الفطر الأبيض: عدوى فطرية مقاومة للأدوية تشكل تهديدا لحياة المرضى في الهند
[ad_1]
- سوتيك بيسواس
- مراسل الشؤون الهندية في بي بي سي
دخل مريض في منتصف العمر، مصاب بكوفيد 19 إلى وحدة العناية الفائقة في مستشفى بمدينة كلكتا شرقي الهند في شهر مايو/أيار. ومع تدهور حالته، وُضع تحت جهاز التنفس الاصطناعي وأُعطي منشطات الستيرويد التي تُعد علاجاً منقذاً لحياة مرضى كوفيد 19 وأمراض أخرى خطيرة وحرجة.
بيد أن خبراء يقولون إن عقار الستيرويد يقلل من مناعة الجسم ويرفع مستويات السكر في الدم أيضاً.
وبعد قضاء فترة طويلة في وحدة العناية الفائقة، تعافى المريض وكان جاهزاً للعودة إلى منزله عندما اكتشف الأطباء أنه مصاب بنوع من الفطريات المقاومة للأدوية والقاتلة.
وتوصف فطريات كانديدا أوريس (التي تسبب ما يعرف بداء القلاع أو البقع البيض)، والتي تم اكتشافها منذ أكثر من عقد من الزمن، بأنها واحدة من أكثر جراثيم المستشفيات رعباً في العالم. وهي تصيب مجرى مجرى الدم وتعد من أكثر الجراثيم التي يتم اكتشافها بشكل متكرر في وحدات العناية الفائقة حول العالم، إذ تبلغ نسبة الوفيات جراء الإصابة بها نحو 70 في المئة.
ويقول أوم سريفاستافا، وهو أخصائي في الأمراض المعدية في مومباي: “نشهد زيادة في عدد المرضى المصابين بهذه العدوى خلال الموجة الثانية من كوفيد 19، وثمة العديد من المرضى في وحدات العناية الفائقة وكثيرون منهم يتناولون جرعات عالية من الستيرويد. وربما هذا هو السبب في ارتفاع نسبة الإصابات بها”.
ما هي أنواع العدوى الفطرية الآخذة في التزايد؟
عندما اجتاحت الموجة الثانية الهند، وباتت وحدات العناية الفائقة تعج بمصابين في حالات خطيرة، لاحظ الأطباء ارتفاعاً في مجموعة من الإصابات الفطرية الخطيرة.
أولاً، كان هناك تفشي لداء الفطار العفني (ميوكومايكوسيس) أو ما يعرف بالفطر الأسود، وهي عدوى خطيرة نادرة ، تصيب الأنف والعين، والدماغ في بعض الأحيان. وقد سجلت بالفعل نحو 12000 حالة إصابة بها وما يزيد عن 200 حالة وفاة جراء الإصابة بها.
وأبلغ الأطباء عن ارتفاع حالات العدوى الفطرية القاتلة لدى مرضى كوفيد 19، ومعظمها تصيب المرضى بعد أسبوع أو 10 أيام من إقامتهم في وحدة العناية المركزة.
وثمة نوعان من فطريات “كانديدا” هما، “أوريس” و”ألبيكانس”، وكلاهما يمكن أن يكون قاتلا للبشر.
أما ما يعرف بالرشاشيات “اسبيرغيلس”، فهو نوع آخر من مجموعة من الفطريات التي تؤثر على الرئتين، وقد تكون قاتلة هي الأخرى.
ومن بين أكثر من خمسة ملايين نوع من الفطريات، تعد فطريات “كانديدا” و “اسبيرغيلس” (الرشاشيات)، هما المجموعتان الرئيسيتان اللتان تسببان بوفيات كثيرة بين البشر.
وفطريات كانديدا يمكن أن توجد على العديد من الأسطح، مثل ستائر الحمامات وشاشات الكمبيوتر وسماعات فحص الأطباء وحواجز السكك الحديد وغيرها.
ويقول الأطباء إن هذا النوع من الفطريات (كانديدا أوريس) يسبب في كثير من الأحيان، عدوى تنتشر في مجرى الدم، لكنها قد تصيب الجهاز التنفسي والجهاز العصبي المركزي والأعضاء الداخلية، فضلا عن والجلد أيضاً.
وبالمثل، تظل الرشاشيات (اسبيرغيلس) في البيئة وغالباً ما توجد على أسطح أنظمة التدفئة المركزية أو مكيفات الهواء. وتساعدنا مناعة أجسامنا، في الوضع الطبيعي، في منع دخول الجراثيم الفطرية إلى الجهاز التنفسي. ولكن في حالات مرضى كوفيد 19، تمكنت هذه الفطريات من دخول الجهاز التنفسي بسبب الأضرار التي لحقت فعلياً بالجلد وجدران الأوعية الدموية وبطانات أخرى في المجاري التنفسية التي تسببَ بها فيروس كورونا.
وتؤثر هذه العدوى على نحو 20 إلى 30 في المئة من مرضى كوفيد المصابين بأمراض مزمنة، والذين يوضعون عادة على أجهزة التنفس الاصطناعي، وفقاً لإس بي كالانتري، المشرف الطبي لمستشفى كاستوربا الخيري الذي يضم 1000 سرير في مقاطعة واردها، بولاية ماهاراشترا الهندية.
ما هي أعراض هذه الإصابات الفطرية؟
يمكن أن تتشابه أعراض بعض الأمراض الفطرية مع أعراض كوفيد 19، وتتضمن الحمى والسعال وضيق التنفس.
وبالنسبة لعدوى فطريات كانديدا الخارجية، فتشمل الأعراض ظهور بقع بيضاء لما يعرف بداء القلاع (يُطلق عليه أحياناً اسم الفطر الأبيض) في الأنف والفم والرئتين والمعدة أو الجلد تحت الأظافر.
أما عندما لا تكون الإصابة خارجية بل تتوغل في الجسم – عندما تنتقل الجراثيم الفطرية في الدم – فغالباً ما تكون الأعراض هي انخفاض ضغط الدم وحمى وآلام في البطن والتهابات في المسالك البولية.
لماذا تحدث هذه الإصابات الفطرية؟
يُصاب ما لا يقل عن 5 في المئة من مرضى كوفيد 19 بأعراض خطيرة ويحتاجون إلى عناية مشددة، ولفترة طويلة أحياناً.
ويقول خبراء إن أولئك الذين يوضعون تحت أجهزة التنفس الاصطناعي، دائماً ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفطرية.
ويقول لأطباء أن انخفاض السيطرة على العدوى جراء ازدحام وحدات العناية المركزة بالمرضى في فترات الوباء يعد سببا رئيسيا في هذه الحالة.
وتسهم أسباب أخرى في ضعف السيطرة على العدوى؛ من أمثال عدد الوقاية العتيقة التي يرتديها العاملون في المستشفيات المثقلين بزخم العمل لأوقات طويلة، وزيادة استخدام أنابيب السوائل الرئيسية، وقلة الامتثال لإجراءات غسل اليدين بانتظام، وحدوث تغييرات في ممارسات التنظيف والتطهير.
ويقول أرونالوك تشاكرابارتي، رئيس الجمعية الدولية لعلم الفطريات البشرية والحيوانية: “مع استمرار تفشي الوباء لفترة طويلة الآن، بدأ التراخي والتعب يظهران بين العاملين في مجال الرعاية الصحية وانخفضت ممارسات مكافحة العدوى، وهذا هو السبب الرئيسي في انتقال العدوى”.
وثمة أسباب أخرى أيضاً، كالإفراط في استخدام المنشطات “الستيرويد” والأدوية الأخرى التي تضعف جهاز المناعة في الجسم، وكثرة الحالات الحرجة التي تحتاج إلى عناية مركزة، تجعل من مرضى كوفيد 19 الموجودين في وحدات العناية الفائقة أكثر عرضة للإصابة بمثل هذه العدوى.
ويقول عالم المناعة، الدكتور زاكري روبين: “عادة، ما تسبب هذه الفطريات العدوى بعد تعرض جهاز المناعة في الجسم لقمع بشكل كبير (تلقي أدوية تضعف مقاومة الجسم). لذا توصف مثل هذه الأنواع من العدوى بأنها ’انتهازية’ (لأنها تستثمر ما يحصل للجهاز المناعي لتنتشر)”.
ويضيف روبين، أن لدى المرضى المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) مخاطر متزايدة للإصابة بمثل هذه الفطريات. “وهذه الأمراض الفطرية هي في الحالة العادية نادرة الاقتران مع كوفيد 19، لكنها باتت الآن أكثر شيوعاً في الهند”.
وتشخيص هذه العدوى ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب الاختبار عادةً، عيّنة من منطقة عميقة في الرئتين، كما ان الأدوية المستخدمة في علاجها تكون غالية الثمن.
ويقول كالانتري: “إنه أمرٌ مقلق ومحبط للغاية بالنسبة للأطباء الذين يعالجون هذه العدوى، فهي بمثابة ضربة ثلاثية؛ تكون رئتا المريض قد تضررتا فعلياً جراء فيروس كورونا، وتتشكل لديه عدوى بكتيرية والآن تضاف إليها الالتهابات الفطرية”.
“إنه يكاد أن يكون أشبه بخوض قتال في معركة خاسرة”.
[ad_2]
Source link