أخبار عاجلة

الفن الشعبي رسالة يجب احترامها

دلال العياف

الفن الشعبي فن عريق وله تاريخه الطويل يمتد لأعوام كثيرة، وذاع صيته في بلدان مختلفة، وله جماهيرية كبيرة، من حيث كلماته وألحانه السهلة المنال، ويجد بسطاء الناس فيه تعبيرا واضحا عن همومهم ومشاكلهم وأفراحهم وأتراحهم وعن تقلبات الدنيا معهم، فهناك فئات من الناس يجدون ملاذهم فيه، وامتدت عروقه الموسيقية الى مختلف البلدان، فعلى سبيل المثال في مصر «أم الدنيا» الغناء الشعبي يكتسب صفته بالتميز عن الغناء التقليدي السائد الذي فرضته وهندسته النخبة الفنية المصرية عبر قرن من الزمن ليكون متوافقا أيضا مع النخبة الاجتماعية والطبقة الوسطى التي كان عليها قوام المجتمع المصري لعقود خلت.

وللفن الشعبي «ناسه» الذين يتقنونه ويليق بخامتهم الصوتية التي تعكس روح الحارة والريف، فإن ميدانه ومساحته كانت محجوزة دائما للأصوات التي تعرف كيف تصل الى «ابن البلد».

وهناك أسماء مهمة كثيرة في هذا الفن ومطربون أصبحوا أعلاما في هذا النوع من الغناء، وطبعت صورهم في أذهاننا وتغلغلت أصواتهم في وجداننا وأطربت مسامعنا أمثال الرواد: محمد العزبي ومحمد طه وشفيق جلال ومحمد رشدي وأحمد عدوية وحسن الأسمر، وصولا الى عبدالباسط حمودة وأحمد شيبة الذي تغنى معه الشعب المصري بأكمله ولاقى جماهيرية كبيرة عندما غنى «آه لو لعبت يا زهر»، فهي تحاكي فئات كثيرة ولها معان تعانق روح من عاش بأساً، وشرحت مأساة البعض وهنا يصبح الفن رسالة، لذا يجب أن نقف احتراما للمطرب الشعبي ومن كان له تاريخ كبير في الساحة الفنية الشعبية، وأيضا جيل الشباب الذين مشوا على نفس الخطى وطوروا من هذا الفن بطريقتهم لكن حافظوا على المعنى الصحيح والقويم، لذلك الفن الشعبي عريق ولا يستهان به أبدا.

أما العنصر النسائي فله دور فعال وبصمة بارزة بالفن الشعبي، وكانت له خطوات رصينة ومشوار حافل عبر عنهن وعن المكنون أيضا، فإذا تحدثنا عن مطربات هذا النوع من الفن فسيطول الحديث لكن نذكر بعض أسماء نجمات كبيرات حققن شهرة وجماهيرية واسعة وأصبحن علامات رئيسية ومحطات مهمة أمثال الرائدات: خضرة محمد خضر وجمالات شيحة وفاطمة عيد وسيدة غريب وفاطمة سرحان وبدرية السيد، وزينب المنصورية وهي من أشهر المطربات الشعبيات في العقود الأولى من القرن العشرين. أما من الأغنيات الشعبية الأصيلة التي أعادت مطربات شابات غناءها وتعد مؤرخة في سطور دروب الفن الشعبي ودخلت القلوب فهي «بتناديني تاني ليه»، فهي أغنية أصلها هو «عايزة ايه»، والتي كثرت الأقاويل حولها بأنها من التراث، ولكن لن تضيع هويتها كونها للفنان الشعبي الراحل رمضان البرنس ومن ألحانه أيضا، كما أن من كتبها هو عبدالعزيز أمين.

وعن الفنانات الشعبيات المصريات أيضا هناك صوت جميل كوّن قاعدة جماهيرية واسعة مثل الفنانة أمينة صاحبة أغنية «الحنطور»، والتي كانت سببا في شهرتها بالوطن العربي.

أما الخليج فله تاريخ عريق في الفن الشعبي وله أسس وخطوات ثابتة على أرض خصبة في ميدان الساحة الفنية، وقد ترك الرواد والعظماء في هذا المجال الكثير من الأعمال التراثية الشعبية، التي نفخر بها ونحافظ عليها ونطورها لتبقى ذخرا لهذا الوطن وللأجيال القادمة، فلدينا قامة غنائية كبيرة رحلت عنا لكنها لاتزال خالدة في الأذهان وتعيش في ذاكرتنا وتتربع على عرش قلوبنا وهي فنانة تعد من أولى الفنانات الشعبيات التي قفزت في مناخ التحول من الأداء الشعبي التقليدي الى الأداء الغنائي المعاصر بمصاحبة الفرقة الموسيقية، كأول صوت نسائي يتحرر من التقاليد المتعارف عليها في نمط (العدة) الى أسلوب حديث، يتواكب ومفهوم الأغنية الطربية المعاصرة في ظل غياب الأصوات النسائية الكويتية بمجال الغناء، إنها ملكة السامري والفن الشعبي الراحلة «عايشة المرطة».

احتلت فنون السامري والخماري والعرضة مكانا مهماً في تراث الكويت الموسيقي واستمدت أصالتها من البيئة الكويتية الزاخرة بمختلف فنون التراث الشعبي والذي حرصت الدولة على المحافظة عليه باعتباره جانبا خاصا من جوانب ثقافتها الموسيقية. وعن الفن الخماري فهو لون من ألوان الغناء الشعبي المعروف في الكويت واطلق عليه اسم «فن اللعبونيات» نسبة الى الشاعر المعروف محمد بن لعبون الذي يعد من أشهر من كتب قصائد هذا الفن، وينقسم الى نوعين أساسيين قائمين على الايقاع المستخدم، حيث يسمى النوع الأول «رباعي الإيقاع» فيما يطلق على الآخر «سداسي الايقاع».

أمنا العودة، الفنانة الشعبية القديرة عودة المهنا والتي لقبت بـ «أم الفنون الشعبية» وهي صاحبة أشهر فرقة شعبية في الكويت، وهي أول من ذكر اسمها في الصحافة من خلال مقالة كتبت عنها في مجلة «عالم الفن»، وكانوا يطلقون عليها اسم «عودة» تيمناً بجدتها التي يطلق عليها لقب «العودة»، وظل هذا الاسم ملاصقا لها الى أن رحلت عن عالمنا، وأيضا هناك العديد من الفنانات الشعبيات اللاتي تسيدن عرش الفن الشعبي ومنهن: سعادة البريكي وأم زايد وصنعة، فذلك الفن له أمجاده وتاريخه الذي يتوجب احترامه، وغير مسموح للعبث فيه وإعادة ذكراه بما يليق به.

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى