لقاح كورونا: هل كان اللغط حول أسترازينيكا مبررا؟
[ad_1]
- سايمون جاك
- محرر شؤون الأعمال
“الطريقة التي تم التعامل بها مع أسترازينيكا كانت مثيرة للغضب. لن ألومهم إذا ضجروا وقرروا الخروج من سباق لقاحات كورونا”.
كان هذا رأي أحد أكبر المستثمرين الشركة في المملكة المتحدة.
وهو رأي لم تتوقع الشركة ورئيسها، باسكال سوريوت، سماعه بعد نجاح الشركة في تطوير لقاح آمن في سرعة قياسية، وتوقيع عقود لتوفير ملياري جرعة، وكل ذلك بدون تحقيق ربح.
ويمكن أن نتفهم توقع سوريوت الحصول على ميدالية مقابل جهوده.
لكنه بدلاً من ذلك يتعرض للهجوم من ساسة أوروبيين مثل عضو البرلمان الأوروبي، البلجيكي فيليب لامبرتس، الذي اتهم الشركة بالتعالي وخيانة الأمانة، إذ يراها “بالغت في وعودها، وقصرت في الوفاء باتفاقاتها”.
ويرى البعض أن كل هذا السجال مثير للمشاكل بلا طائل.
وضيعت أسترازينيكا أرباحا بقيمة 20 مليار دولار، في الوقت الذي أصبحت فيه أسما معروفاً في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لكن لدواع سلبية.
حتى أن بعض المستثمرين شككوا في أهلية باسكال سوريوت تولي منصب مدير الشركة.
وتحولت أسترازينيكا إلى كرة في لعبة السياسة الأوروبية.
فتارة يصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللقاح بأنه “لا فاعلية له تقريبا”، ثم يتطوع لأخذ جرعة من اللقاح ويطالب بمنع تصديره خارج أوروبا.
ويقول السير جون بيل، من جامعة أوكسفورد، إن الأسلوب الفرنسي أرهق سوريوت، “فقد كان التعامل مع الفرنسيين من أصعب الأشياء التي مر بها، لأنهم غير عقلانيين بالمرة”.
كما انتشرت حالة الغضب ضد الشركة بعد مداهمة مصنع أدوية إيطالي اكتُشفت فيه 30 مليون جرعة، قالت الشركة إن 16 مليون منها فقط مخصصة لأوروبا، في حين توجه البقية للدول الفقيرة ضمن مبادرة كوفاكس التي يدعمها الاتحاد الأوروبي.
وفي الولايات المتحدة، وجه الدكتور أنتوني فاوتشي، رئيس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، اتهاما لأسترازينيكا بارتكاب “أخطاء سخيفة” لأنها لم تضمن البيانات الأحدث في تجارب اللقاح في المستندات التي قدمتها للسلطات الأمريكية.
حتى العاملون في الشركة يقولون إنه “يشعرون بعدم الراحة في ظل وضعهم الحالي”.
اللقاح والسياسة
وقال أحد المستثمرين لـ بي بي سي إن باسكال سوريوت “يكتشف الآن ما يحدث عندما ينخرط في السياسة بدلا من عالم الأعمال”.
ومن المستحيل فصل مغامرة أسترازينيكا الأخيرة مع اللقاح والسياسات عن خلفية المسؤول عن الشركة.
ويقول أحد المنافسين إن “باسكال هو مالك الشركة، ومن الصعب أن تعرف أين تنتهي حدوده الشخصية وتبدأ حدود الشركة”.
وهذا الأمر غير معتاد بالنسبة لشركة عامة يملكها عدد ضخم من الشركات والمؤسسات التي تملك اسهماً فيها حول العالم.
ورغم أن رئاسة سوريوت للشركة بدأت عام 2012، إلا أنه يستمد سطوته عليها من نجاحه في حمايتها من استحواذ فايزر عليها في صفقة بلغت قيمتها مئة مليار دولار عام 2014.
وقال أحد العاملين في الشركة إنه “عند تولي سوريوت رئاسة الشركة، كانت في حالة فوضى، وخاض مجازفة بضخ المزيد من الاستثمارات في عمليات البحث والتطوير. وعند برزت صفقة فايزر، شعر أنه في موقف الدفاع”.
“فكر في أنه طالما أرادت فايزر شراء الشركة، فذلك يعني أنه على الطريق الصحيح”.
واستخدم سوريوت كل خدعة دفاعية ممكنة، بما في ذلك إبراز عنصر التراث البريطاني، وأن بريطانيا ستخسر تاريخها الذي امتد على مدار عقود من الريادة العلمية في المستقبل.
وقدم سوريوت نفسه على أنه مبتكر الحلول، بدلا من تخفيض النفقات المعتاد في الشركات.
وأحبه ساسة ذلك الوقت لهذا السبب، فيقول سير فينس كابل، وزير الأعمال في حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية مع الديمقراطيين الأحرار، إنه “رغم أن صفقة الاستحواذ كانت ستجلب المزيد من المال لأصحاب الأسهم على المدى القريب، إلا أنه (سوريوت) ومديرو الشركة تمسكوا بموقفهم”.
“تبنوا وجهة النظر التي تراها مشروعا طويل الأمد، وتأهبوا لموقف الدفاع، وأصبح الأمر مشروعا قوميا كبيرا”.
وكانت تلك التجربة كفيلة بتوطيد إعجاب موظفي الشركة، واحترام وامتنان الساسة البريطانيين، وثقة لا تهتز بالنفس. وهي ثقة تكون سلاحا ذو حدين بالنسبة للكثير من المدراء.
كيف ظهر اللقاح
لم يكن لشركة أسترازينكا خبرة كبيرة مع اللقاحات، فموقع قوتها هو علاج السرطان. وعند ظهور كوفيد، لم تكن أسترازينكا من بين الشركات التي عُلقت عليها الآمال.
وكانت التكهنات تشير إلى أتفاق بين جامعة أوكسفورد وشركة الأدوية الأمريكية العملاقة ميرك. لكن الحكومة البريطانية كانت حريصة على أن تتشارك أوكسفورد مع شركة بريطانية ليكون للمملكة المتحدة حضور قوي في مسألة اللقاحات.
وبدا الأمر منطقيا بالنسبة لأسترازينيكا، فجامعة أوكسفورد قامت بأبحاث مكثفة، أغلبها بتمويل من الحكومة البريطانية.
وعند ظهور النتائج الأولية، سادت أجواء من النشوة. أوكسفورد وأسترازينيكا سيساعدان في إنقاذ العالم بلقاح آمن وفعال ورخيص، تقدمانه بسعر التكلفة.
ويمكن القول أن هذه ذروة النجاح، فلا يمكن أن تكون الأمور أفضل من ذلك.
ومنذ ذلك الحين، دخلت أسترازينيكا في سجال مع الساسة والجهات التنظيمية للأدوية، وكانت ضحية جانبية لحملات التطعيم البطيئة في الاتحاد الأوروبي، وانخفض سعر أسهمها بنسبة 20 في المئة عن الصيف الماضي عندما كانت الأخبار كلها إيجابية.
ويقول أحد العاملين في الشركة إن المشكلة تكمن في صعوبة إنتاج اللقاح، “فالأمر أشبه بصناعة الجعة”.
“بعض الدفعات يكون تأثيرها أفضل من الأخرى، وقد تتعقد الأمور وأحيانا تتعطل عند إضافة تعقيدات سلسلة الإمدادات المحلية”.
فإذا كانت هذه هي حقيقة الأمر، أليس من السذاجة التعهد بتسليم كميات محددة من هذا المنتج المتعلق بالحياة والموت؟
“فعلنا ما في وسعنا”
وأضاف المصدر العامل في الشركة: “وقعنا عقودا بناء على الحد الأقصى لجهودنا، وفعلنا كل ما في وسعنا”.
وهنا يبرز عنصر عدم خبرة الشركة في تصنيع اللقاحات، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع توقعات الآخرين من خلال التواصل الفعال والبسيط.
ومنذ البداية، كان من الصعب التعامل مع الأرقام الخاصة بفعالية اللقاح، إذ تباينت الأرقام بالنسبة لكل فئة عمرية.
وبرزت تساؤلات عن حجم العينة لمن تجاوزت أعمارهم 65 عاما، كما تعين تقليل الأرقام المتعلقة بالفعالية التي سُلمت للسلطات الأمريكية بعد ظهور نتائج أحدث.
ولا تغير كثيرا هذه الاختلافات من الصورة الأكبر، وهي وجود لقاح آمن وفعال، لكنها أعطت انطباعا بأنها ليست أمينة أو لا تتعامل باحترافية.
وقال أحد المصادر لـ بي بي سي: “إذا نظرت للهيكل التنظيمي للشركة، ستجد الجزء الخاص بإدارة اللقاح شبه خاوٍ”.
وكانت الشركة قد قالت إنها ستراجع فكرة “سعر التكلفة” الخاصة باللقاح عند الوفاء بتعاقداتها الحالية.
لكن السير جون يقول إنه لا يمكن لوم الشركة “بالنظر للمعاملة التي لقيتها”.
ويرجح أحد كبار المستثمرين إنه عند الوفاء بالتعاقدات، ربما تراجع إدارة الشركة فكرة عملها في إنتاج اللقاحات بالأساس.
وأضاف: “ربما حان الوقت لعرض براءة الاختراع للبيع وتجاوز هذا الأمر”، لكن الشركة قالت إنه لا تفكر في ذلك في الوقت الحالي.
واستهلكت محاولات إنقاذ العالم الكثير من وقت وطاقة إدارة الشركة، في الوقت الذي كانت تستعد فيه لشراء شركة أمريكية بـ 40 مليار دولار، وأخرى يابانية بسبعة مليارات أخرى. وهذه الصفقات وحدها كافية لاستهلاك كل أجندة عمل أي رئيس شركة في الظروف العادية.
لكن من المبكر القول إن كان هذا اللقاح سيكون أكبر إنجاز لسوريوت أم ستنهي مسيرته.
وأشار أحد كبار المستثمرين إلى أن سوريوت سيجني الكثير من مجرد أخذ هذه الخطة الطموحة على عاتقه وتوفير لقاح فعال.
كما يجني الكثير على جبهة الحوكمة البيئية والاجتماعية، فهو ما زال الرجل الذي “غير مسار الشركة التي كانت غارقة في الفوضى حين تولى رئاستها”.
“لا أشعر بأن السكاكين تُسن لذبحه حتى الآن”.
وقد ينتهي الأمر بأن يكون الإنجاز الأكبر لرجل الأعمال الفرنسي هذا هو جعل أسترازينيكا أسماً كبيراً تفخر به المملكة المتحدة عن جدارة.
[ad_2]
Source link