أخبار عربية

المصارعة السودانية تنافس كرة القدم وتطمح للوصول إلى أولمبياد اليابان 2020

[ad_1]

بطولة الجمهورية السابعة جنوب كردفان كادقلى

Image caption

بطولة الجمهورية السابعة جنوب كردفان كادقلى سبتمبر/أيلول 2019

أصبحت المصارعة السودانية رياضة تجتذب آلاف المعجبين في السودان، حتى أنها باتت تتفوق على لعبة كرة القدم في بعض المدن السودانية. وهي تتميز عن الرياضات الأخرى بأن لها بعدا اجتماعيا خاصا، ويسعى لاعبوها بكل قوة للمشاركة في أولمبياد اليابان 2020.

لا تختلف المصارعة السودانية عن المصارعة الحرة الأولمبية، غير أن الأولى تقام على الرمال والأخرى على البساط. وتتشابه اللعبتان في قواعد الاشتباك؛ فالمصارع يمكنه أخذ الخصم من أي مكان بالجسد، وطرحه على الأرض، فإذا سقط الخصم على ظهره، أو بطنه، أو إحدى ركبتيه، أو أحد جانبيه، يعد الآخر فائزا.

لكن رغم هذا التشابه، يجد السودانيون في هذه المصارعة تحديدا متعة خاصة.

ويشارك المنتخب السوداني للمصارعة في بطولة تقام في المغرب الشهر الجاري قد تؤهله لأول مرة في تاريخه للمشاركة في أولمبياد اليابان 2020.

ويقول رئيس الاتحاد السوداني للمصارعة الله جابو سليمان، لبي بي سي إن مصارعي بلاده إذا حصلوا على التجهيزات اللازمة والدعم الكافي من الحكومة فسيصبحون “الأقوى عالميا”.

رياضة هوية

Image caption

بطولة الجمهورية الرابعة مدينة الأبيض- شمال كردفان أكتوبر/تشرين الأول 2016

نشأت المصارعة السودانية بين قبائل جبال النوبة، جنوبي السودان، وتحديدا في إقليم جنوب كردفان. وينشأ المصارع السوداني في الغالب في عائلة من المصارعين، ويرث الرياضة كما يرث الاسم والمال. ويبدأ منذ نعومة أظافره في تعلم الفنون القتالية، قبل أن يصبح لاعبا ورمزا للقبيلة ومصدر فخرٍ لها.

وقبل خوض البطولات، تُدخِل الأسرة فارسها المنتظر معسكرات إعداد بمناطق منعزلة، وتزوده بالطعام والملابس لينصب تركيزه على النزال فقط. وعند دخوله الحلبة، يتقدمه موكب يضم أفراد العائلة الذين يرفعون العلم الذي يميز قبيلتهم، ويحيط بهم المصارعون القدامى من القبيلة، بينما تطلق النساء الزغاريد ويهتف الفتيان.

ويوضع العلم أمام كل عائلة في موقع النزال، وعند انتهاء المنافسة، يأخذ الفائز العلم الخاص بخصمه، فتجد عند مرورك بمنازل القبائل في كردفان منزلا أمامه أعلام كثيرة، وهي تدل على وجود مصارع موهوب فيها.

وقد نُقلت هذه الطقوس إلى مدن السودان الشمالية عندما نزحت قبائل كردفان إليها بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، وانتشرت منذ ذلك الحين المصارعة النوبية بين قبائل الولايات السودانية لتصبح الرياضة الأشهر في السودان بعد كرة القدم.

وقال إبراهيم البزعي، الخبير في الشؤون الاجتماعية والفلكلور السوداني، لبي بي سي: “المصارعة السودانية نشأت في كنف الطقوس. وقد أقامتها قبائل جبال النوبة للاحتفال بموسم الحصاد”.

ويضيف البزعي قائلا:،”وقد صُممت موسيقى وملابس وإيقاعات خاصة بهذه الرياضة، فتحولت المصارعة من رياضة عنيفة بين خصمين إلى ما يشبه الدراما الشعبية”.

لكن المصارعة السودانية قد يكون لها دور أيضا في تجنب الصراعات العائلية أو القبلية، ويقول البزعي: “لقد اعتبرتها العائلات في جنوب كردوفان وسيلة لإفراغ الغضب بين المتخاصمين، فبدلا من النزاع بين الأفراد يلتقي المتشاحنان في حلبة المصارعة لإنهاء الخلاف”.

يوم في حياة مصارع

Image caption

ناصر خميس أحد أبرز لاعبي المصارعة السودانية الملقب بـ “المرعب الأمريكي”، شارك في البطولة الولائية بالخرطوم في ديسمبر/كانون الأول 2019

للتعرف أكثر على هذه الطقوس، دُعيتُ لمرافقة أحد المصارعين على مدار يوم كامل، لأرى بعيني كيف يستعد المصارع قبل النزال.

وفي الصباح الباكر التقينا بالمصارع ناصر خميس، الذي يُعرف بين الجماهير بلقب “المرعب الأمريكي”، في منزله بإحدى ضواحي مدينة أمدرمان في الخرطوم.

ويقول ناصر، الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، لبي بي سي: “بدأتُ المصارعة عام 2016، وقد ورثت الرياضة عن أبي ومن قبله عن جدي، وأحلم أن أصبح المصارع الأقوى في السودان يوما ما، وأمثل بلدي في البطولات الدولية”.

وحضرت والدة ناصر ومعها فطور خاص، وكان يضم كثيرا من المكونات، مثل اللحم، واللبن والعصيدة، والتمر، وتبين أن هذا فطور ناصر اليومي ليساعده على التدرب.

وقد توجهنا بعد ذلك لصالة التدريب التي يقصدها ناصر يوميا للتدرب على فنون المصارعة السودانية لمدة ساعتين.

ثم توجهنا أخيرا إلى حلبة المصارعة في حي امبدة بأم درمان. وقد أُعدّت ساحة كبيرة تسع نحو 2000 متفرج وتضم حلبة المصارعة. ودلّ الوجود الأمني المكثف لحفظ النظام هناك على أن الدولة بدأت تدرك أهمية هذه النشاطات المحلية للسكان وللسياحة أيضا.

وفي أحد جوانب تلك الساحة، أقيمت منصة عليها عدة كراس بلاستيكية متجاورة، ليجلس عليها المعلق، وأعضاء من اتحاد المصارعة، أما الجماهير فتفترش الرمال في انتظار مشاهدة الرياضة المفضلة لديها.

وشرح حكم المباراة، أبكر يعقوب، لبي بي سي قواعد اللعبة، قائلا: “النزال يستمر لخمس دقائق، وعليك إيقاع خصمك فيها بأي وسيلة دون توجيه ركلات أو لكمات، وإلا سجلت عليك مخالفة، وإذا لم يسقط أحد ينتهي النزال بالتعادل”.

Image caption

بطولة الجمهورية الرابعة مدينة الأبيض- شمالي كردفان أكتوبر/تشرين الأول 2016

وقد حظي النزال الذي شارك فيه ناصر بتشجيع كبير، فهو نجم صاعد نظرا لصغر سنه، وفوزه بعشرات المباريات السابقة ضد خصوم كبار.

وقد بدأ النزال، وحبس المتفرجون أنفاسهم، وشرع الخصمان ينظر أحدهما إلى الآخر، وبدأ الاشتباك بسرعة خاطفة. وحاول كل منهما جذب قدم الآخر ليسقطه أرضا. ويفشل اللاعبان في ذلك، ثم ينفصلان لثوان قليلة، ثم يشتبكان مرة أخرى، وهكذا.

ثم تمكّن ناصر من الإمساك بقدم خصمه، وطرحه أرضا. هنا قفز الجمهور من الفرحة، وهرول البعض مهللا، لكن ناصر لم يبرح موقعه قبل أن يُسلّم على خصمه ويساعده في النهوض، وهذه إحدى القيم التي تغرسها قبائل النوبة في اللاعبين.

Image caption

بطولة الجمهورية الرابعة مدينة الأبيض- شمال كردفان أكتوبر/تشرين الأول 2016

بطولات محلية ودولية

يوجد في السودان نحو1200 لاعب مقيد في أكثر من 60 ناديا في مختلف أنحاء البلاد. ولكي يصل اللاعب للمنتخب القومي، عليه أن يشارك ضمن ناديه في البطولة الولائية، وإذا تمّ اختياره يتأهل بعدها للبطولة القومية، والتي تقام سنويا لاختيار لاعبي المنتخب. ويقيم السودان تلك المباريات ضمن 18 وزنا.

وتقام سنويا ثلاث بطولات؛ واحدة للكبار، وأخرى الشباب، وثالثة للناشئين.

إلا أن ذلك ليس كافيا، برأي رئيس الاتحاد الله جابو سليمان الذي يقول إن “المصارعين السودانيين يمكنهم تقديم المزيد لولا نقص الدعم المقدم لهم، فالمصارع يخصص وقتا أطول لكسب الرزق بدلا من التدرب على النزال، كذلك لا توجد ملاعب أو حلبات مخصصة للرياضة تتسع للآلاف من جماهيرها”.

حصل السودان على عضوية الاتحاد الدولي والاتحاد الأفريقي والعربي للمصارعة في مايو/أيار عام 2010، وشارك في أول بطولة دولية له في يونيو/حزيران من العام نفسة في القاهرة، لكن ميداليته الأولى حصدها في الدوحة بالبطولة العربية في أغسطس/آب عام 2010.

وانقطع السودان عن المشاركة في الفعاليات الدولية حتى عام 2014 عندما شارك في البطولة الأفريقية في مراكش دون أن يحصد أي ميدالية. لكنه عاد بقوة عام 2018 ليشارك في البطولة الأفريقية في نيجيريا ويفوز ببرونزيتين، ثم بخمس ميداليات أخرى في العام نفسه في البطولة العربية في شرم الشيخ. أما عام 2019 فكان مليئا بالإنجازات للمصارعين السودانيين؛ إذ تمكنوا من حصد 12 ميدالية بالبطولة العربية في القاهرة وبطولة إبراهيم مصطفى الدولية.

Image caption

معسكر المنتخب السوداني الإعدادي بأنقرة فبراير/شباط 2011

ويبدو السودان مستعدا للوصول هذه المرة لأولمبياد اليابان 2020، بل ولتحقيق مراكز متقدمة فيه؛ فقد حقق المركزين الرابع والسادس في البطولة القارية بالجزائر في فبراير/شباط الماضي، والتي أهّلته للمشاركة للمرة الأولى في بطولة المغرب، والتي تقام في الخامس عشر من مارس/آذار الجاري، وهي البطولة المؤهلة لأولمبياد اليابان.

وإذا حقق المصارعون السودانيون المركز الأول أو الثاني فسيتأهلون لأولمبياد طوكيو في يونيو/حزيران القادم أو لبطولة العالم للمصارعة في بلغاريا المقررة في أبريل/نيسان المقبل.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى