حرب أثر الفراشة والفوضى الخلاقة | جريدة الأنباء
[ad_1]
- ضرورة العمل للغد وتقييم نجاح التجارب بمدى قربها لتحقيق الهدف وقياس التكلفة بشكل يومي وتقييمها بالنتائج
- نخوض حرباً غير تقليدية والرهان الأكبر على مدى الاستعداد لمواجهة التحديات
بقلم: نهى عبدالعزيز المنصور العرفج
هل تصدق أن رفرفة أجنحة سرب من الفراشات قد تتسبب بحدوث إعصار في أماكن أخرى وتأثيرات عديدة قد تقلب العالم رأسا على عقب؟ هذا ما تدعيه النظرية العلمية المعروفة بـ «أثر الفراشة»، بمعنى ان أي حدث صغير قد تتبعه سلسلة من الأحداث التي تكبر تدريجيا إلى أن ينتهي الأمر بحدث عظيم.
وهناك الكثير من الأدلة التاريخية والتي تظهر تجليا واقعيا لهذه النظرية ومنها: «حرب البسوس».. فقتل ناقة البسوس دفع العرب للاستمرار في القتال لمدة 40 سنة، والحرب العالمية الأولى، فقد راح أكثر من 5 ملايين إنسان ضحية اغتيال ولي عهد النمسا بانعطافة خاطئة بالسيارة وانهارت على اثرها امبراطوريات عريقة، وأيضا الحرب العالمية الثانية، حيث أدى صعود هتلر إلى سدة الحكم في ألمانيا الى مقتل 50 مليون شخص تقريبا.
وهناك أيضا نظرية شهيرة حديثة نسبيا تسمى «الفوضى الخلاقة» ففي عام 2005، كشفت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن نية الولايات المتحدة بنشر الديموقراطية في العالم العربي كمبادرة لبناء علاقات شراكة مع شعوب المنطقة العربية وشمال أفريقيا سعيا لتحقيق حرية أكبر عن طريق الانفتاح السياسي، التحرر الاقتصادي، فرص التعليم، تمكين المرأة، لتشكيل الشرق الأوسط الجديد بنشر ما يسمى بـ «الفوضى الخلاقة».
و«الفوضى الخلاقة»، ترى أن وصول المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى ممثلة بالعنف والرعب واراقة الدماء، يخلق إمكانية إعادة بنائه بهوية جديدة، وقد حقق المخطط نجاحا باهرا خلال عام 2011 لاسيما في ليبيا والعراق واليمن، ولكنه واجه مقاومة عنيفة في سورية بتحالفها مع روسيا.
وفي خضم الأزمة الحالية التي تشهدها جميع دول العالم ومنها الكويت والمتمثلة في فيروس كورونا أو «كوفيد ـ 19» هناك فراشات تنفذ إلى الواقع بإضافة متغير جديد في المعادلة الصعبة وعمرها طويل نسبيا حتى تحدث اثرها، ونحن محاطون بملايين الاحتمالات لتوليد احداث اكبر، وبما اننا ضمنيا في «حرب غير تقليدية» مع الوباء وعلى خط الدفاع الأول، هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها بخصوص استعدادات واجراءات العديد من الجهات خلال الأزمة كخط دفاع ثان ومنها:
أولا: وزارة الصحة
٭ هل هناك خط دفاع كويتي ثان مدرب من الطلبة، والمتطوعين، او تقديم كورسات تدريبية عبر القنوات المرئية؟
٭ هل تم استقدام اجهزة حديثة يمكن الاستغناء من خلالها عن العمالة أو تقليل نسبة الاحتكاك بالمرضى مثل الروبوتات اليابانية والتي توفر الوقت والجهد وتقلل من الأيدي العاملة وتكلفتها تعود على مدة استهلاكها؟
ثانيا: وزارة الداخلية
٭ هل هناك خطة لحل مشكلة المقيمين غير الشرعيين ممن «لا يحملون وثائق» مثل عمل فحص DNA لهؤلاء الأشخاص أو التواصل والتنسيق مع البلدان المنتمين إليها أو وضع آلية للحد من النسل بالنسبة لهم أو غيرها من الطرق؟
٭ هل هناك حماية للمعلومات التكنولوجية المحلية أو ما يعرف بـ «الأمن السيبراني»؟
٭ هل توجد إجراءات معينة لضبط سلوكيات وتصرفات المواطنين والمقيمين بعد انتهاء الحظر وعودة الحياة لطبيعتها، مثل التعاون مع أطباء وأخصائيين نفسيين واجتماعيين للتعامل مع تلك الجموع والأخذ بعين الاعتبار ردود أفعال وخصائص كل مجتمع؟
ثالثا: وزارة التجارة
٭ هل من مهام وزارة التجارة تحديد أسعار السلع الأساسية فقط وترك العرض والطلب ينظم أسعار السلع بالسوق دون تدخل حكومي؟
٭ هل صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة سيوفر الاستشارات للمشاريع الممولة من قبله دون غيرها، مثل تقديم استشارات لتقويم التشوهات والخلل بالمشاريع بالتعاقد مع القطاع الخاص كحاضنات او استشاريين بعقود مشروطة بمبلغ مقطوع للخدمة ومبلغ لتحقيق الهدف لتكون منتجة ورابحة ولضمان تحقيق الهدف من ناحية وعدم التوسع في التوظيف الحكومي ومن ناحية اخرى تشغيل القطاع الخاص ليكون فعالا بعملية التصحيح؟
٭ هل هناك استعداد لتوجيه السوق الجديد للمنافسة الشرسة المحلية والعالمية؟ أي رفع مستوى الإنتاج المحلي ليرتقي للمستوى العالمي المطلوب؟
٭ هل سيتم تعويض كل التجار الكبار والصغار؟
٭ هل ستمنح رخص لمصانع حيوية ويتم توجيه الشباب نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في ظل بيئة نظيفة، مثل مصانع إعادة تدوير النفايات العضوية الحيوانية والآدمية، مصانع تكرير المياه، مصانع تدوير البلاستيك، وآليات الطباعة ثلاثية الأبعاد للبناء 3D وغيرها؟
٭ هل من الممكن تفضيل المشاريع الصغيرة والكبيرة بالمناقصات لاستخدام التكنولوجيا النظيفة والصديقة للبيئة والاستعاضة بها عن العمالة، وعدد الكويتيين بالنسبة لحجم وعمالة الشركة؟
رابعا: وزارة الشؤون
٭ هل من الممكن إخضاع أعمال الجمعيات التعاونية لوزارة التجارة وإخضاع السلع التموينية لوزارة الشؤون؟
خامسا: وزارة النفط والمالية
٭ ما بدائل الإيرادات في الميزانية العامة للدولة، وخاصة بعد تدني أسعار النفط؟
سادسا: وزارة الخارجية
٭ هل من الممكن أخذ الفائض من الأجهزة الصحية لدول صديقة، للمساهمة في تحسين العلاقات أو المساعدات أو نقل رعايا ليس لديهم اوراق إثبات؟
٭ هل يمكن التعاون مع وزارة التجارة و«هيئة الاستثمار المباشر الاجنبي» KDEPA بتسويق المنتجات الكويتية بشكل احترافي وليس تراثيا في كل محفل؟
سابعا: وزارة التربية
٭ هل وظائف المستقبل ستستوعب مخرجاتنا التعليمية الحالية؟
٭ هل الوقت والطاقة الشبابية المهدرة في ظل هذه الظروف من الممكن استغلالهما في التعليم والتوجيه نحو المستقبل؟
٭ هل الفكر التربوي سيتغير ويسلك أفضل ممارسات التعليم الآن ويعمل على تحقيقها؟
ثامنا: وزارة الكهرباء والماء
وسأترك لكم باقي الحكومة لاكتشاف خطوط دفاعها او صفوفها الثانية.
وبما اننا في حرب فهناك عدة جبهات تشارك في الدفاع وأهمها جبهة مجلس الأمة، حيث هناك العديد من الأسئلة التي تدور حول المؤسسة التشريعية ومنها:
٭ هل مجلس الأمة مستعد لإقرار التشريعات الجديدة؟
٭ هل درس المجلس ما كان متعطلا من قرارات خلال الفترة الماضية؟
٭ هل قام مجلس الأمة بعمل التهيئة والاستعداد اللازم للمرحلة المقبلة؟
اعتقد اننا أصبحنا في مناعة القطيع مع مجلس الأمة، ولن نتأثر بشخصية كاريزمية دون علم وثقافة ومواقف واضحة وثابتة، ولن نصفق لأحد او نكون قطيعا لراعي يتقن فن الدراما وينتظر التصفيق بعد كل جملة تدغدغ المشاعر.
والكل يعمل ليكسب جبهة الشعب، المجتمع، المواطنون، المقيمون كل من يسكن ويتنفس هواء الكويت.
٭ فهل نحن مستعدون لتشكيل وتغيير سلوك وفكر وثقافة المجتمع الى مجتمع منتج غير مستهلك، مجتمع واعٍ ومستخدم ومطور للتكنولوجيا؟
٭ هل الوقت مناسب لاستيعاب «المواطن الرقمي»، وهل نحن مستعدون لدخول ذلك العالم؟
٭ هل بالفعل نستوعب اننا في حرب اقتصادية ونحتاج الى جيش اقتصادي مبدع؟
وبما ان حكومتنا كانت تعاني من اهم المعوقات قبل ازمة «كوفيد ـ 19» وهي الفساد والبيروقراطية، فنحن نراهن على حكومة تنقل مجلس الأمة والأمة والمجتمع من الأزمة ليس بخطوات على سلم النجاة والنجاح، لان ذلك سيستغرق وقتا، وإنما بمصعد سريع، فليس هناك وقت لعمل خطة خمسية او غيرها، ويجب العمل للغد القريب مع قياس التجارب وتقييمها بتحقيق الهدف ومقارنة وقياس التكلفة بالنتائج يوميا ومنذ اليوم.
الوقت والتكلفة وتقييم الإجراءات والنتائج بشكل يومي وقياس مدى قربنا من تحقيق أهداف كل أجهزة الدولة أصبح واجبا يوميا.
نعم، نحن في حرب غير تقليدية وإن اختلفت مسمياتها، والرهان الأكبر لكل دولة على شعبها ومدى استعدادها لمواجهة التحديات بمختلف أنواعها لضمان استمرار كينونة الدولة.
وما أود التأكيد عليه انه في كل أزمة هناك تحديات وفرص وما نحن أنفسنا الا تجسيد لاحتمالات وجود الشرنقات، فسؤالي هنا لسمو رئيس الوزراء: هل نحن في «اثر الفراشة» ام «الفوضى الخلاقة»؟.
[ad_2]
Source link