ملك الرواية اللبنانية جبور الدويهي | جريدة الأنباء
[ad_1]
بيروت – ناجي شربل
كان المسار المنطقي يشير الى قراءة نقدية لجديد جبّور الدويهي “سمّ في الهواء” عن “دار الساقي”، والتي نزلت الى الأسواق منذ فترة.
الا ان الكاتب الزغرتاوي – الأهدني، دفعنا الى الكتابة عن رحيله، في موعد استجد من خارج جدول اليوميات الممتدة بيننا منذ 2014، وقبلها يوم تعرفت اليه عبر “مطر حزيران”، التي دفعتني الى الغوص في كل أعماله التي سبقتها والتي تلتها.
نال المرض الخبيث من الدويهي قبل موعد صعوده السنوي الى إهدن لتمضية فصل الصيف، والتوجه مرتين يومياً الى فندق “بيلمونت” والجلوس مع الأصحاب وبينهم من يقصد تلك البلدة للتمتع بهوائها “الغير شكل”.
عن زهاء 73 سنة غادرنا جبّور الدويهي الذي استحق عن جدارة لقب “روائي الحياة اللبنانية”.
هو استاذ اللغة الفرنسية المتقاعد من الجامعة اللبنانية، والذي برع في الرواية بلغة الضاد. لا يحتاج المرء الى محرّك بحث لنبش معلومات عنه، اذ تكفي مجالسته لتعرف كل شيء عن رجل يجاهر بمواقفه ولا يهاب الموانع.
كان الموعد مع العمل العاشر بعد “الموت بين الأهل نعاس” (سلسلة قصص)، و”اعتدال الخريف”، و”ريّا النهار”، و”عين وردة”، و”مطر حزيران”، و”شريد المنازل”، و”حيّ الاميركان”، و”طبع في بيروت”، و”ملك الهند”.
كان الموعد مع “سمّ في الهواء”، لكننا تجرعنا كأس موته، هو الذي أدار الأمور بالطريقة التي أراد دائماً.
لم يبدّل من قناعات سياسية ويوميات أبرزها تمضية وقت في المقاهي برفقة أصدقاء أبرزهم فارس ساسين. كاتب قريب من قرائه، يتواصل معهم مباشرة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
روائي خرج من حلقة بلده اذ ترجمت أعماله الى لغات عدة، وكان رياداً في التعامل مع وكيل أدبي، حتى بات أحد قلّة من الكتّاب يحققون عائدات من أعمالهم، وخصوصاً تلك التي تباع في الخارج.
عمله قبل الأخير “ملك الهند” لم يعرض في معرض الكتاب بنسخته الأخيرة في ديسمبر 2018، اذ اختار إنزاله الى الأسواق بعد المعرض متكلاً على قدرته على البيع، وهذا دليل ثقة صاحب كافة أعماله التي احتاجت طبعات إضافية.
روائي الحياة اللبنانية لم يفز بجائزة “بوكر” للرواية العربية، إلا انه جمع قيمتها المادية الخاصة بالمرتبة الأولى من خلال بلوغ كتبه ثلاث مرات لائحة الرواية القصيرة، وإن كانت “ملك الهند” تستحق التتويج في نسخة 2020، وقبلها “مطر حزيران”.
كتب في الحياة اللبنانية متنقلاً بين زغرتا وطرابلس وبيروت، وكانت له أمكنة من اختراعه بينها “عين وردة” و”تل صفرا”. وهو الذي اعتمد في كتاباته تحديد الأمكنة ثم إسقاط الأشخاص عليها. وسرد حكايات معيشة في واقعنا تخص عائلات وأفراد، بأسلوب سلس وأنيق، وترك لعملين وأكثر إمكانية المتابعة بجزء ثانٍ لم يكتبه مثل “عين وردة” و”طبع في بيروت” وملك الهند”.
ارتفعت وتيرة انتاجه في العقد الثاني من القرن الحالي، فبات يستريح بعد كل عمل، ويباشر بعد أقل من سنة الشروع في عمل جديد. وتبدّل عليه الانتقال من القلم الرصاص الى استخدام لوحة المفاتيح في حاسوبه النقال.
بين مقاهي أهدن وزغرتا وطرابلس ومجمع “أ ب ث” الأشرفية، تنقل حاملاً أوراقه. جلسة قهوة في مقهى تستمر ثلاث ساعات تتخللها الكتابة، وبعدها الغداء مع أصدقاء يتوزعون على جداول ليجلس مع العدد الأكبر منهم.
يمضي “ملك الرواية اللبنانية” بموعد لا عهد لنا به. اختار الرحيل تاركاً أعماله في المكتبات وفي متناول الأجيال من لبنانيين مقيمين وفي بلدان الانتشار وقراء عرب وأجانب.
سأفتقدك في كل شيء، من الصخب في النقاش السياسي بين طرفي مغناطيس، الى الحديث عن روائع الكتاب العالميين، ومن يعجبك من العرب وبينهم السوداني حمور زيادة.
لطالما كنت أقول بكل ثقة ان “عين وردة” هي الأجمل، ولم أكن أحظى بردة فعل منك.
واليوم أخاطبك مودعاً ومواعداً إياك بمراجعة “سمّ في الهواء” وبالمواظبة على القراءة.
أنهي بمقارنة بينك وبين استاذي الراحل ادمون صعب الذي رحل قبل صدور رائعته “مسيرة عمر مع غسان تويني”.
لا شك أن أعمالك تتوج مسيرة زاخرة في عالم الرواية اللبنانية. مسيرة كيف لها ان تنتهي، وإن كانت المحطة الأخيرة في اهدن.
[ad_2]
Source link