أخبار عاجلةالعلوم النفسية والتربوية والاجتماعية

طبيبة الإرشاد النفسي نادية الخالدي: الاحتفال بالطلاق بكل أشكاله ظاهرة طبيعية

مواطنون: ظاهرة غريبة على المجتمع ولها انعكاسات سلبية كثيرة
إذا حدث الطلاق يجب أن يتم بهدوء لصيانة العشرة ومراعاة مشاعر الطرفين والأبناء
بدلاً من أن يحتفل شخص بخراب بيته عليه أن يحترم الفترة التي أمضاها مع الطرف الآخر
شيء معيب أصبحنا نراه على السوشيال ميديا خصوصاً من النساء اللاتي ينجرفن وراء التقليد

تحقيق: ندى أبو نصر

هناك عوامل كثيرة تؤدي إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق، منها عدم التفاهم بين شريكي الحياة أو العنف المنزلي والخيانة الزوجية أو الرغبة في عدم الارتباط بالشراكة الزوجية وتحمل المسؤوليات بسبب واقع التغيرات المجتمعية وتأثير العلاقات الإنسانية والاجتماعية بمساوئ التطور التكنولوجي وتسبب وسائل التواصل في حدوث الانشقاق داخل كثير من الأسر.

ومع ارتفاع حالات الطلاق، بدأت تنتشر ظواهر غريبة ودخيلة على المجتمع، إذ تقوم كثير من النساء المطلقات حديثا بتنظيم حفلات فاخرة تكاد تشابه مراسم الزواج في التكاليف المادية بمناسبة الانفصال، والأغرب من ذلك يتم توزيع الدعوات ويكتب في الدعوة حفل طلاق، وهذا الأمر يعتبر ثقافة حديثة على مجتمعاتنا العربية والخليجية على وجه الخصوص، فهل هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعاتنا باتت شيئا طبيعيا ومقبولا لدى الناس أم شيئا غير مرغوب فيه بالأخص أن الطلاق في حال حصوله يجب أن يتم بهدوء واحترام وأن تصان أيام العشرة بين الزوجين، خاصة مع وجود أبناء فيما بينهم لكي لا يؤثر هذا على وضعهم النفسي فيما بعد.

وفيما يلي آراء بعض المواطنين والمقيمين عن مدى تقبلهم لهذه الظاهرة في المجتمع.

حيث قال علي دشتي: إن الظاهرة غريبة على المجتمع الكويتي ولها آثار وانعكاسات سلبية كثيرة، وفي حال حصل الطلاق يجب أن يتم بهدوء وبدون أي تشهير أو إقامة حفلات سواء من الطرفين وان يتم معرفة حقوق وواجبات كل طرف وان تصان العشرة والخبز والملح وان تصان مشاعر الطرفين والأبناء، فلا داعي إذا لم يستطيعوا الاتفاق والاستمرار في الزواج أن يكون هناك حقد أو كره وان يكون هناك حرب فيما بينهم.

بدورها، قالت أم حسين إن حفلات الطلاق «عيب» فهل من شخص يحتفل بخراب بيته، فإذا لم يستطيعوا الاستمرار في الزواج واصبحت الخلافات كثيرة فيصبح الطلاق ضرورة ولكن يجب ان يتم بهدوء ولا داعي لإقامة الاحتفالات وان يحترم كل شخص الآخر ويحترم السنوات التي امضوها مع بعض.

لا للتجريح

من جانبه، قال عادل صالح: لا أحد يحب أن يصل إلى الطلاق، ولكن في حال حصل الطلاق يجب أن يتم بهدوء وسلاسة، ولا يكون فيه تجريح من طرف للآخر وبالأخص عندما يكون هناك أبناء وهذا سيؤثر سلبيا على نفسيتهم وكما دخلوا بالمعروف يخرجون بالمعروف، وهذه ليست مناسبة للاحتفال وأنا أعتبر أن هذه الاحتفالات شيء مبالغ به ومعيبة.

بدورها، قالت سماح محمود: هذه الاحتفالات التي تقام بعد الطلاق شيء غير محبذ وحتى الأشخاص الذين يقولون إن هذه الاحتفالات تعبير عن ضغوط نفسية عاشها الزوج أو الزوجة أثناء الزواج، فهذا غير صحيح لأنه يجب كل منهم احترام مشاعر الشخص الآخر حتى لو قرروا الانفصال واحترام مشاعر أولادهم لأنهم هم الأهم في أي قرار ممكن أن نتخذه، ويجب مراعاة حالتهم النفسية وان يحافظ كل منهم على المودة والاحترام وعدم التشهير ببعض.

غيرة وتقليد

من جانبه، قال أحمد كامل: إن الاحتفال بالطلاق شيء جديد على مجتمعاتنا، وغالبا اصبحنا نراه من السيدات وهذا شيء معيب واصبحنا نراه بكثرة على السوشيال ميديا، ويشير إلى غيرة فيما بينهم، وأصبحت النساء يقلدن بعضهن،

وأنا برأيي الشخصي إنه في حال حصل الطلاق يجب أن يحافظ الطرفان على المودة والعشرة وأن ينفصلا بهدوء واحترام من دون أي مشاكل.

بدوره، قال حمدان الشمري: موضوع حفلات الطلاق جديد على مجتمعاتنا وهذا شيء مؤسف ومن أين أتت ولا يوجد مجتمع محافظ يستخف بهذه الطريقة بأن تقوم المرأة أو الرجل بالاحتفال، وهل يصحّ الاحتفال بخراب البيوت؟ والطلاق ممكن أن يحصل وهذه سنّة الحياة، ممكن أن يكون الطريق مسدودا وغير قادرين على الاستمرار في الزواج، وهذا طبيعي لكن يجب أن يتم بهدوء وأن يحافظ كل طرف على القيم والعادات والعشرة وبالأخص إذا كان هناك أبناء يجب أن نحترم مشاعرهم وألا نصل إلى الحقد والكره فتظل هي أم أولادي أو هو والد أولادي ويجب احترام هذا الشيء كثيرا.

من جانبها، قالت أم علي الخرس هذه ظاهرة غريبة وليست طبيعية، هل هي فرحة بالطلاق؟ ولنفرض حصل الطلاق لأسباب قاهرة وفي بعض الأوقات يكون أفضل من الاستمرار في الارتباط، لكن يجب أن يتم بهدوء من دون ضجة هذه أمراض نفسية وحب للشهرة تستطيعين أن تفرحي بينك وبين نفسك من دون هذه الضجة والتشهير والاحتفالات التي أصبحنا نراها على السوشيال ميديا والتي تدل على عدم وعي وعدم اتزان في الشخصية.

معالجة خلل

على الصعيد النفسي، أكدت طبيبة إرشاد نفسي وصحة نفسية نادية الخالدي أن الاحتفال بالطلاق بكل أشكاله ظاهرة طبيعية وخروج الشخص من تجربة فاشلة ليس من الخطأ أن يكافئ نفسه على خروجه من هذه التجربة السيئة التي قدم فيها وضحى الكثير، كما أن الاحتفال ليس مؤذيا نفسيا أو يسبب ضررا للمجتمع، بل ممكن أن يساعد الشخص سواء امرأة أو رجل على تخطي هذه المرحلة من حياته بغضّ النظر عن السبب في الطلاق، فالطلاق يحدث بعد خلل في الاختيار والحوار والتواصل، وأن احتفل بالخلاص من هذا الخلل فهذا شيء طبيعي والمجتمع مشكلته الأساسية والحقيقية هي في اختيار الشريك غير المناسب.

وأنا أرى أن الخطأ هو الافتخار أو التشجيع على الطلاق والذي هو آخر محطة من محطات الزواج مثل الموت الذي هو آخر محطة من محطات الحياة.

يفاقم المشاكل

من جهته، قال المستشار القانوني أحمد محمد رشوان إن مثل هذه الاحتفالات لا يجب النظر لها بسلبية كاملة ـ فهي تمثل ردة فعل يجب احتواؤها أكثر من إساءة فهمها ـ حيث إن المرأة بفطرتها تكره الطلاق ولا تريد خسارة حياتها وأطفالها وبيتها ولكن قد تكون خطوط التفاهم قد تعذرت سبل إصلاحها، ولذا تبدأ رحلة معاناة طويلة، وللأسف بعض الرجال لا يقدرون عاطفة المرأة وضعفها ما يجعلها تحاول الرد بطريقة أو بأخرى، وفي كل الأحوال يجب تفهم الأمر دون المبالغة فيه.

كما أن التآلف الزوجي مهم أن يؤسس له منذ البداية، في السنوات الثلاث الأولى من الزواج التي تعتبر أحرج مرحلة في العلاقة، يجب أن يكون هناك تفاهم وترسية أسس للعلاقة في إطار الاحترام المتبادل والحرص على حقوق الطرفين.

ومن جهتي، أتمنى ألا يترك الطرفان أي وسيلة لتدارك الأمر، ويمكن استشارة الخبراء في العلاقات الزوجية والاجتماعية لأنه قد يترتب على الانفصال مشاكل كبيرة جدا، خصوصا على الأطفال.

واشار رشوان إلى أن هناك نوعين من الطلاق يجب التفرقة بينهما، تختلف مبررات الاحتفال بهما، الأول يأتي بناء على رغبة من الزوج فتقوم الزوجة بالاحتفال حتى لا يشمت أحد فيها، وتعطي إيحاء للآخرين بأن الطلاق كان أمنية تحتفل بتحقيقها، ويكون الاحتفال في هذه الحالة هو تعويض نفسي عن الهزيمة، ورد فعل للإحساس بالفشل.

أما النوع الثاني وهو الأكثر شيوعا، فهو ما يحدث بناء على رغبة الزوجة ويأتي بعد سلسلة من القضايا في المحاكم رفعتها للحصول عليه، ويكون الاحتفال هدفة التعبير عن الفرحة، ولكنه تعبير غير سوي يتنافى مع قيم المجتمع وتقاليده، فضلا عن أن الأديان السماوية تأمرنا بالمعاشرة الطيبة أو الخروج بالمعروف ولا يمكن اعتبار حفلة الطلاق خروجا بالمعروف لأنها يغلب عليها الانتقام من الزوج المطلق، وأن من تقيم مثل هذه الحفلات هي تحب هذا الزوج لذلك تقترف هذه المكيدة حتى تثبت له أنها سعيدة بهذا الطلاق، ولابد للزوجين أن يراعيا حدود الله في التعامل وعلى الرجل مراعاة مشاعر الزوجة وحقوقها ونرى بعض الأزواج يظنون أن كل مسؤوليتهم تجاه زوجاتهم وأسرهم هي توفير متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس فقط، دون أدنى اهتمام بالحاجات المعنوية والنفسية للزوجة والأبناء.

وشدد رشوان على عدم إقرار هذا النوع من الحفلات حيث إنها تتنافى مع العادات والتقاليد الإسلامية والعربية وتزيد من حدة الأمور وقد تؤدي إلى تفاقم المشاكل بين أطراف العلاقة وإذا بحثنا وراء هذه السلوكيات الغريبة من بعض النساء فنجدها ما هي إلا تناقض ومشاعر نفسية متراكمة من أجل الانتقام من السنوات التي عاشتها في زواج فاشل وتعبير نفسي متناقض، وعوض عن الانكسار النفسي يحاولن أن يخرجن من أوضاعهن بهذا السلوك.

إن الاحتفال مرفوض وهو أمر مخالف ويتناقض مع ما جاء به الشرع وربما تحس معظم السيدات ممن يقمن بالاحتفال بالندم على هذا الفرح الزائف وتحس السيدات بأهمية قدسية الزواج وخسارة أكبر في حال وجود أبناء.

وأرى أن حل أزمة زيادة نسب الطلاق يكمن في «إيجاد حلول عملية لتدريب وتوعية الزوجين ليكونا قادرين على حفظ منظومة الزواج».

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى