هل إيران في طريقها لتحقيق هدف استراتيجي بخروج القوات الأمريكية من العراق؟
[ad_1]
- فرانك غاردنر
- مراسل الشؤون الأمنية – بي بي سي
بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان جاء دور العراق. فبعد زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للبيت الأبيض ومحادثاته مع الرئيس جو بايدن، تم الإعلان عن انسحاب جميع القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية هذا العام في إطار “الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق “.
ويتبادر إلى الأذهان سؤالان ملحان هما: ما تداعيات ذلك على الأرض، وهل يفتح هذا الباب أمام عودة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، الجماعة التي أرهبت معظم الشرق الأوسط واستقطبت مقاتلين جهاديين من أماكن بعيدة مثل لندن، وأستراليا؟.
بعد 18 عاماً من الغزو الأمريكي للعراق، لم يتبق للولايات المتحدة سوى 2500 جندي نظامي في العراق، بالإضافة إلى عدد محدود من القوات الخاصة التي تقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية”.
تتركز القوات الأمريكية حالياً في ثلاث قواعد فقط، وعددها شيء لا يذكر مقارنة بالقوة التي بلغ قوامها 160 ألفاً عند إحتلال العراق عام 2003.
مهمة القوات الأمريكية في العراقهي تدريب ومساعدة قوات الأمن العراقية التي لا تزال تقاتل بين الحين والآخر عناصر “تنظيم الدولة الإسلامية”. ورغم ذلك فإن الوجود العسكري الأمريكي في البلاد مثير للجدل.
الساسة والميليشيات المدعومة من إيران يريدون انسحاب هذه القوات خاصة بعد أن اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقائد البارز في المليشيا الشيعية العراقية أبو مهدي المهندسقرب مطار بغداد في كانون الثاني / يناير 2020.
وحتى العراقيون غير المنحازين لأي طرف يرغبون في رؤية بلادهم خالية من القوات الأجنبية، ففكرة الاحتلال الأجنبي تثير مشاعر العراقيين أكثر من أي شيء آخر.
وهذا الموقف محط رضا البعض في واشنطن شريطة ألا يؤدي ذلك إلى “تسليم العراق لإيران”.
لطالما حاولت الولايات المتحدة وضع حد لما يسميه الرئيس بايدن بـ “الحروب اللانهائية” في الشرق الأوسط.
ومن هنا جاء الانسحاب المتسارع للقوات الأمريكية من أفغانستان، حيث توجه الولايات المتحدة وحلفاؤها اهتمامهم بشكل متزايد نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي.
النسخة الثانية من الدولة الإسلامية
هناك شبح عودة داعش الى الحياة و أن يكرر التاريخ نفسه. في عام 2011 ، أعلن الرئيس باراك أوباما أن القوات الأمريكية ستنسحب من العراق.
وعلى الرغم من بقاء عدد قليل منها هناك منذ ذلك الحين، إلا أن هذا الانسحاب خلق جنباً إلى جنب مع وضع سياسي عراقي داخلي مضطرب وحرب أهلية مزدهرة عبر الحدود في سوريا التربة المثالية لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية المطاف على الموصل، المدينة الثانية في العراق، ثم السيطرة على أراض بحجم دولة أوروبية.
هل يمكن أن يحدث هذا الآن مرة أخرى؟ هل يمكن للنسخة الثانية من داعش أن يهزم الجيش العراقي الذي يفتقر للروح القتالية والمحروم من الدعم الأمريكي؟ إنه احتمال ضئيل جداً ولعدة أسباب.
أستفاد تنظيم الدولة الإسلامية في ذلك الوقت من السخط الهائل الذي شعر به المسلمون السنة في العراق تجاه الحكومة الشيعية ذات النزعة الطائفية برئاسة نوري المالكي.
حكم المالكي البلاد من عام 2006 إلى 2014 وحرم السنّة خلال تلك الفترة بشكل منهجي من حقوقهم، ودفع الكثيرين منهم إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يتنظر الظرف المناسب.
المعادلة السياسية اليوم، على الرغم من أنها بعيدة عن الكمال، أكثر قبولا لدى الجماعات العراقية المتنافسة.
ومنذ هزيمة التنظيم، أنفقت الولايات المتحدة وبريطانيا الكثير من الوقت والجهد في تدريب القوات العراقية، ومن المقرر أن يستمر هذا التدريب بدعم منحلف الناتو.
ويبدو أن التفكير الاستراتيجي لقيادة التنظيم أو ما تبقى منها، يركز بشكل أكبر على استغلال المساحات غير الخاضعة للحكم في إفريقيا وأفغانستان بدلاً من محاربة قوات الأمن المسلحة تسليحاً جيداً في قلب البلدان العربية.
يقول اللواء بين باري، الضابط السابق بالجيش البريطاني والخبير في الشؤون الدفاعية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “يبدو أن هجمات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يمكن احتواءها من قبل القوات الحكومية العراقية، ولكن بدون تفاهم سياسي مع السنة العراقيين فإن الأسباب الجوهرية للتمرد ستظل باقية”.
كان تنظيم الدولة الإسلامية قادراً على تنفيذ حملة خاطفة ناجحة في جميع أنحاء المنطقة في صيف عام 2014 ، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الغرب كان قد أبعد أنظاره عن المشهد العراقي.
ثم استغرق الأمر خمس سنوات طويلة من تحالف يضم 80 دولة ومليارات الدولارات لهزيمة التنظيم ولا أحد يريد أن يرى تكرار ذلك السيناريو مرة أخرى.
لذلك على الرغم من الانسحاب الأمريكي وإمكانية بقاء أعداد صغيرة من القوات الأمريكية في العراق، سيراقب الغرب ليرى ما إذا كان تنظيم الدولة الإسلامية أو أي مجموعات جهادية أخرى ستستخدم العراق كنقطة انطلاق لتنفيذ هجمات عابرة للحدود، خاصة في الغرب.
“إذا اكتشفت الولايات المتحدة أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق يستعد لشن هجوم على المصالح الأمريكية خارج العراق، فمن المحتمل أن توجه واشنطن ضربات للتنظيم من جانب واحد”.
يقول باري: “ومع وجود إمكانات كبيرة قريبة وبعيدة عن الشاطئ في الخليج، فإن البنتاغون لديه بالتأكيد الوسائل اللازمة للقيام بذلك”.
لعبة النفس الطويل
الصورة الأكبر على المدى البعيد هنا أن الأمور تتحرك لمصحلة إيران. فمنذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 تحاول إيران طرد القوات الأمريكية من الدول المجاورة لها لكي تصبح هي القوة المهيمنة في المنطقة.
لم تحقق إيران نجاحاً كبيراً في دول الخليج العربي حيث يتعمق انعدام الثقة بطهران وحيث يمتلك الجيش الأمريكي منشآت في جميع الدول الست، بما في ذلك مقر الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين.
لكن الإطاحة بنظام صدام حسين، بقيادة الولايات المتحدة في العراق في عام 2003، أزال العقبة الأكبر أمام التوسع الإيراني، ولم تفوت طهران هذه الفرصة منذ ذلك الحين.
لقد نجحت إيران في دمج المليشيا الموالية لها في المؤسسة الأمنية العراقية، كما أن لحلفائها صوت وحضور قوي في البرلمان.
الحرب الأهلية السورية فتحت الباب أمام وجود عسكري إيراني قوي هناك، في حين أصبح حزب الله اللبناني حليف إيران في البلد المجاور لبنان، أقوى قوة في البلاد.
وتلعب إيران لعبة طويلة الأمد، إذ يأمل قادتها أنه إذا استمر الضغط بشكل علني أو سريً على الوجود الأمريكي في المنطقة ستصبح منطقةالشرق الأوسط في نهاية المطاف منطقة لا تستحق عناء استمرار الوجود العسكري الأمريكي فيها حسب المنظور الأمريكي.
ومن هنا جاءت الهجمات الصاروخية المتكررة على القواعد الأمريكية ودعم إيران للاحتجاجات المدنية التي تطالب بمغادرة القوات الأمريكية.
الاتفاق الذي تم بموجبه وضع نهاية لوجود القوات لقتالية الأمريكية في العراق سينظر إليه من قبل الكثيرين في طهران على أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
[ad_2]
Source link