قصة محمية طبيعية وسط المدينة تضم عشرات الطيور والحيوانات النادرة في نيوزيلندا
[ad_1]
- رينا ديان كابالار
- بي بي سي
خلال الأعوام الثلاثين الماضية تم تحويل منطقة في قلب العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون، إلى بقعة من بقاع الحياة البرية. وقد جرى ذلك بنجاح بلغ حد أن يجأر سكان المناطق المجاورة بالشكوى من الضجيج والصخب، اللذين تُحْدثهما الطيور النادرة التي تعيش في تلك البقعة. لكن ما يحدث في هذه المنطقة، لا يشكل سوى المرحلة الأولى، من مراحل خطة طويلة الأمد بشكل كبير، ترمي لتعزيز معالم الحياة البرية في المدينة.
كان بوسعي وأنا أسير في أحد الممرات المتعرجة في منطقة “زيلانديا”، تلك المحمية البيئية الواقعة في العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون، أن أشم رائحة الأرض التي لا تزال مبتلة بفعل هطول الأمطار عليها الليلة الماضية، وأن تتناهي إلى مسامعي أصوات الطيور وهي تقرقر وتزقزق وتغني، كما شعرت وقتذاك ببرودة طفيفة، تعتري جسدي بفعل النسيم البارد.
في هذه اللحظة تحديدا، وقعت عيناي عليه: ما بدا شريطا أصفر اللون، يهبط على فرع شجرة عالية. إنه أحد طيور “الإسطيش” الغريدة، التي يماثل حجم الواحد منها حجم العصفور. وبلغة الماوري؛ يُعرف الطائر المنتمي لهذه الفصيلة، بـ “هيهي”، وهو اسم يشير إلى أشعة الشمس.
ويشكل “هيهي”، أحد أندر الطيور في نيوزيلندا، ويمثل الحفاظ عليه قصة نجاح لا شك فيها لمحمية ” زيلانديا”، التي تضم نحو مئة منه في طور النضوج، وهو أكبر عدد من طيور هذه الفصيلة، يوجد على اليابسة في أي مكان في العالم. فتلك الفصيلة مهددة بالانقراض، وقد اختفت من البر الرئيسي لنيوزيلندا، في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وبات وجودها محصورا على جزيرة تحمل اسم “ليتل بارير آيلاند”، تقع قبالة السواحل الشمالية الشرقية لجزيرة “نورث آيلاند”، وهي إحدى جزيرتيْن رئيسيتيْن تتألف منهما نيوزيلندا. وفي عام 2005، تم نقل هذه الطيور إلى “زيلانديا”، حيث تتكاثر هناك منذ ذلك الحين عاما تلو الآخر باستمرار.
وبجانب أكثر من 40 من أنواع الطيور المحلية، التي تضمها هذه المحمية، يوجد هناك أيضا عشرات من الكائنات المهددة بالانقراض بشدة، والتي تتنوع ما بين الزواحف والضفادع والحيوانات اللا فقارية. كما تضم “زيلانديا”، مئات من النباتات والأشجار المحلية. وتقع هذه المحمية في وادٍ بمنطقة كاروري، وهي ضاحية تقع على بعد لا يتجاوز 10 دقائق بالسيارة، من البرلمان النيوزيلندي، ما يجعلها مختلفة عن سواها من المحميات، التي توجد عادة في جزر مقابلة للسواحل أو في قلب غابات أو مناطق ريفية.
على أي حال، هناك الكثير من الأدلة، التي تشير إلى الفوائد الناجمة، عن وجود مساحات خضراء في جنبات المدن. وتتنوع هذه الفوائد، ما بين تحسين الصحة البدنية والذهنية للمرء وتعزيز شعوره بالسعادة، وامتصاص الكربون من الهواء، وتقليل خطر حدوث الفيضانات، وتقليص تأثير ما يُعرف بـ “الجزر الحرارية الحضرية”، وهو مصطلح يشير إلى حقيقة أن المناطق الحضرية والمدن الكبرى، تكون أكثر دفئا من البقاع الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها.
وقد أصبح وجود المساحات الخضراء وسط المناطق الحضرية أكثر أهمية، في ضوء التقديرات التي تفيد بأنه من المتوقع أن يعيش ثلثا سكان العالم تقريبا في المدن بحلول عام 2050. وفي الوقت الحاضر، يعيش 87 في المئة من سكان نيوزيلندا بالفعل في مناطق حضرية.
وتعقيبا على ذلك، تقول الخبيرة في مجال البيئة مارغريت ستانلي، وهي كذلك أستاذة مشاركة في كلية العلوم البيولوجية بجامعة أوكلاند: “في وقت تصطبغ فيه حياتنا بطابع حضري أكثر فأكثر؛ أصبحنا بحاجة لمد الجسور بين الناس والطبيعة. وكلما حدث ذلك، أصبح هؤلاء أكثر إدراكا لقيمة الطبيعة”.
ويمكن أن يُعزى ثراء “زيلانديا” على صعيد التنوع البيولوجي، إلى السياج المضروب حولها، والبالغ طوله 5.3 ميلا (8.6 كيلومترا)، والذي يرمي لمنع الحيوانات المفترسة من دخول هذه المحمية، التي تصل مساحتها إلى 225 هكتارا (556 فدانا).
فقد عكفت مجموعة من المسؤولين عن الحفاظ على الحياة البرية والمهندسين والعلماء، على تصميم هذا السياج واختباره لكي يلائم الوضع في نيوزيلندا. وحرص هؤلاء على جعله مرتفعا بما يكفي، لمنع الحيوانات الثديية المجلوبة من خارج البلاد، والتي تستطيع افتراس المخلوقات الموجودة داخل المحمية، مثل حيوانات “ابن مقرض” و”الأبسوم”، من تسلق السياج أو القفز من فوقه. كما جرى تزويده بجدار شبكي سلكي، للحيلولة دون دخول الآفات والحيوانات والحشرات المؤذية التي يصل حجمها إلى حجم فأر، فضلا عن وضع استحكامات تحت الأرض، لمنع الجرذان وغيرها من الحيوانات من الحفر، أسفل هذا السياج.
وعقب بناء ذلك السياج عام 1999، جرى القضاء على الآفات في المحمية. وبعد عام من ذلك، أُعْلِنَت “زيلانديا” خالية من أي حيوانات مفترسة. ومنذ ذلك التاريخ، أُعيد إدخال أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات إلى هذه المنطقة، وشهدت كذلك تكاثر أنواع أخرى بشكل طبيعي فيها.
ويقول الرئيس التنفيذي للمحمية بول أتكينز: “أدى خلقنا لمنطقة لا تضم أيا من الثدييات المفترسة، إلى إيجاد ملاذ آمن (للحيوانات الموجودة في المحمية). وقد رصدنا تزايدا سريعا في أعداد الطيور، التي كانت من قبل على شفا الانقراض في منطقة” ويلينغتون.
ويمكن القول إن محمية “زيلانديا” تشكل نموذجا مثاليا لـ “المختبر المفعم بالحياة”، الذي يمكن أن يمثل نعمة حقيقية للقائمين على الدراسات والأبحاث المتعلقة بسبل الحفاظ على الكائنات الحية من الانقراض، حتى وإن كان يقع في قلب إحدى المدن. وتشير الخبيرة مارغريت ستانلي في هذا الصدد، إلى أن هذه البقعة أصبحت بمثابة “مكان يمكن أن يشهد تجربة الأساليب الخاصة، بإعادة أعداد الكائنات المهددة بالانقراض، إلى ما كانت عليه في السابق، وهو أمر مهم من شأنه تعزيز الجهود التي تُبذل خارج مثل هذه المحميات، للحفاظ على البيئة والطبيعة. فضلا عن ذلك، توفر تلك المحمية، الفرصة للعامة لكي يروا بأنفسهم الجهود البحثية، وهي تجري على أرض الواقع”.
علاوة على ذلك، من اليسير إدارة وحماية هذه المحميات البيئية، نظرا لأنها مكرسة للنباتات والحيوانات، لكي تعيش فيها وتتكاثر وتزدهر. كما تشكل تلك المحميات، طريقة هادفة لاختبار فكرة إيجاد بقعة من الحياة البرية، وسط منطقة حضرية.
وفي هذا السياق، تقول كيري جوي والاس الخبيرة في مجال البيئة الحضرية والباحثة في معهد البحوث البيئية في جامعة وايكاتو النيوزيلندية: “عندما يجول الناس في الأحياء التي يعيشون فيها؛ ربما يرون الأشجار أو يسمعون أصوات الطيور، غير أنهم لا يفكرون عادة في أن هذه اللحظة تشكل معايشة من جانبهم للطبيعة بشكل فعلي، وهو ما يجعل مثل هذه التجارب تتسم بطابع سلبي. لكن مع وجود المحميات البيئية، يتسنى للناس زيارة جيوب الطبيعة هذه، ومعايشتها بشكل فعال”.
لكن إقامة مثل هذه المحميات، ليس بالأمر الممكن في كل مدن العالم، إذ يمكن أن تكون هذه المدينة أو تلك، تفتقر لمساحات خضراء شاسعة، أو لا يوجد لدى المسؤولين المحليين فيها الوقت الكافي لتحويل إحدى مناطقها إلى محمية بيئية، أو يفتقرون للأموال والموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف، وجعل مثل هذه المنطقة خالية من الحيوانات المفترسة.
وترى ستانلي أنه يمكن في هذه الحالة، الاستعاضة عن المحميات المُسيّجة، بإقامة “ممرات تكسوها النباتات في مختلف أنحاء المدينة، وهو ما يجعل معالم الطبيعة موزعة في كل مكان، لا محصورة في بقعة واحدة. ويفيد ذلك لا في زيادة التنوع البيولوجي في المدينة فحسب، بل يسهم كذلك في إيجاد رابطة بين الطبيعة ومجموعات من السكان، ممن يفتقرون للقدرة على التواصل مع الطبيعة في المعتاد”.
وينطبق ذلك بشكل خاص، على التجمعات السكنية المحرومة من الخدمات، التي تعاني عبر التاريخ من محدودية الغطاء النباتي في المناطق التي تعيش فيها، أو على السكان محدودي الدخل، الذين قد تعوزهم الأموال اللازمة، لدفع رسوم دخول الحدائق أو المحميات الطبيعية.
كما يؤدي تعميم معالم الطبيعة والحياة البرية على المدينة بأكملها، إلى توسيع نطاق تأثير خطوات مثل هذه، لا جعل ذلك التأثير قاصرا على منطقة واحدة أو بضع مناطق، كما يحدث في حالة تكريس الموارد والاهتمام لإقامة محميات بيئية. فتركيز الاهتمام على مثل هذه المحميات، يمثل – كما تقول والاس – تعزيزا لفكرة “انفصال الطبيعة عن البشر. كما أن الفوائد المترتبة على ذلك، تقتصر على بقعة واحدة، ولا ينعم بها سوى الأشخاص الذين يزورون المحمية، أو يعيشون في المناطق المحيطة بها”.
وفي الوقت الحاضر، تتواصل عمليات صيانة السياج المحيط بـ “زيلانديا”، بما يشمل التجهيزات الخاصة بمراقبة الفئران، ورصد عمليات الاقتحام التي تحدث بين الحين والآخر للمحمية، من جانب مخلوقات مثل حيوانات “ابن عرس” و”القاقم”.
من جهة أخرى، لا تزال عملية إعادة النظام البيئي، إلى ما كان عليه في الماضي بداخل المحمية، أولوية بالنسبة للقائمين عليها، وذلك لضمان تكاثر وازدهار كل الأنواع الحية الموجودة فيها. لكن المسؤولين عن “زيلانديا”، يعملون في الوقت نفسه، على أن تمتد جهودهم، إلى مناطق تقع خارج تلك المحمية كذلك، بما يتضمن التواصل مع التجمعات السكانية التي تعيش في ما يُعرف بمنطقة “ويلينغتون الكبرى”، التي يقطن فيها أكثر من 200 ألف نسمة، يمثلون ثمانية في المئة من سكان البلاد.
ويتمثل التواصل بين المحمية وهؤلاء السكان، في برامج تعليمية، تتضمن تجارب تعلم مستلهمة من الطبيعة. وتُخصص هذه البرامج لطلاب المدارس والراغبين في نيل فرصٍ للتدريب، وللساعين لتطوير مهاراتهم من المعلمين المتخصصين في تدريس العلوم، وغيرهم.
وتقول إلين إروين، وهي واحدة من بين حراس الغابات الرئيسيين في فريق حماية الطبيعة في “زيلانديا”، إن “جزءا كبيرا من النجاح الذي تحقق في هذه المحمية، يتمثل في أنها تشكل الآن جزءا لا يتجزأ من المجتمع. إذ أن لدينا مئات من المتطوعين الذين يأتوننا بشكل يومي تقريبا، لإطعام الطيور وتفقد السياج، والتحقق من عدم سقوط شجرة، أو أي شيء قد يسمح لأي حيوان ثديي مفترس بالدخول. لن يتسنى للمحمية أداء مهامها بدون هؤلاء المتطوعين”.
وتساعد هذه المحمية كذلك، في مبادرات تستهدف اصطياد الحيوانات المفترسة على نحو مسؤول، وتسهم في تعليم السكان طرق زراعة أشجار محلية، تشكل نيوزيلندا موطنها الأصلي، وهي الأشجار التي توفر أوراقها وثمارها الغذاء للطيور المحلية.
وتشير أروين إلى أنه بينما “توفر المحمية المساحة الآمنة للأنواع الحية، التي تعيش فيها للتكاثر والازدهار، يؤدي اضطلاع السكان بجهود اصطياد (الحيوانات المفترسة) وغرس الأشجار، إلى جعل الأمر بمثابة جهد جماعي من جانب القاطنين في شتى أنحاء ويلينغتون، ممن يريدون جعل العاصمة النيوزيلندية، مدينة تنعم بقدر أكبر من التنوع البيولوجي”.
وتوضح أهمية ذلك بالقول: “يمكن أن تغادر بعض الطيور المحمية، لكنها لن تستطيع النجاة بحياتها، إذا لم تجد موائل مناسبة وملاذات آمنة، يمكن أن تتجه لها”.
ورغم أن انتقال الطيور من العيش في المحميات الطبيعية إلى المناطق الحضرية يشكل نتيجة إيجابية لجهود الحفاظ على الطبيعة؛ فإنه يمثل في الوقت نفسه تحديا للمسؤولين المحليين في مدن العالم المختلفة، خاصة في نيوزيلندا، التي لم يضطر سكانها من قبل إلى التعايش مع هذه الأنواع من الكائنات. فقد اشتكى بعض السكان من أن نوعا من الببغاوات المعرضة للانقراض يُعرف باسم “كاكا”، يُخرّب بيوتهم. كما يردد آخرون شكاوى مماثلة، لكن هذه المرة جراء الصوت الصاخب لـ “التيوي”، وهو طائر آكل للعسل، توجد خصلة مميزة من الريش الأبيض على حلقومه.
وهنا تقول مارغريت ستانلي: “أرى أن شكاوى الناس من أن صوت زقزقة الطيور أصبح أعلى من اللازم، تمثل مؤشر نجاح. لكن بدء عناصر الحياة البرية هذه في التفاعل مع (حياتنا في) منازلنا، تطرح تلك الفكرة المتعلقة، بحدوث صراع بين الإنسان والحياة البرية”.
وتضيف بالقول: “يتعين أن تبدأ جهود الحفاظ على الطبيعة في المدن، بالأفراد ثم تشارك فيها التجمعات السكانية، لأن كل ما يفعله المرء يؤثر على الطبيعة في هذه المدن. وتتمثل الخطوة التالية لذلك، في التشجيع على إحداث تغييرات في السلوك المتعلق بطريقة تفاعل الناس مع الطبيعة”.
وينصح الرئيس التنفيذي لمحمية “زيلانديا” المدن التي تريد أن تحذو حذو ويلينغتون، بأن تجد نقطة البداية المناسبة لها بيئيا، على أن يعقب ذلك، إشراك المجتمع المحلي فيها، في جهود إعادة الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه.
فبالعودة إلى تاريخ محمية “زيلانديا” نفسها، سنجد أنها بدأت كأرض للزراعة والتعدين، قبل أن يشهد عام 1878 الشروع في تشييد سد وفر المياه لـ “ويلينغتون”. وباعتبار أن هذه المنطقة تمثل مصدرا مهما للمياه للعاصمة النيوزيلندية، حظيت تلك البقعة بالحماية، وهو ما فتح الباب أمام بذل الجهود الرامية، لإحياء الغطاء النباتي الموجود فيها. وأدى ذلك كله إلى أن يصبح من السهل تحويل تلك البقعة، إلى محمية طبيعية بمجرد توقف تشغيل السد، في عام 1997.
ويشير أتكينز إلى أن ذلك يعني أن المحمية لم تبدأ بـ “حقل خاوٍ على عروشه”، بل كان لدى القائمين على هذا المشروع في بدايته، نظام بيئي متضرر، لكنه غير مدمر تماما. ويقول إن ذلك يعني أنه على من يرغب في إقامة محمية مماثلة، أن “يجد مساحة خضراء يمكن إعادة إحيائها (بيئيا)، ويستطيع المرء أن يرى فيها مؤشرات سريعة على حدوث ذلك، وهو ما يوفر له أدلة فورية تفيد بنجاح عمله. وبعد ذلك، بمقدوره أن يعيد إحياء هذه المنطقة، جنبا إلى جنب مع مجتمعه المحلي”.
وإذا نظرنا إلى المستقبل، سنجد أن لدى المسؤولين عن هذه المحمية الطبيعية، رؤية تمتد لـ 500 عام، وتهدف لإعادة مناطق الغابات ومصادر المياه النقية، في الوادي الموجود هناك، إلى أقرب ما يمكن أن تكون عليه، للحالة التي كانت تشهدها قبل أن يطأها الإنسان. وتم تحديد مدة هذه الرؤية بـ 500 عام، لأن تلك القرون الخمسة، تمثل التقدير الذي وضعه القائمون على “زيلانديا”، للفترة التي ستستغرقها عملية نمو الأشجار الأساسية، التي تؤلف الغابة الموجودة في المنطقة. فبعض أنواع الأشجار تعيش لفترة قد تصل إلى ألف عام، بينما يتراوح عمر أنواع أخرى، ما بين 550 و650 عاما.
ولا شك في أن تجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع، أمر شاق وحافل بالتحديات، ويتطلب كذلك تغييرا في العقلية. ويقول أتكينز إن اللحظة التي يدرك فيها المرء، أن عمله على هذا الصعيد، يتطلب جهودا من أجيال متعاقبة، هي تلك التي يفهم فيها أنه من الضروري عليه أن يتعامل مع المشروع الخاص بتلك المحمية، بطريقة تختلف عن أسلوب تعامله مع مشروع آخر ربما لن يبقى قائما سوى لعشر سنوات.
ويضيف بالقول: “يحملك ذلك على التفكير في كيفية التخطيط من عام لآخر، لضمان تأمين (تحقيق) رؤية الخمسمئة عام هذه، وأن تُحَضّر نماذج لما يمكنك القيام به لتخفيف المشكلات، التي ربما نواجهها خلال السنوات المئة أو المئتين أو الخمسمئة القادمة، أو للمساعدة على حل تلك المعضلات، أو حتى تحويلها من عيب إلى ميزة”.
ومع أن الرؤية بعيدة المدى التي يتبناها القائمون على “زيلانديا”، تمثل هدفا جريئا لن يتحقق قبل سنوات طويلة، فإنها تلعب في الوقت نفسه، دورا محوريا في نجاح المحمية حاليا، ومستقبلا. ويعقب أتكينز على ذلك بالقول: “يتعين على المرء، إذا أراد أن يصبح هذا المشروع قائما ومستمرا، أن يشجع الناس على المشاركة فيه، والالتزام بتلك الرؤية التي يتطلب تحقيقها عدة أجيال”.
ويستطرد قائلا إن الأمر هنا لا يتعلق فقط بالمدة التي ستستغرقها شجرة ما لتنمو، وإنما بالطريقة التي نحتاج لأن نتصرف على شاكلتها، إذا كنا نسعى لأن نحقق تغييرا مستداما من الوجهة البيئية.
[ad_2]
Source link