هل تلوح المصالحة بين الإخوان المسلمين والدولة المصرية في الأفق؟
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي – القاهرة
نفي رسمي متكرر زادت وتيرته خلال الفترة الأخيرة بشأن رسائل من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في السجون يطلبون المصالحة مع الحكومة المصرية بهدف إطلاق سراحهم. نفي يؤكد ما ذهب إليه محللون من أن الاستجابة لهذه الطلبات غير واردة حتى الآن، في وقت تعاني فيه الجماعة من انقسامات “غير مسبوقة” على مستوى قيادتها وربما قاعدتها أيضا.
وزارة الداخلية المصرية كررت مرتين في بيانين رسميين خلال الشهر الجاري عدم صحة إرسال أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين من المسجونين طلبات للمصالحة مع الدولة بوساطة الأزهر، وذلك بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي رسائل مكتوبة بخط اليد منسوبة لأعضاء في الجماعة قيل إنها مسربة من داخل السجون.
ويرى محللون أن نفي الداخلية يأتي بقصد إبعاد فكرة أنها سمحت بتسريب تلك الرسائل أو أن لديها نية لبدء سلسلة مراجعات فكرية، تشبه ما جرى في التسعينات، يعقبها إطلاق سراح بعض السجناء من جماعة الإخوان المصنفة كيانا إرهابيا في مصر. بينما يعتقد آخرون أن تسريب الرسائل قد يكون موجها إلى قيادات الجماعة لمطالبتهم بالتوقف عن منهجهم.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، إن النفي يأتي من وزارة الداخلية لإظهار أنها لا تتبنى المصالحة، متابعا أن الدولةالمصرية لا تجد دافعا أو فائدة من إتمام مصالحة مع الإخوان في وضعهم الحالي.
وتواجه جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر “تنظيما إرهابيا” شقاقا كبيرا بين قادتها، كما أن السلطات التركية حجّمت منصاتها الإعلامية التي تبث من الخارج على وقع تطبيع العلاقات مع مصر، والتقارب بين مصر وقطر التي تستضيف أيضا بعض قادة التنظيم.
ويضيف فرغلي أن المبادرات التي تطرحها قيادات الإخوان تظهر بشكل “متعالٍ”، موضحا أن الدولة لا تثق حتى الآن في أن من طلبوا المصالحة جادون في التخلي عن منهجهم.
وقبل أيام، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقف مد حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ سنوات، كما أفرجت السلطات عن عدد من النشطاء السياسيين البارزين من غير منتسبي جماعة الإخوان خلال الفترة الأخيرة في مرحلة ما قبل الإحالة للمحاكمة، ضمن إجراءات اعتبرت موجهة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان التي لطالما واجهت مصر انتقادات دولية بسببها.
ويشيد أمين العلاقات الخارجية في حزب الحريةوالعدالة المنحل، الذي كان الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد سودان، بالإفراج عن سياسيين ليبراليين ويساريين وغيرهم، لكنه يطالب بالإفراج عن الجميع.
ويضيف سودان في لقاء مع بي بي سي في عمان أن طلب المصالحة من شباب الجماعة في السجون أمر وارد، لكنه لا يمكن أن يخرج من قيادات الجماعة في الصفوف الأولى، لأنها ستكون مصالحة مع “نظام آثم”، على حد وصفه.
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
وفي إحدى الرسائل المتداولة المكتوبة بخط اليد، والتي كُتب عليها أسماء ستة سجون مصرية، طالب الموقعون أطراف الصراع بـ”التوقف لإنهاء معاناة أسرهم وإعادتهم للحياة”.
وجاء في الرسالة أنه بعد رحيل الرئيس السابق محمد مرسي أصبح للبلاد رئيس شرعي ودستور وقوام دولة كاملة، وأن مبادرتهم تأتي وفقًا لما تم التصريح به خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وكان السيسي قد قال قبل نحو شهرين خلال الإطلاق إن المجتمع المصري تم صبغه بفكر معين خلال الـ100 عام الماضية، متابعا أنه مستعد لقبول فكر الآخر، لكن دون محاولة فرضه على المجتمع، واعتبر كثيرون التصريحات إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ورد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، يوسف ندا، على حديث السيسي بأن “الباب مفتوح، لكن دون شروط مسبقة”.
وتصنف السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية محظورة في البلاد منذ العام 2013، وتقوم بملاحقة من يثبت انتماؤه إليها.
ويقبع مرشد الجماعة محمد بديع وأغلب قياداتها داخل السجون المصرية شديدة الحراسة بعد إدانتهم بموجب أحكام قضائية في اتهامات تتعلق بارتكاب أنشطة إرهابية والتحريض على العنف ضد مؤسسات الدولة وقوات الأمن.
“الأزهر لا يتوسط في الشؤون القضائية”
ولا يعد الحديث عن مبادرة من شباب الجماعة في السجون للتوصل لتسوية مع السلطات المصرية أمراً جديداً، لكن تداول الأمر في المرة الأخيرة أشار إلى أن أعضاء الجماعة المسجونين طلبوا وساطة مؤسسة الأزهر في الأمر.
ويرى مستشار شيخ الأزهر السابق، محمد عبدالسلام، أن الأزهر يمكن أن يساعد الشباب المسجونين من جماعة الإخوان المسلمين في “العودةإلى الفكر الوسطي البعيد عن استخدام الدين في السياسة”.
لكنه يوضح أن ذلك لا يعني أي تدخل في الشؤون القضائية التي يُحبس أعضاء الجماعةعلى إثرها، إذ يواجهون اتهامات وإدانات بمخالفة القانون في قضايا محددة.
الجماعة الإسلامية ليست كالإخوان المسلمين
وكانت لمصر تجربة مع المراجعات الفكرية لأعضاء الجماعة الإسلامية التي أعلنت تخليها عن العنف عام 1997، بعد سنوات من القتال المسلح ضد رموز الدولة المصرية ومن بينهم الرئيس السابق محمد أنور السادات الذي اغتيل على يد أعضاء الجماعة.
ويرى ناجح إبراهيم، القيادي السابق في الجماعةالإسلامية، أن الفرق بين الموقف قديما والوضع الآن مع الإخوان المسلمين، هو أن “الجماعة الإسلاميةكان لها قادة متحدون يستطيعون إلزام الأعضاء بقراراتهم وليسوا منقسمين كما نرى مع الإخوان المسلمين الآن”.
وعصفت الخلافات مؤخرا بقيادة جماعة الإخوان في اسطنبول ولندن، بسبب انتخابات هيئة المكتب في تركيا، والتي شهدت طعونا عدة في نتائجها وإجراءاتها، وعدم اعتراف مجموعة القيادي محمود حسين بها، فضلا عن تزايد غضب منتسبيها في تركيا من سوء أوضاعهم المعيشية ومنع فضائيات محسوبة على الجماعة في اسطنبول من انتقاد مصر ورموزها السياسية بتعليمات تركية، والتهديد بترحيل البعض.
ويضيف إبراهيم لبي بي سي أن الدولة المصرية قديما بدت أكثر جرأة من الآن، إذ ساعدت أعضاء الجماعة الإسلامية بتحويل السجون من ساحات قمع إلى مقار للندوات والمسرحيات والأنشطة الرياضية، قبل أن تساعدهم في إيجاد وظائف والاندماج في المجتمع بعد خروجهم.
ويبدو أن السلطات المصرية لا تنتوي إتمام مصالحة بشكلها التقليدي مع الإخوان المسلمين كما فعلت قبل عقدين تقريبا مع الجماعة الإسلامية، لكن ربما يكون هناك تعامل بنمط أفضل مع من يعلنون القطيعة مع التنظيم من داخل السجون.
[ad_2]
Source link