ما هو قانون النظام العام والقوانين التي تحد من حرية المرأة في السودان؟
[ad_1]
حظي إلغاء السلطات الانتقالية السودانية لما يعرف بقانون النظام العام، الذي كان يحد كثيرا من حرية المرأة ضمن مجموعة قوانين تنظم أمور اجتماعية أخرى، بترحيب شعبي كبير داخل السودان وفي أوساط المنظمات الحقوقية الدولية.
ووصفت منظمة العفو الدولية القرار على لسان نائب مدير برنامج شرق إفريقيا والقرن الإفريقي والبحيرات العظمى، سيف ماغانغو، بأنه يمثل “خطوة إيجابية كبرى بالنسبة لحقوق المرأة في السودان. فقد تأخر إلغاء قوانين النظام العام كثيراً. وتم إلقاء القبض على العديد من النساء بصورة تعسفية وضربهن وحرمانهن من حقوقهن في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية التعبير بموجب هذا القانون التمييزي”.
بيد أن عددا من الناشطات والناشطين الحقوقيين السودانيين عدّوا هذا الإجراء جزئيا ولن يحقق منافعه الحقيقية للمرأة ما لم يشمل تعديل القانون الجنائي السوداني الذي كانت تستند إليه سلطات فرض القانون في مراقبة سلوك النساء والزي الذي يلبسنه.
وترى الدكتورة زحل الأمين أستاذة القانون الدستوري والدولي في جامعة النيلين في حديث لبي بي سي إن هذا القانون ظل مثيرا للجدل من ناحية تطبيقه ومن ناحية ما ترتب عليه من انتهاكات. فهو مقرونا مع القانون الجنائي السوداني “يجرم سلوكيات شخصية ويمنح سلطة تقديرية واسعة جدا لمنفذيه بمختلف طرقهم في التفكير ورؤاهم وأيديولوجياتهم، فكان يطبق بطريقة مزاجية جدا وبالتالي عانت النساء كثيرا منه”.
فما هو قانون النظام العام وهل يحد فعلا من حرية المرأة ويتحكم في ملبسها وسلوكها ؟
قوانين متعددة
اعتاد الكثيرون على اتهام قانون النظام العام بفرض قيود على حرية النساء في الفضاء الاجتماعي العام، في شؤون التنقل والتجمع والعمل والدراسة والزي والمظهر الاجتماعي، بيد أن الحقيقة هي أن تنظيم هذه الأمور لا يقتصر على هذا القانون وحده الذي يختص بولاية الخرطوم، بل يمتد إلى قوانين أخرى كالقانون الجنائي السوداني.
على سبيل المثال لا الحصر، إن قانون النظام العام لم يتضمن أي فقرة تحدد لباس المرأة وزيها، وما كانت تقوم به شرطة أمن المجتمع (النظام العام سابقا) من حملات ضد النساء بسبب لباسهن كانت تستند إلى المادة ( 152) من القانون الجنائى العام لعام 1991 التي كانت الأجهزة الشرطية تستخدم تفسيرا لها يبرر حملاتها لمطاردة النساء فى الشوارع بسبب الزي.
كما يستخدم البعض القوانين المحلية للولايات من أمثال قانون تزكية المجتمع بولاية القضارف لسنة 2007، الذي يعمل بنظام أقرب إلى نظم “المطوعة” أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بعض الدول الإسلامية، وتتشكل بموجبه لجان من محتسبين و شرطة تزكية المجتمع وشخصيات دعوية تتولى ملاحقة المخالفين لما تراه زيا شرعيا أو مراقبة نشاطات فنية أو ترفيهية تتجاوز اشتراطات تزكية المجتمع.
وتنص على عقوبات قاسية للمخالفين تصل إلى الجلد لمن يقومون بنشاطات اجتماعية أو ترفيهية بسيطة كتدخين “الشيشة” في الأماكن العامة وتتدخل حتى في عمل محلات خياطة الملابس النسائية أو إقامة الحفلات الغنائية والنشاطات الترفيهية.
وتقول الدكتورة الأمين: “نحن كقانونيين سودانيين حذرنا من إلغاء القوانين بقرارات تنفيذية أو إدارية لأن ذلك يؤدي إلى إشكاليات أمام المحاكم بشأن شرعية هذا الإلغاء وبالتالي طالبنا أن تتبنى الحكومة هذا الإلغاء ضمن قوانين جديدة وليست قرارات إدارية”.
وأضافت “وبناء على ذلك تقدم وزير العدل بمشروع قانون مفوضية إعادة بناء المنظومة القانونية الذي يهدف إلى إعادة بناء الأجهزة العدلية ويقع قانون إلغاء النظام العام ضمن هذا المشروع”.
وقد تصاعدت أصوات الناشطين الداعية إلى تعديل وإلغاء مجمل القوانين التي تحد من الحريات سواء في القانون الجنائي العام أو في القوانين الولائية.
وقالت الناشطة تهاني عباس من مبادرة لا لقهر النساء لبي بي سي نحن نطالب بإلغاء المواد 152 المتعلقة بالزي للنساء والأولاد والمادة 153 للأفعال الفاضحة والمادة 154 بمسائل الآداب من القانون الجنائي السوداني.
كما حضت منظمات حقوقية دولية السلطات السودانية على إلغاء مثل تلك القوانين، وفي هذا الصدد قالت منظمة العفو الدولية “يجب على السلطات تعديل القانون الجنائي لعام 1991، لا سيما المادتان 77 و78 التي تنظم استهلاك الكحول وتداوله، والمواد 145-158 التي تنظم ما يسمى ‘بالأخلاق’، بما في ذلك ممارسة الجنس بالتراضي، وقانون اللباس، ومسائل أخرى بشأن سلوك الأفراد في الأماكن الخاصة”.
ودعت المنظمة الحكومة السودانية إلى “التصديق على الصكوك المهمة المتعلقة بحقوق المرأة، بما في ذلك بروتوكول مابوتو المنظم لحقوق المرأة في إفريقيا، واتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”.
وقالت أميرة عثمان التي تعمل مهندسة حاسوب لبي بي سي إنها تعرضت لمضايقات كثيرة من قبل الشرطة خلال الأعوام الماضية بسبب أزيائها التي ترتديها ولأنها ليست محجبة وقد وصلت الأمور إلى استدعائها للمحكمة مرتين الأولى في عام 2002 بسبب البنطلون والثانية عام 2013 بسبب الطرحة فضلا لتعرضها للكثير من المضايقات ما بينهما.
وتضيف قائلة إنها تشعر الآن بالرضا لإلغاء القانون الذي كان سببا في الانتهاكات التي تعرضت لها وتعتبره نصرا كبيرا للحركة النسوية، “فقد كنا نضع في اعتبارنا دائما لدى ذهابنا لرحلة أو أي شيء من هذا القبيل أنه ستحدث مشكلة مع شرطة النظام العام”.
قانون النظام العام
صدر قانون النظام العام بمرسوم دستوري حمل الرقم 41 لسنة 1996، في 28 مارس/ آذار في العام نفسه بتوقيع والى الخرطوم آنذاك لأنه حدد مكان سريانه بولاية الخرطوم.
ويضم القانون سبعة فصول وست وعشرين مادة، خُصص الفصل الأول للأحكام التمهيدية والتعريفات والتفسيرات. وتضمن الفصلان الثاني والثالث مواد تحدد ضوابط لإقامة الحفلات الغنائية العامة والخاصة، واستخدام المركبات العامة وتحديد أماكن جلوس النساء فيها.
واختص الفصل الرابع بتحديد ضوابط لمنع ممارسة التسول والتشرد ودور الشرطة في مكافحتهما.
واختص الفصل الخامس بضوابط تنظيم أماكن تصفيف شعر النساء والتي تحظر عمل الرجال في مثل هذه الأماكن ودخولهم إليها.
وضم الفصل السادس أحكاما متنوعة تحدد طريقة استخدام مكبرات الصوت في الأماكن التجارية وأوقات استخدامها، وأوقات فتح المحال التجارية في يوم الجمعة أو عمل المطاعم والكافتريات في شهر رمضان، وضوابط أخرى للاستحمام في نهر النيل وغسل العربات وحظر أعمال الشعوذة والدجل.
وتضمن الفصل السابع عقوبات المخالفين لأحكام هذا القانون، نصت على خمسة أنواع من العقوبات هي: السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو الغرامة أو العقوبيتن معا، وكذلك عقوبات مثل الجلد ومصادرة الأدوات المستخدمة في المخالفة.
ومن تدقيق هذه النصوص القانونية يلاحظ غياب المواد التي تتعلق بما يوصف بـ “الزي الفاضح”، والتي تقع تحت مادة أثارت الكثير من الجدل في القانون الجنائي السوداني لعام 1991، وهي المادة 152 التي تنص على أن “كل من يأتي في مكان عام فعلًا أو سلوكًا فاضحًا أو مخلًا بالآداب العامة، أو يتزيّا بزيّ فاضح أو مخل بالآداب العامة، يسبب مضايقة للشعور العام؛ يعاقب بالجلد بما لا يجاوز 40 جلدة، أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا”.
فضلا عن السلطة التقديرية لتوقيف كل رجل أو امرأة ترى الشرطة أنها أو أنه يرتدي “زيًا خادشًا للحياء”، والتي منحها القانون لشرطة الأمن المجتمعي أو مايعرف بشرطة النظام العام.
وتخلص الدكتورة الأمين إلى أنه لم يتم تعديل القانون الجنائي العام بعد ولكن تمت إجازة مشروع إلغاء النظام العام على أنه لابد عند اكتمال الشرعية القانونية أن يجاز تغيير القانون كاملا بالطريقة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية.
وتضيف أن “قانون النظام العام هو قانون ولائي وقد سارت ولايات أخرى على ضوئه في تشريع قوانين مشابهة فيها لذا فإن إعادة بناء المنظومة القانونية تشمل كل القوانين المعيبة سواء كانت في الخرطوم أو الولايات الأخرى.
وتوضح أنه لغاية الان لم يتم إكمال التنظيمات الإدارية الجديدة للولايات في السودان، وسيتم في الأيام المقبلة إصدار مثل هذه التنظيمات، سواء أبقت على المجالس التشريعية في الولايات أم ألغتها. وسنرى كيف سيكون شكل النظام الفيدرالي للولايات وبعد ذلك ستحل كل الإشكاليات القانونية بناء على هذا النظام.
وكانت الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير قد نصت على أن مشروعات القوانين تجاز في اجتماع مشترك بين مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء، حيث يتولى المجلسان معا مهمة إقرار القوانين بدلا من الهيئة التشريعية في ظل غياب برلمان في المرحلة الانتقالية.
[ad_2]
Source link