أخبار عاجلة

حدود سلطة مجلس إدارة مؤسسة البترول | جريدة الأنباء


  • على الرغم من أن مؤسسة البترول الكويتية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية إلا أن تلك الاستقلالية مرهونة بالأحكام الواردة بقانون إنشاء المؤسسة
  • تكاليف المؤسسة تؤثر بشكل مباشر على صافي إيرادات مبيعات النفط التي تنعكس آثارها على الموازنة العامة للدولة
  • 3.7 مليارات دينار تكلفة الإنتاج المقدرة في موازنة 2020/2021 مقابل 3.4 مليارات في السنة المالية التي سبقتها و1.6 مليار تكلفة الرواتب والمزايا وهي عالية ضمن تكلفة الإنتاج
  • تم التسويق لزيادة رواتب العاملين بالقطاع النفطي في 2011 بأنها لن تُكلف ميزانية الدولة ديناراً واحداً لكن في الحقيقة أثرت على الميزانية العامة للدولة بشكل غير مباشر
  • في دراسة خاصة لوزير المالية وباركها رئيس ديوان الخدمة المدنية حددت مدى سلطة مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات الحكومية في إقرار وتعديل نظم المرتبات والمزايا للعاملين
  • على مجلس الخدمة المدنية القيام بدوره الرقابي بتنظيم المرتبات بالدولة استناداً إلى الفقرة 6 من المادة 5 من القانون بشأن اختصاصه بإصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية
  • الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بإدارة الفتوى والتشريع حسمت سلطة مجلس الخدمة المدنية في إقرار وتعديل نظم المرتبات
  • إن سلطة مجلس إدارة المؤسسة والمجلس الأعلى للبترول لا تمتد إلى سلطة مجلس الخدمة المحددة بالقانون رقم 15 لسنة 1979 والمتعلقة بالتوظف
  • يستند ديوان الخدمة المدنية باختصاصه إلى المادة 155 من الدستور وقضت بأن ينظم القانون شؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تقرر على الخزانة العامة
  • نبه ديوان المحاسبة الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة باعتماد نظمها الوظيفية من السلطة المختصة وذلك لإسباغ الصفة الشرعية والاستقرار القانوني لها
  • أمام الجهات الرقابية مسؤولية التأكد من أن مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات العامة ملتزمة بأحكام قانون إنشائها وأحكام القانون 15 لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية 

بقلم: بدر مشاري الحماد.. نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)

[email protected]

طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة بأن مؤسسة البترول الكويتية قامت بإصدار قرارات تعد الأكبر في تاريخ المؤسسة لترشيد الإنفاق، وذلك بهدف تقنين الصرف على بعض بنود الموازنة التشغيلية للمؤسسة والشركات التابعة لها، تزامنا وتفاعلا مع الأوضاع السيئة نتيجة لانتشار فيروس كورونا المستجد، والذي انعكس سلبا على الأسواق العالمية وتباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي وما صاحبه من انهيار في أسعار النفط والتأثير الكبير الذي خلفه ذلك على الكويت على حد تعبيرها.

وقد أوردت المؤسسة البنود التي سيطولها الترشيد ونسب الترشيد، وقد أشارت مصادر إعلامية فيما يتعلق بالمكافأة التشجيعية سيتم الإعلان عن تخفيضها بعد الحصول على موافقة مجلس إدارة المؤسسة.

وكما نعلم أن أغراض مؤسسة البترول الكويتية وفقا لقانون إنشائها رقم 6 لسنة 1980 تشمل جميع الأعمال المتعلقة بصناعة البترول من الاستكشاف والحفر وإنتاج النفط والغاز إلى النقل والتكرير والتسويق وإقامة الصناعات المعتمدة على البترول، وان تكاليف المؤسسة تؤثر بشكل مباشر على صافي إيرادات مبيعات النفط والتي تنعكس آثارها على الموازنة العامة للدولة.

وقد قدرت تكلفة الإنتاج في مشروع الموازنة 2020/2021 بمبلغ 3.7 مليارات دينار، في حين كانت التكلفة في السنة المالية التي تسبقها 3.4 مليارات دينار، كما انه وفقا لموازنة المؤسسة 2019/2020 فقد بلغت كلفة الرواتب والمزايا 1.6 مليار دينار، ما يوضح حجم تكلفة تلك الرواتب والمزايا ونسبتها الى تكلفة الإنتاج.

وفي هذا السياق، نستذكر ملابسات زيادة رواتب العاملين في القطاع النفطي في عام 2011 والتي تم التسويق لها حين ذاك بأن تلك الزيادة لن تكلف ميزانية الدولة دينارا واحدا على حد زعمهم، في إشارة إلى أن ميزانية مؤسسة البترول الكويتية هي بتمويل ذاتي، ولا تدخل رواتب العاملين في القطاع النفطي ضمن الباب الأول من ميزانية الدولة، لكن غفل من قام بتسويق هذا المبرر بان تلك الزيادة وان كانت لا تؤثر على مصروفات الباب الأول بشكل مباشر، إلا أنها ستؤثر على إيرادات مبيعات النفط، حيث إن تلك الزيادة ستزيد من كلفة إنتاج النفط، لذا فالأثر على الميزانية العامة للدولة قائم.

أما فيما يتعلق بمدى سلطة مجلس إدارة مؤسسة البترول في إقرار وتعديل نظم المرتبات والمزايا للعاملين بالمؤسسة والشركات التابعة لها، فإنه وفقا لدراسة خاصة قد أعددتها شخصيا في هذا الشأن، وسأسقط نتائجها على وضع مؤسسة البترول الوطنية، تلك الدراسة التي اقرها وزير المالية في ذلك الوقت وباركها ديوان الخدمة المدنية ممثلة برئيس ديوان الخدمة المدنية في ذلك الوقت، وسأوجزها نظرا لحجمها التي لا تسعها تلك السطور:

1 – على الرغم من أن مؤسسة البترول الوطنية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية، تلك الاستقلالية التي تجعلها مهيمنة على قراراتها المالية والإدارية، إلا أن تلك الاستقلالية مرهونة بالأحكام الواردة بقانون إنشاء المؤسسة 6 لسنة 1980 والتشريعات الأخرى بالدولة ذات الصلة، فقد نصت الفقرة (ز) من المادة 14 من القانون بأن من سلطات مجلس إدارة المؤسسة اقتراح مشروعات اللوائح الداخلية للمؤسسة، وهذه حدود سلطة مجلس الإدارة في هذا الشأن، والملاحظ بأنه لم يرد أي إشارة فيما يتعلق بنظم شؤون التوظف أو الرواتب.

2 – يختص المجلس الأعلى للبترول وفقا للمادة 16 من القانون بالآتي:

– الفقرة (3) إقرار اللوائح الإدارية والمالية للمؤسسة.

– الفقرة (4) وضع نظام الموظفين والعاملين بالمؤسسة دون إخلال بأحكام المادتين 5 و38 من القانون رقم 15 لسنة 1979.

ووفقا لهذا الحكم بات من الواضح ان سلطة المجلس الأعلى للبترول لا تمتد الى سلطة مجلس الخدمة المحددة بالقانون المشار إليه والمتعلقة بشؤون التوظف (الرواتب والمميزات النقدية والعينية).

3 – يختص مجلس الخدمة المدنية وفقا للفقرة 3 من المادة 5 من القانون 15 لسنة 1979 باقتراح السياسات العامة للمرتبات والأجور بما يكفل التنسيق بين الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها.

4 – إن مجلس الخدمة المدنية وفقا المادة 19 من القانون المشار اليه وبناء على اقتراح ديوان الخدمة المدنية يختص بتحديد قواعد وأحكام وشروط منح تعويضات الأعمال الإضافية وبدلات طبيعة العمل والمؤهل وبدلات وتعويضات مصروفات الانتقال والسفر والمخصصات المالية للموظفين الموفدين دراسيا وتخصيص المساكن الحكومية، هذا بالإضافة الى الحوافز المادية والعينية أو المعنوية الأخرى لرفع مستوى الخدمة المدنية.

5 – استفتى رئيس ديوان الموظفين في عام 1990 الفتوى والتشريع في بيان المقصود بنظم المرتبات، وجاءت افادة إدارة الفتوى والتشريع بما انتهى اليه رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بان اختصاص مجلس الخدمة المدنية في إقرار وتعديل نظم المرتبات يشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية والبدلات وأي مزايا مادية أو عينية اخرى تتقرر للموظف، وان مباشرة هذا الاختصاص يوجب على الهيئة أو المؤسسة العامة أو الشركة- حسب الأحوال- ان تعرض على المجلس النظام الوظيفي الخاص بها، وجاء تفسير إدارة الفتوى والتشريع ان غاية المشرع هي كفالة التناسق والتجانس بين مرتب العمل الواحد سواء في الجهات الحكومية أو الهيئات أو المؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة.

6 – ان صدور القانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية قد اكد على هيمنة مجلس الخدمة المدنية على وضع اطر السياسة العامة للدولة لتحديث الادارة العامة وتطوير نظم الخدمة المدنية في الجهات والمؤسسات الحكومية، وان القانون المشار اليه قد راعى الاحكام الخاصة بشؤون التوظف الواردة بقوانين إنشاء الجهات والمؤسسات الحكومية السابقة لإصدارة، والتي أصبحت في ظل هذا القانون من اختصاصات مجلس الخدمة المدنية، الأمر الذي أورد المشرع فيه أحكاما انتقالية تؤكد على دوره واختصاصاته في تلك الأحكام الخاصة الواردة بقوانين إنشاء الجهات والمؤسسات الحكومية، والتي تلزم تلك الجهات والمؤسسات بعرض تلك الأنظمة الوظيفية على مجلس الخدمة المدنية، وهذا ما أكدته آراء إدارة الفتوى والتشريع المتعددة في هذا الشأن وكان آخرها في عام 2019.

7 – يستمد ديوان الخدمة المدنية اختصاصاته في هذا الشأن الى المادة 155 من الدستور، حيث قضت المادة بأن ينظم القانون شؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تتقرر على الخزانة العامة، وان الحكمة من ذلك ألا يكون هناك صرف أو تحميل أي عبء على الخزانة العامة دون سند قانوني، ويقصد بالسند القانوني هنا التشريع الذي يجيز للسلطة التنفيذية اتخاذ إجراء الصرف، ومن ثم فإن قيام السلطة التنفيذية بإجراءات الصرف دون نص قانوني يجيز لها ذلك، ومن ثم فإن تلك الإجراءات تتعارض مع المادة 155 من الدستور.

8 – نبه ديوان المحاسبة في تعميم له أصدره في 1992 بأنه يتعين على الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ان تعرض على مجلس الخدمة المدنية لتقرير ما يراه مناسبا للنظام الوظيفي المعمول به لدى الجهات والمؤسسات الحكومية، والقرارات التنظيمية الصادرة استنادا لهذا النظام وكذلك المميزات النقدية أو العينية لكافة الموظفين أو لفئات جداول المرتبات المعمول به لديهم، وما يتضمنه من بدلات أو علاوات إضافية أو مكافآت تشجيعية اذا لم يكن قد تم إقراره من مجلس الخدمة المدنية من قبل، وذلك لإسباغ الصفة الشرعية والاستقرار القانوني على نظم المرتبات المعمول بها لديها، وحتى لا يكون تنفيذها قد تم على أساس غير قانوني، مما يستلزم معه وقفها واسترداد ما تم صرفة دون سند قانوني.

9 – تضمن تعميم صادر من قبل ديوان الخدمة المدنية في عام 1998 طلب تقيد كافة الهيئات والمؤسسات العامة بعدم منح الموظفين مزايا غير المنصوص عليها في اللوائح المعتمدة قانونا، علما بأنه في حالة المخالفة سيتم استرداد ما صرف دون وجه حق، مع عدم الإخلال بالمسؤولية التأديبية للمتسبب بترتيب التزامات مالية على الدولة دون وجه حق عملا بقرار مجلس الوزراء في هذا الشأن.

ووفقا لما تم ذكره فقد بات من المؤكد ان ليس لدى مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية ولا المجلس الأعلى للبترول أي سلطة في إقرار نظم المرتبات بما في ذلك المزايا النقدية والعينية وما في حكمها إلا بموافقة مجلس الخدمة المدنية المسبقة، وان أي قرار صدر في هذا الشأن دون الأخذ بعين الاعتبار موافقة مجلس الخدمة المدنية يعتبر مخالفا للقوانين المنظمة لشؤون التوظف، ويسري ذلك على كل الجهات والمؤسسات الحكومية والشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من نصف رأسمالها، لاسيما ان اعتمادات الرواتب والأجور في تلك الجهات والمؤسسات تمثل جانبا ذا اثر مادي من حيث التكلفة على الميزانية العامة للدولة.

هذا وأصبح أمام الجهات الرقابية مسؤولية التأكد من أن مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات العامة ملتزمة بأحكام قانون إنشائها وبأحكام القانون 15 لسنة 1979 بشأن نظام الخدمة المدنية، كما اصبح لزاما على مجلس الخدمة المدنية من خلال ديوان الخدمة المدنية أن يقوم بدوره الرقابي الفعال في شأن نظم المرتبات بالدولة في ظل أحكام القانون المشار إليه آخذا بالاعتبار ما جاء بالفقرة (6) من المادة 5 من القانون بشأن اختصاص مجلس الخدمة بإصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية فيما يتعلق بتشريعات الخدمة المدنية، وان هذا الاختصاص معقود للمجلس دون غيره.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى