ما المعركة التي تدور رحاها بين الديمقراطيين والجمهوريين؟
[ad_1]
- أنتوني زورتشر
- مراسل بي بي سي – شمال أمريكا
تدور رحى معركة حول حق التصويت في الولايات المتحدة في أورقة الكونغرس وبين المشرعيين على مستوى الولايات في مختلف أنحاء البلاد.
ويصر الجمهوريون في الولايات التي يسيطرون عليها على إصدار قوانين تحد من الأوقات والأماكن التي يمكن للمواطنين فيها التصويت، بحجة تفادي امكانية حدوث عمليات التزوير التي طالما رددها دونالد ترامب في الأشهر التي تلت هزيمته أمام جو بايدن.
وفي الجهة المقابلة هناك الديمقراطيون المسيطرون في العاصمة واشنطن، الذين يدفعون نحو إصدار تشريعات لنزع القرارات الخاصة بالتصويت من أيدي الساسة في الولايات، واستبدالها بقوانين فيدرالية موحدة للانتخابات.
وفي قلب هذا الصراع، يكمن السؤال حول ماهية التهديد الأكبر الذي تواجهه الديمقراطية الأمريكية. هل هو تأمين العملية الانتخابية التي اعتمدت بشكل كبير على التصويت المبكر بالبريد في العام 2020؟
هل هو النظام الانتخابي نفسه، الذي تآكل بفعل تأثير المال السياسي والمتبرعين الكبار والمصالح المتنفذة، وهو ما يجعل التصويت أصعب من اللازم، خاصة بين الفئات التي كانت أقل حظا على مدار التاريخ؟.
تحرك ديمقراطي
مرر مجلس النواب الأمريكي قانونا يوم الأربعاء، وصفه مؤيدوه بأنه “قانون من أجل الشعب”.
ويعد هذا القانون هو الأشمل في مجال الإصلاحات الفيدرالية الخاصة بالنظام الانتخابي الأمريكي منذ عقود.
ويضمن هذا القانون حصول الناخبين على بطاقات الانتخاب بالبريد حال طلبها، ويحتم أن يكون التصويت المبكر قبل 15 يوما على الأقل من موعد أي انتخابات فيدرالية، كما يتطلب النظام الجديد أوراقا انتخابية ويحدد معايير أجهزة التصويت الإلكتروني.
ويمنع هذا القانون الولايات من حرمان المتهمين الجنائيين الذي استكملوا عقوباتهم من التصويت، ويفرض قيودا جديدا على التبرعات غير المعلن عنها، التي تسمى بـ “الأموال السوداء”.
كذلك يجعل القانون عملية تسجيل الناخبين الجدد تلقائية، ويلزم شركات التكنولوجيا بالإفصاح عن المعلومات الخاصة بالإعلانات السياسية، ويقدم دعما حكوميا جديدا لصغار المرشحين الذي يعتمدون على أموال التبرعات، ويهدف إلى إنهاء التلاعب في الحدود الجغرافية للدوائر الانتخابية بهدف تحقيق تفوق حزبي.
ووافق مجلس النواب على مشروع القانون بأغلبية حزبية، مع اعتراض نائب واحد ديمقراطي، هو بيني طومسون من ولاية ميسيسيبي، خشية أن تؤدي إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية إلى الإضرار بالناخبين السود.
تدخل جمهوري
وهناك معارضة جمهورية شبه مطلقة لهذا القانون الذي يدعمه الديمقراطيون. ويصف زعيم الأقلية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، هذا القانون بأنه “تحايل سياسي غير مسبوق” بهدف دعم الديمقراطيين.
كما قال نائب الرئيس السابق، مايك بينس، في مقال رأي إن مشروع القانون الذي يطرحه الديمقراطيون “يزيد من فرص تزوير الانتخابات، ويتعارض مع التعديل الدستوري الأول، ويقوض الثقة في انتخاباتنا ويفسد إلى الأبد أصوات الناخبين الحقيقيين” وهذا واحد من المواقف الأولية المعلنة لـ بنس منذ اضطراره لإخلاء مبنى الكابيتول الأمريكي بعد اقتحامه من قبل أنصار ترامب.
وعبر ترامب نفسه عن موقفه بطريقته المعتادة، وذلك في خطاب ألقاه يوم الأحد الماضي في مؤتمر المحافظين للحراك السياسي، إذ وصف القانون بأنه “وحش لا يمكن السماح بتمريره”.
وناقش المؤتمر في جزء كبير منه مسألة سلامة الانتخابات، وهي التي توضع غالبا في سياق الاعتقاد غير المدعوم بأدلة بأن تزوير الانتخابات كان سبب خسارة ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وضم جدول أعمال المؤتمر سبع ندوات عن إجراءات التصويت، وكان أغلب المشاركين من المعارضين للقانون الذي طرحه مجلس النواب.
دور مجلس الشيوخ
ومع موافقة مجلس النواب بأغلبيته الديمقراطية على مشروع القانون، يحال الآن إلى مجلس الشيوخ الذي يجب أن يوافق بدوره عليه قبل أن يصل إلى الرئيس جو بايدن ليوقعه ويصبح قانونا بالفعل.
وقبل عامين، تجاهل مجلس الشيوخ مشروعاً مشابهاً أقره مجلس النواب كان يسيطر عليه حينها أيضا الديمقراطيون. والآن، أصبح الديمقراطيون يسيطرون على مجلس الشيوخ، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن مشروع القانون سيمر بدون عقبات.
وهناك قاعدة في مجلس الشيوخ تتطلب حصول مشروعات القوانين الكبرى على 60 صوتا لتمريرها. وبوجود 50 ديمقراطيا فقط في المجلس، هذا يعني حاجة الديمقراطيين لتأمين عشرة أصوات من الجمهوريين لتمريره، وهي مهمة شبه مستحيلة.
وبعض النقاط الواردة في القانون، مثل إعادة التقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية والقواعد المنظمة للتصويت عبر البريد، هي نقاط خلاف رئيسية غير قابلة للتفاوض. هذا إضافة إلى ان مشروع القانون، المكون من 791 صفحة، مليء بالنقاط التي تتفاوت مستويات الخلاف حولها، والتي سوف يفندها أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون.
وهذا الوضع دفع بعض الديمقراطيين للمطالبة بالتخلي عن قاعدة الأصوات الستين بالكامل، والاكتفاء بأغلبية التصويت لصالح القانون.
ومثل هذا القرار يتطلب موافقة الديمقراطيين بالكامل، وهو أمر مستبعد في ظل معارضة اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، هم جو مانشين عن غرب فيرجينيا، وكريستن سينيما عن أريزونا.
لكن هذا الوضع لن يثني الديمقراطيين عن المحاولة، خاصة إذا استمر الجمهوريون في معارضةمشروع القانون.
ويقول السيناتور شيلدون وايتهاوس، عن منطقة رود آيلاند “عرضنا الإصلاحات عدة مرات وفي كل مرة اجهضوها وها نحن نرى تأثير هذه العرقلة القائمة على سوء النية على آراء الأعضاء بشأن عرقلة التصويت بحجج إجرائية”.
ضغط على طريقة ترامب
وخارج أسوار الكونغرس، يخوض الديمقراطيون سباقا آخر في 43 ولاية يعملون على تمرير تشريع يحد من العملية الانتخابية ويعطل النظام على مستوى الولايات وتحويله الى قانونا فديرالي موحد.
وفي ولاية جورجيا على سبيل المثال، وافق مجلس نواب الولاية على مشروع قانون يوم الإثنين الماضي، يحد من استخدام صناديق البريد العمومية لإرجاع أوراق التصويت، إذ أصبح يتطلب ذلك إبراز هوية بها صورة الشخص للتصويت عبر البريد، وكذلك إنهاء التصويت المبكر أيام الأحد، وهو اليوم الذي يذهب فيه مرتادو الكنائس السود، أغلبهم ذوو ميول ديمقراطية، للتصويت في مجموعات كبيرة.
في ولاية ويسكنسون هناك تشريع مماثل، ويمنع المسؤولون عن التصويت من تعديل قوائم المتغيبين عن التصويت لإضافة أي معلومات لبطاقة التصويت الخاصة بالناخبين بالبريد.
وتدرس ولايات أخرى وضع قيود جديدة على التسجيل الناخبين في يوم التصويت، وتقييد التسجيل للتصويت بضرورة تقديم دليل على الجنسية، والتبكير في تواريخ إرسال الأصوات عبر البريد، وتسهيل استبعاد المصوتين غير الفاعلين الذين لا يستجيبون لطلبات إثبات الشخصية.
ويرى الجمهوريون أن هذه إجراءات منطقية لحماية الانتخابات ضد التزوير، وضمان ثقة الأمريكيين في النظام الانتخابي. لكن الديمقراطيون يقولون إن ثقة الجمهور تضعضعت بفعل الاتهامات الجزافية التي روجها ترامب وآخرون بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
معركة محتدمة
وعند نشوب خلاف بين الولايات والحكومة الفيدرالية بشأن قواعد الانتخابات، تكون الغلبة للحكومة وفق الدستور الأمريكي. لكن هذا لا يمنع احتمال رفع دعاوى قضائية ضد قرارات الحكومة الفيدرالية حال نجاح الديمقراطيين في تمرير القانون.
وفي هذا الأسبوع مثلا، عقدت جلسة في المحكمة العليا عرض فيها الديمقراطيون والجمهوريون حججهم بشأن تطبيق قانون حقوق التصويت لعام 1965 في أريزونا. وأحد النقاط المثارة هي منع الولاية إمكانية جمع الأصوات عن طريق طرف ثالث، وهي من بين الخلافات التي تطرق لها مشروع القانون الجديد.
والمعارك السياسية الكبيرة ليست غريبة عن العاصمة واشنطن. وأغلب جلسات مجلس الشيوخ، خاصة في بداية الفترات الرئاسية، تشهد عددا من المواجهات حول التشريعات التي قد يكون لها تأثير على المدى البعيد.
لكن المعركة الحالية تدور حول آلية وسير الانتخابات، وبالتالي تحديد من ستكون لهم الفرصة في خوض المعارك السياسية المقبلة، وليست هناك معركة أكثر أهمية من هذه.
[ad_2]
Source link