أخبار عربية

فيروس كورونا: دور وسائل التواصل الاجتماعي زمن الوباء


تقدر أحدث الإحصاءات عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي النشطين حول العالم بنحو 3.8 مليار شخص أي أكثر من 49 بالمئة من سكان العالم.

مصدر الصورة
zubada/ Getty images

قد يكون النظر إلى الهاتف الجوال والدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي أول شيء يفعله الكثيرون صباحا! ولا يفصلهم عن آخر مرة طالعوا فيها هذه المواقع غير ساعات النوم.

عندما سألنا متابعي صفحات بي بي سي عربي عن علاقتهم بمنصات التواصل الاجتماعي عبر بعض منهم عن وعيهم بأنهم شبه مدمنين لها إن لم يكونوا كذلك.

ما سر “الحاجة الملحة” إلى وسائل التواصل الاجتماعي؟

تقدم منصات التواصل الاجتماعي خدمات عديدة ومختلفة تلبي مجموعة من الاحتياجات البشرية.

أولها التواصل مع عدد من الناس الذين قد يستحيل تواصلك معهم في الواقع. ولا تعترف هذه المواقع بالحدود الجغرافية ولا حدود اللغة حتى!

فيجد كل مستخدم في تلك المنصات مجتمعا خاصا به، أو مجتمعات مختلفة أحيانا، يلجأ إلى ما يريد منها حسب الحاجة.

وتكون وسائل التواصل الاجتماعي بهذا أنقذت أشخاصا كثيرين من العزلة وسهلت الأمر على أشخاص ربما يعانون من نقص ما في المهارات الاجتماعية أو من انغلاق أو نقص في الثقة مما قد يحول دون اندماجهم في مجموعات حقيقية تحيط بهم، فتكون المجتمعات الافتراضية بديلا جيدا لهم.

وتوفر هذه المنصات أيضا محتوى منوعا من الترفيه إلى التعليم والتوعية والأخبار وغيرها.

وأصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي أيضا بديلا عن شاشات التلفزيون وعن الراديو في كثير من الأحيان. حتى أن كبرى وسائل الإعلام أصبحت تعول كثيرا على هذه المنصات لإيصال المحتوى الذي تقدمه لجمهور أوسع.

ويعتمد كثير من صانعي المحتوى الإعلامي بتنوعاته على هذه مواقع للوصول إلى المعلومة بجوانبها المختلف.

فقد زاد عدد المؤسسات الرسمية والمسؤولين والسياسيين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لبث تصريحاتهم، وتفسير بعض المواقف والأمور وإعلان القرارات الهامة عبر حسابات موثقة، كما يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتابع حسابه على تويتر 75.4 مليون شخص.

وتمكن وسائل التواصل الاجتماعيالصحفيين من التثبت من معلومات حول الأحداث لحظة حصولهاعبر تغريدات لأشخاص موجودين مكان الحادثمثلا .

كما يمكنللصحفيالوصول إلى شهود العيان والبيانات الرسمية وغيرهاعبر مواقع التواصل الاجتماعي .

لكن ذلك يحتاج جهدا ومعرفة للتمييز بين حقيقة ما يحدث وأي شائعات أو مغالطات أو أخطاء غير مقصودة.

هل يتغير دور وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأزمات؟

الحاجة إلى المعرفة دافع قوي لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. وتزيد هذه الحاجة وقت الأحداث الكبرى العامة والأزمات .

إذ تولد الأزمات العامة حاجات مختلفة لدى الأشخاص المعنيين، منها الحاجة إلى المعلومة والحاجة إلى التضامن.

فالإحساس بأن الأزمة “جماعية” وأنك “لست وحدك” يخفف من وطأة المصاب.

ووراء هذه الحاجات يقف الخوف. إذ يتيح المحتوى المتوفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ملاذا لمن سيطر عليهم الخوف في أزمات، مثل أزمة انتشار وباء الكورونا العالمي (كوفيد-١٩).

يلجأ البعض إلى كل ما يساعده على تخفيف حدة الأزمة من محتوى ساخر وترفيهي.

وقد يندمج ويشارك في هذا المحتوى لإقناع نفسه ومن حوله بأن الأمر ليس بالسوء الذي تخيله!

وتكون أغلب هذه السخرية من باب ما يسمى في علم النفس التحليلي بـ”التصعيد” أو “الإعلاء النفسي”، وهي حيلة دفاعية نفسية تساعد العقل على التغلب على الإحساس أو السلوك غير المرغوب فيه بتحويله إلى سلوك مقبول. وفي هذه الحالة تساعد السخرية “المبالغ فيها” في درء الخوف.

لكن هذا الأمر قد يصبح خطيرا إذا تحولت محاولات التخفيف من وطأة الأزمة إلى إنكار لوجودها.

ويفتح المجال هنا للشائعات ونظريات المؤامرة التي انتشرت مؤخرا بشأن فيروس كورونا.

نوع آخر من الشائعات و”الأخبار” المغلوطة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد ينبع من إحساس البعض بضرورة “التوعية بخطورة” الأزمة لكن بطريقتهم الخاصة!

فيفتعلون “أخبارا” وأرقاما ويوردون تصريحات مزيفة على لسان مسؤولين.

ولعل أبرز مثال على هذا ما انتشر على أنه تصريح لرئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” يقول فيه: “انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء”، في إشارة إلى ما وصفوه بإعلان إيطاليا فقدانا تاما للسيطرة على تفشي فيروس كورونا.

الحاجة للأمل والرغبة في تصديق أي “خبر” من شأنه طمأنة الشخص ومن حوله أو رفع معنويات مجموعة بعينها تساعد أيضا في انتشار الشائعات.

في تونس مثلا انتشرت أنباء عن طبيب تونسي في طريقه للوصول إلى دواء لكوفيد-١٩!

عمد البعض إلى فبركة فيديو يظهر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي تتحدث عن الطبيب التونسي وإنجازه.

الانتشار الواسع للفيديو المفبرك عبر وسائل التواصل الاجتماعي دفع بالخارجية الألمانية لتفنيد الخبر في إعلان رسمي، عبر حساب موثق على تويتر للمركز الألماني للإعلام التابع لها.

وعبر ذات المواقع تنتشر أيضا أخبار حملات التضامن والتآزر لتخطي هذه الأزمة، خاصة مع الحجر المفروض على أغلب دول العالم.

ويتشارك مستخدموها تجاربهم مع الحجر الصحي والعزل والعمل عن بعد.

كما يتداولون آخر الأخبار والبيانات الموثقة بشأن الوباء.

سألنا متابعين كيف يتحققون من الأخبار المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فقال البعض إنه يعتمد حدسه و”مبدأ لا تثق بكل ما ترى ولا تصدق كل ما تسمع”.

بينما يفضل البعض أن يأخذ كل ما يرد على محمل الجد “إلى أن تضع الحرب أوزارها”.

وقال كثير من متابعينا إنهم يعتمدون فقط على الحسابات الموثقة لوسائل إعلام موثوقة لمتابعة الخبر والحصول على المعلومة.

الأثر النفسي للاستخدام المتواصل لوسائل التواصل الاجتماعي

تواصلنا مع المتخصص النفسي التونسي غيث السويسي، أحد مؤسسي منصة “أحكيلي”، وهي عيادة نفسية تقدم خدمات عبر الهاتف.

أنشأت المنصة “خلية أزمة” تقدم خدمات الإحاطة النفسية مجانا للمتضررين من وباء كورونا العالمي والحجر الصحي العام المفروض على البلاد لحصر انتشاره.

سألنا غيث السويسي عن علاقة الناس بوسائل التواصل الاجتماعي في ظل هذه الأزمة فقال إنها وسيلة البعض للتغلب على العزلة: “حتى لو أحس الشخص ببعض الضرر من التعرض لما ينتشر عبر هذه الصفحات من أخبار مرعبة بعضها مزيف وحاول تجنبها فإن إحساسه بالعزلة يدفعه للعودة إليها”.

وينصح المتخصصون في “أحكيلي” الأشخاص، الذين يشعرون بضرر نفسي من التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، بالابتعاد عن المجموعات والصفحات غير الرسمية، التي قد تقدم محتوى غير صحيح، والاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومة، مثل صفحات وزارة الصحة ورئاستي الحكومة والجمهورية في تونس مثلا.

كما ينصحون بتقليل المدة الزمنية التي يقضونها في متابعة الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقصر الاطلاع على تلك الأخبار مرة في اليوم.

غير ذلك ينصح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الآخرين فقط لا لمتابعة الأخبار.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى