فنانو لبنان بين الحزن والغضب | جريدة الأنباء

بيروت – بولين فاضل

أن يتحدث فنانو لبنان في السياسة ويطلقون مواقف صريحة فيها، فهذا أمر مألوف مذ فترة وخصوصا مذ بدأت السياسة بحسابات أهلها وأفعالهم تترك مضاعفاتها السلبية على اللبنانيين على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، وبالتالي منذ بدأ البلد يشهد انهيارا اقتصاديا واجتماعيا غير مسبوق بعد إعلان افلاسه رسميا وحجز أموال الناس في المصارف. لكن ان يتحدث الفنانون من دون قفازات، ويلعنون المسؤولين في لبنان من دون استثناء وينعتونهم بأقسى العبارات والمفردات، فهذا غير مألوف وحصل بعد نكبة بيروت التي أصابت العاصمة بقلبها وأدمت القلوب على سقطة الحجر والبشر.

فالفنانون اليوم بأكثرهم حزينون، غاضبون، ثائرون لأن لا شيء يطفئ حرقة من نكب بأحبائه وممتلكاته، ولأن الناس في قمة الغضب بعدما تولى ادارة البلد حكام ناهبون وفاسدون ومجرمون، على حد وصف كثيرين، والفنانون كما الجميع في صدمة، بعضهم أصابته الكارثة بممتلكاته والبعض الآخر نجا بأعجوبة وأصيب بجروح أو فقد أعزاء له، وفي جميع الأحوال الجميع يشعر بفداحة الخسارة وهو المصيبة ويحاول التعبير عن مشاعر الألم والأسى.

الفنانة مايا دياب التي تضرر منزلها البيروتي وصفت ما حصل بمصيبة المصائب التي ضربت لبنان واقتلعت قلبه قائلة ان بيروت المنهكة أساسا ماتت اليوم وأخذت معها أرواحنا، وتابعت دياب: منذ وقوع الانفجار وأنا أشعر بأني ميتة من الداخل، وإذا كانت مصائب الحياة تبدأ كبيرة ثم تصغر بمرور الوقت، فإن مصيبة بيروت تكبر يوما بعد يوم. منذ ولدت وأنا أحلم ببلد بكل معنى الكلمة لكنه لم يكن يوما بلدا، فهل سيصبح بلدا بعد هذه الكارثة؟ وهل بيروت ستقوى على النهوض؟ ونحن كيف نكمل ونستمر وقد قتلتنا سلطة تجرأت على إبادة شعبها بيدها؟

أما الفنانة سيرين عبدالنور قفالت: الشر منا وفينا ومن مسؤولينا البلا ضمير الذين اتخذوا الناس رهائن مستخفين بحياتهم ومستقبلهم وجنى عمرهم، وتمنت سيرين أن تكون الكلمة لعدالة السماء لكونها فقدت الثقة بعدالة الأرض، وقالت: «يا ويلكم من الله!»

وقالت الفنانة ماغي أبو غصن: «الله لا يسامح الذي كان السبب وراء كل ما حدث، خسرنا كل شيء، خسرنا أحباءنا خسرنا صحتنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا، البلد منهار ونحن مجروحون وقلب بيروت مجروح لكنها لا تموت وسنكمل الصمود ونبقى في البلد، وأنتو رح تفلوا يللي دمرتوا بيروت حسبي الله ونعم الوكيل».

من جهته، لم يكن الفنان ملحم زين في منزله الذي يبعد نحو 700 متر عن مرفأ بيروت لحظة الانفجار، إلا أن أطفاله أصيبوا بجروح طفيفة في الوجه واليدين، يردد ملحم وبلغة الحزن والغضب ان الطبقة السياسية في لبنان «بدها حرق ومشانق» وقال: نحن محكومون من شياطين وما عادت تنفع اليوم الأغنيات والكلمات.

المخرج جاد شويري مهجر من منزله الكائن في بيروت منذ ليلة الانفجار بسبب الاضرار الكبيرة التي لحقت به وهو يقول ان ما رآه على الأرض من مشاهد بعد وقوع الانفجار هو صدمة حياته، وقد تصور في لحظتها ان ما حدث هو قنبلة نووية أو قصف جوي لكن فاته احتمال ان تكون الدولة قد فجرت ناسها.

بدورها تدمر منزل الممثلة ستيفاني صليبا ككثير من البيوت ونجت ابنة عمها بأعجوبة من الموت وحالتها لا تزال خطرة، وسألت ستيفاني: «إلى متى سنبقى رهائن ولعبة في أيدي الغير؟».