فيروس كورونا: تعرف على الطبق الإندونيسي الذي يساعد في “القضاء على الأوبئة”
[ad_1]
تحكي الأسطورة عن وباء ضرب مدينة يوغياكارتا بجزيرة جاوة الإندونيسية، وأمر السلطان المواطنين بطهي طبق “سايور لوديه” والبقاء في منازلهم 49 يوما، وبعدها انتهى الوباء. ومنذ ذلك الحين يمارس سكان المدينة هذه العادة حتى يومنا هذا.
ويعد “سايور لوديه” طبقا بسيطا من الخضروات بصلصة الكاري قوامه حليب جوز الهند المفعم بالتوابل. وأشار خبراء التغذية الذين درسوا هذا الطبق إلى الفوائد الصحية لبعض مكوناته، مثل نبات الخولنجان، الذي اشتهر بأن له خواصا مضادة للالتهابات. ويرى الخبراء أن هذا الطبق مثالي للحجر الصحي، كونه يحتوي على مكونات موسمية متوفرة.
لكن الأهم من ذلك أن انهماك المدينة بأكملها في طهي نفس الطبق في نفس الوقت ولّد شعورا جماعيا بالتضامن والتآلف بين السكان، وكأن السلطان كان يريد أن يستنهض بأوامره روح التضامن الاجتماعي.
وتعد الأطباق في جزيرة جاوة إجمالا غنية بالرموز، إذ يعكس مثلا طبق “ناسي تومبينغ”، وهو طبق مخروطي الشكل من اللحوم والخضروات المتوجة بالأرز الأصفر، ترتيب المخلوقات في الكون.
ويعتقد سكان جزيرة جاوة أن طبق “ناسي كورنينغ”، المكون من الأرز الأصفر العطري، يجلب البركة للمنازل والشركات الجديدة. ويستمد مشروب “جامو” اسمه من كلمة تعني الصلاة لأجل الصحة باللغة الجاوية، ويقال إنه يساعد على تهدئة الأعصاب.
ولكل مكون من مكونات طبق “سايور لوديه” السبعة، دلالة رمزية لغوية، إذ تعني كلمة “باذنجان” باللغة الجاوية أيضا “يقظة”، بينما ترادف الفاصولياء الخضراء في اللغة الجاوية كلمة “بركة”، وإذا جمعنا معاني مكونات الطبق السبع سيكون لدينا ما يشبه الوصفة السحرية.
ويعد تقليد طهي طبق “سايور لوديه”، مثالا على الطقوس الجماعية التي يرى كليفورد غيرتز، عالم إنسانيات، أنها إحدى السمات الأساسية التي تميز الثقافة الجاوية.
ورغم أن الطبق يتألف من مكونات بسيطة متاحة في جميع منازل الجاويين، فإن الطهي كان يبدأ في الماضي بعد أن يطوف موكب يتقدمه شخصان يحملان رمحا وعلما مقدسا، توارثتهما العائلة الملكية، في شوارع المدينة. لكن الطبق اليوم أصبح طبقا معتادا.
أما عن جذوره، فيرى بعض الباحثين، أنها تعود إلى القرن العاشر حين بلغت حضارة جاوة أوج ازدهارها، وأتاح الطبق للسكان تأمين كفايتهم من الغذاء عندما ثار بركان جبل ميرابي في عام 1006. في حين أن مؤرخ الطعام فضلي رحمن يرجع جذوره إلى القرن السادس عشر بعد أن أدخل الإسبان والبرتغاليون الفاصولياء الخضراء إلى جاوة.
ويرى البعض أنه إرث قديم اكتشفه المثقفون من مدينة يوغياكارتا في عصر الصحوة الوطنية الإندونيسية في مطلع القرن العشرين، حين اكتشفت الكثير من الأساطير والتقاليد الوطنية القديمة.
وفي عهد السلطان هامنكوبوونو الثامن، شهدت جزيرة جاوة موجات متتالية من وباء “الطاعون الدبلي” لأكثر من عقدين، وتشير السجلات التاريخية إلى أن السكان دأبوا على طهي طبق “سايور لوديه” أيضا استجابة للأزمات في أعوام 1876 و1892 و1946 و1948 و1951.
ولاقى الطبق شعبية كبيرة في أرخبيل الملايو بأسره، حتى بات من الصعب تحديد أسباب وكيفية نشأته.
ويقول مؤرخ الطعام خير الجوهري إن طبق “سايور لوديه” اكتسب مذاقا وألوانا مختلفة أثناء انتشاره بين الثقافات المتنوعة في أرخبيل الملايو، وهذا يجسد العلاقة القوية بين الطعام والعادات الاجتماعية والبيئة.
وتمد الأراضي الزراعية الخضراء التي تحيط بمدينة يوغياكارتا المزارعين بالخضروات التي تساعدهم في مواجهة الأوبئة والثورات البركانية، كما تكثر في المنطقة أيضا المضائق والقنوات والمرافئ المهمة، وأغلب الظن أن البحارة الجاويين كان لهم الفضل في نشر الطبق خارج يوغياكارتا، ولا سيما أن أنواعا مختلفة من الحساء، إضافة إلى صلصة الكاري، توفر حلولا عملية للبحارة إذا انقطعت بهم السبل في عرض البحر.
وأعيد اكتشاف الطبق في مدن جنوب شرق آسيا الأكثر تطورا، كأحد الأطباق الصحية. ولفت أيضا أنظار الطبقة الوسطى، باعتباره طبقا تراثيا، وتبارى رواد موقع إنستغرام في تصوير طبق “سايور لوديه” المفعم بالألوان في صفحاتهم.
وتقول نوفا ديوي سيتيابودي، التي تدير مقهى في أحد أحياء جاكرتا الصاخبة، إن الإندونيسيين كانوا يقبلون في البداية على مشروب جامو للتباهي بتمسكهم بالتراث على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنهم الآن أدركوا الفوائدالصحية للأطعمة التقليدية في إندونيسيا. فنادرا ما ندرك الفوائد العلاجية للأعشاب مثل ورق الغار وعشبة الليمون والخولنجان.
وربما يكون “سايور لوديه” قد فقد قيمته التراثية خارج يوغياكارتا، لكن نوفا تقول إن هذا الطبق يحمل معاني فلسفية عميقة، وليس طبقا معتادا. وقد يكون سر تميزه مكوناته الطازجة.
ولا يزال طبق “سايور لوديه” يحظى بشعبية كبيرة في يوغياكارتا، وانتشرت مؤخرا في أنحاء المدينة عبر موقع “واتساب” تعليمات للسكان بطهي “سايور لوديه” لمكافحة وباء كورونا المستجد، ويقال إنها صدرت من سلطان يوغياكارتا الحالي. وبدأت الغالبية العظمى من السكان في إعداد هذا الطبق ومشاركته مع الجيران.
إذ أسهمت التطورات الحديثة في وسائل التواصل بشكل عام، في إحياء العادات والطقوس التي تأصلت في الثقافة الجاوية استجابة للكوارث والأزمات.
ورغم أن القصر أنكر صلة السلطان بهذه التعليمات في إحدى الصحف المحلية، إلا أن هذا الإنكار لم يصدقه الجميع.
وبينما لا تزال يوغياكارتا تحافظ على نظام السلطنة وتحظى بحكم ذاتي داخل الجمهورية الإندونيسية، إلا أن السلطان الحالي حريص على أن يبدو عصريا مواكبا للتطوارات الحديثة، وربما لهذا يحاول أن ينأى بنفسه عن الخرافات التي ارتبطت بالطبق.
وقد يكون السلطان قد رفض الاعتراف بهذه العادة حفاظا على مظهر بلاده أمام العالم. ففي وقت حذرت فيه السلطات الصحية من أن الملايين الذين سيتنقلون عبر أنحاء إندونيسيا في نهاية رمضان -احتفالا بعيد الفطر – قد يسهمون في نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد، قد لا تبدو تعليمات طهي طبق “سايور لوديه” جديرة بأن تكون في صميم خطة السلطنة للاستجابة للأزمة.
لكن بغض النظر عن مصدر هذه التعليمات، سواء كانت من السلطان أو من غيره، فإن مواطني يوغياكيارتا عزموا على مواجهة الوباء بطريقتهم المعهودة، إذ عكفوا على طهي “سايور لوديه”، وعليهم الآن المكوث في منازلهم 49 يوما.
طريقة تحضير طبق “سايور لوديه”: يغلى 100 ملليلتر من حليب جوز الهند، ويضاف إليه البصل والثوم ومسحوق الكسبرة الجافة وملح وقليل من السكر وشرائح الفلفل الأحمر والفلفل الأخضر، وسنتيمتر من الخولنجان وورقة غار، ثم تضاف ثمرة كاكايا ومكعبات الشايوت (الذي ينتمي لفصيلة القرعيات) وأوراق الميلينغو أو إغينتوم غنيمون (وهي فاكهة تشبه الزيتون)، والفاصولياء الخضراء المقطعة، وتمزج كل هذه المكونات معا. وأخيرا يضاف الفلفل ومكعبات الباذنجان والبنغريق (طعام إندونيسي يعد من فول الصويا) حتى تمام النضج.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Travel
[ad_2]
Source link