فترة الإغلاق “فرصة لا تعوض” لشركات القهوة الناشئة
[ad_1]
- دوغال شو
- بي بي سي
قبل تفشي فيروس كورونا، كان البريطانيون ينفقون نحو خمسة مليارات جنيه إسترليني سنويا في سلاسل المقاهي المنتشرة في الشوارع الكبرى، لكن مبيعات المقاهي تراجعت بشكل هائل على مدار فترات الإغلاق الثلاث لمكافحة انتشار الوباء. ومع ذلك، فالرغبة في احتساء المشروبات الغنية بالكافيين لم تتغير، وقد اغتنمت بعض الشركات الصغيرة المستقلة الفرصة لتجد لنفسها مكانا في الفجوة التي شهدتها السوق.
وإذا كانت سلاسل المقاهي العملاقة مثل “كافيه نيرو” و”كوستا” و”ستاربكس” قد عانت بشدة بسبب إجراءات الإغلاق، فإن شاحنات القهوة المتواضعة تمكنت من الاستئثار بالسوق وحدها تقريبا.
ومع عدم وجود مساحة جلوس داخلية، يمكن لهذه الشاحنات الاستمرار في تقديم الخدمة لزبائنها في الهواء الطلق، وبالطبع تغيير موقعها بسرعة إذا اقتضى الأمر، سواء لتلحق بالزبائن أو لتجد المزيد منهم.
كان جيمس كينغ، الذي يبلغ من العمر 28 عاما، يعمل في تحضير القهوة لدى إحدى سلاسل المقاهي في مدينة برايتون، لكن في الأول من مارس/آذار 2020، قرر ترك عمله ليباشر تشغيل شاحنة قهوة صغيرة خاصة به. كانت تلك تجربته الأولى مع بيع القهوة بهذه الطريقة، ولم يكن التوقيت مثاليا، أو هذا ما ظنه في البداية.
لكن، عند فرض الإغلاق الأول، سرعان ما تناقص العدد الصغير من الزبائن المنتظمين الذين كان يقدم لهم القهوة خارج محطة القطار المحلية. ولم يكن مؤهلاً للحصول على أي دعم مالي من الحكومة لأن سجله التجاري كان حديث العهد.
وبدلاً من أن يجمع معداته ويتوقف عن بيع القهوة، قرر أن يأخذ شاحنته الصغيرة التي تحمل اسم “ويسل للقهوة” في جولة على المستشفيات في برايتون، ويقدم المشروبات الساخنة مجانا للعاملين في هيئة الرعاية الصحية. كان في البداية يحصل على الدعم ليتسنى له القيام بذلك من خلال حملة “غو فاند مي” للتمويل الجماعي، لكن سرعان ما أصبح الموزعون يقدمون له المواد اللازمة مجانا.
وتمكن مشروعه الصغير من الصمود خلال أزمة عام 2020، وتعبيرا عن الامتنان، قدم له نظام الرعاية الصحية موقعا ثابتا في المستشفى العام “ذا جنرال هوسبيتال” في برايتون.
ولدى جيمس الآن خطط للتوسع بشاحنة ثانية. ويقول عن ذلك: “أعتقد أن الإغلاق منح أصحاب الأعمال، الذين هم على شاكلتي، دفعة هائلة”.
ويضيف: “كان على المقاهي أن تتكيف مع تقديم مشروبات للاحتساء خارج المقاهي فقط، في حين أن عملنا بني على هذا الأساس أصلا. الشاحنات أكثر مرونة، فنحن نأتي إليك”.
وقد اكتشف رواد أعمال آخرون هذه الفرصة خلال فرض الإغلاق، وبدأوا يقدمون القهوة في شاحنات صغيرة متنقلة لأول مرة.
وباشر مذيع الراديو السابق مات فوغان، الذي يبلغ عمره 39 عاما، وهو من بلدة فليت في مقاطعة هامبشاير البريطانية، العمل في شاحنة قهوة صغيرة في أغسطس/آب 2020، ولم يكن لديه خوف من دخول التجربة الجديدة.
وكتب على شاحنته اسم “قهوة كيلب”، وهو اسم ابنه، وكان يقودها إلى منازل العملاء، ليعد لهم القهوة الطازجة ويقدمها فورا.
لكن ثبت أن هذه الطريقة لم تكن مجدية ماديا، وسرعان ما أوقف خدمة إعداد القهوة وتوصيلها وفق الطلب.
يقول مات: “على أرض الواقع، لم يكن بإمكاني خدمة سوى خمسة أو ستة منازل في الساعة بسبب الوقت الذي تستغرقه القيادة هنا وهناك وإعداد الشراب. لكنني ما زلت أقوم بذلك أحيانا لحفلات أعياد الميلاد”.
وتتنقل شاحنة مات الآن بين موقعين محددين فقط، ولديه زبائن بشكل منتظم من ممارسي رياضة الركض، أو من الذين يعملون من منازلهم. وتسير الأمور معه على ما يرام.
ويقول مات: “العمل في الشاحنة يعني ألا تدفع رسوما تجارية على المبنى، وحتى إن كان لا بد من الحصول على ترخيص، فلا يزال هناك توفير في التكاليف”.
ويحاول مات التميز في ما يقدمه من خلال التخصص في صنع الكعك ومشروب الشوكولاتة الساخنة، وكذلك قطع حلوى صغيرة تقدم مع القهوة لإرضاء محبي الحلويات.
وكانت سلاسل المقاهي الكبرى قد شهدت تراجعا في المبيعات لأول مرة منذ 20 عاما، وبلغت نسبة الانخفاض 40 في المئة تقريبا منذ الإغلاق الأول في مارس/آذار 2020، وفقا للأرقام الصادرة عن شركة أليغرا المتخصصة في تحليل مبيعات القهوة.
ووفقا لتقرير آخر خاص بقهوة “نسكافيه” خلال عام 2020، فإن البريطانيين يشربون نحو 30 مليار كوب من القهوة سنويا. لكن معظم هذه القهوة لا تُشترى في المقاهي، فالناس يشترون البن ويعدون القهوة بأنفسهم في المنزل، ومعظمها من القهوة الفورية، التي تُشترى من متاجر السوبر ماركت.
وأثناء فترة الإغلاق ارتفعت طلبات شراء الطعام والشراب عبر الإنترنت، واستفاد البن بأنواعه المختلفة أيضا من هذا الاتجاه، خصوصا مع سهولة إرساله إلى العملاء.
كما أن العمل من المنازل خلق جيشا من معدي القهوة المتحمسين لتحضير القهوة، لكن لأنفسهم فقط، إذ يرشحونها، أو يخمرونها، أو يغلونها بارتياح في مطابخهم.
ولاحظ تجار التجزئة ارتفاع مبيعات القهوة الجافة بنسبة 74 في المئة خلال الأسبوع الذي سبق الإعلان عن الإغلاق الأول، وهو الأمر الذي كان متوقعا على نطاق واسع.
لكن لم تكن محلات السوبر ماركت والعلامات التجارية الكبرى هي المستفيد الوحيد من هذا الارتفاع، إذ شهدت الشركات المتخصصة في بيع القهوة للعملاء المشتركين في خدمتها نموا كبيرا خلال تفشي فيروس كورونا.
على سبيل المثال، كان لدى شركة “دوغ آند هات كوفي”، التي تأسست في مدينة يورك عام 2017 وتقدم أربعة اختيارات مختلفة من محامص القهوة في المملكة المتحدة في كل شهر، 100 مشترك فقط قبل الوباء.
وتقول سو مورغان، المؤسسة المشاركة في الشركة: “لدينا الآن ما يقرب من 1000 مشترك. كانت السنة متقلبة، لكن عملنا ازدهر بسبب الإغلاق بالتأكيد”.
وكانت داني مكفيران، وهي من بلفاست، تدير شركتها الخاصة لتصاميم الغرافيك منذ ثماني سنوات، لكن عملها توقف بسبب الوباء.
وتقول داني: “كان لدي حماس كبير وفكرت في مشاريع أخرى قابلة للتطبيق خلال فترة الإغلاق، وهكذا أنشأت شركة (ذا بلفاست كوفي كومباني) بالشراكة مع ثلاثة أصدقاء”.
ولم يكن أي منهم يملك خبرة في عالم القهوة، لكنهم كانوا دائما يحلمون بأن ينشئوا معا عملا تجاريا مشتركا.
وبدأ الشركاء الثلاثة بيع منتجاتهم من القهوة في أكتوبر/تشرين الأول، ويتعامل معهم حاليا ثمانية تجار تجزئة في أيرلندا الشمالية. تقول داني إنهم باعوا 5000 كيس من القهوة حتى الآن، ووصلت بضاعتهم إلى أماكن بعيدة مثل الولايات المتحدة وأستراليا، بعد أن تعرف عليها العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في غضون ذلك، دب النشاط مجددا في عمل داني الخاص بتصميم الغرافيك، لذا أصبح تخصيص الوقت الكافي لشركة القهوة النامية تحديا صعبا بالنسبة لها، كما تقول.
ولا يأخذ الفريق أي مبلغ من الربح الذي تحققه شركة القهوة، وإنما يعاد استثمار الأرباح وتشغيل كافة العوائد.
وتقول داني: “بدت الفكرة مجنونة، وفوجئنا بالنجاح. ولم نكن مستعدين للنمو الكبير الذي وصلت إليه الشركة”.
وبحسب داني، فإن الإغلاق هو الوقت المناسب للفرص التجارية إذا “كونت شركاء جددا، وأعدت التفكير”.
وفي سوق مزدحمة بشكل متزايد، حاول مقدمو خدمات اشتراك آخرون في مجال القهوة كسب العملاء من خلال تقديم خدمة متميزة في أحد المجالات، مثل تقديم قهوة محمصة بشكل خاص من قبل خبراء، أو الوعد بإيصالها طازجة إلى المنازل خلال وقت قصير من تحميصها.
تقول آمي برايس، المحللة المختصة بالطعام والشراب لدى شركة “مينتل” لأبحاث السوق: “مع خروجنا من فترة الإغلاق، سيشهد التحول إلى شرب القهوة في المنزل عودة معاكسة بعض الشيء، وكذلك ستفقد سوق بيع القهوة بالتجزئة- بما في ذلك مبيعات محلات السوبر ماركت – بعضا من الارتفاع المؤقت في المبيعات”.
ومع ذلك، تعتقد برايس أن تحولا جوهريا قد حدث فعلا، وأن عددا كبيرا من الأشخاص الذين يعملون من المنزل سيحافظون على اتجاه “التميز” في القهوة، مع “تطلع محبي القهوة إلى إعادة خلق تجربة المقهى”.
إلا أن الوباء لم يقض بالضرورة على تعلقنا الخاص بالمقاهي ذات العلامات التجارية الشهيرة.
وبينما شهدت سلاسل المقاهي الموجودة في مراكز المدن المزدحمة ومحطات النقل انخفاضا كبيرا في المبيعات، لم يغلق سوى عدد قليل من فروع هذه المقاهي فعليا، بنسبة اثنين في المئة تقريبا.
وفي حين اضطرت هذه السلاسل إلى إيقاف خدمة تناول الطعام وشرب القهوة داخل مقاهيها، فقد أصبح العديد منها يقدم خدمة الطلب السريع، والخدمات الجاهزة، أو خدمة التوصيل إلى المنازل، كما حصلت على دعم حكومي تمثل بالسماح بالإجازات الطويلة غير المدفوعة والإعفاء من الرسوم التجارية للمباني.
ومع انخفاض عدد الإصابات بفيروس كورونا، وبفضل برنامج التطعيم الذي بدأ يسمح للمجتمع بالانفتاح من جديد، فمن المفترض أن سلاسل المقاهي التي نجت من العاصفة ستكون في وضع جيد، وفقا لشركة أليغرا لتحليل سوق القهوة. وبحسب تقديرات أليغرا، سيستغرق الأمر ثلاث سنوات ربما لكي يعود القطاع إلى مستويات ما قبل الوباء.
ويعتقد بعض أصحاب المشاريع الصغيرة أن الوباء قد علم الشركات الكبرى درسا مهما. وتقول داني ماكفيرين إن السلاسل الكبيرة تستفيد من التوفير الناتج عن الإنتاج كبير الحجم، لكنها أصيبت بالعجز خلال الوباء.
وتضيف أن هذه السلاسل مجبرة على تحمل نفقات كبيرة، ويمكن أن تكون بطيئة الاستجابة عندما تتغير عادات المستهلك.
وترى داني أن بعض التغيرات في السوق جراء الوباء قد تكون دائمة، وتقول: “لن نعود إلى ما كانت عليه الأمور، وعلى جميع الشركات أن تفهم ذلك”.
[ad_2]
Source link