هل يصبح الجنس الافتراضي بديلا للعلاقة الجسدية؟
[ad_1]
- جيسيكا كلين
- بي بي سي
بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر من بدء تطبيق الإغلاق في بريطانيا لمكافحة فيروس كورونا، انضمت إيمّا، وهي طالبة في السادسة والعشرين من عمرها، إلى حفلة جنسية افتراضية عبر منصة زووم مع مجموعة من الأشخاص لم تلتق بهم إلا من خلال محادثات عبر الإنترنت.
وجرى تنظيم اللقاء عن طريق “كيلينغ كتينز”، وهي شركة كانت قبل انتشار جائحة كورونا تقيم حفلات جنسية على أرض الواقع مع التأكيد على أن يكون زمام الأمور فيها بيد النساء.
وبدأت الحفلة الافتراضية التي حضرتها إيمّا بألعاب خاصة مع احتساء الشراب لجعل الأجواء أكثر حميمية واسترخاء. ولم يكن ذلك يشبه أي حفلة سبق لها أن حضرتها.
تقول إيمّا، “بدأنا بالألعاب، وطرح علينا المنظمون أسئلة من قبيل ‘أي من المشاهير ترغب بمقابلته في حفلة لكيلينغ كتينز؟'” وذلك لجعل الحضور يتحدثون عن خيالاتهم ورغباتهم والأشياء التي يفضلونها، ما يسهل الانتقال بشكل سلس إلى أجواء أكثر حميمية. وتضيف إيمّا أن هناك مشاركين “خلعوا بعض ملابسهم”، مؤكدة “لقد كان تفاعلا جيدا، ومثيرا جنسيا إلى درجة كبيرة مع أشخاص آخرين”.
لقد كان ذلك تواصلا افتقدته إيما واشتاقت إليه، فبعد أن خسرت وظيفتها في شهر مارس/آذار، وذهبت زميلتها الوحيدة في السكن لتبقى مع عائلتها، أمضت معظم الوقت منذ انتشار الوباء في عزلة جسدية حقيقية. وتقول عن ذلك: “هناك أوقات شعرت فيها بوحدة شديدة”.
ورغم أن إيمّا سبق لها أن حضرت حفلات جنسية، إلا أنها لم تنضم إلى “كيلينغ كتينز” إلا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019. وتقول عن ذلك: “كنت (سابقا) أشعر ببعض التوتر جراء فكرة الانخراط بشكل فعلي في الحفلة”.
وبعد تفشي الوباء، خشيت أن تكون قد فوتت على نفسها الفرصة. وقررت الانضمام إلى إحدى مجموعات الدردشة الخاصة بالعزاب والتابعة لـ”كيلينغ كتينز”، وبدأت في تكوين صداقات وثيقة، ما جعلها تشعر بالراحة الكافية لخوض تجربة المشاركة بحفلة افتراضية، وترى إن كانت تناسبها.
كانت العزلة الاجتماعية التي فرضتها الجائحة تعني أيضا عزلة جنسية، سواء بالنسبة للعزاب أو الأزواج الراغبين في العلاقة الجسدية الحميمة واستكشاف تجارب جديدة فيها. ورغم أن خلق التجربة الجنسية الحسية عبر الإنترنت ليس عملية سهلة ومباشرة، فإن التجارب الافتراضية، من الورش التدريبية الخاصة بتشجيع الأحاديث الفاحشة عبر منصة زووم إلى حفلات الجنس الشبيهة بالتي حضرتها إيمّا، ساعدت في ملء الفراغ الذي تركه غياب العلاقة الحميمة الجسدية لدى كثيرين.
ورغم أن اللقاءات الجنسية عبر الإنترنت، وفقا لمنظميها والمشاركين فيها، يمكن أن “تحاكي” التجارب الشخصية، وتوفر راحة نفسية في وقت تشتد الحاجة إليها، فليس هناك بديل حقيقي مباشر للتلامس الجسدي.
ومع ذلك، وبخلاف كونها بديلا للجنس الفعلي خلال فترة الجائحة، قد تكون هذه التجارب الافتراضية أيضا وسيلة توضح لنا الجوانب الأهم في العلاقة الحميمة، سواء أثناء العزلة التي فرضها الاغلاق أو بعد أن تتاح لنا العودة إلى التلامس بحرية.
اكتشاف العلاقة الحميمة الرقمية
بعد مرور عام تقريبا على انتشار الوباء، وجد كثير من الناس طرقا بديلة للمواعدة وتكوين العلاقات عبر الإنترنت. وتتيح تطبيقات المواعدة مثل “بامبل” للمستخدمين الآن تحديد شكل المواعدة المفضل لديهم، “افتراضية فقط” أو “ملتزمة بالتباعد الاجتماعي”.
ووفقا لأحد ممثلي “بامبل”، ارتفعت مكالمات الفيديو عبر التطبيق بنسبة 42 في المئة خلال شهر مايو/أيار 2020 مقارنة بشهر مارس/آذار قبل الإغلاق.
لكن العناصر الأساسية للتجارب الجنسية الحقيقية وأبرزها التلامس الجسدي لا يوجد لها بديل مباشر عبر الإنترنت.
ومع ذلك، فالناس مستمرون في إقامة علاقات حميمة عبر الشبكة العنكبوتية. وفي أكتوبر/تشرين الأول أجرت شركة “بيسك” للمشروبات الكحولية الغازية دراسة استقصائية على 2000 شخص عازب دون سن 35 عاما في الولايات المتحدة، ووجدت أن 58 في المئة منهم مارسوا الجنس الافتراضي أثناء انتشار الوباء، منهم 77 في المئة فعلوا ذلك مع أشخاص لم يسبق لهم أبدا ان مارسوا معهم الجنس في الواقع.
أما في استطلاع أجراه تطبيق “بامبل” وشمل 5000 عازب في بريطانيا، فقد قال 32 في المئة منهم إن “الممارسة الحميمة الرقمية” كانت مهمة في علاقاتهم أثناء الإغلاق، وكذلك خلال الفترات التي رفعت فيها الإجراءات المقيدة.
وبالنسبة لإيمّا وغيرها من الذين انخرطوا في لقاءات جنسية عبر الإنترنت العام الماضي، فإن نشاطات مثل المشاركة في حفلات الجنس الافتراضية وورش عمل زووم التثقيفية والألعاب الجنسية التي يتم التحكم فيها عن بُعد والانضمام إلى مجموعات ناشطة جنسيا، أثبتت أنها مُرضية جنسيا، وبمثابة البديل لغياب العلاقة الجسدية الفعلية.
وتقول إيمّا، التي تصف نفسها بأنها “استعراضية” أي تستمتع جنسيا بعرض جسدها على الآخرين: “هناك إشباع جنسي كبير عند توفر إمكانية مشاهدتك للآخرين، وأن يشاهدونك أيضا”.
كما أن مشاهدة أزواج حقيقيين وهم يمارسون الجنس تختلف عن مشاهدة الأفلام الإباحية. إنه شيء شخصي وحميم، مثله مثل الروابط التي أقامتها إيمّا ضمن هذه التجمعات الإيجابية جنسيا. وقد شكلت هي وغيرها من الحاضرين العزاب “روابط قوية” فيما بينهم، كما تقول، وتضيف: “لأننا جميعا تشاركنا هذه التجربة، وعلى مستويات متشابهة جدا”.
وفي لندن، لاحظ ديفيد، مدير نادي “لو بودوار” للبالغين، عندما بدأ في أكتوبر/تشرين الأول استضافة حفلات جنسية افتراضية بالاشتراك مع نواد أخرى مماثلة في لندن أن المشاركين للمرة الأولى يتصرفون كما لو أنهم في مكان واقعي. وأنهم في البداية يكونون مترددين في الدردشة مع الآخرين، لكن كما يقول: “يمكنك أن تشاهد كيف تشجعوا مع تقدم الوقت خلال السهرة”.
وعلى غرار حفلات “كيلينغ كتينز”، تبدأ هذه النشاطات بمحاولة كسر الجليد بين الحضور وتقديم عروض (مثل الرقصات المثيرة)، لمساعدة الناس على الدخول في حالة مزاجية مناسبة. ويبدو مسار الحفلة الافتراضية مشابها لدرجة كبيرة لما كان سيكون عليه لو كانت واقعية. ويقول ديفيد “إنها التكنولوجيا التي تحاكي الحياة الواقعية”.
عنصر الأمان
وأدت طبيعة هذه الفعاليات، وكونها تقام عبر الإنترنت، إلى توسيع تركيبة المشاركين، فهي تتيح للناس حضورها بغض النظر عن الموقع الجغرافي والفئة العمرية والخبرات السابقة.
وتستقطب حفلات “بودوار” و”بربيل مامبا” مشاركين من دول عدة مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية وأستراليا والولايات المتحدة. والحفلة التي تبدأ ليلة السبت، بتوقيت المملكة المتحدة مثلا يمكن أن تبدأ بعد الظهر على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
ويقول سايل، أحد منظمي هذا النوع من الحفلات، إنه لاحظ أن الفعاليات الافتراضية تجذب مشاركين أصغر سنا، ليس فقط لأنهم عادة أكثر استخداما للإنترنت و”هذه هي طريقة تواصلهم المعتادة”، كما يقول، ولكن أيضا لأن حفلات الإنترنت تلغي العائق المالي لحضور مثيلتها الواقعية. إذ تبلغ كلفة حضور حفلات “كيلينغ كتينز” عبر الإنترنت 20 جنيها إسترلينيا (27 دولارا)، في حين يمكن أن يكلف حضورها على أرض الواقع 350 جنيها إسترلينيا (480 دولارا).
ومن الأشياء التي تجعل إيمّا، التي لا تعيش في مدينة كبيرة، متحمسة للحفلات الافتراضية، أنها لن تضطر إلى دفع تكاليف السفر لحضور حفلة في لندن، والتي قد تشمل الإقامة في فندق، والوجبات، وشراء ملابس جديدة. وهي تقول: “كطالبة، أجد هذا جيد جدا”.
وتجذب حفلات الجنس الافتراضية التي يقيمها “بودوار” و”بربيل مامبا” الآن حوالي 150 شخصا في يوم السبت، ونصفهم يشاركون للمرة الأولى. وينطبق هذا أيضا على حفلات “كيلينغ كتينز”، حسب سايل، الذي يقول: “كثير من (الحاضرين) هم أشخاص جدد تماما لم يكونوا ليفكروا أبدا في حضور حفلة جنسية من قبل”. ويضيف هناك “عنصر أمان” عندما تكون مشاركتك عبارة عن دردشة عن طريق كاميرا الفيديو إذ “يمكنك أن تغلق الشاشة في أي لحظة”.
هذا بالضبط ما جعل الزوجين المقيمين في بريطانيا، مات، 31 عاما، وإيميلي، 29 عاما، يشعران بالراحة خلال الوباء تجاه حضور أول حفلة جنسية لهما على الإطلاق، مع تحول نشاطات “بودوار” و”بربيل مامبا” إلى الإنترنت. يقول مات: “أنت في منزلك، إنه الأمان الذي يمثله ذلك”، على الرغم من أن الزوجين كانا في النهاية سيذهبان إلى حفلة جنسية واقعية على الأغلب، إلا أن القرار “كان سيستغرق وقتا أطول”، كما تقول إيميلي.
وأتاحت هذه الفعاليات التي تقام عبر الإنترنت للزوجين الشابين استكشاف حياتهما الجنسية ورغباتهما وعلاقتهما الخاصة. يقول مات إنه في هذه الحفلات تظهر “الأساليب المختلفة” لكل من الأشخاص المشاركين، ما يخلق تجربة مشتركة حقيقة مع زوجين آخرين، وهي تجربة لم يكونا يعتقدان بأنهما سيرغبان في اختبارها قبل الوباء، إلا أنهما غيرا رأيهما بعد انتشاره.
كما ساعدت اللقاءات الافتراضية مات وإيميلي أيضا في استخدام اللغة للتعبير عن رغباتهما. ونظرا لكونهما يتواصلان مع آخرين عن بعد، وعليهما أن يكونا واضحين، فقد تعلما استخدام مصطلحات معينة لوصف ما يفضلانه.
ويأتي هذا متوافقا مع اتجاه لاحظته ميغان ستابس، عالمة الجنس المقيمة في ميتشيغان، والتي تقول: “رأيت انفتاح المزيد من سبل الاتصال. والناس يتحدثون أكثر عن احتياجاتهم، وبشكل أكثر تحديدا”. وهذا أمر فرضته المسافات، كما تقول، فعندما لا تكون في نفس الغرفة مع شريكك الجنسي، لا يمكنك الاعتماد على لغة الجسد والإشارات الطفيفة. وتضيف: “مجرد وجود مسافة تفصلك (عن الشريك) لا يعني أن ما تقوم به هو بطريقة ما أقل مما كان سيكون، لو أن اللقاء شخصيا”.
الحرمان من اللمس
ومع ذلك، يتفق الخبراء والأشخاص الذين يمارسون الجنس الافتراضي على أنه لا شيء قادر على أن يحل بالكامل مكان التلامس الجسدي. وكما يقول سايل: “لا يمكنك خلق حالة الاستمتاع الكامل عبر الإنترنت”.
ويعود جزء من هذا إلى التغيرات التي تحدث في خلايا الشخص حين يتم لمسه. وتوضح تيفاني فيلد، رئيسة معهد أبحاث اللمس في كلية الطب في جامعة ميامي ميلر، أن “اللمس بالضغط المعتدل” يحفز مستقبلات الضغط الموجودة تحت الجلد. وتقول: “يؤدي هذا إلى سلسلة من ردود الفعل. وهذا يهدئ الجهاز العصبي، ويبطئ معدل ضربات القلب، ويخفض ضغط الدم، ويؤدي إلى حالة من الاسترخاء”.
وعندما يُلمس الشخص تتراجع أيضا مستويات الكورتيزون في دمه- وهو هرمون التوتر الذي يؤدي ارتفاعه لفترات طويلة إلى قتل الخلايا المناعية – بينما تنشط الخلايا القاتلة الطبيعية (التي تقتل البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية)، وذلك وفقا لبحث فيلد المتعلق بالعلاج بالتدليك تحديدا. وتقول فيلد: “من المفارقات، أننا خلال هذا الوقت الذي يتسم بكثير من الحرمان من اللمس، ليست لدينا الحماية التي توفرها الخلايا القاتلة الطبيعية التي تقضي على خلايا فيروس كورونا”.
وتقول فيلد بالاستناد إلى نتائج بحثها عن “اللمس بالضغط المعتدل”، إن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم يمكنهم التغلب على الحرمان من اللمس من خلال “اللمس الذاتي”. ويتضمن ذلك القيام بأنشطة بسيطة مثل الضغط على الجسم والمشي، والتي تحفز مستقبلات الضغط اسفل أقدامنا. وتندرج ممارسة الجنس الافتراضي ضمن هذه الفئة من النشاطات، في حال كان المشاركون على استعداد لذلك.
ويقول منظمو هذه التجارب الجنسية عبر الإنترنت وكذلك المشاركون بها، إنهم على الأرجح سيتابعون النشاطات الافتراضية حتى عندما يصبح الاختلاط مع الغرباء آمنا. فالعلاقة الرقمية الحميمة تقدم شيئا فريدا: أن تكون في منزلك، وفي الوقت نفسه لديك إمكانية الانخراط في نشاط يرضي الرغبات مع مجموعة واسعة من الأشخاص على اختلاف أماكنهم جغرافيا، وبتكلفة قليلة أو معدومة.
وبرغم ذلك، من المرجح أن يزداد الإقبال على الفعاليات الواقعية. ويرى سايل أن التاريخ يؤكد أن الناس سيعودون إلى ممارسة الجنس واقعيا، ويقول: “آلاف السنوات من التاريخ تظهر أن ما يحدث دائما بعد الأوبئة والحرب هو أن الناس يقبلون على ممارسة الجنس، وهذا ما سيحدث (بعد وباء كورونا)”.
وقد يكون للوباء تأثير آخر أيضا، فربما يجعلنا جميعا ندرك كم كنا محرومين من اللمس أصلا. فقبل جائحة كورونا كانت خبيرة اللمس فيلد وزملاؤها يجرون دراسة تضمنت ملاحظة مدى ملامسة الأشخاص لبعضهم عند بوابات المغادرة في المطارات. وتقول فيلد إن الناس كانوا يتلامسون خلال أربعة في المئة من الوقت فقط، في حين يستخدمون هواتفهم الذكية خلال 68 في المئة من الوقت.
لقد كانت منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي سببا في ابتعاد الناس عن بعضهم جسديا قبل انتشار الوباء. والآن، أصبحت وسيلة تتيح لهم أن يكونوا معا.
وتقول فيلد: “أعتقد أن انتشار الوباء أدى إلى تفاقم شعور الحرمان من اللمس، وربما بدأ الناس الآن يقدرون أهمية التلامس الذي كان متاحا لهم في الماضي، ويفتقدونه”.
[ad_2]
Source link