لماذا تشحن الهواتف الأفريقية التالفة إلى أوروبا؟
[ad_1]
- بن موريس
- محرر شؤون تكنولوجيا الأعمال
يقضي إريك آرثر معظم عطلاته الأسبوعية في التنقل بسيارته في مختلف أنحاء غانا لجمع الهواتف التالفة.
من منزله في كيب كوست، يستطيع أن يسافر لمسافة 160 كيلومترا خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث يزور محلات إصلاح الهواتف وساحات الخردة، أو أي مكان يستطيع الحصول منه على عدد لا بأس به من الهواتف التالفة.
أحيانا يتمكن من جمع 400 هاتف خلال عطلة أسبوعية واحدة. فضلا عن ذلك، يدير آرثر فريقا مكونا من ستة أشخاص يقومون بالشيء ذاته في أماكن أخرى من البلاد. عدد الهواتف التي يستهدف آرثر جمعها هو وفريقه 30 ألف هاتف في العام.
ويدفع آرثر وأعضاء فريقه مبلغا صغيرا مقابل الهاتف الواحد هو 2.5-2.7 سيدي غاني، أو ما يعادل 44 سنتا أمريكيا.
وعلى الرغم من أن تلك الهواتف لا يمكن إصلاحها، أحيانا يتعين على الفريق بذل بعض الجهد لإقناع أصحابها ببيعها.
يقول آرثر: “ثمن هاتف الأندرويد الجديد حوالي 150 دولارا، وأنا أعرض عليهم أقل من دولار واحد. ورغم أنهم لم يعد بإمكانهم استخدام تلك الهواتف، يقولون لي: لقد دفعنا ثمنا باهظا مقابل تلك الهواتف، فلماذا نبيعها لك بهذا الثمن الزهيد؟”.
يعمل آرثر لحساب شركة Closing the Loop الهولندية التي تقوم بشحن الهواتف التي يجمعها آرثر وفريقه إلى أوروبا، حيث يتم تفكيكها وإعادة تدويرها. ثم تقوم شركة متخصصة بصهر الهواتف واستخراج نحو 90 في المائة من المعادن المستخدمة فيها، بينما يتم حرق المكونات البلاستيكية.
لكن لماذا تشحن تلك الهواتف لمسافة آلاف الأميال من غرب أفريقيا إلى أوروبا؟
يقول يوست لي كلويفر الذي اشترك مع راينهارت سميت في تأسيس شركة Closing the Loop (كلوزينغ ذا لوب) إن الإجابة بسيطة. القارة الأفريقية ليس لديها بعد مصانع الصهر شديدة التعقيد اللازمة لاستخراج الكميات الصغيرة من المعادن باهظة الثمن التي تستخدم في صناعة الهواتف المحمولة.
يضيف لي كوليفر: “ليس هناك أي من الأشياء الضرورية لإنشاء مصنع (صهر) مستدام من الناحية الاقتصادية. كما أنه لا يوجد تشريعات أو بنى تحتية أو وعي لدى المستهلكين. ليس هناك المال اللازم لتمويل عملية الجمع وإعادة التدوير بالشكل الصحيح”.
يباع نحو 230 مليون هاتف محمول في أفريقيا كل عام. وعندما تتوقف تلك الهواتف عن العمل، يذهب جزء منها إلى صناعة إعادة تدوير غير رسمية، لكن ينتهي الحال بغالبيتها في سلة المهملات.
وفقا لمرصد النفايات الإلكترونية العالمية Global E-Waste Monitor، أنتجت أفريقيا 2.9 مليون طن من المخلفات الإلكترونية عام 2019، لم يتم جمع وإعادة تدوير سوى واحد في المائة منها.
يقول دي كلويفر: “البلدان الأفريقية خبيرة في إطالة دورات حياة المنتجات، وفي إصلاحها، وإلى حد ما في إعادة التدوير أيضا. إذا العقلية موجودة بالفعل، لكن الأدوات اللازمة غير متاحة، ولا سيما بالنسبة لهذا النوع من النفايات”.
ولتمويل عملية جمع الهواتف في أفريقيا، توقع شركة Closing the Loop صفقات مع شركات ومنظمات تدفع لها حوالي 5 يوروهات (5.60 دولار أمريكي، 4.20 جنيه استرليني) مقابل كل هاتف محمول تشتريه أو تؤجره تلك الشركات والمنظمات من الجهة التي توفر التقنية.
ومقابل كل هاتف جديد، تقوم Closing the Loop بإعادة تدوير كمية مماثلة من النفايات الإلكترونية في البلدان التي تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لإعادة التدوير.
وتغطي اليوروهات الخمسة نفقة جمع الهواتف وشحنها وإعادة تدويرها، مقابل بعض الربح الذي تحصل عليه شركة Closing the Loop.
تشمل قائمة العملاء المتنامية الحكومة الهولندية وشركة الخدمات المالية KMPG. بالنسبة للعملاء، يعتبر ذلك استثمارا صغيرا نسبيا، ولكن له فوائد بيئية كبيرة.
ينتقد دي كلويفر بعض المجهودات الأخيرة الرامية إلى إقامة مشاريع لإعادة التدوير في أفريقيا، إذ يرى أنه في غياب نموذج مالي مستدام، وتشريعات يتم تطبيقها، فإن تلك المشروعات ستتعثر.
سيمون أندرسون، مديرة التخطيط والمبيعات بمركز المخلفات الكهربائية والإلكترونية (المعروف اختصارا ب WEEE) والذي يقوم بإعادة تدوير تلك المنتجات في كينيا، تدرك تماما تلك التحديات.
كينيا ليس لديها نظام وطني لإعادة التدوير تديره الحكومة، ولكن هناك خدمات لجمع المخلفات في بعض المناطق. وجاءت فكرة إنشاء المركز من منظمة “حواسب آلية لمدارس كينيا”، وهي منظمة غير ربحية تزود مدارس البلاد بحواسب آلية أعيد تأهيلها.
فقد أوضح لها عملها مع المدارس أن ثمة حاجة للتصرف في النفايات الإلكترونية، ومن هنا أُنشأت شركة إعادة التدوير في عام 2012.
ويتوقع مركز WEEE أن يجمع 250 طنا من النفايات الإلكترونية هذا العام من خلال صفقات أبرمها مع شركات كبرى كتوتال إنيرجيز (Total Energies) وأبسا (Absa).
ولكن هذا الرقم لا يمثل إلا جزءا ضئيلا من النفايات الإلكترونية الكينية التي تقدر بنحو 50 ألف طن سنويا. ولدى أندرسون خطط طموحة تشمل إنشاء نقاط لجمع المنتجات الإلكترونية في كل أنحاء البلاد، حيث سيكون باستطاعة الأشخاص ترك أجهزتهم الإلكترونية غير المرغوب فيها في تلك النقاط.
تقول أندرسون إن الكينيين صار لديهم وعي متزايد بشأن المشكلات البيئية التي تتسبب فيها المخلفات الإلكترونية، ويودون أن يفعلوا شيئا للتغلب عليها.
“غالبية الأشخاص لديهم وعي كبير بالمشكلات العامة الناتجة عن النفايات، والكثيرون منهم يرغبون في المشاركة في حلها، وسوف يكون بإمكانهم ذلك عندما تكون هناك بنية تحتية تدعمهم. نريد أن نكون جزءا من حل مشكلة النفايات الإلكترونية”.
تتخذ الحكومة الكينية بعض الخطوات للمساعدة. على سبيل المثال، بدأ في العمل من أجل سن تشريع “تمديد مسؤولية المُنتِج” الذي سيحّمل منتجي البضائع الإلكترونية أو مستورديها مسؤولية إعادة تدويرها.
تقول أندرسون: “إننا نضغط من أجل (سن التشريع)، لأننا نرى ما الذي يحتاجه هذا البلد، كما نريد لكينيا أن تصبح مثالا يحتذى به في باقي البلدان الأفريقية”، وتضيف أن سن ذلك التشريع سوف يساعد كثيرا، “ربما ليس بشكل فوري، ولكنه سيغير المواقف تماما، وسيكون له تأثير هائل على الأهداف والبنى”.
يقوم الفنيون العشرة الذين يعملون في ورشة مركز WEEE بتفكيك الأجهزة الإلكترونية بتأن وحذر. بعض المعادن كالحديد والنحاس يمكن استخلاصها محليا، ولكن المعادن النفسية كالذهب والبلاديوم والبلاتين المدمجة داخل لوحات الدوائر الإلكترونية لا يمكن استخراجها إلا بواسطة شركات صهر متخصصة في أوروبا وآسيا.
تتمنى أندرسون أن تتمكن في يوم من الأيام من بناء منشأة للصهر في كينيا: “كلما توسعنا، سنرغب بالتأكيد في جلب تلك التقنية إلى أفريقيا. لما لا نجلبها إلى شرق أفريقيا؟ لما لا نجلبها إلى كينيا ونيروبي؟ إن هذا جزء من رؤيتنا المستقبلية”.
كما يأمل دي كلويفر أيضا أن تتمكن شركة Closing the Loop من تمويل منشآت لإعادة التدوير والصهر في أفريقيا، ولكن إلى أن يتحقق ذلك، فإن ثاني أفضل الخيارات هو شحن الهواتف المحمولة إلى أوروبا.
وبالعودة إلى كيب كوست في غانا، يقول إريك آرثر إنه لاحظ تحسنا في الطريقة التي يتم بها التعامل مع المخلفات الإلكترونية في الأعوام الأخيرة، لكنه يرى أنه لا يزال هناك المزيد من العمل الذي ينبغي القيام به.
يقول آرثر إنه “مع زيادة الوعي، أظن أن الناس سيدركون ضرورة التخلص من النفايات الإلكترونية”.
[ad_2]
Source link