فيروس كورونا: لماذا لا يزال منشأه لغزا محيرا؟
[ad_1]
رغم مرور عام ونصف العام منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في مدينة ووهان الصينية، لا تزال مسألة كيفية ظهور الفيروس لغزا محيرا.
لكن في الأسابيع القليلة الماضية، اكتسبت فرضية تسرب الوباء من مختبر صيني زخما جديدا، وهي الفرضية التي استبعدها الكثيرون سابقا ووصفوها بأنها نظرية مؤامرة ضعيفة.
ما الذي نعرفه عن نظريات أصل الوباء ولماذا النقاش حول هذه المسألة مهم؟
ما هي نظرية تسرب الفيروس من المختبر؟
يشير أنصار نظرية تسرب الفيروس من مختبر في مدينة ووهان بوسط الصين، إلى وجود منشأة أبحاث بيولوجية رئيسية في المدينة، ألا وهي معهد ووهان لعلم الفيروسات، حيث كان المعهد يدرس فيروسات كورونا في الخفافيش منذ أكثر من عقد.
ويقع المختبر على بعد كيلومترات قليلة من سوق ووهان للحوم، حيث ظهرت أولى الإصابات بالمرض في المدينة.
ويقول أنصار النظرية إن الفيروس ربما تسرب من هذه المنشأة وانتقل إلى السوق، ويجادلون أنه ربما يكون الفيروس غير معدل وتم جمعه من الطبيعة، ولم يخضع للتعديل الوراثي.
وظهرت هذه النظرية المثيرة للجدل لأول مرة في وقت مبكر من ظهور الوباء، وروّج لها الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وألمح البعض إلى إحتمال أن يكون الفيروس قد تم إنتاجه لاستخدامه كسلاح بيولوجي محتمل.
في حين أن الكثيرين من رجال الساسة والإعلام رفضوا حينذاك هذه النظرية، باعتبارها واحدة من نظريات المؤامرة.
لماذا ظهرت النظرية مرة أخرى؟
أثارت التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام الأمريكية حول هذه المسألة مخاوف جديدة.
وأشار تقرير استخباراتي أمريكي سري إلى أن ثلاثة باحثين في مختبر ووهان، تلقوا العلاج في المستشفى في نوفمبر /تشرين الثاني 2019 قبل أن يبدأ الفيروس في إصابة البشر في المدينة، حسب التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرا.
وقيل إن إدارة بايدن قد أغلقت التحقيق الذي كانت تقوم به وزارة الخارجية الأمريكية بناء على طلب الرئيس ترامب، لتقييم نظرية التسرب.
وقال أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين للرئيس بايدن، أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي في 11 مايو/ أيار “هذا الاحتمال موجود بالتأكيد، وأنا أؤيد تماما إجراء تحقيق كامل فيما إذا كان ذلك قد حدث”.
ويشير الدكتور فاوتشي إلى أنه “غير مقتنع” بأن الفيروس قد نشأ بشكل طبيعي. وهذا الموقف يمثل تحولا عن موقفه العام الماضي إذ كان يعتقد أن الفيروس انتشر من الحيوانات إلى البشر على الأرجح.
وقال بايدن مؤخرا إنه طلب إعداد تقرير عن مصدر الفيروس كوفيد-19 “بما في ذلك ما إذا كان الفيروس ظهر نتيجة اتصال بشري مع حيوان مصاب أو نتيجة حادث وقع في مختبر”.
ويسعى ترامب إلى أن ينسب الفضل في تجدد الاهتمام بهذه النظرية إلى نفسه.
وقال في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني إلى صحيفة نيويورك بوست “بالنسبة لي كان الأمر واضحا منذ البداية لكنني تعرضت لانتقادات شديدة كالعادة”.
ماذا يعتقد العلماء؟
كان من المفترض أن يصل تحقيق منظمة الصحة العالمية إلى حقيقة ما جرى والإجابة على كل التساؤلات، لكن العديد من الخبراء يعتقدون أن تقرير المنظمة قد أثار أسئلة أكثر من الإجابات.
وسافر فريق من العلماء الذين عينتهم المنظمة إلى ووهان في وقت سابق من هذا العام، في مهمة للتحقيق في مصدر الوباء وبعد قضاء 12 يوما هناك وزيارة العديد من المواقع ومن بينها مختبر ووهان، خلص الفريق إلى أن نظرية التسرب في المختبر “مستبعدة إلى حد بعيد”.
وانتقدت مجموعة بارزة من العلماء تقرير المنظمة لعدم أخذه نظرية التسرب من المختبر على محمل الجد بما فيه الكفاية. فقد تم استبعادها في بضع صفحات ضمن تقرير من عدة مئات من الصفحات.
وكتب هؤلاء العلماء في مجلة “ساينس” أنه “يجب أن نأخذ فرضيات انتقال الفيروس من الطبيعية الى البشر ومن المختبر إلى البشر على محمل الجد حتى نتوصل إلى معطيات كافية”.
ودعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس بدوره إلى إجراء تحقيق جديد.
ما رأي الصين؟
وصفت الصين نظرية التسرب بأنها تشويه لسمعتها، وألمحت إلى أن الفيروس ربما يكون قد دخل البلاد عبر شحنات غذائية أتت إليها من الخارج.
وتشير الحكومة الصينية إلى بحث جديد نشره أحد علماء الفيروسات الرائدين في الصين حول عينات تم جمعها من الخفافيش في منجم مهجور بعيد.
ونشرت البروفيسورة شي جينجلي، التي يشار إليها غالبا باسم “المرأة الخفاش الصينية” والباحثة في معهد ووهان، تقريرا الأسبوع الماضي كشفت فيه أن فريقها قد حدد ثماني سلالات من فيروس كورونا تم العثور عليها في الخفافيش في منجم في الصين عام 2015.
وجاء في البحث أن فيروسات كورونا التي مصدرها حيوان البانغولين تشكل تهديدا مباشرا على صحة الإنسان، أكثر من تلك التي وجدها فريقها في المنجم.
واتهمت وسائل الإعلام الحكومية الصينية الحكومة الأمريكية ووسائل الإعلام الغربية بنشر شائعات.
وقالت صحيفة “غلوبال تايمز” التابعة للحزب الشيوعي الصيني إن “الرأي العام في الولايات المتحدة أصبح شديد الارتياب فيما يتعلق بأصل الوباء”.
وبدلا من ذلك تروج الحكومة الصينية لنظرية أخرى، ترى أن الفيروس وصل إلى ووهان عن طريق اللحوم المجمدة التي مصدرها الصين أو جنوب شرق آسيا.
هل هناك نظرية أخرى؟
هناك نظرية تسمى “المنشأ الطبيعي”، ومضمونها هو أن الفيروس انتقل بشكل طبيعي من الحيوانات إلى البشر.
ويقول مؤيدو هذه النظرية إن الفيروس ظهر في الخفافيش، ثم انتقل إلى البشر على الأرجح من خلال حيوان آخر، أو “مضيف وسيط”.
وأيّدت منظمة الصحة العالمية هذه النظرية، وحسب تقريرها فإن نسبة صحة هذه الفرضية تتراوح ما بين “مرجحة ومرجحة جدا”، أي أن الفيروس وصل إلى البشر من خلال مضيف وسيط.
وتم قبول هذه الفرضية على نطاق واسع في المراحل الأولى من انتشار الوباء، ولكن مع مرور الوقت لم يعثر العلماء على أي فيروس في الخفافيش أو في أي حيوان آخر يتطابق مع التركيب الجيني لفيروس كوفيد -19.
لماذا هذا مهم؟
إذا تم التأكد من صحة نظرية “المصدر الحيواني” للفيروس، فقد يؤثر ذلك على أنشطة مثل الزراعة واستغلال الحياة البرية.
وفي الدنمارك، تسبب الخوف من انتشار الفيروس من خلال مزارع حيوان المنك إلى إعدام الملايين منها.
وستكون هناك تداعيات وعواقب وخيمة على البحث العلمي والتجارة الدولية، إذا تم التأكد من صحة النظريات المتعلقة بتسرب الفيروس من المختبر أو عبر الأغذية المجمدة.
وقد يؤثر تأكيد فرضية التسرب من المختبر على موقف العالم من الصين والنظرة إليها، فيما تتهم بإخفاء معلومات مهمة في المرحلة الأولى من تفشي الوباء، كما سيزيد ذلك من توتر العلاقات الأمريكية الصينية.
وقال جيمي ميتزل، الزميل في مركز أبحاث المجلس الأطلنطي ومقره واشنطن والذي كان يضغط من أجل التدقيق في نظرية التسرب من المختبر، لـ بي بي سي “منذ اليوم الأول مارست الصين عملية تستر واسعة النطاق”.
وأضاف قائلا “مع تزايد الأدلة على فرضية التسرب من المختبر، المطلوب هو المطالبة بتحقيق كامل في جميع فرضيات أصل الفيروس.”
لكن البروفيسور ديل فيشر الذي يعمل في مستشفى جامعة سنغافورة الوطنية، كان له رأي آخر. وقال لـ بي بي سي “نحتاج إلى التحلي بالصبر قليلا، لكننا نحتاج أيضا إلى التحلي بالدبلوماسية. لا يمكننا فعل ذلك بدون دعم الصين. يجب خلق بيئة خالية من اللوم”.
[ad_2]
Source link