زيارة البابا فرانسيس: مسيحيو بلدة قره قوش العراقية يبتهجون بالزيارة ويشكون “تجاهل الدولة”
[ad_1]
- سالي نبيل
- بي بي سي نيوز عربي
“زيارة بابا الفاتيكان تشعرنا بالطمأنينة والأمان كمكون مسيحي في هذا البلد” هكذا يخبرني باسم حبيب، المدرس المتقاعد، ببلدة قره قوش ذات الأغلبية المسيحية، شمالي العراق، التي يتوجه إليها البابا فرانسيس ضمن زيارته التاريخية إلى العراق.
يحدثني باسم، عبر اتصال بالفيديو، من منزله الذي نجح في ترميمه بشق الأنفس، بعد أن استدان واقترض.
لا تخلو سعادته بزيارة البابا من شعور بالمرارة، إذ يقول: “نحن منطقة منكوبة لكن الدولة لم تقدم لنا شيئا. الدعم الحكومي صفر. ولم يساعدنا إلا بعض المنظمات الخيرية.”
في عام 2014، احتل مسلحو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية قره قوش ليفر سكانها، ومن بينهم أسرة باسم، خوفا على حياتهم. وبعد نحو عامين، تمكنت القوات العراقية من هزيمة المسلحين في المنطقة.
حينها، رافقنا باسم عندما عاد ليرى منزله، لأول مرة، بعد أن تحررت البلدة من قبضة التنظيم المسلح. كانت صدمته لا توصف حين دخل إلى بيته، فقد أحرق المسلحون أغلب محتويات المكان، الذي اكتست جدرانه بالسواد. أما قطع الأثاث، التي نجت من النيران، فلم تسلم من التكسير والتهشيم.
اقترض باسم مبلغا من صندوق الإسكان، وهو جهة حكومية، ليعينه على إعادة إعمار منزله. وقد تفرض عليه غرامات مالية إذا تأخر في تسديد أقساط القرض. ويوضح أن هذه هو حال غالبية أهالي قره قوش: “الحكومة تطالبنا بتسديد المديونية، بدلا من أن تساعدنا.”
“نريد العدالة”
تقع بلدة قره قوش بسهل نينوى، حيث يتركز أغلب الوجود المسيحي بالعراق، كما تبعد نحو عشرين دقيقة بالسيارة عن مدينة الموصل، التي اتخذها مسلحو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية عاصمة لهم في العراق، قبل أن تعلن الحكومة العراقية هزيمة التنظيم المتشدد في أواخر عام 2017.
وخلال زيارته للبلاد، يلتقي البابا فرانسيس بالكثير من المسؤولين العراقيين. ويأمل باسم أن تسهم هذه اللقاءات في تسليط الضوء على الأحوال المعيشية للمسيحيين خصوصا والعراقيين عموما.
ويضيف باسم: “هذه الزيارة هي الأولى من نوعها. بالتأكيد سيكون لها مردود إيجابي على العراق. كل ما نريده هو العدالة، لأنه لو كانت هناك عدالة لكل العراقيين، لاستقر العراق.”
“المسيحيون سينقرضون”
عندما زرنا قره قوش قبل أكثر من أربع سنوات كانت أشبه بمدينة الأشباح ، شوارعها مهجورة وصامتة، وكثير من مبانيها مهدمة. غابت عنها كل مظاهر الحياة.
اليوم، دبت فيها الروح من جديد. رممت العديد من المباني وعادت المتاجر للعمل. كما عبدت الطرق، وتزينت الكثير من جنبات البلدة بصور البابا فرانسيس، تزامنا مع الزيارة.
لكن لم يعد إلى قره قوش إلا أقل من نصف سكانها. فكثيرون منهم آثروا الرحيل عن العراق كله طلبا لحياة أفضل.
“خلال سنوات سينقرض المسيحيون من العراق. فالكل يرحل.” هذا ما تحدثني به ساندي، ابنة باسم والتي تعمل بالتدريس أيضا. تقول إنها تشعر بالتهميش كمسيحية، ولا تثق في قدرة الحكومة على تحسين الأوضاع.
تخبرني أيضا أنها ستهاجر إن سنحت لها الفرصة لأنها تفتقد الشعور بالأمان والاستقرار.
“ينتابني الخوف في الشارع. ربما أقع ضحية لانفجار سيارة مفخخة، أو أتعرض للخطف. الكل يعاني في العراق. كما أن هناك غياب للخدمات وفرص العمل والعديد من أساسيات الحياة.”
“الشعب المتألم”
تشير تقديرات كنسية إلى أن أعداد المسيحيين في العراق كانت حوالي مليون ونصف المليون حتى الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003. ومنذ ذلك الحين بدأت معدلات الهجرة تتزايد، حتى تراجعت أعدادهم إلى أقل من نصف مليون مسيحي.
يحمل الأب عمار ياكو، مسؤول كنيسة الطاهرة الكبرى وهي أبرز كنائس المنطقة، مخاوف مماثلة لتلك التي عبرت عنها ساندي.
“يعاني المسيحيون من مشكلة كبيرة وهي الهجرة. نحتاج لحل هذه المشكلة حتى لا نصل لليوم الذي لا يوجد فيه مسيحيون في العراق.”
ويضيف أن البابا فرانسيس أعلن أنه سيزور “الشعب المتألم، سيذهب إلى أولئك المتعبين من الحروب والهجمات الإرهابية. وستكون سعادتنا كبيرة عندما نجده يشاركنا الهموم والآلام”.
تعرضت كنيسة الطاهرة الكبرى لضرر بالغ على أيدي المسلحين.
أذكر جيدا كيف هالني المشهد عندما دخلت إليها خلال زيارتي للبلدة عام 2016، إذ أحرقت الجدران والصلبان وقطعت رؤوس تماثيل مريم العذراء. وكانت الأرض مغطاة بفوارغ طلقات الرصاص. علمت حينها أن المسلحين حولوا هذه الكنيسة لساحة للتدريب على القتال.
استعادت الكنيسة رونقها الآن لكن إعادة الترميم لم تكن بالأمر الهين. سألنا الأب عمار ياكو إذا كانت الحكومة قدمت لهم أي مساعدات مالية. “لا شيء” تأتينا إجابته مقتضبة وموحية.
يحتاج سكان قره قوش للكثير. ويتمنون أن يسهم مجيء البابا في إيصال أصواتهم وشكاواهم لصانع القرار في بلادهم عله يعيد إليهم الطمأنينة المفقودة.
[ad_2]
Source link