ختان الإناث: لماذا تضطر المقبلات على الزواج في السودان إلى الخضوع لعملية الختان مرة أخرى؟
[ad_1]
ضمن سلسلة “من رسائل الصحفيين الأفارقة” في بي بي سي، تلقي الكاتبة زينب محمد صالح، نظرة على “إعادة الختان” التي باتت تشكل ظاهرة في السودان، إذ تختار بعض النساء إعادة ختانهن قبيل زواجهن بفترة قصيرة.
تختار بعض النسوة الخضوع لعملية الختان، قبل شهر أو شهرين من زفافهن؛ للتظاهر بأنهن لم يزلن عذارى. وذلك على الرغم من أن معظمهن قد خُتِنَّ، من قبل، في صباهن.
وعادةً ما تخضع الفتيات لعملية الختان خلال الفترة ما بين سن الرابعة والعاشرة. وفي بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، يمكن أن ينطوي ذلك على إزالة البظر والشفرين، وغالباً ما يتضمن خياطة الفرج لتضييق فتحة المهبل، وهي عملية تُعرف ب”التَبْتيك” أو “الختان الفرعوني”.
وبطبيعة الحال، تُفَك الغرز التي خيط بها المهبل بممارسة الجنس، وإذا اختارت العروس أن تخضع لعملية الختان مجدداً، فإن العملية التي عادة ما تُجرى على يد القابلات، يمكن أن تنطوي على قطع المزيد من الشفرين وإعادة خياطة المهبل.
ختان الإناث: عن “خيانة” الأهل لبناتهم
“لم أستطع المشي لأيام”
وتصِف مها، التي اختارت اسماً مستعاراً لإخفاء هويتها، تجربتها مع إعادة الختان بالقول: “كان الأمر مؤلماً للغاية. واضطُررت إلى المبيت، لأيامٍ، لدى إحدى الصديقات؛ خشية أن تعرف والدتي بالأمر”.
وتتابع: “التبول استحال لدي إلى مشكلة. ولم أتمكن من المشي بشكلٍ طبيعي، لعدة أيام”.
وتبرِّر مها، التي خضعت للعملية قبل شهرين من زفافها إلى رجلٍ “يكبرها سناً بقليل” الأمر بالقول: “لم يكن ليثق بي أبداً إذا اكتشف أنني مارستُ الجنس قبل زواجنا. كان ليمنعني من الخروج أو حتى استخدام الهاتف”.
وتجدر الإشارة إلى أن مها، وهي جامعية في العشرينات من عمرها، تنحدر من إحدى ولايات شمال السودان التي تحظر الختان. ولكن هذه العملية لم تزل تُمارس على نطاقٍ واسعٍ؛ إذ خضعت 87 في المئة من السيدات السودانيات، اللواتي تتراوح أعمارهن بين الرابعة عشرة والتاسعة والأربعين، لشكلٍ من أشكال الختان، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن مها تعمل في العاصمة، الخرطوم، التي لا تحظر الختان، إلا أنها اختارت العودة إلى بلدتها لإجراء العملية سرَّاً في منزل القابلة. ولأنها تعرف القابلة مسبقاً، فقد وافقت الأخيرة على أن تجري لها العملية مقابل مبلغٍ يقلّ عن التسعيرة المتعارف عليها للعملية، والتي تبلغ 5 آلاف جنيه سوداني، وهو ما يعادل 85 جنيها استرلينيا.
أربعة أنواع للختان
•النوع الأول: الخفْض، ويشمل الإزالة الجزئية أو الكلية للبظر.
•النوع الثاني: إزالة البظر والشفرين الداخليين أو الخارجيين أو كليهما معا.
•النوع الثالث: التبْتيك، وهو إزالة بعض أو كامل الأجزاء الخارجية من العضو التناسلي الأنثوي وخياطة أو تضييق المهبل.
•النوع الرابع: يتضمن أي شكلٍ من أشكال الإضرار المتعمَّد بالأعضاء التناسلية سواء بالحرق أو القشط أو الثقب أو غيرها.
“لأنني أحتاج إلى المال”
في ظل سيادة الثقافات التي تعتبر العذرية قبل الزواج أمراً هاماً، تلجأ بعض السيدات إلى الخضوع لعملية جراحية لإعادة بناء غشاء البكارة، وهو طبقة رقيقة من الأنسجة تغطي فتحة المهبل بشكلٍ جزئي، لإخفاء أي أثر لممارسة نشاط جنسي في الماضي. ولكن العملية التي تعرف ب”ترقيع غشاء البكارة” يجب أن تُجرى على يدّ طبيب جرّاح، كما أنها لا تتوفر على نطاقٍ واسعٍ في السودان؛ إذ لا تجريها إلا عيادة واحدة في السودان، ولا تقدَّم إلا للنساء المتزوجات حصراً.
وبذلك تصبح خياطة تضييق فتحة المهبل الخيار الأفضل. واللافت أن بعض القابلات يفضلن إزالة المزيد من الشفرين أو الطيات المهبلية الأخرى “لتبدو الأمور أكثر ترتيباً” خلال العملية.
وتقول طبيبة أمراض النساء، سوسن سعيد، إنه على الرغم من أن الحملات المناهضة للختان في السودان تعتبر إجراء أي تغييرات على الأعضاء التناسلية الأنثوية، سواء بالخياطة أو الثقب، تشويهاً لها. كما يحظر المجلس الطبي السوداني إجراء مثل تلك العمليات في مستشفيات الخرطوم، وقد تواجه أي قابلة تقوم بإجرائها عقوبة الطرد من العمل ومصادرة معدَّاتها. إلا أنها فوجئت، خلال زيارتها لثلاث مستشفيات في العاصمة، بأن “القابلات كنَّ سعيدات بعرض طبيعة العمليات المتنوعة وشرح تفاصيلها أمامي، حتى إن إحداهن تحدثت إلىَّ حول الخيارات المتنوعة للعملية أمام الممرضات الأخريات، وأخذتني في جولة عبر الغُرَف”.
دراسة : فهم الدوافع الثقافية وراء “ختان الإناث” قد يساعد في القضاء عليه
ختان الإناث: “أنتِ قالب ثلج لا يشعر، لا يحب، لا يرغب”
وتتابع سعيد: “سألتني القابلة: هل ترغبين في إزالة جزء من البظر؟ ..إذا كنتِ لا تريدين ذلك، فلن أمسَّه ولكنني سأجعلك تبدين مثالية عبر قطع جزء صغير من الشفرين الخارجيين وخياطتهما”.
وأضافت سعيد أن قابلة أخرى باحت لها بأنها تكره إجراء هذه العمليات، ولكنها تضطر للقيام بها من حينٍ لآخر لحاجتها إلى المال، ناقلةً عنها القول: “في أحد الأيام، قمت بإجراء عملية (تبتيك) لفتاة في الثامنة عشرة من عمرها، تعرضت للاغتصاب من قبل ابن عمّها. والدتها جاءتني وبكت كثيراً، لذا شعرت بالرغبة في مساعدتهم”.
وأضافت أنها “قطعت عهداً على نفسها، أمام (مبادرة سليمة) المعنية بمكافحة ختان الإناث، بألا تختن أي طفلة أو سيدة مرة أخرى، لكنها تضطر للقيام بذلك من حينٍ لآخر، حتى تتمكن من إعالة أحفادها بعد وفاة والدتهم، والتكفُّل بنفقاتهم الدراسية”.
وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة سليمة هو مشروع أُطلق عام 2008، بدعمٍ من منظمة الأمم المتحدة، لمكافحة ختان الإناث في السودان.
عهد جديد؟
ولكن يبدو أن ثمة طريقاً طويلاً أما المبادرة قبل أن تتمكن من تغيير التوجُّهات أو المواقف، لاسيما في مجتمع محافظ كالسودان.
قال لي أحد الشبان في الخرطوم: “أتمنى أن تكون زوجتي المستقبلية بكراً”، مشيراً إلى أنه سيشتبه في قيامها بخيانته إن لم تكن كذلك، وهو موقف شائع جداً في السودان، حيث يتوقع الرجال أن “تخاط” النساء.
ومع ذلك، يأمل نشطاء مكافحة ختان الإناث أن تتغير الأمور، لاسيما وقد ألغى السودان قانون النظام العام الذي كان يتحكم في سلوكيات النساء وطبيعة الأزياء التي يرتدينها، بما في ذلك منع النساء من ارتداء السراويل في الأماكن العامة.
وكان قانون النظام العام قد أُقِرَّ في عهد الرئيس البشير، الذي دام قرابة 30 عاماً، وانتهى بعزله عن السلطة، في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري، بعد أشهرٍ من التظاهرات الحاشدة في الشوارع.
ويمنح قانون النظام العام السلطات صلاحيات واسعة للتحكم فيما ترتديه النساء، كما ينص على عقوبات مشددة للمخالِفات مثل الجلد والسجن لفترات تصل لخمس سنوات، وكذلك الرجم أو الإعدام في حالات نادرة.
وتقول ناهد طوبيا، مؤسِّسة مبادرة “آن لان” المعنية بالقضاء على ظاهرة ختان الإناث في السودان إن “فتيات اليوم أكثر تقدمية بالمقارنة مع جيل آبائهن”.
وتضيف: “إنهن يعشن صراعاً داخليا؛ إذ يشعرن بأن لديهن الحق في ممارسة الجنس ولكن عليهن تقديم تنازلات أو اعتماد آليات للمواءمة كي يمارسن هذا الحق، سواء عبر خياطة أنفسهن أو حتى ارتداء الحجاب”.
[ad_2]
Source link