أرمينيا وأذربيجان: بي بي سي عربي تحاور مقاتلا سوريا على خط النار بين البلدين
[ad_1]
“لم أكن أعلم أننا ذاهبون للقتال” بهذه الكلمات افتتح عبدالله (وهو اسم مستعار بناءً على طلبه) حديثه معي على أحد تطبيقات الدردشة.
لم تكن الدردشة مسترسلة، إذ كان يبعث إجاباته على عجل لدى إقامته في تجمع عسكري تابع لجيش أذربيجان، لكيلا يراه أحد من القادة هناك فينال منهم عقابا رادعا.
يقع ذلك التجمع على الحدود مع أرمينيا، وفُرضت فيه رقابة صارمة على المقاتلين المقيمين فيه، ولا سيما في ظل الحرب التي تجري حاليا بمنطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا منذ قرون مضت.
وإبان الحكم السوفيتي، كانت ناغورنو كاراباخ مأهولة بمواطنين ذوي أصول أرمينية، كإقليم حكم ذاتي داخل أذربيجان، لكن مع تفكك الاتحاد السوفيتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي، سعى سكان هذا الإقليم إلى الاتحاد مع أرمينيا، وهو ما أدى إلى اندلاع صراع في تسعينيات القرن الماضي أدى إلى مقتل 30 ألف شخص، وانتهى بتوقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار، جاعلا الإقليم بؤرة نزاع بين الجانبين تتجدد من حين لآخر وتخلف قتلى وجرحى بين الطرفين ولا سيما في عام 2016 عندما أدت بعض الاشتباكات لمقتل ما يزيد عن 100 شخص.
ومنذ الأحد الماضي، أعلنت الدولتان الأحكام العرفية والتعبئة العامة بعد تصاعد وتيرة القتال بين الطرفين.
عبدالله من مئات السوريين المدنيين غير المدربين على القتال، والذين تتراوح أعمارهن بين 17 إلى 30 عاما، بُعثوا منذ الأربعاء الماضي، بمعرفة الجيش التركي وحليفه في الشمال السوري الجيش الوطني المعارض، إلى القتال بجانب القوات الآذرية.
وقد وجهت الحكومة الأرمينية اتهامات لتركيا بنشر أربعة آلاف مقاتل سوري في أذربيجان، لكن السلطات الآذرية تنفي تلك المزاعم.
كما نشرت وكالة الأنباء التركية (الأناضول) تقريرا ينفي الأنباء المتعلقة بالأمر ذاته.
في حين يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، على لسان مديره رامي عبد الرحمن، أن فصائل في الجيش الوطني السوري المعارض مثل السلطان مراد وسليمان شاه ذات الجذور التركمانية قد بعثت مقاتلين إلى أذربيجان بإيعاز من أنقرة، في حين رفض مقاتلون آخرون ينحدرون من مدينتي حمص والغوطة الذهاب بذريعة أن الصراع بين الشيعة الأذريين والمسيحيين الأرمن.
الطريق إلى أذربيجان
عبدالله مثله مثل معظم قاطني الشمال السوري الذين يعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، إذ كشف استبيان محلي أجراه فريق “منسقوا الاستجابة” أن أكثر من 90% من الناس هناك لا يستطيعون تغطية مصاريف الحياة الأساسية، في حين يحصل 81% منهم على راتب شهري أقل من 50 دولارًا أمريكيًا ولا يمتلك 78% القدرة على شراء ما يحتاجونه أو يرغبون بشرائه.
لذلك، قبل عبد الله بوظيفة في أذربيجان مقابل 2000 دولار شهريا لتحسين ظروف معيشته وأسرته، لكنه لم يعرف ما الذي كان ينتظره هناك.
يشرح لي عبد الله رحلته ويقول: “في الأسبوع الماضي اقترح علينا سيف أبو بكر، قائد فرقة الحمزة بالجيش الوطني السوري المعارض، أن نذهب إلى أذربيجان لحراسة نقاط عسكرية على الحدود بأجر شهري يصل إلى 2000 دولار، لم تكن هناك حرب حينها، وقد نُقلنا من شمال سوريا إلى قرية حور كلس وهناك جرَّدنا عناصر من الجيش الوطني السوري المعارض من كل ما نملك من مال وهواتف وملابس، حتى لا يتم التعرف على هويتنا”
تمكن عبدالله من استعادة هاتفه مرة أخرى من أجل التواصل مع أسرته الصغيرة، لكنه لا يعلم الآن إن كان سيراهم مرة أخرى.
يضيف عبدالله: “بعدها نُقِلنا إلى مطار عنتاب جنوبي تركيا حيث أخذنا رحلة جوية مدتها ساعة وأربعون دقيقة إلى مطار إسطنبول، ثم نُقلنا بعدها عبر الخطوط الآذرية إلى أذربيجان، ووجدنا أنفسنا في نقطة عسكرية على الحدود، ولم تكن هناك حرب وقتها، ولم نتلقَ تدريبا على القتال حتى”.
وليست هذه المرة الأولى التي يُبعث فيها سوريون للقتال خارج وطنهم عبر تركيا، إذ كشف تقرير أعدته الأمم المتحدة في شهر مايو/ أيار الماضي عن سفر سوريين من شمال البلاد عبر تركيا إلى غرب ليبيا للقتال في صفوف قوات حكومة الوفاق ضد قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
قتال مفاجئ
عندما حل يوم الأحد الموافق 27 سبتمبر /أيلول، تبددت أحلام عبدالله بكسب المال وتحسين المعيشة عندما وصلت أخبار اندلاع الحرب بين الآذريين والأرمن.
قال لي: “شحنونا في ناقلات جند، كنا نرتدي زيا آذريا، وكل شخص منا كان مسلحا بسلاح فردي (كلاشينكوف).. أغلب الناس هنا مدنيون فقراء كانوا يرغبون في المال وليسوا عسكريين،
توقفت السيارة وفوجئنا أننا على خط النار، لم نعلم حتى بمكان العدو. عندما بدؤوا قصفنا، بدأ الشباب يبكون خوفا ويريدون العودة إلى مقر إقامتهم، ثم سقطت بجانبنا قذيفة فقتل أربعة سوريين وجرح ثلاثة آخرون”.
وكان رئيس أذربيجان، إلهام علييف، قد قال إن تركيا ليست طرفا في صراعها مع أرمينيا إنما تقدم لها دعما معنويا فقط.
ويضيف عبدالله أنه في التجمع العسكري الذي يقيم فيه، رأى جثامين عشرة أشخاص سوريين، في حين أصيب سبعون آخرون لا تتوفر لهم الرعاية الصحية اللازمة.
وقالت مصادر محلية في شمال سوريا لبي بي سي عربي إن عدداً من العائلات بدأت تتلقى أنباء وفاة ذويهم هناك.
إما القتال أو السجن
تحول المستقبل المشرق في أعين هؤلاء السوريين، بعد الحصول على ألفي دولار شهريا، إلى ظلام مفاجئ، إذ يواجهون الآن الموت كل لحظة، لذلك يطالبون الآن بالرجوع إلى بلدهم.
توقف عبدالله عن الكتابة قليلا ولم يعد يرد على أسئلتي، ظننتُ أن أمره قد كُشِف، لكن اتضح بعد ذلك أن ضعف شبكة الإنترنت في منطقة الحرب تلك يجعل التواصل صعبا، ويضيف: “بعد بدء الحرب حاولنا إبلاغ القادة هنا أننا نريد العودة إلى سوريا ولكن منعونا، وهُددنا بالسجن لمدة طويلة إن لم نذهب للقتال على الجبهات، نحن شبه منفيين” .
[ad_2]
Source link