هل منع الاجتماعات في العمل يسهم في وقف الأوقات المهدرة؟
[ad_1]
- أليكس كريستيان
- بي بي سي
بعض الشركات تمنع عقد الاجتماعات لزيادة إنتاجية العمال. الفكرة جيدة من الناحية النظرية، لكن ماذا عن التطبيق على أرض الواقع؟
لم يعقد فيكتور بوتريل أي اجتماع في العمل منذ سنوات. وفي عام 2019، عندما بدأ دوره التنفيذي في شركة “ذاسول بابليشينغ” للوسائط الرقمية والتي تعمل عن بُعد من العاصمة البريطانية لندن، لم تكن هناك أحاديث أو مقدمات مطولة، إذ كانت جميع المعلومات التي يحتاجها متاحة عبر الفيديو بناء على طلبه.
كما أنه لم يكن بحاجة إلى اقتطاع وقت من العمل لمدة ساعة للاتصال برئيسه في العمل، وكان بدلاً من ذلك يستخدم قنوات عبر منصة “سلاك” وأدوات إلكترونية أخرى للحصول على أحدث المعلومات بشأن فرق العمل المختلفة والمشاريع الجارية.
وحتى يومنا هذا، لا يخصص بوتريل أوقاتا معينة للاجتماعات في مكان العمل. وبدلاً من ذلك، يمكن للموظفين حجز مكالمة فردية مباشرة عن طريق إرسال إشعار قبل وقت المكالمة بـ 24 ساعة على الأقل، وفي الظروف الاستثنائية فقط.
يقول بوتريل: “يجب أن يكون الهدف من الاجتماع محددًا للغاية، وليس عصفًا ذهنيًا عامًا يمكنك القيام به باستخدام أدوات أخرى. في معظم الأحيان، يجعلك القيام بالعمل التحضيري للمكالمة تدرك أنك لست بحاجة إلى مثل هذه المكالمة من الأساس”.
وبالنسبة لبوتريل، كانت السياسة الصارمة المتعلقة بالاجتماعات تؤتي ثمارها، إذ يقول عن ذلك: “لقد أدى ذلك إلى تحسين عملي. يبدو أنه يتعين عليك أن تنظم وقتك الخاص، بدلاً من أن تجعل الآخرين يفعلون ذلك من أجلك. وبالنسبة للمبدعين، فهذا يعني أنه يمكنك التركيز على تجربتك الخاصة وأين تضيف قيمة – ولا يمكن تحقيق ذلك من خلال مناقشة الأشياء في الاجتماعات”.
وعلى عكس بوتريل، يقضي العديد من العمال فترات كبيرة من يومهم في غرف الاجتماعات والمكالمات الافتراضية، وهو ما يؤدي إلى إهدار الكثير من الوقت. وقبل تفشي فيروس كورونا، وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة “كورن فيري” للاستشارات على 1,945 عاملاً أن 67 في المئة ممن شملهم الاستطلاع شعروا أن الاجتماعات الكثيرة كان لها تأثير سلبي على أدائهم في العمل، وقال 34 في المئة إن ما يصل إلى خمس ساعات في الأسبوع تضيع في اجتماعات لا طائل من ورائها.
وتنتقل ثقافة الاجتماعات هذه مباشرة إلى قمة الشركات والمنظمات، ومن المفارقات أنها تؤثر أيضًا على أولئك الذين يرسلون الدعوات لعقد تلك الاجتماعات، فقد أظهرت أبحاث أن الاجتماعات تمنع معظم كبار المديرين من إكمال عملهم، إذ يقضي المديرون التنفيذيون ما يقرب من 23 ساعة في الاجتماعات أسبوعيا في المتوسط.
وأدى العمل عن بُعد إلى تفاقم مشكلة الاجتماعات الزائدة، إذ حلت المكالمات الافتراضية لمدة نصف ساعة عبر تطبيق “زوم” محل الدردشات غير الرسمية بجانب المكاتب. وكشف تحليل أجرته كلية هارفارد للأعمال عن دعوات اجتماعات الموظفين في 21,500 شركة عالمية أنه على الرغم من أن الاجتماعات كانت في المتوسط أقصر بـ 12 دقيقة مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، فإن الناس كانوا يحضرون عددا أكبر من الاجتماعات بنسة 13 في المئة، مع ارتفاع عدد المدعوين بنسبة 14 في المئة.
وبالتالي، فإن عقد المزيد من الاجتماعات لمزيد من الموظفين يعني المزيد من أيام العمل المجزأة، وهو الأمر الذي يؤثر على الإنتاجية. كما يصاب الموظفون بالإرهاق نتيجة المشاركة في عدد كبير من الاجتماعات عبر تطبيق “زوم”.
وقد تنبهت الشركات إلى ذلك، وقرر عدد كبير منها أن تكون هناك أيام خالية من الاجتماعات. لكن هل مثل هذه السياسة تجعل العمال يستعيدون التركيز في عملهم، أم تؤدي إلى عواقب غير مقصودة – المزيد من الارتباك، ورسائل البريد الإلكتروني، والمحادثات الجانبية؟
كيف ازدهرت الاجتماعات؟
البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها، كما أن غريزتنا للالتقاء من أجل وضع الاستراتيجيات ومشاركة الأفكار تسبق الحضارة الحديثة، ناهيك عن ثقافة المكاتب. يوضح ستيفن روغلبيرغ، مدير العلوم التنظيمية في جامعة نورث كارولينا في مدينة شارلوت بالولايات المتحدة، ذلك الأمر قائلا: “إننا نجتمع منذ أيام الكهوف. الاجتماعات هي مظهر من مظاهر الميول البشرية”.
ومع ازدهار العمل المعرفي في منتصف القرن العشرين، ابتعدت الشركات تدريجياً عن أسلوب القيادة والسيطرة واتجهت نحو التعاون. وبمرور الوقت، أصبحت المنظمات والشركات تعتمد بشكل أقل على أشكال التسلسل الهرمي. ومع ازدهار الشركات الناشئة، ازدهرت فكرة المجموعة أيضًا، وأصبحت الاجتماعات أفضل وسيلة ممكنة للسماح بتجميع الأفكار وإلهام الابتكار.
يقول روغلبيرغ: “لقد تطورنا لندرك أن فرق العمل يمكن أن تصل إلى مستويات أعلى من خلال عملية التفاعل مع الآخرين، ومعرفة آراء الموظفين وخلق فرص للتعاون. لذلك، فعلى الرغم من أن نشاط الاجتماعات هو طبيعة بشرية، فقد شهد أيضا تطورا من حيث كيفية قيادة الناس وإشراكهم في العمل”.
وبمجرد أن أصبحت تقنية مؤتمرات الفيديو أكثر تقدما خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تعد الاجتماعات مقيدة بحجم الغرفة أو ساعات العمل. ومع ذلك، هناك عواقب كبيرة لفكرة أن الموظف أصبح متاحا طوال الوقت.
يقول روغلبيرغ: “يتلقى الناس الكثير من الطلبات لعقد الاجتماعات. وأصبح من السهل للغاية عقد اجتماع مع أي شخص في أي وقت، فالناس لا يفكرون، لكنهم ينقرون فقط على خيار (نعم) للدعوة المرسلة إليهم”.
وبينما يمكن للاجتماعات أن تمكن فرق العمل من تبادل الأفكار والمعلومات واتخاذ إجراءات حاسمة، فإن أفضل الاجتماعات هي التي تكون قليلة وعلى فترات متباعدة. وإذا عقدت الاجتماعات بدون أهداف واضحة، فإن ذلك يجعلها تفقد التركيز المطلوب. وغالبًا ما تمتد الاجتماعات لفترات أطول من المخطط له – فما يجب أن تكون محادثة سريعة بين شخصين تمتد لتصبح مكالمة لمدة ساعة تتطلب مشاركة جميع فرق العمل.
يقول روغلبيرغ: “ما زلنا في حالة من الفوضى، ولا يزال يتعين علينا أن نقطع طريقا طويلا للتغلب على العديد من المشكلات: ندرة التدريبات الهادفة، ونقص التعليقات حول كيفية إدارتها، وعدم وجود تسهيلات كافية من المديرين لضمان مساهمة الجميع”.
لكن الاجتماعات السيئة لها آثار غير مباشرة تمتد إلى يوم العمل، فضلاً عن حرمان العمال من وقتهم، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف الإنتاجية. وعلاوة على ذلك، فإن تبديل سياق العمل باستمرار له تداعيات أيضا، فهو شكل من أشكال تعدد المهام، التي تعجز أدمغتنا عن التعامل معه لأن أدمغتنا ليست مصممة لذلك.
تشرح سحر يوسف، عالمة الأعصاب الإدراكية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ذلك قائلة: “في كل مرة تنقل فيها انتباهك من شيء إلى آخر، فإنك تدفع ثمن هذا التحول من حيث الوقت والطاقة”.
أدوات جديدة أفضل؟
لا عجب إذا أن بعض الشركات قررت منع الاجتماعات، إما بشكل دائم أو لأيام محددة كل أسبوع. وتعطي العديد من الشركات الناشئة ذات الصلة بالتكنولوجيا، والتي غالبًا ما توظف عمالًا عن بُعد في مناطق زمنية مختلفة مثل شركة :ذاسول بابليشنغ”، الأولوية للاتصال غير المتزامن الفعال بدلاً من المكالمات المباشرة.
لكن منذ تفشي الوباء، وفي ظل عمل بعض العمال من مقرات العمل والبعض الآخر من المنزل، والمخاوف المتعلقة بزيادة الحمل على العمال من خلال عقد عدد كبير من الاجتماعات عبر تطبيق “زوم”، يعيد المديرون في القطاعات الأخرى أيضًا التفكير في العادات المتعلقة بعقد الاجتماعات.
وتمنع “أسانا”، وهي شركة ناشئة مقرها الولايات المتحدة وتوفر أدوات إدارة العمل للشركات، عقد اجتماعات على مستوى الشركة يوم الأربعاء من كل أسبوع. وأظهرت أبحاثها العالمية أن الاجتماعات غير الضرورية زادت بمعدل ساعة أسبوعيًا منذ الوباء.
يقول آن رايموندي، رئيس العمليات بشركة أسانا،، إن حظر الاجتماعات هو “التزام بالتركيز وتدفق العمل. وبدءا من المصممين وصولا إلى المبرمجين والموظفين الذين يقابلون العملاء، فإنهم يؤدون عملا لا يمكن القيام به إلا من خلال فترات زمنية متواصلة بدون توقفات”.
يقول رايموندي إن منع الاجتماعات لمدة يوم في الأسبوع لا يمنح موظفي شركة “أسانا” المزيد من الوقت للتركيز على عملهم فحسب، بل إنه يجعل الاجتماعات خلال أيام العمل المتبقية أكثر أهمية.
ويضيف: “إن تحديد يوم بلا اجتماعات في منتصف الأسبوع مفيد لسير العمل، فهذا يجعل الجميع يعلمون أن هناك وقتًا للتعمق في شيء يتعلق بالاستراتيجية أو التخطيط. وبعد ذلك، تكون لدي الفرصة لصياغة جداول أعمال جيدة عندما نجتمع”.
ويدعو روغلبيرغ إلى إصلاح طريقة عقد الاجتماعات بدلا من إلغائها تماما، قائلا: “الهدف ليس إلغاء الاجتماعات، بل إلغاء الاجتماعات السيئة”.
[ad_2]
Source link