فيروس كورونا: هل يفقد الإيطاليون الثقة في الاتحاد الأوروبي؟
[ad_1]
عندما وصل وباء “كوفيد-19” إلى أوروبا، كانت إيطاليا محطته الأولى، وضربها بقوة.
لم تأت سوى مساعدات قليلة من جيرانها الأوروبيين، خلال الأسابيع الأولى من الأزمة في فبراير/شباط ومارس/آذار، حيث كانت المستشفيات في شمالي البلد قد اكتظت بالمصابين.
وبينما بلغت حصيلة الوفيات في إيطاليا جراء الوباء نحو 31 ألف قتيل، يتزايد القلق بشأن التداعيات الاقتصادية أيضا، وهناك مؤشرات على ارتفاع عدد الإيطاليين الذين يفقدون الثقة في الاتحاد الأوروبي.
أطلقت معاهدة روما المجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك في عام 1957، حيث كانت إيطاليا عضوا مؤسسا.
ويقول وكيل العقارات في روما ماركو توندو: “لقد غيرت رأيي قليلا بشأن أوروبا. نحن نواجه حالة طوارئ مطلقة، ورؤية البلدان تدير ظهرها لبعضها البعض أمر صعب حقا”.
ويتلقى الشاب، البالغ من العمر 34 عاما، حاليا راتبا تعويضيا لمدة تسعة أسابيع من الحكومة، بنسبة 80 في المئة من راتبه الاعتيادي.
ووفقا لمسح أجرته شركة (تكني) الإيطالية للاستشارات وشارك فيه ألف شخص في أبريل/ نيسان الماضي، قال 42 في المئة منهم إنهم يرغبون في مغادرة بلدهم الاتحاد الأوروبي، مقارنة بـ 26 في المئة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018.
ومع ذلك، قال ربع هذا العدد إنهم سيكونون مستعدين للبقاء في التكتل، إذا وافقت أوروبا على إجراءات ملموسة لصالح إيطاليا.
وفرضت إيطاليا إغلاقا كاملا في الثامن من مارس/ آذار الماضي، لكبح انتشار وباء كورونا، ولم تخفف القيود المشددة على الحياة إلا في الرابع من مايو/ أيار الجاري.
وسينخفض الناتج الاقتصادي للبلاد بنسبة 8 في المئة خلال العام الجاري، وفقا لحكومة جوزيبي كونتي. ويتوقع المعهد الوطني للإحصاءات في إيطاليا، أن هذا المستوى من الانكماش الاقتصادي سيضخم الدين العام لإيطاليا هذا العام، إلى نحو 155.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
كيف تعاملت أوروبا مع الأزمة؟
عندما اندلعت الأزمة الصحية، دعا كونتي إلى إنشاء “سندات كورونا”، وأتيح يتم تمويلها من قبل جميع أعضاء منطقة اليورو، لتقاسم عبء التعافي الاقتصادي للدول المتضررة.
لكن في غضون أيام، رفضت ألمانيا وهولندا أي نوع من تبادل الديون. ولم ينعكس ذلك بصورة جيدة في الأوساط الإيطالية. وقال منتقدون إن رئيس الوزراء تعرض للإذلال في الاتحاد الأوروبي.
ويقول كارلو ألتومونتي، وهو أستاذ مشارك في اقتصاد التكامل الأوروبي في جامعة بوكوني الإيطالية: “إن طلب إنشاء سندات كورونا كان الطريقة المثلى، لإغلاق الباب في وجهه”.
وأضاف: “تبادل الديون محظور، بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي ودستور ألمانيا. أعتقد أن كونتي استخدمها كسلاح في المفاوضات”.
في 18 من مارس/ آذار، أطلق البنك المركزي الأوروبي برنامجا لشراء السندات، بقيمة 750 مليار يورو (800 مليار دولار) لمساعدة البلدان الأكثر مديونية في منطقة اليورو، من خلال خفض تكاليف الاقتراض.
بعد ذلك بيومين، أعلنت المفوضية الأوروبية تعليق القواعد الخاصة بالعجز المالي العام، ما سمح للبلدان بضخ أكبر قدر ممكن من الأموال في اقتصاداتها.
وفي الثامن من أبريل/ نيسان، اتفق وزراء مالية دول مجموعة اليورو على خطة إنقاذ، بقيمة 540 مليار يورو. وتتكون الخطة من:
- 200 مليار يورو كخط ائتمان جديد للشركات، مقدم من بنك الاستثمار الأوروبي.
- قروض بقيمة 100 مليار يورو، لدعم خطط إعانات البطالة المؤقتة.
- 240 مليار يورو كخط ائتمان مقدم من آلية الاستقرار الأوروبية (ESM)، لتمويل النظم الصحية في منطقة اليورو.
لقد تركز الجدل السياسي في إيطاليا، في أغلبه، على الجزء الأخير من الحزمة. آلية الاستقرار الأوروبية هي صندوق إنقاذ حكومي دولي، قدم قروضا لليونان وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى خلال الأزمة المالية، ويعود تاريخه إلى عام 2012.
ووفقًا لمجموعة اليورو، ستكون أسعار الفائدة على القروض قريبة من 0.1 في المئة، ولكن سيتم استخدام الأموال فقط “لدعم التمويل المحلي، للرعاية الصحية المباشرة وغير المباشرة والعلاج، والتكاليف المرتبطة بالوقاية من وباء كوفيد 19”.
كيف كان رد فعل إيطاليا؟
يمكن لإيطاليا أن تقترض ما يصل إلى 37 مليار يورو، من آلية الاستقرار الأوروبية، لكن لا يزال يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستطلب القروض.
وغالبا ما اتخذ الحزبان اللذان يشكلان الحكومة الائتلافية، بقيادة جوزيبي كونتي، مواقف متباينة بشأن القضايا الأوروبية، وهذا هو الحال أيضا فيما يتعلق بالاقتراض من الآلية الأوروبية.
فالحزب الديمقراطي الذي ينتمي لتيار يسار الوسط يدعم الفكرة. لكن حركة “خمس نجوم” حذرت من أن الحكومة ستنهار، إذا استغل كونتي حزمة الإنقاذ المالي.
وقال كونتي أخيرا، بعد رفضه مرارا الاستفادة من آلية الاستقرار: “سيقرر البرلمان الإيطالي ما إذا كان من المناسب لإيطاليا تفعيلها”.
ويأتي الاعتراض الرئيسي من حزب الرابطة اليميني المتطرف، الذي اعتاد أن يكون في الحكومة لكنه الآن في المعارضة.
وقال ماتيو سالفيني زعيم الحزب “إن آلية الاستقرار الأوربية ليست هدية، إنها أموال تعار لكي يتم سدادها وفق شروط محددة دقيقة، تم اختيارها في بروكسل وليس في إيطاليا”.
وأضاف: “يجب أن نعيد تأسيس الاتحاد الأوروبي على مبادئ جديدة، ونعود للسيطرة على إصدار النقود. نحن بحاجة إلى طباعة النقود”.
ما مدى تأثير المتشككين في الاتحاد الأوروبي؟
على الرغم من أن الرابطة لا تزال تمثل أكبر حزب في إيطاليا، إلا أن شعبيته تراجعت خلال الشهرين الماضيين، وفقا لاستطلاع أجرته شركة ديموبوليس.
ويحكم حزب الرابطة منطقتين رئيسيتين في شمال إيطاليا: القوة الصناعية لومبارديا، وفينيتو في الشمال الشرقي. وكانت المنطقتان أول من سجل حالات إصابة بفيروس كورونا. لذا، فإن تعامل الحزب مع أزمة الوباء خضعت لتدقيق مشدد.
ويبدو أن سالفيني يفقد الدعم الشعبي، بينما أصبح منافسه داخل الحزب حاكم فينيتو، لوكا زايا، يحظى بشعبية متزايدة.
ويوضح بييرو إغنازي، أستاذ السياسة المقارنة في جامعة بولونيا: “كلاهما متشكك في الاتحاد الأوروبي، لكن زايا مسؤول عن إدارة هذه الأزمة في منطقته، وهو يتعامل معها بشكل جيد”.
ويضيف: “في المقابل، يمثل سالفيني المعارضة على المستوى الوطني، وانتقاده للحكومة ليس جذابا للشعب في الوقت الراهن”.
وبينما أطلق “لوكا زايا” حملة اختبارات واسعة النطاق لجميع سكان المنطقة، اختار أتيليو فونتانا، حاكم لومبارديا وأحد أقرب حلفاء سالفيني، عدم تنفيذ الاستراتيجية نفسها.
ووفقًا لبحث حديث نشرته دورية لانسيت الطبية، فإن معدل الوفيات بين المصابين بالفيروس في منطقة فينيتو، التي يحكمها زايا، هو 6.4 في المئة، في حين أنه في لومبارديا، التي يحكمها حليف سالفيني، يصل إلى 18.3 في المئة.
هل سيقدم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم؟
انخفض معدل التوظيف في إيطاليا، وهو أحد أدنى المعدلات في منطقة اليورو، بشكل طفيف إلى 58.8 في المئة خلال مارس/ آذار، مقارنة بـ58.9 في المئة خلال فبراير/ شباط.
وتقول فالنتينا روزي (45 عاما)، وهي صاحبة متجر في روما لكنها عاطلة حاليا عن العمل: “لست من محبي حزب الرابطة، لكن أوروبا تثبت مرة أخرى أنها عديمة الفائدة، لذا يجب أن نغادر الاتحاد الأوروبي”.
ما تريده إيطاليا الآن من الاتحاد الأوروبي هو خطة إنعاش تتجاوز القروض.
ويطالب البرلمان الأوروبي بإنشاء صندوق إنعاش اقتصادي، بقيمة 2 تريليون يورو يدمج ضمن ميزانية الاتحاد، ومن المتوقع أن تبحث المفوضية الأوروبية مقترحات متعلقة بذلك قريبا. جزء أساسي من الميزانية المقبلة هو التماسك، بهدف تقليص فجوة الثروة الكبيرة بين الدول الأعضاء.
لكن هناك انقسامات قوية بين الدول الأعضاء، أبرزها يتعلق بتحديد ما إذا كانت الدول ستحصل على على منح أم قروض فقط.
إن أي خطة إنعاش قائمة بشكل أساسي على المنح ستكون انتصارا لكونتي، ويمكن أن تحدث فارقا كبيرا بالنسبة للإيطاليين، الذين لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيديرون ظهورهم لبروكسل أم لا.عندما وصل وباء “كوفيد-19” إلى أوروبا، كانت إيطاليا محطته الأولى، وضربها بقوة.
[ad_2]
Source link