي علقت بقناة السويس وأدت إلى إيقاف حركة الملاحة بها أرسلت هناك عمدا، بغية إنقاذ أطفال كانوا قد وضعوا على متنها بغية الإتجار بهم.
لماذا إذا تعتقد كيم أن كل ذلك حقيقي؟ إنها ذكية، كغالبية أتباع كيو أنون، وتقول إن الناس كانوا يقولون لها وهي صغيرة إنها تفكر في الأمور بعمق.
لكن عندما تتحدث كيم عن كيو أنون، يتغير مزاجها بشكل يصعب وصفه، فهي تلفظ بكلمات ساخرة وصاخبة، ونادرا ما تكمل الحديث عن فكرة ما قبل أن تقفز إلى الفكرة التالية، وكأنها تحرص بشدة على إخراج كل ما لديها قبل أن يقاطعها أحد. كان ذلك شيئا لاحظته في كثيرين من أنصار كيو أنون الذين تحدثت إليهم.
التقيت ريتشيل بيرنستاين، وهي مستشارة في الشؤون الزوجية والأسرية في لوس أنجليس تقول إنها صادفت حالات كثيرة لها علاقة بكيو أنون.
فقد ساعدت أسر هؤلاء الذين اعتنقوا نظرية المؤامرة، وأيضا أشخاصا يحاولون الخروج من قوقعة الفكر التآمري. كان انطباعها عنهم أنهم يتسمون بالذكاء وعمق التفكير، ولكن لديهم شعور بالنقص، وبحاجة ملحة لإثبات أنهم أذكياء وعالمون ببواطن أمر جلل.
كان ذلك منطقيا على ما يبدو في حالة كيم، التي أخبرتني بأنها كانت طفلة وحيدة.
بدت لي وكأنها شخص اعتاد أن يكون مستضعفا. كما تعرضت للكثير من الصدمات في حياتها، كذاك الهجوم الذي أفقدها عينها، كما أخبرتني بأنها شهدت جريمتي قتل.
كيو أنون بمثابة المعركة الكبرى للمستضعفين. بالنسبة إلى كيم، نظرية المؤامرة لا تعتبر ضربا من جنون الشك والاضطهاد، بل تمثل أملا في أن الخير سينتصر على الشر.
لكن عندما اقترب حوارنا من نهايته، قالت لي شيئا مخيفا: “سنستعيد السيطرة على بلادنا، وأنا متأهبة للنزول إلى الشوارع. لا أطيق انتظار المعركة”.
ذكرني كلامها على الفور بشخص آخر ممن يؤمنون بكيو أنون كنت قد تحدثت إليه فيما مضى – فلنطلق على هذا الشخص اسم ليسا. إنها أم لعشرة أبناء وجدة لثلاثة عشر حفيدا من كنتاكي. في واحد من العديد من الحوارات الطويلة معها عبر الهاتف، قالت لي إن لها صديقات شرعن في شراء كميات كبيرة من السلاح لم يسبق أن اشتروها من قبل، “لأننا في حالة حرب” على حد قولها.
لست متأكدة ما إذا كان ذلك مجرد كلام، أم أنها كانت تعني ذلك حقا. لكن ما كان واضحا هو أن نظرية المؤامرة باتت تسيطر على عقول هؤلاء الأشخاص وتتحكم فيهم.
عندما تتحدث كيم عن مصير الجماعة السرية العالمية، تصبح كلماتها قاتمة، وأشبه بالتهديد والوعيد. لكنها في الوقت ذاته حنونة وعطوفة.
قالت لي عندما جلسنا ننظر إلى الشمس وقت بدأت تغرب فوق البحر: “عندما تنتهي الحرب، سيكون الوضع أشبه بمحاكمات نوريمبرغ، وسوف يستهدفون وسائل الإعلام الرئيسية”.
ذكرتها بأنني أنتمي لتلك الوسائل.
“لا، إنك صغيرة، فقط تعملين لديها. عندما يستهدفونك، سأدافع عنك”.
[ad_2]
Source link