لماذا تتراجع رغبة الآباء في الإنجاب في الوقت الحالي؟
[ad_1]
- كيت مورغان
- بي بي سي
في عالم متقلب ومليء بالشكوك، يجد الشباب حيرة فيما يتعلق بما إذا كان يتعين عليهم الإنجاب أم لا.
عندما كانت هيذر ماركو، البالغة من العمر 37 عامًا، تنتظر مولودها الأول منذ عدة سنوات، كانت تفترض هي وزوجها أنهما سينجبان العديد من الأطفال بعد ذلك.
تقول ماركو، التي تعيش في مقاطعة ألبرتا الكندية: “كنا نعتقد بالتأكيد أننا سننجب أكثر من طفل واحد”. لكن اليوم، قرر الوالدان بشكل نهائي أن ابنهما، الذي يذهب للمدرسة الابتدائية الآن، لن يكون له أخ أبدًا.
تقول ماركو: “يمكننا أن نوفر لطفلنا الوحيد مستوى معيشيًا جيدًا. لكن إذا أنجبنا المزيد من الأطفال، فسوف ينخفض مستوى المعيشة بشكل ملحوظ”.
وبالتالي، فإن قرار ماركو وزوجها بعدم الإنجاب يعود إلى أسباب مالية بشكل جزئي، فعلى الرغم من أن كلا منهما يعمل، فإنهما يجدان صعوبة في رعاية الطفل، ومن المستحيل ادخار الأموال بشكل جيد. ومع ذلك، فالأمر لا يقتصر فقط على الأسباب المالية، لكنه يتعلق أيضًا بنقص الدعم والشك بشأن المستقبل.
تقول ماركو: “أشعر أن طفلًا آخر سيكون عبئًا لا يمكننا تحمله. لا أحد يريد أن يفكر في زيادة عدد أفراد أسرته على أنها عبء. من العبث قول هذا، لكن في بعض الأيام نعتقد أنه من المستحيل ما نحاول فعله في ظل إنجاب طفل واحد، فكيف سيمكننا تدبير شؤون حياتنا اليومية لو أنجبنا المزيد من الأطفال؟ يشعر بعض أفراد الأسرة بخيبة أمل من قرارنا، لكن العالم مختلف الآن”.
إن معدل المواليد العالمي آخذ في الانخفاض. لكن لم يعد هذا شيئا جديدا، إذ أنه في حالة انخفاض منذ عام 1950، وفقًا للبيانات التي يجمعها مكتب المراجع السكانية غير الربحي والذي يتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا له.
لكن الانخفاض في السنوات الأخيرة كان صارخًا بشكل خاص، ففي عام 2021 بلغ معدل الخصوبة العالمي 2.3 مولود لكل امرأة، مقابل 3.2 مولود في عام 1990.
ووجد استطلاع رأي جديد أجراه مركز بيو للأبحاث أن نسبة متزايدة من البالغين الأمريكيين الذين ليس لديهم أطفال والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا ينوون البقاء على هذا الوضع. وفي كل البلدان الأوروبية، كان معدل الخصوبة في عام 2021 أقل من 2.1 مولودا لكل امرأة، وهو ما يُعتبر بشكل عام “معدل الاستبدال” للسكان. وفي عدد من تلك البلدان، سجلت معدلات المواليد أدنى مستوياتها.
في الحقيقة، ليس من الصعب تخيل سبب تردد الشباب في تكوين أسر كبيرة، خاصة وأن تحقيق الاستقرار المالي أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
ويقول واحد من كل عشرة أمريكيين غير متقاعدين إن مواردهم المالية قد لا تتعافى أبدًا من الوباء، وإن أوروبا قد تعاني من تضخم كبير خلال الفترة المقبلة.
وفي كثير من الأماكن، تعتبر ملكية المنازل مجرد حلم بعيد المنال. كما أن الاضطرابات السياسية والمدنية متفشية في جميع أنحاء العالم، وهناك أزمة في المناخ. وبالتالي، من السهل تبني نظرة كئيبة للمستقبل.
وقال دانييل فينيولي، أستاذ الديموغرافيا بجامعة فلورنسا، في خطابه الرئيسي في ورشة عمل بحثية استضافها معهد الجامعة الأوروبية عبر تطبيق زوم: “التفسير الأساسي لهذا الأمر هو تنامي حالة الشك وعدم اليقين. لقد أصبح من الصعب على الأفراد توقع مستقبلهم في ظل التغير الذي تشهده جبهات عديدة بسرعة وبتقلبات متزايدة”.
تقول أليسون جيميل، أستاذ مساعد في قسم السكان والأسرة والصحة الإنجابية في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة: “هناك انخفاض في الوظائف الجيدة للأشخاص في الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط – الوظائف النقابية والبناء والتصنيع. هذه الوظائف لم تعد كما كانت، وهي وظائف مستقرة وجيدة للأشخاص ذوي المستويات التعليمية المنخفضة”.
وأظهرت دراسة أمريكية أجريت عام 2019 أن فقدان بعض الوظائف، بما في ذلك التصنيع، كان له تأثير أكبر من البطالة الإجمالية على معدل الخصوبة الإجمالي.
وتشير جيميل إلى أن صعود العمل المؤقت والعمل بنظام الورديات – الوظائف التي لا تأتي عمومًا بمزايا عائلية، مثل رعاية الأطفال أو الرعاية الصحية – يثير أيضًا تساؤلات حول الاستقرار المستقبلي، ويؤثر على اتخاذ القرار بشأن الإنجاب.
وتمتد المشكلة أيضا إلى عدم اليقين بشأن الإسكان، فقد أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في مركز التغيير السكاني بجامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة، أن الافتراض المعتاد بأن الناس سيمتلكون منزلًا قبل إنجاب الأطفال – وهو الأمر الذي كانت تدعمه البيانات حتى عام 2012 – لم يعد صحيحًا. في الواقع، قد تعني الحقائق المالية الآن أنه يتعين على الشباب الاختيار بين امتلاك منزل أو إنجاب طفل أو أكثر.
وقالت المعدة الرئيسية للدراسة، آن بيرينغتون، في بيان صحفي: “إن هذا الانفصال بين امتلاك منزل وبين أن تصبح أبًا له آثار كبيرة على الإنجاب بشكل عام. وإذا كان الأمر يتمثل، كما نعتقد، في أن ملكية المنزل أصبحت تتنافس بشكل متزايد مع تكاليف إنجاب الأطفال، فمن المحتمل أن أولئك الذين تمكنوا من شراء منزل قد يؤجلون إنجاب الأطفال أو حتى يتخلوا عنه”.
تقول ماركو إن ضغوط سداد قرض الرهن العقاري لامتلاك منزل هي سبب من أسباب عدم إنجابها لمزيد من الأطفال. وتقول إنه أمر مخيف أن تعتقد أن شيئًا كارثيًا يمكن أن يحدث وأن يضع الأسرة في أزمة مالية. علاوة على ذلك، تشعر ماركو بالقلق من عدم قدرتها على توفير ما يكفي لابنها.
وبالنسبة لللآباء والأمهات المحتملين، يمكن أن تتفاقم هذه المخاوف المالية بسبب المخاوف من الاضطرابات السياسية والمدنية، على الصعيدين المحلي والعالمي – مخاوف يمكن أن تتفاقم أكثر بسبب الوجود المستمر لوسائل الإعلام في حياتنا، والتي يمكن أن تضخم الصراعات والانقسامات.
وبينما كانت الحروب والقضايا السياسية حقيقة واقعة لكل جيل تقريبًا وفي كل مكان، يمكن القول إن الآباء اليوم يواجهون عالماً يبدو مخيفاً أكثر بكثير من عالم آبائهم وأجدادهم.
فعلى الرغم من ارتفاع متوسط العمر المتوقع عن أي وقت مضى، وتحسين التكنولوجيا وإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الحديثة، فإن وسائل الإعلام المنتشرة في كل مكان تعني أننا أكثر وعياً وإلماما بكل الأحداث المرعبة في العالم، بدءا من نقص الغذاء وصولا إلى إطلاق النار في المدارس.
وتُظهر البيانات المأخوذة من أحدث مؤشر للسلام العالمي، وهو تقرير سنوي يعده معهد الاقتصاد والسلام ومقره سيدني، أن الاضطرابات المدنية قد تضاعفت في العالم على مدار العقد الماضي، مع ارتفاع كبير في عام 2020 وحده، عندما زادت الاضرابات المدنية على مستوى العالم بنسبة 10 في المئة.
وتظهر بيانات ركزت على فترة تصل لمدة أربعين عامًا عبر الدول التي عانت من صراع أهلي أن معدلات الخصوبة تنخفض عادةً بنسبة تصل إلى الثلث خلال فترات عدم الاستقرار. تقول جيميل إن الناس ينجبون عددًا أقل من الأطفال عندما يشعرون بالقلق من التحديات التي سيتعين على ذريتهم مواجهتها.
وتشعر ماركو أيضًا أن هناك نقصا في الدعم المجتمعي، وهو ما يجعل الإنجاب أكثر صعوبة مما كان عليه من قبل. وتضيف: “عندما كنت طفلة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، كانت جميع الأمهات في المبنى من الأمهات غير العاملات اللائي يبقين في المنزل. كان هناك شعور بأن الجميع موجودون حولك، وكنت تعرف جيرانك، وكان لديك دعم من المجتمع”.
تقول ماركو إنها لا تشعر بهذا الدعم الآن، وتشير إلى أن العزلة التي تعاني منها في مجتمعها تزيد من مخاوفها فيما يتعلق بالإنجاب.
وفي دراسة أجريت عام 2018، أفاد ثلثا جيل الألفية من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع بأنهم يشعرون بالانفصال عن مجتمعاتهم. من المؤكد أن هذه نتائج تدعو للأسف، نظرا لأن الروابط الاجتماعية تعد واحدة من أقوى العوامل التي تنبئ بالسعادة.
تقول ماركو: “نحن لا نعرف حتى جيراننا. أعتقد أن المجتمع قد تآكل بالفعل. والآن، على وجه الخصوص، تبرز القضايا السياسية في المقدمة ويفقد بعض الأشخاص العلاقات مع أشخاص ربما كنا نعتمد عليهم في الماضي، لأن معتقداتنا وأخلاقنا غير متوافقة”.
وفي استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث، عندما سُئل الأشخاص الذين قالوا إنهم من غير المحتمل أن ينجبوا أطفالًا في المستقبل عن السبب وراء ذلك، ذكر خمسة في المئة أسبابًا بيئية.
وأظهر استطلاع رأي أجراه موقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي عام 2019 أن ما يقرب من ثلث الأمريكيين، بما في ذلك ما يقرب من 40 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا ، يعتقدون أنه يتعين على الأزواج “أن يضعوا في الاعتبار الآثار السلبية لتغير المناخ عند اتخاذ قرار بشأن إنجاب الأطفال من عدمه”.
[ad_2]
Source link