فيروس كورونا: لماذا يعترض الأمريكيون باستمرار على تدابير الإغلاق؟
[ad_1]
أصبح مشهد تجمع عام يضم مئات المواطنين الأمريكييين وهم لا يرتدون أقنعة طبية مثيرا للقلق هذه الأيام.
لكن ذلك هو ما حدث بالفعل خلال احتجاجات على استمرار تدابير الإغلاق في ولاية واشنطن الأمريكية.
ويقول تايلر ميللر، منظم التظاهرة: “نعتقد أن حاكم الولاية تجاوز سلطته الدستورية عندما أغلق الشركات وأمر المواطنين بالبقاء في منازلهم”.
وكان جان إنسلي، حاكم ولاية واشنطن، قد أعلن في منتصف شهر مارس/آذار الماضي الطوارئ على غرار ما اتُخذ من خطوات في شتى أرجاء العالم، مثل إغلاق المطاعم والحانات وحظر التجمعات الكبيرة.
بيد أن المحتجين يقولون إن الخطوة غير دستورية.
ويقول ميللر: “ينص دستور الولاية على عدم الانتقاص من حق المواطنين في التجمع السلمي على الإطلاق. ونعتقد أن إعلان الحاكم هذه القرارات (الخاصة بمواجهة فيروس كورونا) تنتهك ذلك”.
ويضيف ميللر أنه لم يعترض على التوصيات الصادرة من هيئات الصحة العامة، ويحترم الحاجة إلى “ضبط المنحنى”.
ويقول: “أنا شخصيا التزمت بالحجر الذاتي لمدة 14 يوما في بداية الأمر، عندما أُصبت بمرض يحمل بعض الأعراض”.
وأضاف: “لا يعني اعتراضي أنني أحبذ فكرة التجمعات أو أراها جيدة، كل ما في الأمر هو أني أعتقد أن الحكومة لا تملك سلطة منعها”.
واستطاع ميللر، طوال الأزمة، مواصلة عمله كفني هندسي في البحرية الأمريكية.
ويقول إن الشيء الذي أغضبه هو ما شعر به من تجاوز “غير أميركي” للسلطة من جانب حاكم ديمقراطي.
“هستريا غير مناسبة”
وتختلف القيود المفروضة من ولاية إلى أخرى، وكانت نحو 20 ولاية قد نظمت بها احتجاجات مناهضة للإجراءات، كما تفاوت حجم هذه التظاهرات من بضع عشرات إلى آلاف المواطنين.
يأتي ذلك في الوقت الذي تجد فيه الولايات المتحدة نفسها لا زالت واقعة في قبضة هذه الأزمة.
ولم تُسجل أمريكا حتى الآن أي تراجع مستمر في أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا، وعلى الرغم من ذلك فإن الصخب الداعي إلى رفع القيود لا يأتي من جانب مواطنين يخرجون إلى الشوارع فحسب، بل من سياسيين أيضا.
ويقول ريك بيكر، من ولاية نورث داكوتا: “الهستيريا التي أحاطت بفيروس كورونا منذ البداية كانت غير مناسبة”.
وأضاف: “كان رد الفعل مبالغا فيه من جانب حكومات الولايات فيما يتعلق بالإغلاق الإلزامي، والاحتماء في مكان ما، إلى غير ذلك من إجراءات”.
ويقول بيكر، وهو طبيب مؤهل: “هذا شيء يمكن أن تقوله بغض النظر عن أي شيء آخر، ربما كانت الوفيات أكثر من هذا بكثير”.
ويضيف: “أنت تنظر إلى القرار على أساس أنه ‘ربما ينقذ حياة شخص ‘، لكنني أتحدث عن أنني أستطيع أن أقود سيارتي بسرعة 20 ميلا في الساعة بدلا من 50 ميلا في الساعة، وهنا من المحتمل أنني لا أقتل شخصا، وتستطيع بهذه الطريقة أن تنظر إلى جميع جوانب حياتنا. إن طريقة حياتنا بأكملها في هذا البلد ستنهار، لا نستطيع أن نعيش بهذه الطريقة”.
وفي ولاية ساوث داكوتا المجاورة، كان بوب غلانزر، ممثل الولاية، أحد أولئك الذين توفوا بسبب الإصابة بفيروس كورونا.
وتقول جان هونهوف، زميلة له في الحزب: ” كان شخص شديد الدقة والعطاء والاستماع (للآخرين)، كما احتل الإيمان بالتأكيد جزءا كبيرا من حياته. سنفتقده بشدة في الهيئة التشريعية”.
وتصف هونهوف كيف استطاعت هي وأعضاء آخرون في الهيئة التشريعية وضع أعلام أمريكا وولاية ساوث داكوتا على طول مسيرة جنازة غلانزر.
كما اتُخذت تدابير التباعد الاجتماعي المعمول بها في إقامة المراسم، على الرغم من أن ساوث داكوتا تعد واحدة من الولايات القليلة التي لم يُفرض فيها قرار البقاء في المنزل على مستوى الولاية.
وتقول جان هونهوف، التي تتمتع بخلفية في قطاع الصحة العامة: “أنا أؤيد قرارات حاكمتنا. لقد وضعت الإرشادات ثم تركت اتخاذ القرارات للمجتمعات المحلية”.
وتضيف: “أنا ممرضة مسجلة وأعتقد أن البيانات هي التي يجب أن تقود عملية صنع القرار، وأعتقد أننا قمنا بذلك هنا. ما أسهل الوقوف في الخارج وإصدار الأحكام”.
“مؤسفة للغاية”
وكانت انتقادات قد وُجهت إلى ولايات أمريكية مثل ولاية ساوث داكوتا، بعد أن رفضت إصدار أوامر بالإغلاق على مستوى الولاية على الرغم من تفشي فيروس كورونا بها.
وتُظهر استطلاعات رأي أن غالبية الأمريكيين لا يزالون يؤيدون التدابير المفروضة في مسعى للحد من انتشار الفيروس، والبعض يعارض بشدة الاحتجاجات.
وتصف ماري تورنر، وهي كبيرة ممرضات في إحدى وحدات العناية المركزة في ولاية مينيسوتا، الاحتجاجات بأنها “مؤسفة للغاية” بسبب المخاطر التي تواجهها هي وزملاؤها.
وتقول: “هذه الاحتجاجات محبطة للغاية، فضلا عن عدم التزام الأشخاص بالتباعد الاجتماعي أو ارتداء أقنعة الوجه، وجميعهم يقولون إنهم غاضبون، لا أعرف إن كانت هذه مشكلة تواجه أي مكان آخر في العالم.”
بيد أن اللافتات التي تُرفع أثناء الاحتجاجات وتنتقد تدخل الحكومة تشير إلى أن المشاركين في هذه الاحتجاجات يشعرون أن هناك قضايا أكبر من قضية الصحة العامة.
وتقول ثيدا سكوكبول، مؤلفة وأستاذة الدراسات الحكومية وعلم الاجتماع في جامعة هارفارد: “إن عدم اليقين لدى الحكومة يمثل ضغطا شديدا في الولايات المتحدة”.
وتضيف سكوكبول، فيما يتعلق بالاحتجاجات المناهضة للإغلاق، أن المعتقدات السياسية وليس الاقتصاد هي القوة الدافعة بكل تأكيد.
كما تحذر من فكرة اعتبار الاحتجاجات رد فعل تلقائي على الأزمة.
وتقول سكوكبول: “أنت لا ترى في الطليعة هنا أي وجود لغرفة التجارة الأمريكية. القوى الإيديولوجية تلعب دورها في الاحتجاجات، مع بعض جماعات التأييد المحافظة التي تديرها بشكل احترافي”.
وتضيف: ” قضيتهم هي التأكد من أن الأمريكيين لا يصبحون أكثر ثقة بالحكومة. إنهم لا يهتمون إذا كانت دوافع المواطنين بالفعل هي نفسها تماما دوافعهم، وأعتقد أن معظم المشاركين في الاحتجاجات هم أنصار عاطفيون لدونالد ترامب”.
“دعم الاحتجاجات”
وعلى الرغم من أن البعض يقول إنهم يشاركون في الاحتجاجات لأنهم يتكبدون خسارة مالية بسبب الإغلاق، كانت أعلام “ترامب 2020” والقبعات والقمصان ظاهرة بوضوح، لا سيما في الاحتجاجات الكبيرة التي نظمت في الولايات التي يديرها حكام ديمقراطيون.
إن السياسيين الذين يدعون صراحة إلى رفع الإغلاق الآن، مثل ريك بيكر من نورث داكوتا، هم في الأساس من الجمهوريين، كما أن جميع الحكام الذين لم يفرضوا أوامر البقاء في المنزل، مثل حاكمة ولاية ساوث داكوتا، ينتمون أيضا إلى حزب الرئيس.
بيد أن الحزب الجمهوري لديه نزعة تحررية، بل تعتقد سكوكبول أن هناك ما هو أبعد من ذلك، وأن العديد من الأشخاص والسياسيين المحتجين يأخذون إشاراتهم من الرئيس.
وتقول: “دونالد ترامب ليس متكتما في واقع الأمر بشأن ما يجول بفكره، فهو يقوله إلى حد ما. وأعتقد أن هناك أدلة كثيرة تشير إلى أنه قلق من أن يكون هذا الوباء الشديد، وطريقة تصديه له في مراحل انتشاره الأولى، فضلا عن جانب التأثير الاقتصادي، سببا في غرق رئاسته”.
وأضافت: “لا يمكن أن تتوقع منه هو وحزبه وأولئك الذين يدعمونه التراخي والاستخفاف بالأمر، فما هي الخطة البديلة؟ إنها الانتقال من إلقاء اللوم على أوباما، والصينيين، ومنظمة الصحة العالمية، إلى إلقاء اللوم الآن على أولئك الذين يحافظون على فرض القيود”.
ظهر دونالد ترامب داعما للمتظاهرين صراحة خلال الأسابيع الماضية.
بيد أن الرسائل المتباينة التي كانت تصدر من البيت الأبيض كانت تحمل إحدى سمات هذه الأزمة، فبعد أن أشار (ترامب) إلى أنه يريد “تحرير” بعض الولايات التي يديرها الديمقراطيون وإعادة فتحها، قال بعد ذلك إنه “غير سعيد” بسبب اتخاذ الحاكم الجمهوري لولاية جورجيا قرارا بإعادة فتح الاقتصاد.
ومع استمرار وفاة المئات يوميا من جراء الإصابة بفيروس كورونا، يواجه حكام الولايات وضعا صعبا في مسعى لاتخاذ القرارات الصحيحة الرامية إلى الحفاظ على سلامة المواطنين.
إنهم يواجهون فيروس كورونا القاتل من جهة، وضغوطا اقتصادية وسياسية هائلة من جهة أخرى.
[ad_2]
Source link