كيف يتذكر الأمريكيون هجمات سبتمبر بعد عشرين عاما؟
[ad_1]
- رافد جبوري
- بي بي سي نيوز عربي – واشنطن
لا يحتاج الحادي عشر من سبتمبر الى حلول ذكراه السنوية ليتذكره الأميركيون, فلقد تغير العالم كله وتغيرت الولايات المتحدة بدرجة كبيرة نتيجة لما حصل في ذلك اليوم عام 2001.
كان يوما تعرضت فيه الامة الأميركية إلى طعنة في صميم كبريائها وأمنها القومي عندما اختطف تسعة عشر شخصا من تنظيم القاعدة أربع طائرات أميركية مدنية، وهاجموا بها نيويورك وواشنطن.
صدم المهاجمون طائرتين ببرجي مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن في نيويورك مما أدى الى انهيار البرجين و ضربت الطائرة الثالثة مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قرب واشنطن فيما سقطت الطائرة الرابعة في منطقة في ولاية بنسلفانيا وتحطمت. وكانت حصيلة الهجمات مقتل ثلاثة الاف أميركي تقريبا.
وبعد ثلاثة أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر, وقف الرئيس الأميركي حينذاك جورج دبليو بوش, وسط رجال الإطفاء وعمال الإنقاذ على حطام برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وتوعد من شنوا الهجمات برد قريب. وفعلا بدأت حرب أفغانستان بعد أسابيع قليلة للقضاء على تنظيم القاعدة والإطاحة بحكم حركة طالبان التي وفرت المأوى له.
ذهبت الى نيويورك لتغطية الذكرى العشرين للهجمات. وهناك توقفت طويلا عند النصب التذكاري الذي حل محل برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك مفكرا بالماضي وبالحاضر.
تصميم النصب يدعو للتأمل فعلا فهو يتمثل بحفرتين كبيرتين كانتا تمثلان أساس البنايتين الشاهقتين. تنساب المياه من جوانب الحفرتين العملاقتين في النصب لتنزل في مركزي الحفرتين بعملية مستمرة. وعلى جوانب الحفرتين نقشت أسماء جميع الضحايا الذين سقطوا في البرجين في الهجمات.
تأتي الذكرى العشرون في الوقت الذي انتهت فيه حرب أفغانستان نهاية أثارت كثيرا من التساؤلات والجدل، إذ عادت طالبان الى الحكم هناك بعد الانسحاب الأميركي. ورغم كل المؤشرات التي كانت موجودة عن قوة طالبان وصمودها الا ان السرعة التي سيطرت بها على أفغانستان والطريقة التي انهارت بها القوات الأفغانية والحكومة الأفغانية التي كانت تدعمها الولايات المتحدة شكلت صدمة كبيرة لأمريكا والعالم.
يواجه الرئيس جو بايدن نقدا شديدا في الولايات المتحدة بسبب الطريقة التي جرت بها عملية الانسحاب. خصوصا ان عملية إجلاء الأميركيين والأفغان المتعاونين معهم من مطار كابل جرت بطريقة عشوائية و قتل خلالها ثلاثة عشر جنديا أمريكيا في هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان. وانتهت عملية الانسحاب والإجلاء قبل أن يكتمل خروج كل الأميركيين في أفغانستان.
وقرب النصب التذكاري في مكان البرجين في نيويورك التقيت بتشارلز وولف وهو أميركي فقد زوجته في الهجمات. وهو اليوم غاضب جدا من بايدن ويقول إن الرئيس الأميركي كذب على الأمريكيين ويعيد ترديد كلمة (كذب) لتأكيد تمسكه بالاتهام. يقول وولف إن بايدن قال إنه لن ينسحب إلا بعد إجلاء كل الأمريكيين من أفغانستان. وقال أشياء أخرى يتهمه بعدم تنفيذها مؤكدا أنه لا يستحق أن يكون في منصب قائد القوات المسلحة الأميركية. لكن بايدن يرى أن عملية الإجلاء كانت عملية ناجحة وكان يجب على اميركا أن تنهي حرب أفغانستان التي طالت كثيرا ولم يكن الوضع في أفغانستان يسمح ابدا في أي وقت لعملية الانسحاب بان تكون منسقة ومنظمة ومن غير مشاكل.
إلا أن لتشارلز وولف ولاقارب ضحايا الهجمات قضية أخرى مع بايدن والحكومة الأميركية، إذ يشكون بوجود دور سعودي حكومي من نوع ما في الهجمات رغم أن ذلك لم يثبت حتى الآن لكن أهالي الضحايا بعثوا رسالة تحذير واضحة للرئيس الأمريكي وقد أعاد وولف ترديدها لي حينما التقيته
( لن يكون بايدن مرحبا به ولا باي احد من مسؤولي ادارته في النصب التذكاري وفي الاحتفالات بالذكرى حتى ينفذ ما وعد به وهو رفع السرية عن كل الوثائق الحكومية الأميركية حول السعودية والهجمات)
استجاب بايدن لذلك الضغط وأصدر أوامره لوزارة العدل الأميركية بان تكشف كل الوثائق والتفاصيل التي تحتفظ بها أجهزة الامن والتحقيق الأميركية والتي ما زالت محجوبة. في الواقع كشفت معظم تلك التفاصيل على مدى السنوات الماضية لكن بطريقة بطيئة وعلى دفعات. إذ طالما قالت الإدارات الأميركية المتعاقبة إنه ليس في تلك التفاصيل المخفية أي معلومات جديدة تغيير الاستنتاج العام والنهائي وهو انه لم يكن هناك أي تورط للحكومة السعودية او لاي مسؤول سعودي رسمي في دعم الهجمات او منفذيها. لكن أقارب ضحايا الهجمات الذي رفعوا دعوى قضائية ضد الحكومة السعودية يعتقدون بغير ذلك ويريدون إثبات أن مسؤولين سعوديين دعموا منفذي الهجمات أو المخططين لها ويريدون تعويضات من السعودية و إقرارا بالمسؤولية. وقد نفت الرياض دوما أي مسؤولية في ذلك الصدد ورحبت بنشر كل الوثائق الرسمية الأمريكية بل وقالت بأن السعودية هي ضحية لتنظيم القاعدة وقد عانت من هجماته وليست داعمة له.
تغيرت حياة الأمريكيين كثيرا بعد هجمات سبتمبر. قبل ذلك اليوم كانت عملية السفر عن طريق الجو عملية سلسة وغير معقدة وكانت إجراءات الأمن في المطارات سهلة وبسيطة. أما في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر فالإجراءات الأمنية المصاحبة للسفر الجوي أصبحت أطول وادق بكثير , كذلك فتحت التشريعات التي اقرت بعد الهجمات الباب أمام مزيد من عمليات الرقابة بأشكال مختلفة على الأمريكيين..
أصبحت أجهزة الأمن والاستخبارات تتمتع بصلاحيات غير مسبوقة في مراقبة الأمريكيين وتحركاتهم في الواقع وأحاديثهم عبر الهاتف وتفاصيل استخدامهم للإنترنت, كل ذلك من أجل منع أي هجمات شبيهة بما جرى قبل عشرين عاما. و يشتكي مسلمون أمريكيون بأن تلك الإجراءات استهدفتهم اكثر من غيرهم. ومن هؤلاء اسد دانديا , وهو مواطن أميركي ولد ونشأ في نيويورك حيث التقيته. يقول بان شرطة المدينة استهدفته بالتجسس هو وأصدقاء له عندما كانوا يقومون بأعمال خيرية وإنسانية بعد سنوات من الهجمات.
وعندما اكتشف بانه مراقب بهذه الطريقة , وبغير حق كما يعتقد, انخرط مع مجموعة من المسلمين والعرب في نيويورك في نزاع قانوني مع شرطة نيويورك انتهى بإقرار الشرطة لتغييرات في نظام الرقابة يقيد التحيز ضد الأقليات.
لكن دانديا يعتقد بان الأمور ما زالت صعبة بالنسبة للمسلمين الاميركيين. إذ يقول إن هناك أجيالا جديدة من المسلمين الأمريكيين يولدون في عالم ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وهم مضطرون للتعامل مع عالم لا يفهمون كيف وصل الى هذه الحال. وبان التمييز ضدهم ما زال موجودا وحتى المراقبة لم تتوقف.
تغيرت الدنيا كثيرا وتغيرت الولايات المتحدة كثيرا في العشرين سنة الماضية لكن ظل هجمات سبتمبر ما زال حاضرا اذ ان تبعاته واثاره باقية وتحولت الى ممارسات وقوانين. و رغم ان اميركا قد عانت هي الضربة الكبرى في هجمات الحادي عشر من سبتمبر الا ان طبيعة الردود الأميركية و في طليعتها الحروب التي تلت الهجمات في العراق وأفغانستان أدت الى مزيد من التعقيد في علاقة اميركا بالعالم ومزيد من الجدل حول رأي العالم بالولايات المتحدة التي طالما امن شعبها بكلمات النشيد الوطني الأميركي الذي يصف الولايات المتحدة بأرض الاحرار ووطن الشجعان.
[ad_2]
Source link