القاضية روث بادر غينسبيرغ: لماذا أشعل موتها معركة ستحدد روح الولايات المتحدة الأمريكية؟
[ad_1]
هي المرأة الأولى التي مُنحت شرف أن يسجّى جثمانها في مقر الكونغرس الأمريكي ليلقي الناس عليها تحية الوداع.
وبناء على موعد تعيين القاضي الجديد الذي سيخلفها في محكمة العدل العليا في الولايات المتحدة، سيتحدد مصير عدد من القضايا الهامة، مثل حق الإجهاض وزواج المثليين وحيازة السلاح والوصول إلى خدمة الرعاية الطبية. وسنشرح لكم سبب ذلك.
وقد قوبل خبر وفاة روث بادر غينسبيرغ بردة فعل عادة ما ترافق خبر الإعلان عن وفاة نجوم الروك أو مشاهير هوليوود، لا خبر وفاة قاضية في محكمة العدل العليا، كرست حياتها لدراسة القانون وكانت في السابعة والثمانين من عمرها.
نعاها مشاهير كثر مثل جينيفر أينستون التي كتبت: “فُطر قلبي”؛ والعارضة الشهيرة، كارا ديليفين، التي كتبت: “رائدة. أيقونة. أسطورة. قدوة. مقاتلة”.
وإلى جانب مشهد حزن الناس على رحيلها ووضع أكاليل الزهور على نصب تذكارية لها في أنحاء البلاد، ستصبح غينسبيرغ يوم الجمعة، أول امرأة يوضع جثمانها في مبنى الكابيتول الأمريكي، وأول امرأة تُمنح أيضا شرف أن يسجى جثمانها في المحكمة العليا لإلقاء نظرة الوادع الأخيرة.
وأدت وفاة غينسبيرغ إلى تأثير كبير في الولايات المتحدة ليس فقط لكونها رائدة في مجال عملها ولكونها شخصية عامة واقعية وجريئة، بل لأن المعركة حول من سيخلفها هي أيضا معركة ستحدد روح الولايات المتحدة الأمريكية.
فمستقبل حق الإجهاض وزواج المثليين وحيازة السلاح والوصول إلى خدمة الرعاية الطبية، كلها قضايا ستحدد بناء على موعد وطريقة تعيين القاضي الجديد الذي سيخلفها.
“تحطيم الحواجز”
وغينسبيرغ هي واحدة من عدد قليل من الشخصيات القانونية النخبوية التي تصدر كتاب تمارين وهي في الثمانينات من العمر. وعند إطلاق الكتاب، الذي يحوي تمارين ضغط ورفع أثقال، قال مدربها الرياضي الشخصي: “دائما ما أقول للناس: إن كنتم تجدونها صارمة في المحكمة، فعليكم رؤيتها في صالة الرياضة”.
واعتادت غينسبيرغ القيام بالأمور بأصعب الطرق، وكان ذلك غالبا بداعي الضرورة.
ورغم أنها تخرجت من كليات الحقوق المرموقة في هارفرد وكولومبيا، إلا أنها لم تحصل على عرض عمل واحد عند تخرجها وهي الأولى على دفعتها عام 1959.
وأثناء رحلتها، أصبحت غينسبيرغ ثاني امرأة تحصل على مقعد في المحكمة العليا المكوّنة من تسعة أشخاص؛ وأول امرأة تشارك في تأسيس مشروع حقوق المرأة التابع لاتحاد الحريات المدنية الأمريكية؛ وأول امرأة تحصل على مقعد دائم كأستاذة في جامعة كولومبيا.
“محاربة من أجل الحرية”
حظيت باحترام ملايين الأمريكيين لدعمها قضايا حقوق المرأة والأقليات. وفي بداية مهنتها لعبت دورا مهما في حملة نجحت في تجريم التمييز القائم على أساس الجندر وفقا للدستور الأمريكي.
ولم يكن نضالها الحقوقي وحده ما أوصلها لقلوب المعجبين، بل كانت أيضا شخصيتها حادة الذكاء.
فمثلا عندما سئلت عن العدد الكافي من النساء في المحكمة العليا، أجابت فورا: “عندما يصبح كل الأعضاء نساء”. وشرحت: “سيصدم الناس، ولكن عندما كانوا تسعة رجال لم يعترض أحد على ذلك أبدا”.
ومع وفاتها، خسر الأمريكيون امرأة لامعة وقد يخسرون كثيرا من الحقوق التي ناضلت من أجلها.
أي سلطة لمحكمة العدل العليا؟
قد يمرر الرئيس الأمريكي أو الكونغرس قوانين البلاد، لكن محكمة العدل العليا هي التي تقرر، على ضوء الدستور وميثاق الحقوق، كيف تفسّر هذه القوانين وبالتالي تأثيرها على حياة الناس.
فمثلا، إن لم تعامل بشكل صحيح وفقا للقانون فبإمكانك التقدم باستئناف، وإن طالت القضية يمكن للمحكمة العليا أن تتخذ القرار، وليس من حق أحد أن يلغي قراراتها.
وهناك الكثير من القضايا التي تم البت فيها في هذه المحكمة. فمثلا تسلم جورج دبليو بوش الرئاسة عندما منعت المحكمة إعادة فرز الأصوات في ولاية فلوريدا في انتخابات عام 2000؛ وفي عام 2015 شرعت زواج المثليين في جميع أنحاء الولايات المتحدة؛ وكان أكثر قرارتها شهرة، ربما، هو التصويت لتأسيس حق دستوري يشرعن الإجهاض في جميع أنحاء البلاد.
وبسبب قوة المحكمة هذه، تفاجأ الناس من أن تعيين القاضي الجديد فيها، سيتم بطريقة عفا عليها الزمن.
وظيفة مدى الحياة
يعين القضاة مدى الحياة في المحكمة ولا يمكن عزلهم إلا إذا ثبت لدى الكونغرس أنهم مذنبون، وهو أمر لم يحدث من قبل.
لذا فإن الطريقة الوحيدة لترك هذا المنصب يكون من خلال التطوع بالتنحي عنه أو في حال الوفاة.
ورغم أن القضاة ليسوا أعضاء أحزاب سياسية، إلا أنهم غالبا ما يكونون منقسمين بين الميل نحو الليبراليين (وهؤلاء يسميهم الرؤساء الديمقراطيون وبالتالي يكون لديهم هذا الهوى الليبرالي)؛ وبين المحافظين (وهؤلاء يسميهم الرؤساء الجمهوريون وبالتالي ينقلون التفسيرات المحافظة للنظام القانوني).
وغالبا ما تتأثر قضايا مثل الإجهاض وحقوق المثليين والحريات الدينية بتعيينهم.
ولكن لا يكون القرار النهائي دائما في صالح من يرشحه الرئيس؛ فعلى مجلس الشيوخ الموافقة على ذلك الشخص.
عدم يقين
قبل وفاة غينسبيرغ، كانت المحكمة منقسمة بين خمسة أعضاء محافظين مقابل أربعة ليبراليين. وإن عين عضو محافظ جديد فسترجح كفة تيار المحافظين وبالتالي فستصدر على الأغلب قرارات محافظة من الآن وصاعدا وقد تمر سنين – إن لم تكن عقود – حتى يصبح الليبراليون ليصبحوا هم الغالبية في المحكمة.
لذا يخشى داعمو حق الإجهاض وحقوق المثليين والرعاية الصحية من تراجع المكاسب التي حصّلوها طوال سنين في حال حدوث هذا السيناريو.
ومدى قابلية حدوث ذلك أمر متوقف على التوقيت المهم؛ فحاليا الرئيس ترامي جمهوري والجمهوريون مسيطرون على مجلس الشيوخ، لذا، فطبعا سيكون مرشحهم محافظا.
معركة انتخابية
ولكن ليس بهذه السرعة، كما يقول الديمقراطيون. فعندما عيّن الرئيس، باراك أوباما، قاضيا ليبراليا في آخر سنة من ولايته الثانية، قال الجمهوريون في مجلس الشيوخ إنه من الخطأ الموافقة على تعيين قاض في سنة الانتخابات ورفضوا القيام لذلك.
وبشكل لا يدعو للاستغراب، يدفع الحزب الدمقراطي بالحجة ذاتها قائلا إن الأمر ذاته ينبغي تطبيقه الآن. لكن الجمهوريون يزعمون أن الوضع مختلف الآن لأن أوباما لم يكن ممكنا إعادة انتخابه، في حين أن الأمر وارد بالنسبة للرئيس ترامب.
وطريقة التعيين القديمة هذه، التي تعود إلى أكثر من 200 سنة، هي التي ستحدد ما إذا كان ملايين الأمريكيين سيصبحون قادرين على استخدام حق الإجهاض أو على الزواج ممن يختارون.
وقد تكون لهذا القرار تداعيات أكبر.
فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يبدو أن السباق سيكون متقاربا بين المرشحين، لذا فقد تواجه المحكمة تحديا قانونيا مماثلا لما حدث عام 2000 مع جورج دبليو بوش عندما حسمت المحكمة اسم الفائز من المرشحين.
وأيا كان خليفة غينسبيرغ في محكمة العدل العليا فقد يكون له دور في تحديد ما إذا كان دونالد ترمب أو جو بايدن هو من سيتولى سدة الحكم في السنين الأربع القادمة.
[ad_2]
Source link