طبيبة تروي دروسا في الحياة تعلمتها من تجربة وفاة والدها
[ad_1]
تعمل الطبيبة راشيل كلارك في قسم الرعاية وتخفيف الآلام، وتحضر الكثير من حالات الوفاة لمرضى، اضطرت قبل ثلاث سنوات إلى رعاية والدها الذي شُخصت حالته المرضية بسرطان مزمن، وقالت لبي بي سي كيف ساعدتها التجربة في فهم الحزن وفي أن تصبح طبيبة ماهرة.
تقضي راشيل كلارك حياتها العملية بصحبة مرضى يواجهون الموت، لكن في عام 2017، أصبح عملها فجأة له طبيعة شخصية، بعد أن شُخصت الحالة المرضية لوالدها، مارك راندال، وهو طبيب أيضا، بسرطان مزمن.
وقالت الطبيبة، وهي من اوكسفوردشاير جنوبي إنجلترا، لبي بي سي: “دمرني احتمال فقدان والدي والبكاء ليلا”.
كانت راشيل على موعد مع مواجهة وفاة من نوع آخر، ليس كطبيبة بل ابنة، وكان المشهد مختلفا تماما.
لعنة الطبيب
بينما كان والدها يحارب مرض السرطان، كانت راشيل تبذل قصارى جهودها لاحتواء عواطفها.
وأضافت: “هذه لعنة خاصة بالطبيب، فأنت تعرف ما هو قادم أيضا”.
بعد تشخيص حالة والدها المرضية، كان يتصل بها يوميا للحديث معها عن مرضه.
وقالت: “اعتمدت على كل تدريبي، لكي أكون طبيبة هادئة وموضوعية للغاية، ومريحة أثناء الاتصالات الهاتفية، بينما أكبت – وأدفن – داخلي ابنة تصرخ من الألم.”
قال والدها إنه كان يجد في تلك المحادثات “علاجا”.
وقالت راشيل: “لكن في كل مرة كنت أغلق الهاتف كنت أبكي بعدها”.
درس مهم
إن رعاية والدها المريض جعلتها تدرك الإحساس العميق بالخسارة، وحجم الفراغ الذي يشعر به من فقدوا أحبابهم.
وقالت: “كان درسا مهما جدا بالنسبة لي كطبيبة، فهمت أخيرا كيف يكون الحال على الجانب الآخر، أن أكون أما أو ابنا أو زوجة أو أخا أو زوجا يفقد من يحب في حياته، إنه درس مؤثر بالنسبة لي”.
بذلت راشيل وبقية أفراد الأسرة جهودا لجعل الأشهر الأخيرة لوالدها الطبيب مارك راندال فترة خاصة قدر الإمكان.
وقالت: “كان لأبي موقف استثنائي تجاه مرضه، إذ تقبل الأمر بصدر رحب، وشرع في محاولة ملء الأشهر والأسابيع والأيام الأخيرة من حياته بتجارب صغيرة بسيطة.”
الأيام الأخيرة
كان والدها يقضي ساعات للتمشية خارج المنزل، حتى بعد أن توقف عن تناول العلاج الكيميائي المسكن، وقطع مع والدتها ذات مرة مسافة 600 كيلومتر بالسيارة لرؤية الجبال المفضلة لديه على المرتفعات الاسكتلندية.
اشترت راشيل ثلاث تذاكر باهظة الثمن لحضور حفل موسيقي، وأخذت والديها لمشاهدة عرض السيمفونية الثانية لـ “إلغار”، التي يحبها والدها.
وقالت: “كانت لحظة مذهلة، كانت دموعنا تسيل على وجوهنا”.
وأضافت: “خلال الأيام الخمسة الأخيرة من حياته، كان يرقد على سرير طبي في الطابق السفلي بمنزله. أحدنا كان يمسك يده على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع، لم يكن بمفرده أبدا.”
وفي عشية عيد الميلاد، بلغ والدها 75 عاما، كان يحيطه أبناؤه الثلاثة، وثلاثة أحفاد، بيد أن الطبيب راندال كان أضعف من أن يبتسم، وتوفي لاحقا بعد يومين.
تعلم الحزن
قالت راشيل: “لحظاتك الثمينة، لا تدوم أي منها إلى الأبد، استطاع والدي الاحتفال بكل واحدة منها حتى نهاية حياته”.
توفي والدها في المنزل وليس في مستشفى وسط أجهزة طبية، وهي حقيقة مريحة بالنسبة لها.
وتقول في كتابها “عزيزتي الحياة”، الذي يتعامل مع فاجعة فقد الأحباء: “الحزن هو شكل يتخذه الحب عندما يموت شخص ما، وهذا الألم، من بين جميع الآلام، لا يمكن تهدئته”.
عندما اقترب موعد عودتها إلى عملها، كانت تخشى من أن تتذكر والدها عند رؤيتها لمريض، لكنها أدركت بسرعة أن التجربة المؤلمة منحتها المزيد من القوة.
وقالت: “لدي الآن تجربة معاشة تعلمت منها، وواقعية أفهمتني ما يعاني منه الأقارب المكلومون.”
حفل زفاف قبل الموت
أصبح لدي راشيل قدرة على فهم احتياجات مرضاها من واقع المحادثات التي كانت تجريها مع والدها، وساعدها ذلك عندما أعربت شابة، على شفا الموت بسبب مرض السرطان، عن رغبتها في الزواج.
عمل فريق راشيل على مدار الساعة لتوفير فستان للعروس وتحويل غرفة في المستشفى إلى كنيسة، وأحضروا بالونات وكعك للاحتفال بالزفاف.
حضر الحفل مئات الضيوف، وقاد والد العروس ابنته الجالسة على كرسي متحرك عبر الممر.
وقالت راشيل: “فجأة لم تكن هذه امرأة تحتضر بسبب السرطان، إنها شابة تزوجت، تنظر إلى الرجل الذي تحبه أكثر من أي شيء آخر، كل شخص في الغرفة استشعر هذا التحول، كانت واحدة من أجمل التجارب التي عشتها في عملي”.
وأضافت أن المريضة احتفظت بفستان زفافها وتوفيت بين ذراعي زوجها في اليوم التالي.
وقالت: “كان ذلك مؤثرا جدا، وشعورا جميلا للغاية في ذات الوقت.”
وتقول في كتابها: “مرضى الحالات المزمنة يعرفون أن وقتهم ينفد، بينما نحن نعيش كما لو أننا سنخلد في العالم”.
النجاة من انفجار قنبلة
أسهمت تجربة سابقة في حياة راشيل في اتخاذها قرار احتراف مهنة الطب.
في أبريل/نيسان 1999، كانت تسير نحو حانة في وسط لندن مع صديقها عندما حدث انفجار قوي دفعها بعيدا.
وقالت: “رأيت أمامي جثة رجل بدون ساق”.
وأسفر الانفجار، الناجم عن هجوم بقنبلة مسامير شنته جماعة النازيون الجدد على حانة للمثليين، عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 70 آخرين.
رأت راشيل كيف هرع الأطباء والممرضات لتقديم المساعدة، دون الاكتراث بالخطر، واستعادت حياتها.
كانت راشيل الطفلة متميزة في مادة العلوم، ونشأت على الاستماع لقصص والدها الآسرة عن مهنة الطبيب، وتنبأ معلموها أن تسير على دربه، لكنها بدلا من ذلك عملت صحفية.
وبعد نجاتها من الانفجار، عادت للدراسة مرة أخرى وسرعان ما حصلت على شهادة الطب في سن 29 عاما.
وبعد الانتهاء من فترة التدريب الطبي، أمضت بعض الوقت في أقسام الطوارئ لكنها فضلت رعاية المرضى الذين يحتاجون إلى عناية في أواخر حياتهم.
رغبة قبل الموت
تعتقد راشيل أن الناس بحاجة إلى المشاركة في محادثات صعبة عن الموت، والاستعداد لمواجهة أمور عملية.
قالت: “لدي فلسفة غريبة عن موتي، وأعتقد بصدق أنني محظوظة لأنني عشت 47 سنة بصحة جيدة بشكل ملحوظ”.
وترغب راشيل، إذا تعرضت يوما ما لتشخيص إصابتها بمرض معين يعيق الحياة، أن يساعدها أولئك الذين يعتنون بها في تحقيق آمال لم تحققها بعد.
وتقول: “بغض النظر عن حالتي المرضية، سواء كنت على كرسي متحرك أو في الفراش، فهذا لا يهمني. وأرجو حينها اصطحابي إلى نهر حيث يمكنني رؤية ثعلب الماء، وسأموت سعيدة”.
[ad_2]
Source link