أخبار عربية

هل تصب زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان في مصلحة حزب الله وإيران؟


ماكرون

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يتهم بعض الكتاب العرب ماكرون بأنه يكرس للنظام القديم بزيارته الثانية للبنان

علقت صحف لبنانية وعربية على زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثانية للبنان في ذكرى مئوية قيام “لبنان الكبير” ومساعيه مع القوى السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى أديب.

ورأى كُتّاب أن زيارة ماكرون الأولى عقب انفجار المرفأ كانت محط ترحيب شعبي، إلا أنه في الثانية بدا وكأنه “مشارك في تكريس النظام القديم”. وتحدث آخرون أن لبنان يعيش مرحلة “مخاض أليم” وأنه “ليس بالضرورة أن ينتج عنه مولود سليم”.

ورأى فريق ثالث أن زيارة ماكرون “تشتري وقتا” لإيران وحزب الله تحتاجه طهران بقوة بسبب العقوبات الأمريكية، وتساءلوا هل ستكون حكومة دياب “الحكومة المعجزة التي ترضي الأمريكيين والعرب والفرنسيين والإيرانيين في آن معا؟”

“أين هو لبناننا؟”

تقول “القدس العربي” اللندنية في افتتاحيتها إن “الفارق بدا جليا بين زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأولى إلى بيروت وزيارته الثانية خلال أقل من شهر، وهو فارق يتجلى في المستوى الشعبي أولا، لأن ماكرون خلال الزيارة الأولى حظي باستقبال حافل وكان محط آمال اللبنانيين اليائسين من حكامهم وأنظمتهم السياسية والاقتصادية والطائفية، وقطع على نفسه وبلده وعودا بتحمّل المسؤولية إزاء التأخر في الإصلاح وعدم الالتفات إلى إرادة الشعب”.

وتضيف: “لكنه في الزيارة الثانية ظهر بمظهر المشارك في تكريس النظام القديم ذاته ولكن من زاوية تغييرات تجميلية وإصلاحية سطحية لا تمس البنية والجوهر”.

وترى الصحيفة أنه “ما دامت الرئاسة الفرنسية قد قررت مساندة لبنان الشعب وليس الحكم أو النظام السياسي، واختارت يوما رمزيا بدوره هو إعلان دولة لبنان الكبير في الأول من أيلول/ سبتمبر 1920 على يد الجنرال الفرنسي غورو، فالأحرى أن يقترب الرمز من الواقع وتقترن الأقوال بالأفعال، بمعدلات صادقة وفعالة وليست تخديرية وتجميلية”.

ويقول خالد حدادة في جريدة “الأخبار” اللبنانية مخاطبا الرئيس الفرنسي: “يا سيّد ماكرون، هذا الشعب قد ذاق طعم الانتصار بالمقاومة، ولن يعود إلى ضعف الحياد”.

ويضيف: “باختصار، ‘لبنانكم’ انتهى، لبنان النظام الطائفي مات وفساده سيلحقه، لبنان الذي يشكل احتياطيا للمشروع الإمبريالي وأَدَته المقاومة منذ ما قبل عام 1982، ولبنانكم الرأسمالي ودوره الوسيط، أصبح مستحيلا، وهو يجوّع الشعب ويفقره ويعرّضه بشكل مستمر للحروب الأهلية”.

مصدر الصورة
SOAZIG DE LA MOISSONNIERE

Image caption

اتخذت زيارة ماكرون الثانية للبنان بعد انفجار بيروت طابعا مختلفا بعض الشيء، إذ التقى نجمة الغناء العربي فيروز

لكنه يتساءل: “لبنانكم انتهى ولكن أين هو لبناننا؟ أين هو مشروعنا المستقل لبناء وطن آخر، يدفن نهائيا وطن غورو ومحاولات ترامب وماكرون لإعادة صياغته؟”

ويجيب الكاتب: “بعد مئة عام، ‘لبنانكم’ انتهى و’لبناننا’ يعاني ألم المخاض، المخاض عاملٌ موضوعي وليس بالضرورة أن ينتج عنه مولود سليم، فقد يحدث الإجهاض. المعركة طويلة وصعبة ومليئة بالتضحيات، قد لا تنتظر قرنا كما مضى، ولكنّها أيضا لن تنتهي في أيام”.

“الحكومة المعجزة”

وترى روزانا بومنصف في صحيفة النهار اللبنانية أن اهتمام ماكرون بالوضع اللبناني عقب انفجار المرفأ “أعطى آمالا كبيرة بعدم ترك فرنسا لبنان يهوي وفق ما أكد الرئيس الفرنسي، وهو أمر إيجابي يجد تقديرا كبيرا له لكن ليس من دون تساؤلات كبيرة تتصل بالمدى الذي يمكن للرئيس الفرنسي أن يبقي تركيزه الكبير على لبنان الموجود راهنا وحتى إشعار آخر في العناية الفائقة”.

وتقول الكاتبة إنه يُعتقد أن الحدود المقيّدة لحركة ماكرون “ضخمة جدا بدءا من إيران التي يقول مطلعون إن تجاوبها المرن مع جهود ماكرون والذي يعكسها ‘حزب الله’ في انفتاحه على ما طرحه الرئيس الفرنسي واستعداده للتعاون إنما يتصل بجملة اعتبارات. فهذه المرونة تشتري لإيران والحزب وقتا تحتاجه طهران بقوة في ظل اختناق أصاب ذراعها القوية في لبنان بفعل الانهيار الاقتصادي والمالي”.

ويرى طوني عيسى في جريدة الجمهورية اللبنانية أن الفرنسيين حاولوا “استثمار الصدمة التي أحدثتها كارثة المرفأ، في لحظة انشغال الأميركيين بانتخاباتهم، ورموا بمبادرتهم على الطاولة”.

وعن دور حزب الله في المرحلة القادمة، ولاسيّما بعد أن قال ماكرون إن الحزب مكون سياسي يمتلك الحق في أن يكون في السلطة، يقول الكاتب: “في التفكير الفرنسي، حزب الله يسيطر على القرار، واقعيا وإلى أجل غير مسمّى. فإذا أنجزنا تسوية تمنحه جزءا من النفوذ، من داخل المؤسسات، وبطريقة نظامية، فذلك سيكون لمصلحة البلد والفئات الأخرى التي لا تمتلك أي سبيل لمواجهة نفوذ ‘الحزب'”.

ويضيف أنه وفقا لهذا التفكير “سيندفع حزب الله إلى مزيد من الانخراط في الحالة اللبنانية، وستحدّ إيران من تورُّطها. ولذلك، إنّ أي تسوية، ولو راعت حضور ‘الحزب’ في السلطة، ستكون أفضل من ‘الستاتيكو’ القائم”.

ويقول أيضا: “يوحي الفرنسيون بأنهم يريدون حلحلة المشكلات اللبنانية ‘على الطريقة اللبنانية’، أي ‘لا يموت الديب ولا يفنى الغنم’. وهذا الأمر يريح إيران جدا لأنه يمنحها الفرصة للاستفادة من الوقت في لبنان على مدى الأشهر الأربعة المتبقية من هذا العام، أي إلى أن تتضِح الصورة في البيت الأبيض”

ولذا يتساءل الكاتب: “هل يمكن أن تكون حكومة أديب هي الحكومة المعجزة التي ترضي الأمريكيين والعرب والفرنسيين والإيرانيين في آن معاً؟”، معقبا أن حكومة حسان دياب “حاولت توزيع أرجُلِها في كل اتجاه، لعلها ترسو في مكان مريح.. لكنها انفسخت!”

ويحذر عمر البردان في جريدة اللواء اللبنانية أن “الأوضاع الداخلية تتطلب تعاملا استثنائيا من جانب المكونات السياسية، في ما يتصل بتشكيل الحكومة التي وعد الرئيس المكلف بأنها ستضم اختصاصيين، وهو الأمر الذي يحتم على القيادات السياسية والأحزاب العمل على تسهيل مهمة الرجل… في ظل الدعم الفرنسي للعملية السياسية القائمة”.

لكنه يرى أن “محاذير عرقلة التأليف كما في كل مرة ستبقى قائمة، في حال العودة إلى الشروط والشروط المتبادلة التي كانت تحصل في كل عملية تأليف حكومة”.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى