أحمد بن بلة: حكاية أول رئيس للجزائر من ضابط في الجيش الفرنسي إلى الرئاسة ثم إلى السجن والمنفى
[ad_1]
لدى إعلان وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة مؤخرا قطع بلاده علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متهما الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية”، كشف للمرة الأولى رسميا أن عدد الجنود الجزائريين الذين قتلوا في حرب الرمال بين البلدين عام 1963يفوق الـ 800 جندي.
وكانت تلك الحرب قد اندلعت بسبب خلافات حدودية بين البلدين حيث طالب المغرب بمنطقتي تندوف وبشار، وهي المطالب التي رفضها الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة.
وهكذا سلطت التطورات الأخيرة في العلاقات الجزائرية المغربية وإثارة ملف الخلافات التاريخية وحرب الرمال الضوء على اسم الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة.
كما أنه في مثل هذا الوقت من عام 1990 عاد أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال من منفاه الاختياري في فرنسا إلى بلاده.
فما هي حكاية أول زعيم جزائري لبلاده بعد 130 عاما من الاستعمار الفرنسي؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن أحمد بن بلة ولد في 25 ديسمبر/كانون الأول من عام 1916 بمدينة مغنية في الجزائر وبها تلقى تعليمه.
وكان بن بلة أحد زعماء حرب الاستقلال الجزائرية ضد فرنسا، فهو واحد من ست قادة رئيسيين يذكرهم تاريخ الجزائر في الكفاح من أجل الاستقلال عن فرنسا.
كما كان بن بلة أول رئيس وزراء للبلاد، وأول رئيس رئيس منتخب للجمهورية الجزائرية بين عامي 1963 و1965، وقد قاد بلاده نحو الاقتصاد الاشتراكي.
الأصل المغربي والجيش الفرنسي
وينتمي بن بلة لعائلة مزارعين أصلهم من المغرب وكان والده مزارعا ورجل أعمال صغير في مغنية في ولاية وهران، وهناك أنهى دراسته المبكرة بنجاح في المدرسة الفرنسية وتابع تعليمه في مدينة تلمسان المجاورة حيث عايش لأول مرة التمييز العنصري واختلط أيضا بأطراف الحركة القومية.
تم تجنيده في الجيش الفرنسي عام 1937، وخدم في الحرب العالمية الثانية، وحصل على وسام كروا دي غير “صليب الحرب” عام 1940 والميدالية العسكرية عام 1944، ورقي إلى رتبة ضابط.
لكنه بعد مشاركته في الحرب العالمية الثانية ضابطا في الجيش الفرنسي، بدأ يضيق بالحكم الاستعماري لبلاده ويتمرد عليه خاصة بعد أحداث 8 أيار/مايو 1945 التي قتل خلالها الكثير من الجزائريين بمدن سطيف وقالمة وخراطة شرقي البلاد على يد الجيش الفرنسي.
ولدى عودته إلى مغنية، استأنف بن بلة نشاطه القومي رافضا أن يتعرض للترهيب من مصادرة السلطات الفرنسية لمزرعته، وقد انتخب مستشارا لبلدته مغنية في عام 1947.
لكن بعد قيام الحاكم مارسيل إدموند نايغلين بتزوير الانتخابات في عام 1948 فقد أي أمل في تحقيق الاستقلال بالطرق الديمقراطية فغادر بلدة مغنية وانضم إلى الحركة السرية لمصالي الحاج.
حمل السلاح
أسس بن بلة مع شركاء في حزب مصالي الحاج منظمة سيبسيال “المنظمة الخاصة”، وهي منظمة شبه عسكرية تهدف إلى حمل السلاح في أسرع وقت ممكن.
وفي أبريل/نيسان 1949، نظم غارة على مركز البريد الرئيسي في وهران لتمويل أنشطته الثورية، مما رفع أسهمه بين الشعب الجزائري.
واعتقل في عام 1950 وسجن بالقرب من البليدة، لكنه تمكن من الهرب بعد سنتين.
وقد هرب إلى العاصمة المصرية القاهرة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1954.
توّصل بن بلة والثوار الجزائريون في مصر الذين التقوا سرا في سويسرا مع القادة الذين كانوا لا يزالون يعيشون في الجزائر إلى قرارين رئيسيين: الأول هو إنشاء جبهة التحرير الوطني، والثاني هو إطلاق الانتفاضة المسلحة ضد المستعمرين الفرنسيين والتي استمرت 8 سنوات.
وقد لعب بن بلة دورا سياسيا مهما في قيادة جبهة التحرير الوطني، وفي الوقت نفسه قام بتنظيم شحن الأسلحة إلى الجزائر.
وفي عام 1956 أفلت من محاولتين لاغتياله، واحدة في القاهرة والأخرى في طرابلس بليبيا.
وفي العام نفسه، اعتقلته السلطات العسكرية الفرنسية أثناء عملية التفاوض على شروط السلام مع رئيس الوزراء الفرنسي غي مولييه.
فقد اختطفت طائرات سلاح الجو الفرنسي الطائرة المغربية التي كانت تقله من الرباط إلى تونس في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1956 مع 4 مرافقين آخرين هم محمد بوضياف وحسين آيت أحمد ورابح بيطاط ومصطفى لشرف.
وهبطت الطائرة في مطار بالجزائر العاصمة، وقبض عليه مباشرة وأودع في السجن حتى انتهاء مفاوضات إيفيان بعد نحو 6 سنوات.
قلعة فرنسية
قضى بن بلة 6 سنوات في قلعة فرنسية خلال حرب التحرير الجزائرية، وكانت المطالبة بالإفراج عنه من ضمن المطالب خلال مفاوضات الاستقلال والتي توجت باتفاقات إيفيان عام 1962 بين جبهة التحرير الوطني الجزائرية وفرنسا.
وأدى سجنه خلال الفترة بين عامي 1956و1962إلى بقائه بعيدا عن أخطاء ارتكبتها جبهة التحرير الوطني، وعندما أطلق سراحه بعد توقيع اتفاقيات إيفيان مع فرنسا في عام 1962 كانت سمعته نقية.
كان الوضع في الجزائر المستقلة فوضويا. وقد شكل قادة جيش التحرير الوطني حكومة مؤقتة محافظة (الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية)، بينما انتخب مؤتمر حزب جبهة التحرير في طرابلس حكومة ذات توجه اشتراكي في نهاية الحرب، وكانت تضم “المكتب السياسي” للجبهة الذي أداره بن بلة الذي بات أول رئيس للحكومة في عام 1962.
ثم تم انتخابه بدون معارضة وبأغلبية ساحقة لرئاسة الجمهورية الجزائرية عام 1963، وقد جمع بن بلة بين منصبي رئاسة الدولة والحكومة بعد انتخابه.
ترسيخ النظام
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن بن بلة أعاد ترسيخ النظام في بلد مضطرب بسبب الاشتبكات بين الجماعات المسلحة والرحيل الجماعي للمستعمرين الفرنسيين.
لقد أنشأ دولة من لا شيء وخصص ربع الميزانية للتعليم الوطني. وفوق كل شيء، أطلق سلسلة من الإصلاحات الزراعية الرئيسية، بما في ذلك التأميم، ولكن ليس السيطرة المباشرة للدولة، على المزارع الضخمة التي كانت تتبع المستعمرين السابقين. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وتحالف بن بلة مع الدول العربية المعادية لإسرائيل وطور علاقات ثقافية واقتصادية مع فرنسا، كما أنه أخرج البلاد من نزاع حدودي مهم مع المغرب.
لقد أسعد أسلوب بن بلة في الحكم الشعب الجزائري، لكن شعبيته لم تحل دون الإطاحة به في انقلاب عسكري في 19 يونيو/حزيران عام 1965 على يد وزير دفاعه هواري بومدين الذي حل محله.
وكان جمع بن بلة بين أكثر من منصب من بين الحجج التي استخدمها خليفته بومدين لعزله حيث اتهمه بالخروج عن مسار الثورة، وإرساء دكتاتورية من خلال الاستئثار بالمناصب.
وبعد ذلك خضع بن بلة للإقامة الجبرية حتى عام 1980 عندما أفرج عنه الرئيس الجزائري آنذاك، الشاذلي بن جديد، ثم ذهب إلى المنفى في فرنسا حتى عودته إلى الجزائر عام 1990.
وأسس حزبا بعد إطلاق سراحه أسماه الحركة الديمقراطية بالجزائر، وشارك في الانتخابات التي شهدتها الجزائر عام 1991 والتي ألغيت نتائجها، وفاز فيها الحزب بـ 2 في المئة من أصوات الناخبين.
ورغم ضعف أداء حزبه في تلك الانتخابات إلا أن بن بلة اعترض على قرار إلغائها، واعترض بعد ذلك على حل جبهة الإنقاذ الإسلامية في مارس/آذار 1992 والتي كانت قد فازت في تلك الانتخابات.
كما اعتبر بن بلة أن المجلس الأعلى للدولة، الذي تشكل بعد إلغاء الانتخابات وإقالة الشاذلي بن جديد، غير شرعي. وبعد اندلاع أعمال العنف في الجزائر، كان من الداعين إلى المصالحة الوطنية، وقد غادر البلاد مجددا عام 1992 إلى سويسرا.
العودة والوفاة
رغم حظر حزبه عام 1997 إلا أنه عاد إلى الجزائر نهائيا في عام 1999.
وترأس بن بلة منذ عام 2007 مجموعة الحكماء في الاتحاد الافريقي.
وكان حاضرا عندما نصب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولايته الثالثة في أبريل/نيسان 2009.
وأدخل الرئيس السابق إلى المستشفى العسكري في الجزائر العاصمة مرتين خلال شهر مارس/آذار 2012 بعد تعرضه لوعكات صحية.
و في 11 أبريل/نيسان من عام 2012 توفي أحمد بن بلة في الجزائر العاصمة عن عمر يناهز 96 عاما.
وكان بن بلة يحظى بجاذبية كبيرة ويعد أحد رموز القومية العربية وحركة مناهضة الاستعمار العالمية.
واعتبر الرئيس الجزائري السابق واحدا من الزعماء الكبار الذين عملوا في اطار دول عدم الانحياز مثل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو والرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر ورئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو والزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ووقفوا بوجه “الامبريالية”.
[ad_2]
Source link