من حادث المروحة إلى تصريحات ماكرون: قصة علاقات جزائرية فرنسية شائكة
[ad_1]
في 5 يوليو/تموز عام 1830، سلم حاكم الجزائر، الداي حسين، مدينته للقوات الفرنسية ليبدأ الاحتلال الفرنسي للبلاد، الذي انتهى بعد نحو 132 عاما شهدت عمليات مقاومة بدأت مع الأمير عبد القادر الجزائري، وصولا إلى جبهة التحرير التي شنت حرب استقلال استمرت من عام 1954 وحتى عام 1962.
ومازالت تداعيات هذه القصة مستمرة إلى اليوم لدرجة ان كلمة فرنسا ما زالت في النشيد الوطني الجزائري..
يا فرنسا قد مضى وقت العتاب
و طويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب
فاستعدي و خذي منا الجواب
ان في ثورتنا فصل الخطاب
و عقدنا العزم ان تحيى الجزائر
فاشهدوا… فاشهدوا… فاشهدوا
ماكرون و”الأمة الجزائرية”
وفي تطور جديد في ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية، أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سخط كثير من الجزائرييين بعد تصريحات أوردتها صحيفة لوموند اعتبر فيها أن الجزائر قامت بعد استقلالها العام 1962 على نظام “ريع الذاكرة” الذي كرسه “النظام السياسي – العسكري” فيها.
وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن ماكرون أدلى بتصريحات انتقادية بشأن الجزائر خلال اجتماع مع أحفاد شخصيات من حرب الاستقلال.
ونسبت الصحيفة الفرنسية لماكرون القول إن ذلك النظام هو الذي أعاد كتابة التاريخ الاستعماري الفرنسي للبلاد، بمرجعية نابعة من “الكراهية لفرنسا”.
وضمن حديثه الذي نقلته “لوموند” قال ماكرون: “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال”، مشيرا إلى وجود “عمليات استعمار سابقة”. وتابع بنبرة ساخرة أنه “مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها”، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية.
وقد عبر الرئيس الفرنسي لاحقا عن أمله في أن يهدأ التوتر الدبلوماسي مع الجزائر وأن يعود الطرفان إلى الحوار.
وقال ماكرون: “أتمنى أن نتمكن من تهدئة الأمور، لأنني أعتقد أنه من الأفضل أن نتحاور من أجل تحقيق تقدم”.
من جانبها، دعت “المنظمة الوطنية للمجاهدين” التي تجمع قدامى المقاتلين في حرب تحرير الجزائر، في بيان، إلى “مراجعة العلاقات” الجزائرية-الفرنسية بعد تصريحات ماكرون، بحسب فرانس برس.
وغالبا ما تطالب المنظمة فرنسا بـ”الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها” خلال استعمارها الجزائر على مدى 132 سنة (1930-1962) والتي راح ضحيّتها، وفقاً للرئاسة الجزائرية، أكثر من خمسة ملايين جزائري.
وكان ماكرون قد اعترف في 2018 أن فرنسا وضعت “نظاماً” للتعذيب المنهجي خلال حرب التحرير الجزائرية. وكلف في يوليو/ تموز من العام الماضي المؤرخ بنيامين ستورا، بإعداد تقرير عن الإرث الاستعماري الفرنسي في الجزائر وكيف تعاملت فرنسا معه.
ولكن ماكرون رفض اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر، كما يطالب الجزائريون، بعد ستين عاماً لم تفلح في تهدئة التوتر بين البلدين.
وإذا كانت تصريحات ماكرون الجديدة قد صدرت في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري فإنه في نفس الشهر من عام 1961 وقعت “مجزرة” ضد الجزائريين في العاصمة الفرنسية باريس، كما أنه في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2002 توفي الجنرال الفرنسي جاك ماسو الذي قاد عملية قمع الثورة الجزائرية.
ولكن ما هي أبرز المحطات في تاريخ العلاقات بين البلدين؟
المحطة الأولى: حادثة المروحة
قبل عام الاحتلال بثلاث سنوات، وتحديدا عام 1827، وقعت حادثة “مروحة الداي” التي اعتبرتها فرنسا إهانة لها، وبدأت على إثرها حصارا للجزائر استمر ثلاث سنوات.
وتذكر بعض المراجع التاريخية أن الداي حسين ضرب قنصل فرنسا على وجهه بمروحة يده ثلاث مرات عندما لم يجب القنصل على سؤال الداي بشأن ديون فرنسا للجزائر.
وقد اعتبرت فرنسا ذلك بمثابة إهانة، وفرضت حصارا على الجزائر.
وكان الفرنسيون يسعون في ذلك الوقت إلى استعادة هيبة الملكية والتوسع الاستعماري. ورغم أن الثورة أسقطت حكم أسرة البوربون عام 1830، إلا أن فرنسا واصلت مخططاتها بشأن الجزائر وتم الاحتلال.
وعلى أثر ذلك، تدفق الكثير من المهاجرين الأوروبيين، خاصة من المزارعين والأيدي العاملة من جنوب إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، إلى الجزائر. وصادرت السلطات الاستعمارية أراضي القبائل والقرى والأوقاف وأعادت توزيعها على المهاجرين.
المحطة الثانية: حركة الأمير عبد القادر
وفي عام 1832، بايع الجزائريون الأمير عبد القادر لقيادتهم ضد الاحتلال، فاتخذ من مدينة معسكر عاصمة له، وبدأ في تكوين جيش ودولة، ثم أجبر الفرنسيين على إبرام هدنة معه، فكانت اتفاقية تافنا عام 1838 التي اعترفت فيها باريس بسيادته على غرب الجزائر ووسطها.
وشرع الأمير عبد القادر بعد هذه الاتفاقية في تشكيل حكومة وتنظيم الدولة ومكافحة الفساد.
لكن تلك الاتفاقية كانت فرصة لفرنسا لالتقاط الأنفاس، لتواصل بعد ذلك القتال لتسقط معاقل الأمير واحدا تلو الآخر.
وبعد مقاومة مريرة، اضطر مع أنصاره للاستسلام عام 1847، بشرط السماح بانتقاله إلى الاسكندرية أو عكا. لكنه نُقل إلى فرنسا وسُجن هناك.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الطريقة التي تأسس بها الحكم الفرنسي في الجزائر بين عامي 1830 و1847 اتسمت بالعنف وعدم التفاهم المتبادل بين الحكام والمحكومين.
وقد طالب عدد متزايد من المستوطنين الفرنسيين (المعروفين أيضا باسم الأقدام السوداء) بامتيازات الأقلية الحاكمة.
وعندما أصبحت الجزائر في النهاية جزءا من النظام القانوني الفرنسي، زاد ذلك فقط من سلطة المستوطنين، الذين أرسلوا مندوبين إلى البرلمان الفرنسي.
ولم يفرض المستوطنون هيمنتهم على الجزائر حتى سقوط نابليون الثالث عام 1870 وصعود الجمهورية الثالثة في فرنسا.
فحتى ذلك الحين كانت الجزائر تخضع إلى حد كبير لإدارة عسكرية، وكان الحاكم العام للجزائر ضابطا حتى ثمانينيات القرن التاسع عشر، ولكن مع صعود الجمهورية الثالثة زادت هيمنة المستوطنين.
وقد فرض المستوطنون برنامجا واسع النطاق لمصادرة الأراضي الصالحة للزراعة بعد سحق المقاومة لجعل الاستيطان ممكنا.
وكان المستوطنون من أصول أوروبية مختلطة. وقد تركز الإسبان بشكل أساسي في وهران وحولها فيما تركز الفرنسيون والإيطاليون في الوسط والشرق.
المحطة الثالثة: حرب التحرير
في مارس/آذار عام 1943، قدم القيادي الجزائري فرحات عباس بيان الشعب الجزائري للإدارة الفرنسية، ووقع عليه 56 من القيادات الجزائرية والدولية. وطالب البيان بدستور يضمن مشاركة فورية وقانونية ومساواة للجزائريين.
ونظم الجزائريون مسيرة عام 1945 واجهها الفرنسيون بالعنف، ولقي آلاف الجزائريين حتفهم في تلك الأحداث.
وفي عام 1947، وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية على قانون يدعو لإنشاء برلمان جزائري بمجلسين، أحدهما يمثل الأوروبيين والآخر الجزائريين، وهو الأمر الذي رفضه الجزائريون.
ثم بدأت حرب الاستقلال في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1954، والتي واجهتها فرنسا بالعنف. وارتفع عدد القوات الفرنسية في الجزائر ليصل إلى نحو 400 ألف جندي بحلول عام 1956.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 1959، بات شارل ديغول رئيسا للجمهورية الخامسة ثم قام لاحقا بزيارة الجزائر.
ومن هناك أعلن في مدينة قسنطينة شرقي البلاد عن مشروعه الاقتصادي الضخم لخلق الوظائف وتوزيع الأراضي على المزارعين وبناء المساكن وتحقيق التنمية، أما سياسيا فقد أعطى للجزائريين حق الترشح والتصويت بشكل معادل لما هو ممنوح للفرنسيين.
لكن الجزائريين رفضوا كل تلك الاغراءات، وواصلوا ثورتهم.
وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، تحدث ديغول عن حق تقرير المصير للجزائريين، وهو ما اعتبره المستوطنون الفرنسيون خيانة لهم، فقاموا بتمرد في الجزائر، مدعوم من بعض وحدات الجيش. إلا أن التمرد فشل، ومثّل ذلك نقطة تحول في الموقف الرسمي الفرنسي.
وفي مايو/أيار 1961، انطلقت محادثات أفيان بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير، وأسفرت عن اتفاقات افيان، والتي حددت مهلة ثلاث سنوات يختار بعدها الأوروبيون بين الجنسية الجزائرية أو يعتبرون غرباء.
وفي الثالث من يوليو/تموز عام 1962، تم توقيع مرسوم استقلال الجزائر، غير أن جبهة التحرير أقرت الخامس من يوليو/تموز يوما للاستقلال لمسح ذكرى الاحتلال من التاريخ.
جنرال قمع الثائرين
تقول صحيفة الغارديان البريطانية إن الجنرال جاك ماسو الذي ولد في 5 مايو/آيار من عام 1908 كان أحد أشهر الشخصيات العسكرية الفرنسية في التاريخ الحديث فقد شارك في تحرير باريس، وأزمة السويس، والحروب الفرنسية في الهند الصينية، وبشكل سيئ السمعة في الجزائر.
وعندما سعى المارشال بيتان إلى هدنة من الألمان في يونيو/حزيران من عام 1940، بدأ الجنرال لوكلير في حشد المستعمرات وراء قضية ديغول من أجل فرنسا الحرة، انضم إليه ماسو، الذي كان برتبة كابتن في ذلك الوقت، في تشاد وليبيا وتونس.
وعندما نزلت الفرقة المدرعة الثانية في فرنسا في أغسطس/آب من عام 1944 وشقت طريقها نحو تحرير باريس لعب ماسو دورا مهما في القتال.
وبعد الحرب العالمية الثانية خدم في الهند الصينية، وتدرب كمظلي وقام بمهام في تونس وغرب إفريقيا. ورقي إلى رتبة جنرال في عام 1955 حيث شكل الفرقة العاشرة للمظلات، والتي قادها في هجمات على بورسعيد وبور فؤاد خلال حرب السويس عام 1956.
وقد شعر ماسو بمرارة لأن حرب السويس تم تسويتها في النهاية عن طريق الدبلوماسية، وأصبح ماسو مقتنعا أن بعض الياسة الفرنسيين مستعدون للتخلي عن المصالح الحقيقية لبلادهم.
وبحلول أوائل عام 1957، كانت الجزائر على أبواب حرب الاستقلال.
وفي 7 يناير/كانون الثاني من ذلك العام، ومع دعوة جبهة التحرير الوطنية إلى إضراب عام، تم تعيين ماسو مسؤولا عن العاصمة الجزائر التي تعتبر مركزا لنشاط المقاومة.
ولم يعجبه إدارة الأزمة شُرطيا، لذلك تولى إدارة خدمة المعلومات الشرطية ونظم قواته للإشراف على كل ما حدث في القصبة.
وقمع الفرنسيون الإضراب بلا رحمة، مما أجبر أصحاب المتاجر على فتح متاجرهم وأجبر الآخرين على العودة إلى العمل. كما تم الاستيلاء على إمدادات الأسلحة، واعتقال واستجواب الآلاف من الناس.
وكانت النتيجة أنه بحلول شهر أكتوبر / تشرين الأول، توقف نشاط المقاومة فعليا وعادت مطاعم المدينة ودور السينما إلى طبيعتها.
وقد برز ماسو وعناصر مظلاته فيما أصبح يعرف باسم معركة الجزائر.
لكن سرعان ما اندلعت فضيحة دولية بشأن استخدام ماسو للتعذيب في قمع القصبة، ومما زاد الطين بلة أنه بدا من المؤكد أن الحكومة الفرنسية بقيادة الاشتراكي جاي موليت كانت على علم بتلك الطرق ووافقت عليها.
وأدت الأزمة إلى انقسام المؤسسة الفرنسية حيث حُكم على الجنرال باريس دي بولاردير بالسجن لمدة 60 يوما لإشارته إلى أن المظليين يقوضون القيم الأخلاقية لفرنسا.
ومع ذلك، استمر التعذيب، وفي الواقع عندما نشر ماسو أول مجلد من مجلداته الخمسة من مذكراته “المعركة الحقيقة في الجزائر” عام 1971، قبل المسؤولية عن هذه الممارسة، مدعيا أنها كانت الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها الحصول على معرفة مسبقة بخطط المقاومة.
وعلى الرغم من أنه كان يخشى أن تكون باريس على وشك التخلي عن الجزائر ، إلا أن ماسو لم يشارك في المؤامرات السياسية اليمينية التي ابتليت بها فرنسا عام 1958.
وقد قبل ماسو تمرد 13 مايو/آيار، ووافق على أن يصبح رئيسا للجنة السلامة العامة. ونفى أن يكون ذلك انقلابا، كما وافق على عملية البعث العسكرية، والتي بموجبها يمكن لمظلييه الهبوط في مطار فيلاكوبلاي، بالقرب من باريس وبهذه الطريقة يضطر الجنرال ديجول إلى تولي الرئاسة كما يضطر السياسيون في باريس إلى قبوله.
وفي 24 مايو/آيار استولى المظليون التابعون لماسو على جزيرة كورسيكا لتنتهي الجمهورية الرابعة.
وقد رفض ديجول إدانة هذا الغزو، ولكن في 27 مايو/آيار أصدر تعليمات غير رسمية بضرورة التخلي عن عملية البعث.
وبمجرد وصوله إلى السلطة، نأى بنفسه عن لجنة السلامة العامة، باستثناء ماسو الذي أصبح محافظا للجزائر العاصمة وعُهد إليه بهذه المنطقة العسكرية الأكثر أهمية حيث رقي إلى رتبة جنرال في يوليو/ تموز من عام 1958.
لكن ماسو أصبح غير مرتاح بسبب عدم اليقين إزاء سياسات ديغول، وحديثه عن “تقرير المصير”.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 1960، تحدث إلى صحفي ألماني حول هذه الخلافات، ويبدو أنه لم يكن يدرك أنه تم تسجيل محادثته.
وعندما نُشرت المقابلة، أُعفي من مهامه على الفور.
لكن ظل ماسو يرفض الانضمام إلى أي مؤامرات ضد ديغول، أو أي محاولات للاستيلاء على السلطة في باريس.
وفي النهاية وافق ماسو على استقلال الجزائر، وصوت لصالح إجراء استفتاء في يناير/كانون الثاني من عام 1961.
ومع ذلك، لم يستطع ماسو أبدا الهروب من ماضيه في الجزائر.
ففي يونيو/حزيران من عام 2000، نشرت لويزا إغيل أحريز روايتها حول مشاركتها في المقاومة في سبتمبر/أيلول من عام 1957 عندما أسرتها القوات الفرنسية واقتيدت إلى مقر ماسو في الجزائر العاصمة.
وقالت لويزة أحريز إنها تعرضت للتعذيب لمدة 3 أشهر وكانت في العشرين من عمرها حينئذ. واعترف ماسو بأن القصة صحيحة، وأعرب عن أسفه.
وتوفي في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2002.
وبعد ذلك وتحديدا في ديسمبر/كانون الأول من عام 2013 توفي الجنرال بول أوساريس الذي كان أحد أبرز رجال الجنرال جاك ماسو في الجزائر.
وكان أوساريس قد دافع عن استخدام القوات الفرنسية التعذيب في حرب الاستقلال في الجزائر.
ويعد ذلك الجنرال الفرنسي الذي توفي عن 95 عاما هو أول ضابط فرنسي بارز يقر بقتل وتعذيب 24 سجين حرب جزائريا في كتاب نشر عام 2001 عن حرب الاستقلال في الجزائر.
وفي عام 2002 أدانته محكمة فرنسية بالتعذيب.
كما جُرد أوساريس من نوط الشرف، أحد أعلى الأوسمة الفرنسية إثر نشر الكتاب.
ولم يُعرب أوساريس أبدا عن أسفه لاستخدام القوة. وقال إن “استخدامها مشروع عندما يتطلب الموقف ذلك”.
وزعم أوساريس أن الحكومة الفرنسية آنذاك كانت على علم بأمر التعذيب وأقرته.
المحطة الرابعة: التجارب النووية
في وقت مبكر من 13 فبراير/شباط عام 1960 احتشد الآلاف من القوات الفرنسية في صحراء الجزائر ليشهدوا “الجربوع الأزرق” وهو اختبار نووي بلغت قوته 4 مرات قوة القنبلة النووية التي انفجرت فوق هيروشيما في اليابان.
ونالت الجزائر استقلالها في عام 1962. ولكن سمحت معاهدة وقعها الرئيس الفرنسي شارل ديغول لإنهاء الحكم الفرنسي للجزائر بالاستمرار في إجراء التجارب في الصحراء حتى عام 1966 .
وأجرت فرنسا 17 تفجيرا نوويا في عين أكر اعتبارا من عام 1961 حيث أجرت تفجيرات نووية تحت الأرض داخل الجبل وفي منطقة رقان الصحراوية حيث أجريت تفجيرات فوق الأرض.
وكانت لحظة حصول فرنسا على رادعها النووي بمثابة انتصار عظيم للرئيس الفرنسي حينئذ شارل ديغول، ولكن كان للتجارب النووية آثارها المميتة على الجنود المشاركين وسكان المنطقة.
المحطة الخامسة:“مجزرة” باريس
في 17 اكتوبر/تشرين الأول من عام 1961 شهدت العاصمة الفرنسية باريس مجزرة راح ضحيتها مئات من الجزائريين على يد الشرطة الفرنسية.
فقد دعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية، التي كانت تقود حربا على سلطات الاستعمار الفرنسي، العمال الجزائريين إلى الخروج في مسيرات سلمية بباريس احتجاجا على حظر التجول، المفروض عليهم تحديدا من الثامنة والنصف مساء إلى الخامسة والنصف صباحا، من قبل مدير الشرطة وقتها، موريس بابون.
وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين السلميين الجزائريين، بينهم نساء وأطفال، من الأحياء العشوائية إلى شوارع باريس، استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، على الرغم من منع السلطات الفرنسية، التي يبدو أنها أعطت التعليمات إلى أجهزة الأمن بقمع المتظاهرين بكل الوسائل.
ولكن أجهزة قمع المظاهرات كانت في استقبالهم في مداخل الشوارع الكبرى، حسب المؤرخين، الذين نقلوا روايات الشهود والمشاركين في المظاهرات، فاندلعت مواجهات دامية بشارع سانت ميشيل، وحي سانت سيفرين، وتكررت المشاهد الدامية في أحياء أخرى من باريس وضواحيها.
وكان القمع غاية في الضراوة والوحشية، حسب المؤرخين البريطانيين، جيم هاوس ونيل ماكماستر، اللذين وصفا ما تعرض له الجزائريون يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول في كتابهما “الجزائريون، الجمهورية ورعب الدولة”، بأنه “أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر”.
ويذكر مؤرخون وكتاب شهدوا الأحداث أن الشرطة اعتقلت نحو 12 ألف جزائري واحتجزتهم في مراكز الشرطة وفي مخيمات أنشأتها لهم خصيصا، في قصر الرياضات في باريس، وقصر المعارض، وتعرضوا هناك للاستجواب والإهانة والضرب والتعذيب، والقتل، حسب شهود.
كما رحلت السلطات الفرنسية آلاف العمال الجزائريين من باريس وضواحيها إلى الجزائر، بسبب مشاركتهم في المظاهرات.
العلاقات الفرنسية الجزائرية في سطور
- 1830 – فرنسا تحتل الجزائر منهية بذلك 3 قرون من الحكم الذاتي ضمن الدولة العثمانية.
- من 1939 الى 1945 – انهيار فرنسا واحتلالها من قبل الألمان، والاحتلال الأنجلوأمريكي لشمال افريقيا في الحرب العالمية الثانية ينعشان آمال الجزائريين في الاستقلال.
- 1945 – خروج مظاهرات مطالبة بالاستقلال في سطيف، ومقتل الآلاف عندما قمع الفرنسيون الاضطرابات التي اندلعت بعد المظاهرات.
- يناير 1957 – بدأت معركة الجزائر حيث استخدمت قوات المظلات الفرنسية التعذيب لانتزاع معلومات عن جبهة التحرير.
- مايو 1958 – الجيش الفرنسي يدعم انتفاضة المستوطنين، وانهيار الجمهورية الرابعة في فرنسا، وعودة الجنرال شارل ديغول إلى السلطة.
- يناير 1960 – تمرد المستوطنين ضد تحركات ديغول للتفاوض مع جبهة التحرير الوطني.
- انهيار محاولة انقلاب أبريل/نيسان عام 1961 من قبل جنرالات بالجيش الفرنسي في الجزائر العاصمة.
- مارس 1962 – فرنسا وجبهة التحرير الوطني توقعان هدنة. وتنظيم الجيش السري المكون من مستوطنين وفارين من الجيش يشعل النار في المدن الجزائرية في محاولة لمنع الاستقلال.
- يوليو 1962 – إعلان استقلال الجزائر، وفرار مليون أوروبي يطلق عليهم اسم “الأقدام السوداء” إلى فرنسا. والجزائر تعلن أن مليون جزائري لقوا حتفهم خلال الحرب.
- 1975 – فاليري جيسكار ديستان يصبح أول رئيس فرنسي يزور الجزائر المستقلة. وفي عام 1982، قام الشاذلي بن جديد بأول زيارة رسمية لفرنسا.
- مارس 2003 – حظي الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، بترحيب حار حيث قال إن الماضي المضطرب يجب أن يفسح المجال للمصالحة.
- يوليو 2006 – الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة يقول في خطاب ألقاه إن حكم فرنسا للجزائر كان أحد “أكثر أشكال الاستعمار بربرية في التاريخ”.
- يوليو / تموز 2007 – دافع الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي عن رفضه الاعتذار عن الممارسات الاستعمارية قائلا إنه ينبغي على القادة التركيز على المستقبل.
- نوفمبر 2007 – زعيم المحاربين القدامى محمد السعيد عبادو يدعو باريس للاعتذار عن الماضي الاستعماري.
[ad_2]
Source link