هل كان رفع حالة الطوارئ في مصر إجراء شكلياً؟
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي – القاهرة
ثلاثة تعديلات تشريعية بغية “حفظ الأمن” صدق عليها مجلس النواب المصري مؤخرا، بعد أيام من إعلان رفع حالة الطوارىء المفروضة في البلاد منذ سنوات، تتعلق بـ”حماية المنشئات الحيوية” و”مكافحة الإرهاب” و”صون أسرار الدولة”.
يسند التعديل الأول حماية المنشآت العامة والحيوية للجيش وقوات الشرطة بشكل دائم ويحيل جرائم التعدي على تلك المنشآت إلى القضاء العسكري. بينما يمنح الثاني رئيس الجمهورية صلاحيات لفرض تدابير لمواجهة الإرهاب تشمل حظر التجول في بعض المناطق، أما الثالث فيعاقب بالسجن والغرامة من يحاول جمع المعلومات عن أفراد ومهام القوات المسلحة دون إذنها.
وبينما قوبل إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنهاء حالة الطوارئ في البلاد بترحيب البعض باعتباره خطوة جيدة في سبيل تحسين أوضاع حقوق الإنسان، بما في ذلك إخضاع من يرتكب جريمة لقاضيه الطبيعي، يرى آخرون أن ما جرى في الأيام القليلة الماضية من تعديل في القوانين واستخدام بعض القوانين الاستثنائية بشكل دائم جعل قرار إلغاء الطوارئ إجراء شكليا.
“الإرهاب لم ينته”
ويقول وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، اللواء إبراهيم المصري، إن قرار الرئيس المصري وقف حالة الطوارىء جعلهم يبحثون “في الثغرات القانونية لحفظ الأمن”.
ويوضح عضو البرلمان المصري في تصريحات تلفزيونية أعقبت التصديق على مشروع القانون أنه “بكل وضوح فإن الإرهاب لن ينتهِ، ولابد من قوانين رادعة تتواكب مع الظروف الحالية”.
وقد وافق مجلس النواب المصري الأحد الماضي على مشروع قانون يوكل إلى القوات المسلحة مهمة معاونة أجهزة الشرطة في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية في البلاد بصورة دائمة ودون التقيد بفترة زمنية محددة.
ويتضمن القانون الجديد خضوع الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة والحيوية لاختصاص القضاء العسكري.
وقد استخدم هذا القانون الذي يمنح الجيش سلطة حماية المنشآت العامة إلى جانب قوات الشرطة لأول مرة عام 2014 لفترة مؤقتة، لكن التعديل الجديد يجعل استخدام الجيش لهذا الغرض أمرا دائما.
ونص التعديل التشريعي على القانون على أن المنشآت العامة تشمل محطات وشبكات وأبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري، وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها.
ويختص القضاء العسكري في مصر بنظر الجرائم التي تقع من العسكريين أو يكون العسكريون أحد أطرافها، أو تقع داخل نطاق المنشآت العسكرية. كما تم مؤخرا إدخال بعض التعديلات التشريعية التي تتضمن إدراج جرائم التعدي على الممتلكات العامة والاستيلاء على أراضي الدولة ضمن اختصاصات القضاء العسكري.
“نخشى الاستخدام التعسفي”
ويخشى حقوقيون من الاستخدام التعسفي لقانون حماية المنشآت العامة الذي ينتظر خطوة واحدة لإقراره تتمثل في تصديق الرئيس السيسي عليه ونشره في الجريدة الرسمية.
ويقول المحامي الحقوقي نجاد البرعي إن “القوانين تطبق في مصر بسوء نية”.
ويشير إلى أن “لدى مصر سجل في إساءة استخدام التشريعات العادية”.
ولطالما انتقد حقوقيون على مدار السنوات الماضية حبس ومحاكمة سياسيين من قبل السلطات المصرية استنادا إلى قوانين الطوارىء والحبس الاحتياطي ومكافحة الإرهاب.
ويشكك المحامي الحقوقي في الأهداف من وراء التعديلات الجديدة قائلًا: “ما هو الهدف من قانون حماية المنشآت العامة؟ هل يريدون فعلا حماية المنشآت الحيوية أم مزيدا من تقييد الحريات؟ الأيام المقبلة ستكشف الأمر”.
ومنح تعديل آخر أقره مجلس النواب المصري على قانون الإرهاب رئيس الجمهورية صلاحية فرض تدابير لمواجهة الإرهاب، من بينها فرض حظر التجول لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، بعد يوم واحد من تصديق المجلس على قانون حماية المنشئات العامة.
وذكر تقرير اللجنة التشريعية بالمجلس أن هذه التعديلات جاءت بهدف مواجهة الأخطار والجرائم الإرهابية وتحقيق المرونة اللازمة في إصدار القرارات المنفذة لهذه التدابير.
وينص التعديل الجديد على أنه لرئيس الجمهورية، متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية، أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأمن والنظام بما في ذلك إخلاء بعض المناطق المحددة أو عزلها أو حظر التجول فيها لمدة لا تزيد عن ستة أشهر.
وتشير مصر دائما إلى أن أخطارا أمنية تحدق بها، نتيجة مواجهتها تنظيمات “إرهابية”، في شبه جزيرة سيناء وخارجها، تهدد استقراراها وسيادتها.
إجراء دراسات على الجيش
ولم تقتصر التعديلات التي أقرها مجلس النواب المصري مؤخراً على حماية المنشآت واتخاذ إجراءات لدرء ما وصف بجرائم الإرهاب.
فقد أقر المجلس تعديلات في قانون العقوبات الجديدة تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبالغرامة “من قام بجمع الاستبيانات أو الإحصائيات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظيفتهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع”.
وقد أثار توقيت هذه التعديلات شكوكا بين بعض أعضاء البرلمان المصري. إذ نقلت وسائل إعلام مصرية محلية عن النائبة مها عبد الناصر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي المصري قولها: “نحن لسنا ضد تشديد العقوبة للكشف عن أسرار الجيش المصري أو التجسس، لكن لدينا تحفظات حول التوقيت وتزامنه مع قرار الرئيس إلغاء حالة الطوارئ وصدور استراتيجية حقوق الإنسان”.
وكانت مصر قد أطلقت قبل نحو شهرين، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي جاءت بعد انتقادات محلية ودولية واسعة لسجلها في ملف حقوق الإنسان.
بينما أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أسبوع وقف العمل بحالة الطوارىء المفروضة في البلاد منذ عام 2017، قائلًا إن مصر “باتت واحة للأمن والاستقرار في المنطقة”.
ورغم الإشادات الحقوقية الحذرة التي تلت إلغاء حالة الطوارئ، تثير التعديلات التشريعية الجديدة تساؤلات الآن عما إذا كانت السلطات المصرية قررت الاستعاضة عن حالة الطوارئ المؤقتة بقوانين استثنائية دائمة، تمنح الرئيس والجيش سلطات واسعة.
[ad_2]
Source link