كيف ينظر المجتمع في مصر لوظيفة “سائقات” مترو الأنفاق المستحدثة؟
[ad_1]
- عاطف عبد الحميد
- بي بي سي – القاهرة
أعلنت الشركة الفرنسية المسؤولة عن إدارة وتشغيل الخط الثالث من مترو الأنفاق في القاهرة عن حاجتها لسائقين و”سائقات” للقطارات، وهي المرة الأولى التي تطلب فيها الشركة نساءً لهذه الوظيفة.
وتقول الشركة إنها أعلنت عن رغبتها في تعيين سائقات حرصا منها على “تحقيق مبدأ المساواة” بين الجنسين.
ورغم اقتحام المرأة مجالات عمل شاقة في مصر، منها أيضا قيادة بعض وسائل المواصلات العامة مثل السيارات الأجرة، لا يزال هناك جدل حول طبيعة الوظائف والمهن التي تستطيع المرأة القيام بها في مصر.
واستعرضت بي بي سي آراء عدد من النساء والرجال وعلماء الاجتماع لإلقاء الضوء على نظرة المجتمع للمرأة حين تشغل مثل هذه الوظائف.
وقال سيد زكريا، سائق قطار بالمعاش، لبي بي سي: “هذه المهنة صعبة، وتحتاج إلى مجهود عضلي وذهني، واستعداد نفسي”.
وأضاف: “خلال أكثر من 35 سنة في هذه المهنة، تعرضنا لمواقف صعبة، وكنا نضطر إلى التعامل مع الخطر بشكل مباشر لحماية مئات الأرواح من الركاب، وأظن أنها مسؤولية أكبر من أن تتحملها المرأة. كما يحتاج الأمر إلى ما هو أكثر من القيادة، فلابد من توافر خلفية عملية في الميكانيكا والصيانة اللازمة للتعامل مع الأعطال المفاجئة”.
“ثبات انفعالي”
وقالت إيناس الوزان، وهي تعمل محاسبة، لبي بي سي: “المرأة تستطيع أن تفعل كل شيء، وأي شيء، لكن المهم هو التدريب الجيد وتوافر جميع الإمكانات والتكنولوجيا الحديثة”.
وأضافت: “أرى أن المجتمع بدأ بالفعل يتقبل شغل المرأة جميع الوظائف تقريبا، فلم نكن نسمع من قبل عن امرأة تقود سيارة أجرة، والتي يمكن طلبها عبر تطبيقات إلكترونية تديرها بعض الشركات الخاصة التي انتشرت في مصر في الفترة الأخيرة”.
ورغم أنها المرة الأولى التي تسمع فيها إيناس عن قيادة المرأة للقطار، فهي ترى أن هناك نساء يقدن وسائل نقل جماعي مثل الميكروباص، مع توافر قبول لأدوارهن من المستخدمين والعاملين في هذا القطاع من الرجال.
لكن خالد علي، وهو معلم مقيم في القاهرة، يرى أنه “من الصعب على المرأة أن تقود قطارات مترو الأنفاق، نظرا لطبيعة المرأة النفسية والبدنية”، ولما يراه من أن مهنة القيادة مهنة شاقة بصفة عامة وتحتاج إلى بعض المقومات الخاصة.
وقال علي لبي بي سي: “مهنة القيادة تحتاج إلى صبر، وخبرة، بالإضافة إلى أنها محفوفة بالمخاطر، هذا بالنسبة لقيادة الحافلات وسيارات الأجرة، فما بالنا بالقطارات”.
وأضاف: “تحتاج مهنة قيادة القطارات أيضا إلى قدر كبير من الثبات الانفعالي لمواجهة المواقف الخطرة، والقدرة على التصرف بسرعة في المواقف الصعبة”.
وتابع: “إذا نظرنا إلى الغرب، فسوف نجد أن عدد سائقات القطارات محدود هناك أيضا، وأتصور أننا في مصر نشاهد الكثير من حوادث القطارات التي يقودها رجال يتمتعون بخبرة طويلة في المجال”.
لكن حنان السبع، أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة، لها رأي آخر في مسألة “الثبات الانفعالي” عند المرأة، وقدرتها على تحمل المواقف الصعبة.
وقالت السبع لبي بي سي: “ضعف الثبات الانفعالي لدى النساء ما هو إلا أسطورة صنعها المجتمع، فالنساء يقدن بالفعل وسائل نقل أخرى، فلماذا لن تستطيع المرأة قيادة القطارات. أعتقد أن السبب هو سيطرة صورة تقليدية على المجتمع ونظرة إلى المرأة تستهدف وضعها في مكان محدد”.
وأضافت: “أعتقد أن احتلال هذه القضية هذا الموقع من الأهمية يأتي نتيجة لطبيعة التغيير الذي تشهده المجتمعات. فإذا لم يحدث هذا الشيء ولم يحدث الاهتمام به والتركيز عليه ويثار حوله الجدل، لن يكون هناك تغيير في نظرة المجتمع. وهناك رؤية موجودة بالفعل في المجتمع للمرأة تريد أن تحدد أدوراها، وتشير إلى أشياء يمكنها القيام بها وأشياء أخرى لا يمكنها فعلها”.
وقالت السبع: “بمجرد تحول قيادة المرأة لقطارات مترو الأنفاق أو شغلها لأي وظيفة للمرة الأولى، من الطبيعي أن يثار الجدل وأن يتحول ذلك إلى خبر يهتم به الجميع ويلقى ردود فعل متباينة وربما يكون بعضها مقبولا”.
وتساءلت السبع: “هل هناك نقاط إيجابية يمكن البناء عليها من هذا الجدل؟ نعم، فالمرأة لم يثبت أنها لا تستطيع القيام بذلك. وتخضع النساء لاختبارات عدة في الحياة اليومية وفي مهن ووظائف أصعب من قيادة القطارات. فمن يريد القول إنها لن تستطيع القيام بذلك، فليذكر الأسباب، ويسوق الأدلة على ما يقول”.
أما سماح ماهر، موظفة بإحدى الشركات الخاصة في القاهرة، فتوقعت أن تنجح المرأة في عملها كسائقة لقطارات مترو الأنفاق بشرط التدريب الجيد، مؤكدة أن “المرأة أظهرت تفوقا في مهن كثيرة كانت مقتصرة على الرجال في الماضي، مثل تصفيف وحلاقة الشعر، وصيانة السيارات. وكان من الغريب أن تعمل المرأة في تلك المهن في البداية، لكن المجتمع تقبلها بمرور الوقت وبعد أن أثبتت كفاءة واضحة”.
وأضافت: “أعتقد أن التدريب الجيد وتوافر الإمكانات سوف يؤديان إلى نجاح تجربة قيادة المرأة لقطارات مترو الأنفاق، كما نجحت في مهن كانت تقتصر على الرجال فقط”.
البعد الاقتصادي
ولا يقتصر الأمر على البعد الاجتماعي فقط، إذ رأى بعض المشاركين بآرائهم في هذا الموضوع أن عمل المرأة في مصر سائقة قطارات يزيد من فرصها في الالتحاق بالمزيد من الوظائف والمهن في القطاعات المختلفة، مما يساعدها على الحصول على المزيد من المال لتغطية نفاقتها واحتياجات أسرتها، خاصة بعد أن أصبحت المرأة شريكا أساسيا في تحمل النفقات في كثير من الأسر في مصر.
قالت سارة عامر، مصففة شعر، لبي بي سي: “اتجهت النساء إلى قيادة سيارات الأجرة والحافلات وحتى النقل الثقيل من أجل تحمل أعباء الحياة وإعالة الأسرة، وهو ما جاء رغم التضحيات التي يبذلنها، كتأثرهن بمن يعملن معهن من الرجال في نفس القطاع وما قد يتعرضن له من تغيير في أسلوب الحياة ليواكب طبيعة العمل الشاق التي تتعارض مع طبيعة المرأة”.
وتضيف سماح ماهر أن “المجتمع لا بد أن يشجع هذه النماذج من النساء، خاصة مع التطور الذي أصبح عليه العالم، والأزمات الاقتصادية الطاحنة التي اضطرت المرأة إلى أن تشارك بنسبة كبيرة في تحمل أعباء الأسرة، حتى أن المرأة في بعض الأحيان تكون هي العائل الوحيد للأسرة”.
وقالت حنان السبع، أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة: “ليس ما نعتاد عليه فقط هو الحقيقة والواقع، إنما يتكون الواقع من قيامنا بأشياء جديدة نعيشها وتتحول إلى حقائق في حياتنا، والدليل على أن المرأة تستطيع القيام بهذا الدور أن هناك سيدات تتحملن أعباء نفسية وبدنية كبيرة في مهن ووظائف أكثر مشقة من قيادة القطارات”.
وأضافت: “من يقولون أن المجتمع غير مهيأ لتقبل ذلك هم من يريدون ثبات الأوضاع وتفادي التغيير، لكن الحقيقة أن المجتمع دائم التغير، ويستقبل الكثير من المؤثرات التي تحدث تغييرات طوال الوقت”.
وتابعت: “بالتأكيد سوف تكون هناك ضغوط في الاتجاه المضاد للتغيير في المجتمع، ومنها شغل المرأة وظيفة سائقة قطار، لكن التجربة فقط هي الكفيلة بأن تثبت قدرتها أو عدم قدرتها على القيام بهذا الدور”.
[ad_2]
Source link