كورونا تقضي على العصر الذهبي | جريدة الأنباء
[ad_1]
محمود عيسى
قالت مجموعة اوكسفورد بيزنس غروب ان الدور الذي تلعبه العديد من صناديق الثروة السيادية في السياسة الاقتصادية الوطنية تغير بشكل كبير نتيجة لوباء كورونا المستجد، مما أثار تساؤلات حول مستقبلها.
فقد توقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.9% هذا العام مقارنة مع نمو بنسبة 2.9% في 2019، بينما توقع البنك الدولي هبوطا بنسبة 5.2%، وهو أسوأ انكماش يشهده الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما ينعكس على الدور الذي يجب ان تضطلع به صناديق الثروة السيادية بالتزامن مع معاناة الاقتصادات الوطنية من نقص الموارد المالية، وحاجة السكان الملحة للدعم الحكومي الإضافي للتخفيف من آثار الأزمة، حيث اضطرت هذه الصناديق في حالات كثيرة لتغيير نهجها في العملية الاقتصادية.
ولجأت عدة حكومات، نتيجة انخفاض الدخل، للاستفادة من صناديق الثروة السيادية للمساعدة في توفير التوازن للميزانيات العامة وخلق الحوافز امام الشركات أو الأسر.
ورأت المجموعة البريطانية للاعلام والنشر أن هذه التطورات أدت إلى تغيير الحكمة التقليدية التي ألهمت الحكومات ببناء صناديق الثروة السيادية، والتي جمعت أصولا تقدر بنحو 6 تريليونات دولار على مستوى العالم.
فقبل الوباء، كانت هذه الصناديق تتمتع باستقلال ذاتي وكانت متحررة من الالتزامات، وان وجدت، فهي محدودة. ولكن تحت ضغوط جائحة كورونا شهدنا كيف تدعى صناديق الثروة السيادية لمواجهة والوفاء بالالتزامات الضمنية المرتبطة بالصدمات الاقتصادية.
وقد بات ثمة إدراك متزايد في اوساط الصناديق السيادية، بأنها لم تعد مؤسسات قائمة بذاتها، وانها أصبحت أدوات للسياسة المالية مدمجة بالكامل في إدارة الاقتصاد الكلي في بلدانها.
وأدى هذا التحول أيضا إلى ظهور تحديات كبيرة للصناديق السيادية لأنها تتكيف مع البيئة الاقتصادية الجديدة.
وأضافت المجموعة ان الصناديق التي تعتمد على السلع الأساسية كالهيدروكربونات، وجدت نفسها في مواجهة مع تحديين مزدوجين اولهما انخفاض النشاطات الاقتصادية المرتبطة بتداعيات ڤيروس كورونا، وثانيهما انخفاض أسعار النفط.
وينسحب هذا القول في الوقت ذاته على الصناديق التي تعتمد في مواردها على الفوائض التجارية حيث خلق التباطؤ في التجارة العالمية والتحديات اللوجستية وتحديات النقل اللاحقة مصاعب وعقبات مماثلة.
بيع الأصول
واضطرت العديد من الصناديق السيادية ذات السيولة الأقل لبيع بعض أصولها لتوليد النقد، ويتوقع ان يسود هذا الاتجاه بشكل خاص في البلدان شديدة الاعتماد على عائدات النفط.
وساقت المجموعة أمثلة على ذلك منها توقعات الحكومة النرويجية، التي تملك اضخم صناديق الثروة السيادية في العالم، بانخفاض صافي التدفقات النقدية من النفط بنسبة 62٪ هذا العام إلى أدنى مستوى منذ عام 1999، فضلا عن توقعات بسحب حوالي 37 مليار دولار من اصول صندوقها السيادي، أي أكثر من 4 أضعاف الرقم القياسي السابق البالغ 9.7 مليارات دولار في 2016.
وفي الشرق الأوسط، تتجه الأنظار نحو صناديق الثروة لسد العجز المالي، الذي تتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ان يتراوح بين 10٪ و20٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وفي أبوظبي قد يصل العجز إلى 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي مصحوبا بانخفاض الاصول السيادية بواقع 20 مليار دولار، بينما تتوقع عمان عجزا ماليا بنسبة 19٪ ليستدعي سحب نحو 8 مليارات دولار من أصولها السيادية.
وفي ضوء ذلك، يقدر بنك جي بي مورجان أن تصل السحوبات من اصول صناديق الثروة السيادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى 225 مليار دولار هذا العام، فضلا عن استدعاء بعض الصناديق لتمويل أشكال أخرى من الاستثمار، على غرار ما حدث مع صندوق الثروة السيادية السنغافوري تيماسيك.
وتدلل مثل هذه الاستثمارات بوضوح على الاهتمام المتزايد الذي توليه صناديق الثروة السيادية لأسواقها المحلية منذ تفشي الوباء، ففي حين تظل معظم اسواق الاستثمارات ذات طابع عالمي، فإن الصفقات المحلية تزداد حجما وتكرارا.
ويقول معهد صناديق الثروة السيادية ان الصفقات المحلية شكلت 21٪ من إجمالي قيمة استثمارات الصناديق السيادية في عام 2019، مع زيادة هذا الاتجاه خلال الأشهر الستة الماضية.
الفرص وسط الاضطراب
في حين سعت بعض الصناديق إلى التخلص من الأصول، يتطلع البعض الآخر إلى الاستفادة من انخفاض أسعار الأسهم أثناء الوباء، ومنها صندوق الاستثمارات العامة السعودية الذي قام مؤخرا باستثمارات في عمالقة شركات الطاقة الدولية.
بالاضافة الى ذلك فقد ضخت صناديق الثروة السيادية 17 مليار دولار في شركات رأس المال الاستثماري في النصف الأول من العام، متجاوزة مستويات العام بأكمله لعام 2019.
وتوجهت بعض الصناديق بصورة أوسع نحو معالجة القضايا المتعلقة بالوباء.
ويقول الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادية في مصر أيمن سليمان لمجموعة اوكسفورد بيزنس غروب: «لقد قمنا بإعادة ترتيب أولوياتنا بناء على تداعيات ازمة كورونا حيث ركزنا على القضايا التي ظهرت في المنطقة وعلى رأسها الأمن الغذائي والأمن الطبي والإمدادات الطبية – وأدركنا أن هذه يجب أن تكون على رأس أولوياتنا».
خسائر الصناديق
وتقول المجموعة انه برغم صعوبة تقييم الخسائر التي تكبدتها محافظ الصناديق السيادية منذ اندلاع الوباء نظرا للطبيعة الغامضة لاستثماراتها، الا ان «جي بي مورجان» توقع في أبريل الماضي أن يصل اجمالي خسائر الصناديق حوالي تريليون دولار.
ومع ذلك، يبدو أن هذا الانكماش يسرع في الاتجاه الذي بدأ منذ فترة بانخفاض في حجم الأسهم المستثمرة من قبل صناديق الثروة السيادية من 54.3 مليار دولار في عام 2017 إلى 35 مليار دولار في عام 2019 حسب معهد الصناديق السيادية.
ورأى مجموعة من الخبراء ان انخفاض أسعار النفط، وتزايد الحمائية، وزيادة الحواجز أمام تدفقات رأس المال العالمية كبحت جماح الارتفاع المذهل لصناديق الثروة السيادية في العقدين الماضيين، كما ان الضربة المزدوجة لصدمة ڤيروس كورونا وواقع الاقتصاد الكلي الجديد تمثل تحديا جوهريا للصناعة.
ولكن بوجود 6 تريليونات دولار من الاصول تحت ادارتها فان صناديق الثروة السيادية ستبقى لاعبا رئيسيا في التمويل العالمي ولديها القدرة على التخفيف من بعض أسوأ العواقب المالية للأزمة الحالية.
ومع تعافي دول العالم من الركود الاقتصادي، تشير التطورات الأخيرة إلى أن الصناديق ستمثل أدوات رئيسية في توفير المرونة ضد الصدمات الاقتصادية المستقبلية.
ولكن المجموعة ختمت بما ورد في تقرير أعده 3 خبراء هم: برناردو بورتولوتي وفيلجكو فوتاك من مختبر الاستثمار السيادي، مع كلوي هوغ من كلية لندن للاقتصاد من ان «العصر الذهبي لصناديق الثروة السيادية قد انتهى».
[ad_2]
Source link