ما التوصيات التي رفعها قادة الأديان لقمة المناخ؟
[ad_1]
وقع ممثلون عن الأديان حول العالم ولجنة من العلماء نداءً مشتركاً، خلال لقاء عقد في الفاتيكان الاثنين، بعنوان “الإيمان والعلم: نحو مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي COP26”.
وخرجت الوثيقة إلى النور بعد أشهر من النقاش بين قيادات دينية ومجموعة علماء، بحثوا في التحديات التي تهدّد مستقبل البشرية والبيئة، ودور الجماعات الدينية في تقديم الحلول.
وشارك في اللقاء إلى جانب البابا فرنسيس، وإمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب، ممثلون عن طوائف مسيحية عدّة، وعن المسلمين الشيعة، واليهودية، والهندوسية، والسيخية، والبوذية، والكونفوشيوسية، والطاوية، والزرادشتية، والجاينية، وغيرها.
ما مناسبة اللقاء؟
مع تفاقم المخاطر المناخية خلال العقود الماضية، باتت القيادات الدينية مطالبة بلعب دور في الملف البيئي، نظراً لتأثيرها المعنوي على ملايين البشر، ليس فقط على المستوى الروحي، بل أيضاً في أنماط حياتهم، وعاداتهم اليومية.
ومع دقّ جيل من النشطاء البيئيين الشباب ناقوس الخطر، شعرت المؤسسات الدينية بأنها أمام مسؤولية أخلاقية، لتثبيت موقفها من حماية “خليقة الله”، وللدفع نحو عالم أكثر مساواة، لا يتحمل فيه الفقراء التبعات الكارثية لعدم قدرة الدول الغنية على احتواء تدهور حالة المناخ.
وخلال جائحة كورونا، برزت أهمية التضامن بين القادة الروحانيين والدينيين والعلماء والهيئات الصحية، بعدما كانت بعض الجماعات الدينية الرافضة للتباعد الاجتماعي قد لعبت دوراً سلبياً، وتحولت اجتماعاتها أحياناً إلى بؤر لنشر المرض.
وقد لعبت بعض القيادات الدينية دوراً في التأثير على خيارات أتباعها الصحية، والتزامهم بالحجر والتباعد الاجتماعي، من خلال إلغاء المناسبات والصلوات الجماعية من شرق العالم إلى غربه، في حين كان انتشار الفيروس فاتكاً وسط بعض الجماعات المتشددة التي رفضت الالتزام بالقيود الصحية.
كذلك الأمر بالنسبة للقاحات، إذ حثّ القادة الروحيين أتباعهم على عدم الاستجابة للأخبار الكاذبة والدعايات المضللة التي انتشرت في أوساط جماعات دينية عدّة، خصوصاً مع تقديم ورقة الحريات الدينية في دول مثل الولايات المتحدة كعذر لعدم أخذ اللقاح.
ويبدو أنه يمكن البناء على تجربة دور المؤسسات الدينية خلال الوباء، في التعويل على الأثر المعنوي للقادة الدينيين في التوعية حول التحديات البيئة والصحية والعلمية، خصوصاً أن بعض ناكري تغير المناخ على سبيل المثال، يبررون موقفهم بقناعات دينية محافظة.
لكن الأمر يتجاوز حدود الأثر المعنوي والروحي، فالمؤسسات الدينية الرسمية حول العالم، مطالبة بتحمل مسؤوليات اقتصادية ولوجستية ومادية.
ويمكن أن تكون الكنائس والمساجد والجمعيات الخيرية من أبرز المستثمرين في الطاقة البديلة. كذلك يطلب منها سحب استثماراتها من شركات النفط والغاز، وتقديم تبرعات للمشاريع البيئية في المدن والقرى حيث تنشط.
ماذا تضمن النداء؟
شدّد الموقعون على أهمية زيادة الوعي بالتحديات غير المسبوقة التي تهدد “بيتنا المشترك الجميل”.
وبحسب القيادات الدينية والعلماء المشاركين في صياغة البيان، فإنّ “الإيمان يعلِّم واجب الاهتمام بالعائلة البشرية والبيئة التي تعيش فيها”، فنحن كبشر “لسنا سادة مطلقين على كوكبنا وموارده”.
وقال الموقعون إن “علينا واجباً أخلاقياً هو التعاون من أجل علاج الكوكب، ومواجهة التحديات من خلال المعرفة العلمية وحكمة الأديان”. وتحدثوا عن ضرورة التفكير بالمدى البعيد، وأخذ إجراءات شجاعة للصالح العام، لأن تغير المناخ “خطر شديد”.
وتضمن النداء اتفاق القادة الدينيين على النقاط الأساسية التالية:
- تعميق الجهود لإحداث تغيير في قناعات أتباعهم.
- تشجيع مؤسساتهم التعليمية والثقافية على تقوية التعليم البيئي المتكامل وجعله أولوية.
- إشراك أتباع الديانات المختلفة مع جيرانهم لبناء مجتمعات مستدامة ومرنة وعادلة، وتشجيعهم على تبني أنماط حياة مستدامة.
- السعي لمواءمة الاستثمارات المالية للمؤسسات الدينية مع المعايير المسؤولة بيئياً وأخلاقياً.
- تقييم السلع والخدمات التي تشتريها المؤسسات الدينية وفق عدسة أخلاقية مراعية للبيئة.
ورفع الموقعون التوصيات التالية لقمة المناخ المرتقبة في غلاسكو نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الحالي:
- مناشدة دول العالم لتحقيق مستوى الانبعاثات صفر في أقرب وقت ممكن، للحدّ من متوسط ارتفاع حرارة الأرض بـ 1.5 درجة مئوية.
- الضغط على الدول الغنية من أجل تحمل المسؤولية الكبرى وأخذ زمام المبادرة، عبر القيام بتغييرات جدية لحماية البيئة، وتقديم مساعدات مالية لدعم الدول الفقيرة للتأقلم مع تغير المناخ.
- حثّ الحكومات على رفع مستوى طموحاتها وتعاونها الدولي للانتقال إلى الطاقة النظيفة، والاستخدام المستدام للأراضي، والانتقال إلى أنظمة غذائية صديقة للبيئة، واعتماد التمويل المسؤول.
ما أبرز ما قاله القادة الدينيون؟
أتيح لكل مشارك من القادة الدينين تقديم موقفه بإيجاز، وبرز الاتفاق على ضرورة التعاون لحماية “خليقة الله”.
وقال البابا فرنسيس: “نحن نرى علامات التناغم الإلهي الموجودة في العالم الطبيعي، فلا وجود لمخلوق مكتفٍ بذاته؛ كل مخلوق موجود فقط بالاعتماد على المخلوقات الأخرى، لكي يكمل أحدها الآخر”.
وتابع: “الاعتراف بأن العالم مترابط لا يعني فقط فهم العواقب الضارة لأفعالنا، وإنما أيضاً تحديد التصرفات والحلول التي ينبغي تبنيها بنظرة مُنفتحة على الترابط والمشاركة. لا يمكن للمرء أن يتصرف بمفرده، وبالتالي فإن التزام كل فرد بالعناية بالآخرين والبيئة هو أمر أساسي”.
وحثّ على ترميم “العهد بين الكائن البشري والبيئة الذي يجب أن يكون مرآةً لمحبة الله الخالقة، التي منها نأتي ونحوها نسير”.
وقال شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب: “الإسلام لا ينظر إلى الوجود المادي الساكن، نظرته لكائنات ميتة لا وعي لها ولا إدراك، بل على العكس ينظر إليها وإلى عوالم هذا الوجود من إنسان، وحيوان، ونبات، وجماد، بحسبانها موجودات حية تعبد الله وتسبحه في لغة لا يفقهها الإنسان”.
وتابع: “الله استأمن الإنسان على الأرض، وأمره أن يتعامل مع سائر الكائنات معاملة الصديق للصديق”.
وحثّ الإمام الطيب الشباب المسلم، و”كل شاب يقظ الضمير أياً كانت عقيدته أن يقف بالمرصاد في وجه أي نشاط يضرّ بالبيئة أو يفاقم من أزمة المناخ”، داعياً علماء الأديان “إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه الأزمة”، نظراً للتأثير الذي يتمتعون به لدى أصحاب القرار.
كذلك تحدث برثلماوس الأول بطريرك القسطنطينية، وهو القائد الروحي الأبرز للمسيحيين الأرثوذكس، وأكد أهمية الحوار بين كافة أديان العالم “التي يجمعها الالتزام بالحفاظ على جمال خليقة الله وسلامتها”.
وتحدث الحاخام نعوم مارانز ممثل اللجنة اليهودية الدولية للمشاورة بين الأديان، داعياً الزعماء السياسيين إلى تحمل مسؤوليتهم والقيام بما هو لازم “للحفاظ على بيتنا المشترك”.
ودعا رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي إلى “تأسيس شراكة حقيقية ومنصفة مع النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، مع الفقراء، ليس لمنع أي أذى فحسب، وإنما لنكون كلنا جاهزين لنحمي المناخ والبيئة”.
وأضاف: “على مر المئة سنة الماضية، أعلنّا الحرب على الخليقة، لكن الخالق سمح لنا كمخلوقات مترابطة أن نساعد بعضنا البعض”، محذراً أن الوقت ينفد من الكوكب.
[ad_2]
Source link