الانتخابات الأمريكية 2020: السباق الديني إلى البيت الأبيض
[ad_1]
يخرق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عرفاً دبلوماسياً، بإلقاء كلمة من القدس، أمام مؤتمر الحزب الجمهوري الثلاثاء، خلال جولته التي تشمل إسرائيل والسودان والبحرين والإمارات.
وقوبلت الخطوة بانتقادات حادّة في الولايات المتحدة، إذ أنّها سابقة لوزير خارجية أميركي. وقد ضعها المحلّلون السياسيون في سياق دعم حملة ترامب الانتخابية من الخارج، عبر دغدغة مشاعر اليمين المسيحي والانجيليين الداعمين لإسرائيل.
كما هو معروف، فإنّ ترامب يحظى بشعبية كبيرة وسط الإنجيليين المتجددين (Born again)، وقد صوّتوا له بكثافة في انتخابات العام 2016. وانعكس ذلك على خيارات الرئيس الجمهوري خلال ولايته الحالية، وجاءت قراراته متسقةً مع مطالب تلك القاعدة الشعبية وأبرزها: الدعم المطلق لإسرائيل كأرض للشعب اليهودي، لأنّ نبوءة إعادة بناء أورشليم ضرورية لعودة المسيح، بحسب معتقداتهم.
وبالرغم من عدم تبنيه لإيمان الإنجيليين بشكل شخصي، إلا أنّ ترامب متحالف معهم، ويحيط نفسه بواعظين مشهورين في أوساطهم، من بينهم مستشارته الروحية الخاصة باولا وايت، إلى جانب المربي وعالم النفس جيمس دابسون، والواعظ فرانكلن غراهام، ابن بيلي غراهام المستشار الروحي للعديد من رؤساء الولايات المتحدة.
نجد إلى جانب هؤلاء جيري فالويل الابن، المستقيل من رئاسة جامعة ليبرتي في لينشبرغ (فرجينيا)، بسبب تهم تحرّش جنسي. علماً أن القسيس جيري فالويل الأب، وضع البذرة الأولى لتأثير اليمين المسيحي المتديّن في السياسة الأميركية، من خلال إنشاء مؤسسة باسم “الأكثرية الأخلاقية” في أواخر السبعينيات.
حين رفع ترامب الإنجيل أمام كنيسة القديس يوحنا في واشنطن، على بعد شارع من البيت الأبيض، بعد أيام على مقتل جورج فلويد، لم يكن يفعل ذلك لقناعة دينية، بل في إطار استمالته للناخبين الإنجيليين، الراغبين بتجديد ولايته، علّهم يحققون مطالب إضافية أساسيّة في معتقداتهم، منها رفض الإجهاض، ومنع زواج المثليين، وإدخال التعليم الديني إلى المناهج الدراسيّة.
وهكذا، فإنّ خرق بومبيو للأعراف الدبلوماسية، عبر مخاطبته مؤتمر الحزب الجمهوري من القدس، في شريط مسجّل، يأتي في السياق ذاته، لناحية تأجيج مشاعر الناخبين الأوفياء لترامب، وإقناع المتذبذبين بينهم.
بعكس منافسه الديمقراطي جو بايدن، وهو الكاثوليكي الملتزم، لا يعرف عن ترامب ممارسته لأي ديانة، لكنّ تأييد الإنجيليين له، مهمّ جداً لمستقبله السياسي. ففي عام 2016 حصد 81 في المئة من أصوات الناخبين الإنجيليين البيض، وتفوّق بين الكاثوليك البيض.
لكنّ ورقة الكاثوليك لم تعد مضمونة بالنسبة لترامب، نظراً لصعود نجم بايدن، وهو المعروف بإيمانه والتزامه الديني. وذلك ما تحاول حملته الانتخابية أن تستثمره لصالحه، وقد ركّزت عليه بشكل واضح في مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير.
ومع أنّ بايدن يحيّد إيمانه الشخصي عن السياسة، فيصوّت مثلاً لصالح قوانين الإجهاض، وزواج المثليين، إلا أنّ عناوين حملته الانتخابية بدأت تكرّس الصراع الديني المحتدم على خلفية انتخابات الرئاسة 2020. فها هي ترفع شعار “استعادة روح أميركا”. في المقابل، هاجم ترامب منافسه على الرئاسة مطلع الشهر الحالي، واتهمه بأنّه “يؤذي الله والإنجيل”.
مع الإشارة إلى أنّه لم يسبق لرئيس كاثوليكي أن دخل البيت الأبيض، باستثناء جون كينيدي، لأسباب كثيرة، من بينها، خشية النخبة السياسية الأميركية من تدخّل الفاتيكان بالشؤون الداخلية لبلدهم.
اليوم، يلجأ الحزب الديمقراطي في الحشد لحملة بايدن، إلى أدبيات غريبة عن حملاته السابقة، وكأنّه بات واعياً للدور الذي يلعبه الدين في المزاج الشعبي. ويظهر ذلك من خلال تعويل حملة بايدن بشكل كبير على صورته كرجل مؤمن وتقي، واجه وفاة زوجته السابقة، واثنين من أولاده، بصلابة.
كما التقى بايدن بأكثر من حبر أعظم، كان آخرهم البابا فرنسيس، كما يحكي باستمرار عن الراهبات اللواتي أثرن في حياته، ويقال إنّه كان يحمل المسبحة في يده خلال الاجتماعات المهمّة، أو المحطّات التاريخية الصعبة التي عايشها خلال ولايته كنائب لباراك أوباما.
على المقلب الآخر، فإنّ استطلاعات الرأي تظهر عدم اكتراث الإنجيليين المتجددين بسيرة ترامب الذاتية، بقدر ايمانهم بأنّه قادر على تحقيق نبوءة ما. فبغض النظر إن كان ترامب شخصاً صالحاً أم خطّاء وفقاً للمعتقد الديني، إلا أنّه يمكن أن يكون أداةً في خطّة الله. ويستندون في ذلك إلى حكاية قورش الكبير ملك فارس في القرن السادس قبل الميلاد، الوارد ذكره في التوراة كمحرر لليهود. فقورش لم يكن يهودياً، لكنه سمح لهم بإعادة بناء هيكل أورشليم، بحسب المعتقد الديني.
وعلى الرغم من أنّ السياسة الأميركية تقوم على مبدأ الفصل التام بين الكنيسة والدولة، إلا أن تأثير المتدينين واضح في اختيار الرؤساء، وها هو يلعب دوراً مهماً في الحملات الانتخابية الممهّدة لسباق الخريف الرئاسي.
وبحسب مركز “بيو” الأميركي للأبحاث، فإنّ 88 في المئة من أعضاء الكونغرس، يعرّفون عن أنفسهم كمسيحيين، بحسب استطلاع أجري العام الماضي. كما أنّ نصف الناخبين الأميركيين تقريباً يؤمنون أنّه يجب على الرئيس المنتخب أن “يتمتع بمعتقدات دينية راسخة”. فيما يرى ثلث الأميركيين أنّ السياسات الحكومية يجب أن تدعم القيم الدينية.
وبين مؤتمري الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري المدججين بالرسائل الروحانية والدينية، من المتوقّع أن تتصاعد نبرة الروحانيات خلال الشهرين القادمين، بحسب محللين، نظراً لحاجة الأميركيين إلى تعزيز ذلك الجانب لديهم، بعدما كانت وطأة وباء كوفيد -19 ثقيلة جداً عليهم، وأدت إلى وفاة أكثر من 170 ألف شخص.
[ad_2]
Source link