أخبار عربية

ما هي “اللغات المختلطة” المهددة بالاندثار؟

[ad_1]

توجد العديد من الأمثلة على لغات مختلطة تتجاوز المعروف في بعض المستعمرات الأوروبية السابقة

مصدر الصورة
Pius Utomi Ekpei/AFP/Getty Images

Image caption

توجد أمثلة عديدة على لغات مختلطة تتجاوز المعروف في بعض المستعمرات الأوروبية السابقة

حين تلتقي جماعات من البشر تتحدث بلغات مختلفة، تنشأ أحيانا لغة جديدة تجمع مختلف تلك اللغات حتى يتسنى للجميع التواصل بسهولة.

يسمي علماء اللغة الناتج المرتجل بـ”اللغة المختلطة”، وتوجد العديد من الأمثلة على لغات مختلطة تتجاوز المعروف في بعض المستعمرات الأوروبية السابقة.

وتتفاوت قصص نشأة اللغات المختلطة، فقد نشأ بعضها في أجواء هادئة خلال التقاء جماعات بشرية بغرض التجارة والخروج بلغة مشتركة، من أمثلة ذلك الإنجليزية النيجيرية المبسطة التي تتيح لمتحدثي أكثر من 500 لغة مختلفة التواصل في ما بينهم.

بيد أن لغات مختلطة أخرى نشأت في أجواء اتسمت بالمأساة والعنف، كلغة هايتي المختلطة ولغة الغولا غيتشي ولغة جامايكا المختلطة، وكثير غيرها نشأت بسبب تجارة الرقيق عبر الأطلسي بعد أن امتزجت لغات من غرب أفريقيا بالإنجليزية وخلقت لغات ساعدت الرقيق في تسيير شؤونهم اليومية.

واليوم ضاع الكثير من تلك اللغات المختلطة، ولم يتبق سوى 200 أو نحو ذلك، منها عشرات اللغات المهددة بالاندثار.

والآن يولي علماء اللغة والأجناس مزيدا من الاهتمام بتلك اللغات بعد أن انصب اهتمامهم في السابق على اللغات الرسمية.

فعلى سبيل المثال يدرسون اللغات المختلطة باهتمام أكثر ويبذلون جهودا متضافرة مع أبناء الشعوب الأصلية ومنظمات دولية وجمعيات مستقلة غير ربحية وجهات أكاديمية وغيرها للحفاظ على تلك اللغات.

وتنتشر في العالم أشكال عديدة لتلك اللغات – بعضها من طائفة اللغات البسيطة المستخدمة لأغراض التجارة، وبعضها تطور ليصبح أكثر تعقيدا. وبعض تلك اللغات استمر لفترة طويلة ثم توارى، وبعضها لا يزال حيا منذ مئات السنين.

وعلى مدار الزمن بدأت بعض اللغات كلغات مختلطة ثم تطورت في أطر رسمية، حسبما تشرح عالمة اللغة شيلوم غودن، من جامعة بيتسبرغ، التي كانت تتحدث في طفولتها الإنجليزية في المدرسة ولغة جامايكا، التي تمزج الإنجليزية ولغات غرب أفريقية، في المنزل.

“الجذور المحتملة”

تعتبر اللغة التركية، على سبيل المثال، لغة مكتملة قائمة بذاتها تطورت قبل نحو ألف عام بانصهار عدة لغات تحدث بها أقوام من الترك والعرب والفرس فضلا عن اليونان والأرمن.

وتقول غودن إن التركية رغم ذلك تحمل سمة تكرار المقطع، وهي السمة المنتشرة في اللغات المختلطة حيث بتكرار اللفظ تتكون كلمة جديدة، ففي لغة جامايكا “لاف” تعني “يضحك” أما “لافلاف” فتعني “يكثر الضحك”، وفي التركية، التي لا تصنف عادة ضمن “اللغات المختلطة”، يقال “دِرِن” وتعني “عميق” و”دِرِندِرِن” وتعني “بعمق”.

وتضيف غودن إنه يمكن من خلال ذلك الإطلال على الجذور المحتملة للغة ما في غياب قرائن تاريخية أخرى.

مصدر الصورة
Reuters

Image caption

يستخدم الناس في نيجيريا نوعا من الإنجليزية المبسطة كلغة تواصل مشترك

وتقول نالا إتش لي، العالمة اللغوية بالجامعة الوطنية في سنغافورة، التي كتبت دراسة عامة عن وضع اللغات المختلطة ضمن مراجعة عام 2020 السنوية للغويات، إن السبب في أن اللغات المختلطة لم تحظ في السابق بما يكفي من احترام هو “النظر إليها باعتبارها لغات لقيطة لا تحظى بنفس شرعية اللغات التي اشتقت منها”.

وتضيف نالا: “وبالتالي لا يراها الناس بنفس الرصانة ولا يعتبرونها لغات بالمعنى الحق”، ويقال على سبيل التهكم إنها “لغات المطبخ” لاعتبار أن التحدث بها يكون في أطر غير رسمية وعدم كتابتها وعدم استخدامها في الدوائر الرسمية كالمحاكم.

ورغم ذلك تؤكد نالا أنه يجدر الحفاظ على تلك اللغات من الاندثار، فلسان تلك الشعوب جزء من ثقافتها وهويتها العرقية وتاريخها. وإن اختفت، وكثير منها يختفي بوتيرة متسارعة مقارنة باللغات الناضجة، سيختفي إرث بأكمله معها. فلغة الغولا غيتشي مثلا تحمل ثقافة فريدة للمتحدرين من الرق ممن يعيشون اليوم بجنوب الساحل الأطلسي للولايات المتحدة.

كما تمثل اللغات المختلطة كنزا للدارسين للغات، حيث يتعرفون منه على كيفية تطور اللغات وكيف يتعلم المخ البشري الحديث بها.

“باديشي” لغة يتحدث بها ثلاثة رجال فقط في العالم

“اختفاء اللغات”

في بحث نُشر عام 2018 في دورية توثيق اللغة والحفاظ عليها، استعرضت نالا 96 لغة مختلطة مهددة بالاندثار، ورتبتها حسب عدد المتحدثين بها بطلاقة ومدى انتقالها للجيل الجديد ودائرة استخدامها بين الناطقين بها. وبعضها لا يزال دارجا في التعاملات اليومية التجارية وبعضها الآخر يقتصر على الحديث في المنزل أو ضمن تجمعات صغيرة.

تقول نالا إنه لا يوجد على الأرجح أكثر من 200 لغة مختلطة باقية في العالم، 154 منها من اللغات البسيطة أو نتاج دمج لغات أصلية بأخرى أوروبية.

واختارت نالا لبحثها 96 مثالا واضحا، ووجدت من بينها أن 10 لغات قضى آخر من يتحدث بها نحبه خلال الخمسين عاما الماضية – أي دخلت اللغة في ما يسمى في علم اللغويات بالسبات – كما وجدت أن 11 لغة مهددة على نحو محدق، حيث يتحدث بها أقل من عشرة أشخاص ولا يتوقع انتقالها للجيل التالي. ووجدت أيضا أن خمس لغات مهددة بشدة إذ بقي ما بين عشرة و99 شخصا فقط يتحدثونها.

ويشير البحث الذي أجرته نالا إلى أن نحو 96 في المئة من اللغات المختلطة إما مهددة أو دخلت في الآونة الأخيرة في سبات لغوي بانقضاء آخر من تحدث بها – مقارنة بنسبة تقل عن 50 في المئة بالنسبة لنحو 7100 لغة يتحدث بها الناس في العالم إجمالا، ويعني هذا أن خطر اختفاء اللغات المختلطة يناهز ضعفه بالنسبة لعموم اللغات.

وأحيانا تختفي اللغة المختلطة باختفاء السبب الذي نشأت لأجله، كونه قصير الأمد. وتشير نالا إلى ما عُرف بالإنجليزية المبسطة للأراضي الشمالية لأستراليا والتي نشأت أثناء المتاجرة بين المستوطنين البريطانيين بشمال أستراليا وبعض البلدان الآسيوية القريبة.

تقول نالا: “لم تعد تخدم غرضا بتوقف التجارة بعد 11 عاما من بدايتها”. وفي حالات أخرى أشارت أدلة إلى تعمد قمع لغات غير رسمية، فعلى سبيل المثال حين سيطرت الولايات المتحدة على هاواي حظرت استخدام لغة هاواي المبسطة (التي تدمج الإنجليزية ولغة هاواي الأصلية) وكذلك لسان هاواي الأصلي، في المدارس بدءا من عام 1896.

ونظرا لأن اللغات المختلطة لا تُكتب بل تنتقل بالحديث، فقد تندثر تماما بانتقال الأجيال الأحدث خارج دائرة استخدامها بحثا عن الرزق مخلفين وراءهم هذا الإرث للكبار.

وفي الجزر العذراء التابعة للولايات المتحدة تحول الناس تدريجيا للحديث بالإنجليزية بدلا من لغة “نيجرهولندز” التي تمزج بين الهولندية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية ولغات أفريقية. وقد نشأت مطلع القرن الثامن عشر واختفت عام 1987.

“تحديات الحفاظ على اللغات”

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

فتاة من السكان الأصليين لكندا ترقص خلال مهرجان لإحياء الثقافات والتاريخ الأصلي

تواجه مساعي الحفاظ على اللغات المهددة بالاندثار تحديات، إذ تقول نالا إنه بخلاف عدم احترام العالم الخارجي للغات المختلطة فإن المتحدثين بتلك اللغات أنفسهم قد لا يرونها جديرة بالحماية.

ولكن تُبذل جهود مختلفة حول العالم، وفي إطار ذلك تنشط مفوضية الإرث الثقافي للغولا غيتشي في ولاية ساوث كارولينا للحفاظ على تلك اللغة وتراث المتحدثين بها. كما تهدف رابطة مالايو سريلانكا للحفاظ على لغة وتقاليد مجتمعها العرقي الصغير في سريلانكا.

ويشجع مركز التراث المختلط ومركز الحياة الفلكلورية في لويزيانا، وكلاهما ينتميان لجامعة نورث ستيت بولاية لويزيانا، لغة لويزيانا المختلطة المستقاة من الفرنسية بإضافة كلمات إسبانية وأخرى أفريقية أصلية استخدمها العبيد من حقبة سيطرة فرنسا على لويزيانا.

وفي كندا، ينشط بعض من يطلقون على أنفسهم بـ”الميتيس (تمازج الأجناس)” المنحدرين من الشعوب الأصلية (وأغلبهم من شعب الكِري) وتجار الفراء الفرنسيين – للإبقاء على لغة “الميتشيف” وهي لغة مختلطة تجمع بين الكري والفرنسية.

ويدرج مشروع اللغات المهددة – الذي يرصد اللغات التي تواجه خطرا ومنها لغات مختلطة – تلك اللغة بين اللغات التي تواجه تهديدا محدقا.

ويُقدر المتحدثون بالميتشيف بنحو 200 شخص حول العالم، وإن قدرت نالا عدد متحدثيها بطلاقة بما يسمح بانتقالها للجيل التالي بأقل من ذلك بكثير.

وفي نطاق إقليم بريتيش كولومبيا غربي كندا تأسست دائرة إعادة إحياء لغة الميتشيف قبل نحو عامين للتركيز على الحفاظ على إحدى أربع لهجات للميتشيف يجري التحدث بها في كندا ومناطق محدودة في الولايات المتحدة.

وتقول أنيتا باركر، المسؤولة عن البرنامج، وينحدر جدها من جهة الأم من الكري وجدتها للأم من الميتيس: “من حسن الحظ في مجموعتنا نشأ ثلاثة منا يسمعون لغتنا. ليس معنى هذا أننا نجيد التحدث بها ولكننا على الأقل سمعناها وكنا نتحدث شيئا منها في الصغر”.

وتسعى المجموعة للخروج بصيغة كتابية يمكن قراءتها صوتيا، بالتعاون مع كبار مجتمع الميتيس ممن لا يزالون يتحدثون اللغة وأعضاء من الدائرة تربوا في بيئة تحدثت لغة الميتشيف.

ورغم تعرض العديد من اللغات المختلطة لخطر الاندثار، يوجد الحي منها، إذ تشير غودن إلى الإنجليزية النيجيرية المبسطة التي تعمل كجسر يومي بين المتحدثين بأكثر من 500 لغة مختلفة في نيجيريا.

كما توجد تحركات لإسباغ صفة القانونية على اللغات المختلطة، ففي عام 1987 أقرت حكومة هايتي لغة هايتي لغة رسمية إلى جانب الفرنسية، وتجرى حاليا جهود مماثلة في جامايكا.

ولكن توجد أيضا لغات مثل لغة بابا مالايو، وهي مزيج بين المالايو والهوكين، تتحدث بها مجموعة برانكان العرقية بولاية مالاكا الماليزية، لا يتشبث بها إلا الكبار ومنهم جد وجدة لي.

وفي ظل تراجع تلك اللغات، تتراجع أيضا الثقافات التي أرستها.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى