أخبار عربية

لماذا تتراجع رغبة الألمان في السفر بالطائرات؟

[ad_1]

ما سر عزوف الألمان عن السفر جوا؟

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

تقول متحدثة باسم لوفتهانزا إن الاستغناء عن الطائرات القديمة والاعتماد على موديلات أفضل بيئيا من الإجراءات الفعالة على الأمد القصير

لم يكن مالتي كلاينفورت، 46 عاما، يجد أي غضاضة في السفر جوا، حتى تغير موقفه العام الماضي بفضل ناشطة المناخ السويدية غريتا تونبرغ، وأصبح ضمن عدد متزايد من الألمان الذين باتوا يفضلون السفر بالقطارات على الطائرات في الرحلات القصيرة.

يقول كلاينفورت، باحث مساعد بجامعة الرور في بوخوم: “في الماضي لم أكن أجد غضاضة في الطيران. ربما ظننت أنه من الأفضل الحد من السفر جوا، لكن تكلفة الرحلات الجوية كانت رخيصة وتساعدني على بلوغ وجهتي بسرعة”.

ثم اصطحب كلاينفورت الصيف الماضي ابنته ذات التسعة أعوام إلى إحدى التظاهرات الأسبوعية بعنوان “فرايديز فور فيوتشر” التي استلهمت حركتها من تونبرغ. وخلال التظاهرة استمع كلاينفورت إلى مناشدات النشطاء للمسافرين بالاعتماد على وسائل نقل أقل إضرار بالبيئة، مما دفعه إلى تغيير موقفه.

والآن بات كلاينفورت ضمن مجموعة تضم ثلاثة آلاف أكاديمي من الناطقين بالألمانية تعهدوا بعدم اللجوء للطيران لمسافات أقل من ألف كيلومتر، وهي المسافات التي يقطعها القطار في مدة أقصاها 12 ساعة.

ولم يكن كلاينفورت هو الشخص الوحيد الذي قرر الحد من السفر جوا، ففي سبتمبر/أيلول الماضي أظهرت دراسة أجريت لمصرف “يو بي إس” للاستثمار أن 23 في المئة ممن شملتهم من الألمان عدلوا عن رحلة جوية واحدة على الأقل خلال العام الماضي لدواع بيئية.

وتعكس هذا الأرقام أثرا واضحا على حركة الطيران الألماني، إذ انخفضت أعداد ركاب الرحلات الداخلية الألمانية بشكل حاد العام الماضي. وسجلت هيئة المطارات الألمانية انخفاضا بنسبة 12 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر/تشرين الثاني.

فهل يعود هذا الانخفاض إلى شعور الناس بالحرج من أثر الطيران على البيئة؟

يرد ستيفان غوسلينغ، أستاذ بحوث السياحة بجامعة لينيوس السويدية، بالإيجاب؛ من واقع بحث أجراه (لم ينشر بعد) عن توجهات الألمان إزاء السفر جوا.

ويقول: “لا أرى سوى الحرج مبررا لما طرأ من تغير. لقد دارت مناقشات واسعة النطاق في ألمانيا في هذا الصدد، ونحن الآن نشهد تغيرا سلوكيا جاء ترجمة لتغير العرف الاجتماعي”.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

بات عدد أكبر من الألمان يأخذون البيئة في اعتبارهم وهم بصدد اختيار وسيلة السفر

لكن يختلف آخرون مع هذا الرأي، إذ يشير أقطاب بصناعة الطيران إلى عوامل اقتصادية ساهمت في تقليص عدد ركاب الرحلات الجوية، وكثير منهم من المسافرين لأغراض تتعلق بالعمل.

يقول رالف بايزل، المدير الإداري لهيئة المطارات الألمانية: “في الأساس يعود انخفاض أعداد المسافرين لتراجع الاقتصاد الألماني”.

فقد انخفض الإقبال على الرحلات الداخلية تزامنا مع تباطؤ النمو الاقتصادي على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. ويشير بايزل إلى أن الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أدى لانخفاض أعداد ركاب الرحلات الداخلية التي تصل بالمطارات الألمانية الكبرى وتنطلق منها الرحلات للأسواق الرئيسية في آسيا.

ويوافق إريك هايمان، محلل بمصرف دويتشه بنك، على هذا الرأي، قائلا: “لم يعدل الناس عن الرحلات الهامة، على الأقل ليس لأسباب مناخية؛ بل يرجع انخفاض حركة النقل الجوي لظروف اقتصادية، فالأحوال الاقتصادية تدفع الشركات لإعادة النظر في الطيران بهدف خفض النفقات”.

وتقول روكساندرا هاراداو-دوزر، محللة بشركة كيبلر شوفرو للخدمات المالية، إن شركات الطيران اتجهت لتقليص المسارات الداخلية بعد انهيار شركة طيران “إير برلين” عام 2017.

تقول هاراداو-دوزر: “مازال من المبكر الجزم بتأثر حركة الطيران في ألمانيا بدواع بيئية، بل الأمر يعود أكثر لتقليص المسارات وسعة السوق الزائدة وانخفاض أرباح الشركات خلال السنوات الأخيرة”.

وفي نفس الوقت، تقبل أعداد أكبر من الألمان على الطيران للسياحة على متن رحلات دولية عابرة للقارات، فقد سجلت هيئة المطارات الألمانية نموا على أساس سنوي بنسبة 1.8 في المئة في أعداد ركاب تلك الرحلات عبر المطارات الألمانية، ما يعكس النمو المستمر في السفر جوا على الصعيد الدولي.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أظهرت دراسة أجراها معهد “إن آي تي” لبحوث السياحة بشمال أوروبا أن 38 في المئة من الألمان الذين شملتهم الدراسة سافروا جوا للسياحة في غضون الأشهر الاثني عشر الماضية، في انخفاض طفيف عن أعلى نسبة بلغت 41 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018. وبين الشريحة العمرية ممن دون الثلاثين عاما، وهي الشريحة التي تقود حركة المظاهرات المناخية “فرايديز فور فيوتشر”، كانت النسبة 47 في المئة.

والأكثر من ذلك أن 60 في المئة ممن سافروا جوا قالوا إنهم لا يجدون غضاضة في ذلك، مقارنة بـ 19 في المئة فقط قالوا إنهم “شعروا بتأنيب شديد”، و22 في المئة بين هذا وذاك (من المقرر أن تنشر نتائج الدراسة كاملة في مارس/آذار).

مصدر الصورة
Alamy

Image caption

دار العام الماضي جدل في ألمانيا حول أثر الطيران على التغير المناخي والحرج الناجم عنه

يقول فولفغانغ غونتر، المدير المساعد لمعهد “إن آي تي” ورئيس قسم السياحة المستدامة، إن النتائج “لا تشير إلى إحجام الناس عن الطيران بسبب قضايا المناخ منذ ظهور غريتا تونبرغ على الساحة، فالحجز السياحي لدى الألمان عند مستواه السابق”.

لكن إذا كان الألمان مازالوا يقبلون على الطيران، فلماذا أحجموا عن الرحلات الداخلية؟ الإجابة بسيطة: في ألمانيا يفضل المسافرون ركوب القطارات.

وباتت السكك الحديدية الجديدة فائقة السرعة تجتذب الركاب من مسارات الطيران الداخلي التي كان الإقبال عليها كبيرا في السابق، مما اضطر بعضها للتوقف. في البداية، توقف مسار هامبورغ-برلين ثم مسار كولونيا-فرانكفورت، وفي الصيف الماضي مسار نورمبرغ-برلين.

وتقول هيئة السكك الحديدية الألمانية إن خط ميونيخ-برلين فائق السرعة، الذي افتتح في 2017 ويقطع مسافة 450 كيلومترا بين نورمبرغ وبرلين في أقل من ثلاث ساعات ونصف، تجاوز الطائرة باعتباره وسيلة النقل الأفضل في غضون عام.

وبالتالي لم تجد الطائرات قدرة على المنافسة، حتى بالنسبة لمن اعتادوا السفر جوا، بفضل تنقل القطار من مدينة إلى أخرى بسهولة وسرعة.

ومن بين هؤلاء لارس كورستن، الذي يعمل مستشارا للسياحة ويقطع 600 ألف ميل جوي سنويا في رحلات عمل دون أن يشعر بتأنيب الضمير. لكن حتى كورستن يقول إنه لا يسافر جوا بين المدن الألمانية إذا كان بإمكانه ركوب قطار سريع بدلا من الطائرة.

يقول كورستن: “لا أخجل من الطيران، لكني أستقل القطار من برلين لميونيخ لأنه ينقلني من مدينة لأخرى بسرعة أكبر. على النشطاء إقناع الناس بجدوى الخيارات الأخرى بدلا من جعلم يشعرون بالخزي للجوئهم للطيران”.

وللوفاء بالأهداف المناخية تأمل حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تشجيع التحول للسكك الحديدية، وقد أقرت خطة استثمارية بقيمة 86 مليار يورو لتوسيع وتحديث السكك الحديدية خلال العقد المقبل.

كما رفعت الحكومة الضرائب على الرحلات الداخلية وخفضت الضرائب على رحلات القطارات الطويلة، وهو ما أدى لانخفاض أسعار التذاكر بنسبة 10 في المئة في يناير/كانون الثاني الماضي. وتتوقع هيئة السكك الحديدية الألمانية أن يؤدي ذلك جذب خمسة ملايين راكب جدد سنويا.

ويقول فيلكس ميتمان، من اتحاد الهيئات الألمانية لحماية المستهلك، عن هذه الخطوة: “لن يتجاوب المستهلك مع الاعتبارات البيئية في النقل والمواصلات دون توافر بديل حقيقي مضمون وفي متناول اليد”.

ويطالب حزب الخضر الألماني الحكومة بالمزيد، إذ تعتقد النائبة دانييلا فاغنر أن الاستخدام الصحيح للضرائب والاستثمار قد يضع حدا للطيران الداخلي في غضون عقد من الزمن.

تقول فاغنر، التي شاركت مؤخرا في وثيقة تطالب بفرض ضريبة كيروسين على الرحلات بالمجال الجوي الألماني: “لابد أن يصبح السفر بالقطار أرخص والطيران أغلى. لن يركب أحد القطار إن استغرقت الرحلة ضعف الوقت وكانت التذكرة ضعف ثمن تذكرة الطائرة. لابد لهذا الوضع أن يتغير”.

على الجانب الآخر، تطالب شركات الطيران بمنحها الوقت الكافي للعمل على الوصول لمستقبل أفضل من الناحية البيئية للطيران.

وتقول ساندرا كورانت، المتحدثة باسم لوفتهانزا، إن الإجراء الأفضل على المدى القصير هو الاستغناء عن الجيل الأقدم من الطائرات والاعتماد على نماذج أفضل بيئيا وإنشاء مجال جوي أوروبي موحد يمكن فيه الجمع بين المسارات الجوية. أما على المدى الطويل فتتركز الأنظار على تطوير أنواع أنظف من الوقود مثل الكيروسين المصنّع.

وتضيف كورانت: “نعي أن علينا مسؤولية أن نباشر عملنا بالحد الأدنى من الإضِرار بالبيئة، ونحن عازمون على المضي قدما على هذا الدرب”.

ومع ذلك، يقر قطاع الطيران بأن السبيل طويل لحين وصول الطيران لأفق غير ضار بالبيئة. ويقول بايزل، مدير هيئة المطارات الألمانية: “أمام هذا القطاع مهمة شاقة على المدى البعيد في إقناع الركاب بأن بإمكانهم مستقبلا ركوب طائرة بضمير مرتاح”.

ويقول كلاينفورت: “أظن أننا نمر بتحول مجتمعي يطرأ على كافة المستويات، وأتوقع خلال خمس سنوات أن تتغير نظرة أغلب الناس للطيران”.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى