أخبار عاجلة

كيف تقوي مناعتك النفسية رغم تحديات | جريدة الأنباء


  • متخصصو صحة نفسية لـ «الأنباء»: يمكننا تحقيق ذلك عبر استغلال الوقت في تنمية المهارات الشخصية وتقوية العلاقات الأسرية وحسن التعامل مع الضغوط اليومية

ندى أبو نصر

أرقام متتالية عن الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وهلع من ارتفاع عدد الوفيات بهذا الفيروس الغامض، وإجراءات احترازية غير مسبوقة فرضت نفسها على جميع أنحاء العالم، مما كان له تأثير مباشر وقوي على نظام الحياة اليومي لكل منا.

لتبرز تحديات مهمة تتعلق بالصحة النفسية، لابد أن ننتبه لها حتى نعبر هذه المرحلة بسلام، لاسيما مع الأطفال الصغار، فقد ترافق تفشي «كورونا» مع قلق الناس من إصابتهم بالفيروس، أو إصابة أحد المقربين منهم به، ليأتي بعد ذلك الفراغ الكبير غير المعتاد الذي يعيشه الكثيرون بسبب الحظر الكلي، ليلقي كل ذلك بأحمال ثقيلة على عقولنا ونفسياتنا، وهو ما لا يحتاج معه العقل لأن يكون مبدعا حتى يبتكر أفكارا سوداء قد يسمم بها نفسه ويضعه تحت ضغوط أكير من احتماله.

ويعد الاهتمام بالصحة النفسية في مثل هذه الفترات العصيبة أمرا غاية في الأهمية، إذ يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الصحة النفسية، حتى لا تؤثر المخاوف من انتشار الوباء على التماسك الاجتماعي، أو تترك أثرا سلبيا على الصحة النفسية.

«الأنباء» حملت هذا الملف إلى عدد من المتخصصين في الصحة النفسية للوقوف على كيفية عبور هذه المرحلة بسهولة ودون التأثر بالضغوط المختلفة، والتعرف منهم على الآليات الفعالية في مواجهة التحديات التي يفرضها انتشار وباء كورونا في العالم، وفهم كيفية التوافق مع متطلبات النفس البشرية من خلال التدابير المختلفة التي تساعد على العناية بالصحة النفسية سواء للمجتمع أو الأفراد، فإلى التفاصيل:

بداية، أكدت دكتورة إرشاد نفسي وصحة نفسية د.نادية الخالدي أن أي إنسان لا يعرف كيفية التعامل مع الأزمات ولا يجيد إدارة حياته أو تنظيم وقته ولا يملك القدرة على التعايش مع ذاته يكون معرضا بنسبة كبيرة للإصابة بأمراض نفسية، لاسيما في هذه الفترة، حيث تتسبب «كورونا» في زيادة حدة مرض الوسواس القهري، مضيفة أن من يعانون من الوسواس القهري ستزيد حالتهم سوءا إذا لم يدخلوا جلسات استرخاء أو العلاج المعرفي والسلوك لتقليل الاضطرابات لديهم، كما أن هناك اضطرابا سيصيب الصفوف الأولى، وهو اضطراب ما بعد الصدمة وممكن أن يأتي بعد 6 شهور، فكثير من الأطباء يعيشون اضطراب ما بعد الصدمة، ويعانون من اضطراب الضغط الحاد وشعور الارتجاف والانفصال عن الواقع وتوتر وأعراض الاضطراب جميعها، لكن لا داعي للقلق فالمجتمع العربي لديه قوة نفسية أكثر من المجتمعات الأخرى لأنه تربى على الحياة الصعبة، وكلما ربينا على الحياة التي فيها قوة وصلابة نفسية قلت لدينا الاضطرابات، والعكس صحيح كلما عشنا حياة مليئة بالرفاهية أصبحنا اكثر عرضة للاضطرابات النفسية.

أسرى الأخبار

وأضافت الخالدي أن الموضوع يصبح مقلقا إذا لم يستطع الإنسان التعامل مع نفسه، فالناس في الأزمة انقسمت إلى قسمين قسم أصبحوا أسرى للأخبار وسماع الشائعات، وهؤلاء سيصيبهم القلق والهلع والوسواس القهري، وبالأخص من يصاب أحد أفراد عائلته بـ «كورونا»، ومن الممكن أن يصيبهم اضطراب الضغط الحاد ثم يتحول لاضطراب ما بعد الصدمة، والبعض يصيبه الاكتئاب، وممكن أن يتطور إلى رغبة في إنهاء الحياة إذا لم يعرف الشخص التعامل مع الخطر بشكل جيد، أما الشخص الذي يضع جدولا لحياته وبعرف كيفية استثمار وقته لن يتعرض لأي اضطراب، فالأمراض النفسية تزور الإنسان الذي لديه فراغ وليس لديه خطة.

احتياطات ضرورية

وأضافت: ان كورونا جعلتنا نختلي مع أنفسنا لكي نتطور اكثر فنستطيع أن نقيم جنة داخل المنزل مع عالمنا الداخلي في التقرب من عائلتنا وأطفالنا ونضع جدولا نطور من مهاراتنا سواء عبر القراءة التي تنقلك إلى عوالم وأزمنة مختلفة أو من خلال التواصل مع أصدقائنا عبر الإنترنت وإمضاء أوقات سعيدة معهم أو من خلال تعلم اللغات الجديدة لأن الأمراض تنتشر إذا لم نضع خطة ورؤية واضحة فيجب بعد ثلاثة أشهر أستطيع أن اكون حياة ومهارات جديدة لأن الحياة الرغمية يجب أن نستغلها بشكل رائع ونتعرف على أصدقاء جدد.

وبينت الخالدي أن الاضطرابات النفسية ستنتشر بسرعة مثل فيروس كورونا إذا لم نُحصن أنفسنا ونأخذ الاحتياطات اللازمة، وكل هذا متعلق بالمنظومة العقلية إذا كانت مليئة والمنظومة الشعورية إذا كانت متزنة والمنظومة الحياتية إذا كانت مستقرة، والإدارة عند الإنسان نفسه.

وزادت: الوعي الكاف للأسف غير موجود بشكل كبير، ولهذا من الممكن أن تنتشر أمراض كثيرة، ولهذا أنصح كل شخص يشعر بأي اضطرابات نفسية باللجوء إلى مختص أو أي شخص يعلمه إيجاد المعنى.

وأضافت أن نسبة الأمراض والطلاق والخوف والوسواس القهري ستتزايد إذا لم ينتبه الناس إلى كيفية التعامل مع الضغوط، وستصبح مسألة تراكمية إما للأحسن أو الأسوأ، كما أن هناك مناعة نفسية ستتكون عند الذين ينجحون في إدارة الأزمة بشكل جيد.

علاقة مهمة

بدوره، أكد د.هايل داوود أن الطب بدأ يهتم أكثر وأكثر بالعلاقة بين الغذاء والمزاج وكيف تؤثر تركيبة الأطعمة التي نتناولها على عمل الدماغ وعلى الشعور بالقلق والتوتر، وأن أهم العوامل التي تؤثر على تنظيم عمل الدماغ والجهاز العصبي هي الناقلات العصبية، والتي يؤثر اضطراب مستواها على كيمياء الدماغ مسببا العديد من المشاكل النفسية والعصبية.

ومن أهم العناصر الغذائية الضرورية لتركيب الناقلات العصبية فيتامين B12 حيث يسبب نقص الفيتامين B12 حالات من الحساسية النفسية الزائدة وسوء المزاج والتوتر.

وأشار داوود إلى أن حصولنا على كفايتنا من الماغنسيوم أمر ضروري لعمل الأعصاب والعضلات، خاصة بسبب استهلاكه السريع في حالات التوتر والعصبية والمجهود العضلي الكبير، مؤكدا أهمية الدهون لصحة الأعصاب، حيث إن إعطاء دهون الأوميغا 3 يساعد في التغلب على القلق النفسي عند المرضى، مضيفا أن مصادر دهون الأوميغا 3 هي المأكولات البحرية والأسماك الدهنية خاصة السلمون، إضافة إلى الجوز وزيت الزيتون.

أطعمة مهمة

وذكر داوود أن هناك 5 أنواع من الأطعمة تساعد في مكافحة التوتر النفسي ومنها:

1- الحبوب الكاملة، حيث إن الحبوب الكاملة كالقمح والفريكة والشوفان والأرز الأسمر غنية بفيتامينات B خاصة فيتامين B1 وB2 وحمض الفوليك الصديقة للأعصاب، إضافة لغناها بالألياف التي تساعد في الحفاظ على مستوى سكر الدم.

2- اللبن الرائب، لأن للبن تأثير مهدئ يساعد على النوم ويخفف التوتر وضغط الدم والاكتئاب، لاحتوائه على التريبتوفان الضروري لتصنيع السيروتونين والميلاتونين.

3- الأفوكادو بوصفها مصدرا جيدا لفيتامين B6 تعتبر صديقا للأعصاب.

4- الشيكولاته السوداء لأنها غنية بالماغنيسيوم إضافة للبوليفينول والفلافانول، وهي من أهم مضادات الأكسدة.

5- والبيض لأنه معروف بغناه الفوسفوليبيدات ومادة الكولين الضرورية لصنع الناقل العصبي الأسيتيل كولين، ولغناه بفيتامينات B وD.

واكد دواود ضرورة أن نغير نظامنا الغذائي نحو أطعمة صديقة للأعصاب والدماغ، ونمتنع عن تناول الأطعمة التي تسبب ارتفاع الكورتيزول (هرمون السترس) خاصة السكر والطحين الأبيض.

التواصل اليومي مع الأهل والأصدقاء يخفف التوتر

هذا، وقد تفاعل عدد من المهتمين بموضوع الصحة النفسية مع موضوعنا، وتطرقوا إلى بعض الأمور التي يحرصون عليها لمواجهة الضغوط في هذه المرحلة، وكان أبرزها الحرص على التواصل المستمر مع الأهل والأحبة عبر الاتصالات سواء الصوتية أو الفيديو.

بداية، قالت شيماء محمد: نحافظ على التواصل مع جدتي يوميا عبر مكالمات صوت وفيديو، وتقول «جدتي حريصة أكثر منا، هي واعية بالأزمة وتنتظر انتهاءها كي نلتقي معا».

ونحن دائما حريصون على أن نشعرها بأنها موجودة معنا لكي لا تتراجع صحتها النفسية من العزلة أو يسبب لها الحجر أعراضا نفسية فيما بعد لأنها معتادة دائما على لمتنا عندها.

بدوره، قال عبدالله الشوفي: نشغل نفسنا بمحادثات هاتفية مع الأصدقاء وخصوصا المقربين الذي يسكن مدينة أخرى بعيدا عنا، لكي لا أشعر بالوحدة والعزلة التي تؤثر كثيرا على الحالة النفسية.

وتابع قائلا: «يحزنني الأطفال أولاد أعمامي وعماتي، إذ تعودت على التواصل المباشر معهم وجلب الهدايا الصغيرة التي تفرحهم، وهذا ما ينقص التواصل عن بعد».

من جانبها، قالت أم محمد – وهي ممرضة: إن القلق المفرط يعد اضطرابا نفسيا يؤثر على الشخص نفسه، وكذلك المحيطون به ويتسبب في اضطراب الأجهزة الحيوية بالجسم، مما يؤثر على الوظائف الرئيسية لتلك الأجهزة ويضر الجهاز المناعي الذي يعد الخط الدفاعي الأول للجسم والقادر على كبح الالتهابات والعدوى التي تهاجم الجسم، ولهذا يجب أن نحافظ على صحتنا النفسية وأن نحاول أن نأكل طعاما صحيا ونشغل أنفسنا بالأشياء التي تبعدنا عن التوتر والضغط في هذه الفترة.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى