التكنولوجيا: كيف جمعت الصدفة بين ثلاثة باحثين لتأسيس شركة يتوقعون منها مكاسب كبيرة؟
[ad_1]
- نيل ماكنزي
- مراسل شؤون الأعمال، بي بي سي
في خضم السباق لتطوير اللقاحات، أصبح الباحثون في صناعة التكنولوجيا الحيوية أبطالا في المعركة ضد فيروس كورونا، لكن النجاح المهني في عالم صناعة التكنولوجيا يمكن أن يستغرق سنوات طويلة من الكفاح.
يمكن للمغامرة (أو التجربة) التي تقود إلى دخول مجال عملي جديد أن تنطلق من بداية غريبة في بعض الأحيان. وهذا ما حدث مع مارك غويل، وبيرنهارد باتزولد، وفيرونيكا أودوفا، الذين التقوا بطريق الصدفة خلال مشاركتهم في بطولة لكرة الطائرة الشاطئية في برشلونة عام 2014.
واكتشف الثلاثي أثناء الأحاديث التي تبادلوها خلال فترات الاستراحة بين المباريات، أن هناك موضوعا محددا يحظى باهتمامهم المشترك، ويتوافق مع تطلعاتهم الشخصية والمهنية.
وتقول أودوفا، التي كانت في ذلك الوقت تعمل باحثة تسويق: “كنت دائما أعاني من مشاكل مع بشرتي”. وتضيف أنها تحدثت حينها عن السنوات العديدة التي أمضتها في البحث عن حلول لمشكلتها، وتجربتها للعديد من الوصفات الطبية ومستحضرات التجميل والعلاجات المنزلية.
أما بيرنهارد باتزولد، فكان قد أنهى للتو دراسة الدكتوراه، وكان عمله يركز على إيجاد طريقة لإعادة برمجة البكتيريا لتكون بمثابة “حبوب حية” لعلاج أمراض الرئة. وفي غضون ذلك، كان مارك غويل يعمل في مجال البيولوجيا التركيبية عقب حصوله على الدكتوراه في الهندسة الوراثية.
وتحدث الدكتور غويل حينها عن إعجابه بتقارير حديثة عن أول عمليات زرع بكتريا دقيقة ناجحة في الأمعاء، عندما زُرعت “البكتيريا الجيدة” المأخوذة من شخص سليم، في شخص آخر لمعالجته من حالات مثل المطثية العسيرة التي تسبب مشاكل خطيرة في الأمعاء والقولون.
وتقول أودوفا: “رد بيرني، حسنا، دعونا نقوم بالأمر نفسه، لكن مع الجلد هذه المرة. سنغير توطين البكتيريا، لكي تتمكن من العودة إلى حالتها الطبيعية والصحية”.
وكتب الثلاثة فكرتهم على قطعة من الورق، وهي الفكرة التي ستقودهم لاحقا إلى القيام برحلة حول العالم، وتدفعهم إلى تأسيس شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية باسم “إس – بيومديك”.
المحطة الأولى: تشيلي
وبما أن فكرتهم لم تكن اكتشافا توصلوا إليه في مختبر مرتبط بإحدى الشركات أو الجامعات، فقد كان على مؤسسي شركة “إس – بيومديك” الثلاثة إقناع العالم بأن الشركة تمتلك مقومات النجاح. ووضعت أودوفا، التي تعمل الآن رئيسة تنفيذية للشركة، خطة عمل وقدمتها للمشاركة في المسابقات التي تقدم التمويل للشركات الناشئة.
وفي عام 2015 حصلوا على أول دعم مالي، وقيمته 40 ألف دولار، وكان من قبل برنامج “ستارت آب تشيلي”، الذي تديره حكومة تشيلي لجلب الشركات الأجنبية الناشئة إلى البلد بهدف تشجيع ريادة الأعمال المحلية.
وكان على المؤسسين الثلاثة إضافة مبلغ يعادل 10 في المئة من قيمة التمويل، وجمعوه من مدخراتهم الشخصية.
وتمكن باتزولد خلال الأشهر السبعة التي قضاها الثلاثة في سانتياغو من إقناع مختبر الجامعة المحلية بالسماح لهم باستخدام جزء من المختبر بالمجان مع المعدات. وتمكنوا من إنتاج بيانات أولية، وهو ما شجعهم على التفكير في البقاء في تشيلي لتطوير المنتج وإطلاقه في السوق.
لكن طلبيات المواد الكيميائية وغيرها من العناصر اللازمة كانت أكثر تكلفة في أمريكا الجنوبية، كما أن وصولها يستغرق وقتا طويلا. لذلك، قرروا العودة إلى برشلونة والبحث عن مختبر آخر هناك، إلا أن أوضاعهم المالية تردت، ولم يعد لديهم سيولة تقريبا.
واضطروا للنوم عند الأصدقاء على أرائك، ولم يكن أمامهم سوى المواظبة على تقديم طلبات للحصول على منح، الواحد تلو الآخر، وهو ما دفعهم للتساؤل عما إذا كانوا اتخذوا القرار الصائب حين غادروا تشيلي حيث كانوا يمضون عطلات نهاية الأسبوع في المشي عبر جبال الأنديز.
وأخيرا، حصلوا على منحة، لكنها كانت تتطلب انتقالهم إلى ألمانيا، حيث عملوا هذه المرة في عيادة للأمراض الجلدية، وكان استخدام مختبرها متاحا لهم.
وأقاموا صداقات مع مجتمع محلي من أطباء الأمراض الجلدية، وباشروا علاج المرضى للمرة الأولى.
وأتاحت لهم البيانات التي حصلوا عليها من الاختبارات التي أجروها هناك الانتقال إلى مرحلة كانت بمثابة القفزة في حياتهم المهنية الجديدة، إذ تلقوا دعوة من شركة “جونسون أند جونسون” للذهاب إلى بلجيكا والانضمام إلى إحدى مختبراتها، حيث كان يمكنهم استخدام جزء من المختبر، إضافة إلى دعم مالي. وهكذا تحركت المجموعة للقيام برحلة جديدة.
على برشلونة أن تنتظر
وفي بروكسل، وافقت شركة الأدوية الألمانية “بيرسدروف” وشركة المكملات الغذائية الهولندية “دي إس إم” على مساعدة العاملين الثلاثة في مجال التكنولوجيا الحيوية في طرح منتجاتهم في السوق.
وتقول أودوفا، التي أقامت في بروكسل طوال السنوات الأربع الماضية: “في النهاية، جميعنا نتمنى العودة إلى برشلونة، إنها المدينة التي يحبها قلبي، لكن على برشلونة أن تنتظر، فنحن بحاجة إلى أن نجعل شركة إس – بيومديك تحقق النجاح”.
ومن المفترض أن يبدأ توزيع المصل المعالج للبشرة الذي أنتجوه، على الصيدليات في وقت لاحق من هذا العام.
وتشير أودوفا إلى أنها لو كانت تعلم منذ البداية كيف ستكون الفترة الأولى من حياتها المهنية كرائدة أعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية، لفكرت في الأمر أكثر من مرة، لكنها تشير إلى أن الأمر بشكل عام كان مثيرا حقا.
وتضيف وهي تضحك: “إذا كان دربك سلسا للغاية، فلن تتعلم بهذه السرعة”.
ويرى آدم بيريمان، الأستاذ في كلية الطب الخلوي والجزيئي في جامعة بريستول، أن دخول عالم الأعمال محفوف بالتحديات، ويؤكد لطلاب الدكتوراه الذين يعلمهم أن الطريق لن يكون مفروشا أمامهم بالورود إذا كانوا يريدون دخول مجال الأعمال.
في البداية، يجب الحصول على درجة الدكتوراه، لكن هذه ليست سوى الخطوة الأولى. وفي الأعمال التجارية، كما هو الحال في العلم، سيمر المرء بالعديد من التجارب وسيرتكب الكثير من الأخطاء.
وتأتي نصيحة بيريمان نتيجة لخبراته العملية، فهو يوزع وقته بين التدريس الجامعي وبين عمله كرئيس الأبحاث العلمية في شركته الخاصة للتكنولوجيا الحيوية “سيتوسيك”.
وقد أسس بيرمان شركة “سيتوسيك” عام 2017، وهي تقدم علاجا خلويا لمرضى السرطان، تستخدم فيه مواد تركيبية مهمتها العثور على الخلايا السرطانية الضارة وقتلها، من دون ان تلحق أذى بالخلايا السليمة. وهي جزء من وحدة “دي إكس” في جامعة بريستول – مختبر مخصص لرعاية ودعم البحث العلمي والتطوير.
وقد أصبحت شركة “سيتوسيك” الآن في مرحلة زيادة رأس المال الاستثماري.
وأدى تأسيس بيرمان لشركته الخاصة إلى إحداث ثورة في طريقة تدريسه لطلاب الدكتوراه. وتتضمن مناهجه التدريسية الجديدة نماذج أعمال تغطي قضايا الملكية الفكرية وإنشاء العلامات التجارية وفهم الأسواق المالية.
وتتراوح تكلفه دراسة الدكتوراه بين 3,000 و6,000 جنيه إسترليني سنويا لمدة أربع سنوات، لكن معظم دراسات الدكتوراه في مجال العلوم الحيوية تأتي بمنحة دراسية وراتب، كما يقول بيرمان.
وقبل عشرين عاما، كان هؤلاء العلماء يختارون مسارات وظيفية تؤدي بهم مباشرة إما إلى العمل في شركة أدوية كبيرة، أو تبقيهم في الأوساط الأكاديمية. أما اليوم، فبفضل ثقافة ” الانبثاق” (أي فصل قسم من شركة لتشكيل شركة مستقلة جديدة)، كما يقول البروفيسور بيريمان، فقد أصبح من السهل على حاملي الدكتوراه اكتشاف أفكار علمية في المختبر، ثم تأسيس شركة تقدم هذه الأفكار إلى السوق.
وترى الدكتورة أوزما شودري، وهي مستثمرة في مرحلة البداية في مجال التكنولوجيا الحيوية في “شركة أوكتوبوس فينتشرز”، أنه على الرغم من أن “انبثاق” الأعمال التجارية من الأوساط الأكاديمية قد يكون أكثر شيوعا، إلا أنه نادرا ما يكون سهلا.
وتقول: “أعتقد أن الأكاديميين في كثير من الأحيان لا يدركون أن الحصول على براءة الاختراع، ليس سوى بداية الرحلة”، أذ أن الفكرة “لن تسير بنفسها إلى السوق”.
وكانت شودري تعمل سابقا كعالمة أبحاث في الكيمياء الضوئية والبيولوجيا التركيبية، لكن بصفتها صاحبة رأس مال مجازف، فقد يكون اللقاء معها الآن بمثابة الإنقاذ المالي لشركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية.
ومصطلح “رأس المال المجازف” يعني رأس المال الذي يُجمع من مجموعة مستثمرين، ثم يستثمر في شركات ناشئة.
والأمل هو أن تنمو هذه الشركات الناشئة بما يكفي، إما لبيعها لشركة أكبر أو لإدراجها في سوق الأسهم، بحيث يمكن استرجاع مبالغ الاستثمار الأصلية إضافة إلى الربح.
وتؤكد شودري على أنها لا تستثمر في أي شركة في مجال البيولوجيا الحيوية إلا إذا كان لدى هذه الشركة أساس علمي مثبت، لكن من المهم في الوقت نفسه أن تتمتع بحس تجاري جيد.
وتقول: “العلم وحده لا يكفي، وهو غير قادر على دخول السوق بنفسه”.
إنها رحلة طويلة، وقد تستغرق عدة سنوات. وبالنسبة لفيرونيكا أودوفا وزملائها في “إس- بيومديك، فقد أصبح تحقيق الهدف، المتمثل في طرح المنتج في السوق، وشيكا للغاية. ومن المتوقع أن يُطرح مصل حب الشباب للبيع هذا العام.
وتقول إنه عندما يتحقق ذلك، سيقيمون احتفالا خاصا، ومتواضعا.
وتضيف أودوفا: “أعتقد أننا سنفتح زجاجة شمبانيا، ونتذكر الأوقات السعيدة عندما كنا نتجول عبر الجبال في تشيلي، ثم الأوقات الصعبة، وكيف كنا ننام على الأرائك في بيوت الأصدقاء، وكيف كنا نذهب إلى هنا وهناك، وإلى كل مكان في سبيل تحقيق ذلك”.
[ad_2]
Source link