النوم: لماذا يعد مهما للصحة النفسية للمراهقين في مستقبل حياتهم؟
[ad_1]
- كلوديا هاموند
- بي بي سي
يمكن أن يجد المراهقون أحيانًا صعوبة في الاستيقاظ في الصباح، لكن ضمان حصولهم على قسط كافٍ من النوم قد يكون أمرًا حيويًا لصحتهم في وقت لاحق من الحياة.
إنه وقت متأخر من الصباح والمراهقون في المنزل مازالوا غارقين في النوم بعد فترة طويلة من استيقاظك. فهل ينبغي أن تسرع إلى الطابق العلوي لتجرهم من أقدامهم من الفراش؟ قد يكون ذلك مغرياً لكن الجواب على الأغلب هو لا. فالأدلة تتزايد على أن النوم في مرحلة المراهقة مهم للصحة العقلية حاضراً ومستقبلاً.
لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن نقص النوم الخطير أو النوم المضطرب بشكل خطير هو أحد الأعراض الأكثر شيوعاً للاكتئاب بين المراهقين. برغم كل ذلك، مهما كانت درجة النعاس الذي تشعر به، فإنه من الصعب أن تنام إذا كانت تؤرقك الشكوك أو المخاوف. هذا ينطبق على البالغين أيضًا، حيث يشكو 92 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب من صعوبات النوم.
وربما يكون الأقل توقعاً هو أن بعض المشاكل مع النوم قد تبدأ قبل الاكتئاب، مما يزيد من خطر مشاكل الصحة العقلية في المستقبل. هل يعني هذا أن النوم لدى المراهقين ينبغي أن ينظر إليه بجدية أكبر؟ وهل يمكن أن يقلل من خطر الاكتئاب في وقت لاحق؟
في دراسة نشرت في عام 2020، درست فيث أورتشارد، وهي عالمة نفس في، البيانات الواردة من مجموعة كبيرة من المراهقين الذين تمت متابعتهم من سن جامعة ساسكس15 إلى 24 عامًا. فتبين أن أولئك الذين أبلغوا عن النوم بشكل سيء في سن 15، ولكن لم يعانوا من الاكتئاب أو القلق في ذلك الوقت، كانوا أكثر عرضة من أقرانهم للمعاناة من القلق أو الاكتئاب عندما بلغوا 17 أو 21 أو 24 سنة من العمر.
ويمكن أن تكون مشاكل النوم مع البالغين أيضا مؤشراً على الإصابة بالاكتئاب في المستقبل. وتوصل تحليل يقوم على البيانات المتغيرة لـ 34 دراسة، شملت فيما بينها متابعة نحو 150 ألف شخص على مدى فترة تتراوح بين ثلاثة أشهر و34 عامًا، أنه إذا كان الناس يعانون من مشاكل في النوم، فإن الخطر المتعلق بمعاناتهم من الاكتئاب في وقت لاحق من حياتهم قد تضاعف.
بالطبع، لا يعني ذلك أن كل شخص مصاب بالأرق سيصاب بالاكتئاب في وقت لاحق. فمعظم الناس لا يحدث معهم ذلك. إن آخر شيء يحتاجه المصابون بالأرق بالطبع، هو القلق بشأن ما قد يحدث لهم في المستقبل.
ولكن يمكنك أن ترى لماذا في بعض الحالات يساهم سوء النوم في سوء الصحة العقلية. فنقص النوم له آثار سلبية راسخة علينا، تشمل الميل إلى الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة، وغياب الدافع والانفعال الزائد، وكلها يمكن أن تؤثر على جودة علاقات الشخص، مما يزيد من خطورة تعرضه للاكتئاب. علاوة على ذلك هناك عوامل بيولوجية يجدر أخذها بعين الاعتبار. فقلة النوم يمكن أن تؤدي إلى زيادة الالتهاب في الجسم، والذي له دخل في أمراض الصحة العقلية.
ويقوم الباحثون الآن بدراسة العلاقة بين اضطرابات النوم وغيرها من حالات الصحة العقلية.
وقد وجد عالم الأعصاب البارز في جامعة أكسفورد راسل فوستر أن هذا الرابط لا يحدث فقط في الاكتئاب. فاضطراب الإيقاعات اليومية- دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية – ليس شيئا غير مألوف بين الناس الذين يعانون مما يعرف بالاضطراب ثنائي القطب أو الفصام. وفي بعض الحالات، يمكن أن تصبح ساعة الجسم البيولوجية بعيدة جداً عن الانتظام حتى أن الناس يجدون أنفسهم مستيقظين طوال الليل ومستغرقين في النوم خلال النهار.
وقد دعا فوستر زميله، عالم النفس السريري دانيال فريمان، إلى إعطاء مشاكل النوم أولوية أعلى في مجال الرعاية الصحية العقلية. ونظرًا لأن مشاكل النوم شائعة عبر تشخيصات مختلفة، لا يوجد ميل لاعتبارها عاملاً محورياً في حالة بعينها. وهو يشعر أنه في بعض الأحيان يتم إهمال مشاكل النوم في الوقت الذي يمكن فيه التصدي لها.
وحتى عندما تسبق مشاكل الصحة العقلية مرحلة اضطراب النوم، فإن قلة النوم قد تؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها الشخص. في نهاية المطاف، ليلة واحدة فقط من الحرمان من النوم لها تأثير سلبي راسخ على المزاج والتفكير.
وتتعزز العلاقة المعقدة بين النوم والصحة العقلية أكثر من ذلك من خلال التوصل إلى أنه إذا قمت بعلاج الاكتئاب، فإن مشاكل النوم لا تختفي كلياً. إن من السهل أن نرى كيف يمكن للعلاجات النفسية التي تساعد الناس على الحد من اجترار الأفكار السلبية، أن تؤدي أيضًا إلى نومهم بسهولة أكبر.
ولكن في عام 2020، جربت شيرلي رينولدز، أخصائية علم النفس السريري في جامعة ريدينغ، وفريقها ثلاثة علاجات نفسية مختلفة للاكتئاب. وقد كان تأثيرها جيداً بشكل متساو في الحد من الاكتئاب، ولكنها عالجت مشاكل النوم لنصف المشاركين فقط. أما بالنسبة للنصف الآخر، فقد استمر الأرق، الأمر الذي يشير إلى أنه مستقل عن الاكتئاب الذي يعانون منه ويحتاج إلى معالجة بصورة منفصلة.
مع ذلك، يمكن أن تنشأ مشاكل النوم وصعوبات الصحة العقلية من نفس الأسباب، كالأحداث المؤلمة أو السلبية على سبيل المثال. أو الإفراط في التأمل واجترار الذكريات أو العوامل الوراثية المختلفة. وقد ثبت أن الجينات المشاركة في مسارات السيروتونين وأداء الدوبامين تمثل عوامل تتسبب في كل من ضعف النوم والاكتئاب، مثلها مثل الجينات التي تؤثر على ساعة الإنسان البيولوجية (نظام اليل والنهار).
وكما رأينا بالفعل، من المرجح أن الأرق وقضايا الصحة العقلية تؤدي إلى تفاقم بعضها البعض، بما يجعل كلا المشكلتين أسوأ من ذي قبل. أنت مهموم لذلك لا تستطيع النوم، ولا يمكنك النوم لذلك أنت أكثر هماً وشعوراً بالأسى، وهلم جرا، في دورة متصاعدة.
ومن الوارد أيضًا أن قلة النوم هي عبارة عن إشارة إنذار مبكر أكثر من كونها سببًا للاكتئاب اللاحق. إن القلق الذي يمنعك من النوم يمكن أن يكون في بعض الحالات أول عرض لأمراض صحة عقلية أكثر خطورة ستصيبك في المستقبل.
ويقتنع فوستر بأنه من منظور بيولوجي، تعد أفضل طريقة لفك شبكة الارتباط والسببية هي من خلال دراسة تأثير اضطراب إيقاعات الساعة البيولوجية على الدماغ.
ويقول إننا بحاجة إلى النظر إلى التفاعلات المعقدة بين الجينات المتعددة ومناطق الدماغ والناقلات العصبية لفهم ما يحدث.
لذلك ربما تحتاج المشاكل المستديمة مع النوم إلى أن تؤخذ على محمل الجد أكثر لدى المراهقين والبالغين. إن التدخلات في النوم (أي إعطاء المريض علاجاً يساعده على النوم) هي طريقة مباشرة وواضحة المعالم، وفي بعض الحالات ناجحة. ما هو واضح بالفعل، من تحليل شامل ومتنوع لما مجموعه 49 دراسة، هو أن معالجة سوء النوم لدى أولئك الذين يعانون من الأرق، والذين يعانون بالفعل من أعراض الاكتئاب، ليس فقط يساعدهم على النوم بشكل أفضل ولكن أيضا يقلل من الاكتئاب.
لقد وجدت تجربة (الواحة الكبيرة) التي قادها دانيال فريمان في 26 جامعة في المملكة المتحدة أن العلاج السلوكي المعرفي الرقمي للطلاب المصابين بالأرق، لم يساعدهم فقط على النوم، ولكن قلل من حدوث الهلوسة وجنون العظمة، والتي هي أعراض للاضطراب العقلي.
إن سؤال المليون دولار هو ما إذا كانت معالجة قلة النوم يمكن حتى أن تمنع وقوع مشاكل متعلقة بالصحة العقلية في نهاية الأمر. للإجابة على هذا، ستكون هناك حاجة إلى إجراء تجارب واسعة النطاق وطويلة الأجل.
وتكمن إحدى مزايا العلاجات المبكرة والجيدة لمنع سوء النوم ــ سواء بالنسبة لمشكلة النوم في حد ذاتها أو للحد من مشاكل الصحة العقلية الأوسع نطاقاً ــ في أن هناك قدراً أقل من الحرج أو وصمة العار المحيطة بالأرق، لذا فقد يكون من الأسهل إقناع الناس بتقدمهم للعلاج.
في غضون ذلك، يمكن لأي شخص لديه مشكلة في النوم أن يجرب التقنيات التي ظهر أنها أكثر فعالية: ضمان حصولك على ما يكفي من الضوء خلال النهار (في الصباح بالنسبة لمعظم الناس)؛ عدم القيلولة لأكثر من 20 دقيقة؛ عدم تناول الطعام أو الرياضة أو شرب الكافيين في وقت متأخر من المساء، تجنب قراءة رسائل البريد الإلكتروني أو مناقشة المواضيع المجهدة في الفراش؛ الحفاظ على غرفة النوم باردة وهادئة ومظلمة، ومحاولة الاستيقاظ والنوم في نفس الوقت من كل يوم.
إن الحصول على نوم أفضل لن يحل بمفرده أزمة الصحة العقلية، بطبيعة الحال. ولكن هل يمكن أن يحدث فرقا على المدى الطويل؟ حتى لو لم يكن كذلك، كما يعرف المراهقون النُعّس، لا يوجد شيء أفضل من نومة جيدة في الليل، حتى لو كان النوم من أجل النوم فقط.
[ad_2]
Source link