الفاتيكان: قصة الدولة الأصغر مساحة وسكانا، ذات التأثير الروحي الأكبر في العالم
[ad_1]
بسبب قانون يناقشه البرلمان الإيطالي حاليا يتصاعد خلاف بين الفاتيكان والحكومة الإيطالية، فقد احتج الفاتيكان لدى إيطاليا مؤخرا على مشروع قانون بشأن رهاب المثلية يناقش حاليا في البرلمان.
وسيعاقب مشروع قانون “زان” التمييز والتحريض على العنف ضد مجتمع المثليين والعابرين جنسيا، وكذلك النساء والأشخاص ذوي الإعاقة.
ويرى الفاتيكان أن مشروع القانون سيحد من الحريات الدينية التي تضمنتها بعض المعاهدات. وبموجب العقيدة الكاثوليكية، فإنه يشار إلى العلاقات المثلية “بالسلوك المنحرف”.
وفي المقابل، شدد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي على أن “بلادنا دولة علمانية وليست دينية ولديها برلمان من المؤكد أنه يتمتع بحرية المناقشة والتشريع”، في تحذير مبطن للفاتيكان من التدخل في المناقشة البرلمانية.
ويسلط هذا الخلاف الضوء على طبيعة العلاقة بين الفاتيكان وإيطاليا، ويسلط الضوء أيضا على العلاقة بين الفاتيكان والعالم.
فما هي حكاية الفاتيكان مع إيطاليا والعالم؟
في 7 يونيو/حزيران من عام 1929، اعترفت الحكومة الإيطالية الفاشية بالسيادة المستقلة لمدينة الفاتيكان في معاهدة لاتران حيث يمارس البابا السيادة عند انتخابه رئيسا لكنيسة الروم الكاثوليك ويتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية مطلقة داخل مدينة الفاتيكان، بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وقد تم توقيع تلك المعاهدة في عهد الزعيم الفاشي، بنيتو موسوليني، وفيكتور إيمانويل ملك إيطاليا، والبابا بيوس الحادي عشر.
وتعد مدينة الفاتيكان أصغر دولة مستقلة في العالم ومقر القيادة الروحية لكنيسة الروم الكاثوليك.
وتُحيط العاصمة الإيطالية روما بأراضيها من كل الجوانب، ويشكل الكهنة والراهبات من العديد من الجنسيات جميع السكان تقريبا.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن مدينة الفاتيكان جيب في العاصمة الإيطالية روما، ولا تزيد مساحتها عن 44 كيلومتر مربع فقط، وتقع على الضفة الغربية لنهر التيبر.
وتشكل أسوار مدينة الفاتيكان، التي تعود للقرون الوسطى وعصر النهضة، حدودها باستثناء الحدود الجنوبية الشرقية في ساحة القديس بطرس (ساحة سان بيترو)، وهناك 3 مداخل فقط من بين مداخلها الستة مفتوحة للجمهور.
وتحيط بمدينة الفاتيكان العديد من المباني المهيبة، ومن بين هذه المواقع كاتدرائية القديس بطرس، وهي موقع للحج، وقد شُيدت خلال القرن الرابع وأعيد بناؤها خلال القرن السادس عشر. وهي المبنى الأكثر روعة في المدينة فقد تم تشييدها فوق قبر القديس بطرس الرسول، وهي ثاني أكبر مبنى ديني (بعد كنيسة ياموسوكرو) في العالم المسيحي.
وتضم المتاحف والمعارض الفنية الخاصة بالفاتيكان مجموعات فنية لا تقدر بثمن.
ويبلغ عدد سكان دولة الفاتيكان حوالي 800 شخص فقط غالبيتهم من من الكهنة والراهبات وهناك أيضا عدة مئات من الأشخاص العاديين الذين يعملون في وظائف السكرتارية والوظائف التجارية والخدمية.
وتمتد الامتيازات الخاصة للفاتيكان خارج الحدود الإقليمية للمدينة لتشمل أكثر من 10 مبانٍ أخرى في روما، فضلا عن قلعة غاندولفو، المقر الصيفي للبابا في منطقة ألبان هيلز، بالإضافة إلى ذلك، للفاتيكان سفارات في العديد من دول العالم.
وتحتوي مكتبة الفاتيكان الرسولية على مجموعة لا تقدر بثمن تضم 150 ألف مخطوطة، والعديد منها من عصور ما قبل المسيحية وأوائل المسيحية، و 1.6 مليون كتاب مطبوع.
وتنشر مدينة الفاتيكان جريدتها اليومية المؤثرة، لوبزارفاتوري رومانو، ويمكن لمطابعها طباعة الكتب والنشرات بـ 30 لغة تتراوح من اللغة الجورجية الكنسية القديمة إلى التاميل الهندية.
وينتج الفاتيكان منذ عام 1983 برامج تلفزيونية خاصة به، ويتم سماع برامجه الإذاعية بنحو 40 لغة في أجزاء كثيرة من العالم، وتم تصنيف مدينة الفاتيكان كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1984.
ويوجد في مدينة الفاتيكان نظام هاتف خاص بها، ومكتب بريد، وحدائق، ومرصد فلكي، ومحطة إذاعية، ونظام مصرفي بالإضافة إلى فرقة من الحرس السويسري المسؤولة عن السلامة الشخصية للبابا منذ عام 1506.
وتستورد المدينة جميع الإمدادات تقريبا بما في ذلك الطعام والمياه والكهرباء والغاز، ولا توجد ضريبة دخل ولا قيود على استيراد أو تصدير الأموال. وبصفتها الكرسي الرسولي، فإنها تستمد دخلها من المساهمات الطوعية لأكثر من مليار من الروم الكاثوليك في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن الفائدة على الاستثمارات وبيع الطوابع والعملات المعدنية والمطبوعات.
واللغة الرسمية في الفاتيكان هي اللاتينية، وتعد الإيطالية لغة رئيسية هناك.
خلفية تاريخية
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الفاتيكان سيطر خلال الفترة من القرن الرابع إلى عام 1870 على الأراضي المحيطة بروما التي كانت عاصمة للدولة البابوية في ذلك الوقت.
وتعد دولة مدينة الفاتيكان الحالية منطقة صغيرة جدا عند مقارنتها بالدولة البابوية الواسعة في وسط إيطاليا، والتي احتلتها قوات توحيد إيطاليا في منتصف القرن التاسع عشر.
ثم أصبح الباباوات “سجناء في الفاتيكان”، غير مستعدين لمغادرة حدود القصر الرسولي حتى عام 1929، عندما تفاوضت الحكومة الفاشية الإيطالية على معاهدة لاتران التي أنشأت الدولة المصغرة الحالية.
البابا والكرادلة
يعد قصر الفاتيكان مقر إقامة البابا داخل أسوار المدينة، ويطلق اسم الكرسي الرسولي على حكومة كنيسة الروم الكاثوليك التي يقودها البابا كأسقف روما.
ويصوت مجمع الكرادلة، الذين يعرفون باسم “أمراء الكنيسة”، على انتخاب البابا. وهذا المجمع هو أعلى هيئة استشارية في الكرسي الرسولي ويضم جميع الكرادلة الناخبين أي الذين تقل أعمارهم عن 80 عاما، وقد شارك 115 من الكرادلة من جميع أنحاء العالم في انتخاب البابا في عام 2013.
وانتخب الكرادلة أول بابا من أمريكا اللاتينية في مارس/آذار من عام 2013، واختاروا الكاردينال رئيس الأساقفة خورخي ماريو بيرغوليو من العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس خلفا للبابا بنديكتوس السادس عشر، الذي استقال بسبب اعتلال صحته بعد 8 سنوات من الجلوس على الكرسي البابوي.
وكان عمر البابا فرنسيس 76 عاما لدى انتخابه، مما أدى إلى إرباك التوقعات بأن الكرادلة سيختارون مرشحا أصغر سنا لقيادة الكنيسة الكاثوليكية خلال التحديات العديدة التي تواجهها.
وعلاوة على ذلك، فإن لديه رئة واحدة فقط، مما أثار الشكوك حول قدرته على تحمل عبء هذا المنصب الصعب.
لكن كانت لديه جاذبية واسعة في مجمع الكرادلة كونه محافظا بشأن المثلية الجنسية ولكنه ليبرالي في قضايا اجتماعية مثل الفقر وعدم المساواة.
وهكذا أصبح البابا فرنسيس الأول هو البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
وتعمل “الكوريا” إلى جانب البابا، وهي الجهاز الإداري والتنفيذي والاستشاري الذي يساعد البابا على إدارة مهامه المختلفة.
وقد أمر البابا فرنسيس مؤخرا بتخفيض رواتب الكرادلة، ورجال دين آخرين، في وقت يواجه الفاتيكان قصوراً في ميزانيته، جراء وباء كوفيد-19.
وأعلن الفاتيكان أنّ نسبة 10 في المئة ستقتطع من رواتب الكرادلة. ويرجح أنّ راتب الكاردينال يبلغ نحو 6 آلاف دولار في الشهر، فضلا عن أنّه يتاح له العيش في مساكن مدعومة.
ويتوقع الفاتيكان أن يبلغ العجز في دفاتره المالية نحو 50 مليون يورو هذا العام، بعدما ألحق الوباء ضرراً كبيراً في مداخيله السياحية، مع إقفال المتاحف وغيرها من المقاصد الدينية.
وكان البابا قد أعلن في السابق أنه لا يريد طرد موظفين خلال هذه الفترة الاقتصادية الصعبة.
ويعيش الكرادلة الذين يتخذون من الفاتيكان مقراً لهم، داخل مدينة الفاتيكان نفسها، أو في شقق كبيرة في روما، تؤجّر لهم ببدلات أقل من أسعار السوق. بينما يقيم الكهنة والراهبات العاملون في الفاتيكان داخل أديرة أو جماعات دينية، تؤمّن لهم حماية أكبر خلال الركود الاقتصادي.
في المقابل، يقيم موظفو الفاتيكان ممن هم خارج السلك الديني، مثل عناصر الشرطة، وعمال التنظيف والصيانة، في روما، ويواجهون نفقات معيشية أعلى.
ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم الفاتيكان أنّ التخفيضات في الرواتب لن تطال معظم هؤلاء الموظفين.
وخلال الإجراءات الصحية التي فرضها تفشي فيروس كورونا، أغلقت أشهر الوجهات السياحية في الفاتيكان أبوابها أمام الزوار، وفي مقدمتها كاتدرائية القديس بطرس، إلى جانب المتاحف التي لم يفتح بعضها أبوابه إلا بشكل جزئي، معظم العام الماضي.
وكان كبير المسؤولين الاقتصاديين في الفاتيكان قد حذر مؤخرا من أن الكرسي الرسولي قد يضطر لاستخدام 40 مليون يورو من احتياطه المالي، للعام الثاني على التوالي، نتيجة تفشي فيروس كورونا. ومن المتوقع أن تنخفض مداخيله لهذا العام بنحو 30 في المئة عن سنة 2020.
تجدر الإشارة إلى أنّ البابا أصدر العام الماضي، قانونا يهدف إلى تعزيز شفافية الفاتيكان المالية، عقب سلسلة فضائح في مصرف الفاتيكان، وادعاءات بسوء الإدارة.
سلطة روحية عالمية
تمتد سلطة الكرسي الرسولي على الكاثوليك في جميع أنحاء العالم.
ويقدر عدد المنتمين للكنيسة للكاثوليكية حول العالم بـ1.3 مليار شخص، بحسب إحصاءات الفاتيكان، وأكثر من 40 في المئة منهم يعيشون في أمريكا اللاتينية، لكن أفريقيا شهدت أكبر تزايد في عدد أفراد الكنيسة خلال السنوات الأخيرة.
ويصل عدد الكاثوليك في أمريكا اللاتينية نحو 500 مليون شخص وهم يمثلون أكثر من 40 في المئة من إجمالي عدد الكاثوليك حول العالم، وهناك 4 دول في أمريكا اللاتينية من بين الدول العشر الأعلى في العالم من حيث السكان الكاثوليك.
ويوجد في البرازيل أعلى نسبة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية مقارنة بأي دولة أخرى، ويتجاوز عددهم 150 مليون شخص، بينما تضم إيطاليا أكبر عدد من الكاثوليك في أوروبا ويصل عددهم إلى 57 مليونا، في حين يوجد في الكونغو الديمقراطية أعلى عدد من السكان الكاثوليك في أفريقيا وتحتل الكونغو المركز التاسع على مستوى العالم بنحو 36 مليونا شخص.
ومنذ عام 1970، شهد انتشار الكاثوليكية نقطة تحول عالمية ناحية الجنوب، حيث تراجعت نسبة الكاثوليك الذين يعيشون في أوروبا بينما شهدت أفريقيا نموا في عدد الكاثوليك من 45 مليونا في عام 1970 إلى 176 مليونا عام 2012. وشهدت آسيا نموا أيضا بلغت نسبته نحو 12 في المئة من إجمال عدد السكان الكاثوليك في العالم، أو نحو 137 مليون شخص.
[ad_2]
Source link