كيف تتعرف على الحالة المزاجية لقطّتك من خلال إشاراتها؟
[ad_1]
تبدو الكلاب عاجزة من الناحية البيولوجية عن إخفاء حالاتها المزاجية، فسيرها بتثاقل أو هزها لذيولها أو إصدارها لأصوات من أنوفها، تشكل علامات على شعورها بالرضا أو العصبية أو السعادة الهائلة. لذا، فبمقدورنا أن نفهم – وبسهولة – المؤشرات الدالة على طبيعة ما يشعر به الكلاب.
للقطط كذلك لغة جسد متطورة ومعقدة، فهي تعبر عن حالتها المزاجية من خلال تحريكها لذيلها بقوة، أو تجعيدها لفرائها، أو اختيارها لوضع ما لآذانها وشواربها. وإذا ما أصدرت صوت قرقرة، فإن ذلك يشكل – عادة وليس دائما – مؤشرا على الود والصداقة والرضا.
وتمثل هذه طريقة موثوقا بها، للتعرف على ما إذا كانت الهرة في مزاج ودود، أم يجدر بنا تركها وشأنها.
اللافت أنه بينما يمكن لنا التيقن من وجود أواصر صداقة بيننا وبين الكلاب، وبالرغم من أن القطط المستأنسة منحتنا رفقتها منذ آلاف السنين، فلا تزال القطط تعاني من أن لديها صورة ذهنية سلبية بعض الشيء، في أذهان البعض. فالاستقلالية التي يراها الكثيرون ميزة، يُنظر إليها من قبل آخرين، على أنها تحفظ أو أنانية. كما أن كارهي القطط يزعمون أنها لا تُظهر المودة، إلا عندما تكون تتضور جوعا.
في المقابل، يقول أصحاب هذه الحيوانات إن ما يوجه إليها من انتقادات، ليس إلا هراء وأن روابط الصداقة القائمة بينهم وبين قططهم لا تقل قوتها، عن تلك الممتدة بين الكلاب وأصحابها. لذا ربما يتعين علينا أن نتساءل عن السبب الذي يجعلنا نرسم صورة للقط كحيوان متحفظ وغير ودود ومحب للعزلة؟ وهل هناك أي صحة لذلك الاعتقاد؟
في البداية يمكن القول إن من الأمور الإيجابية حقيقة أن صورة القط “المستقل” هذه، لم تلحق ضررا يُذكر بشعبية القطط كحيوان أليف. فمن المعتقد أن هناك قرابة 10 ملايين قطة منزلية في المملكة المتحدة وحدها. ويُعتقد كذلك أن نحو 25 في المئة من الأسر لديها قط واحد على الأقل، بحسب دراسة أُجريت في هذا الصدد عام 2012.
وربما ترجع الصورة الذهنية السلبية السائدة لدى البعض عن القطط، إلى الطريقة التي تم استئناسها بها من الأصل. فالأمر جرى على نحو تدريجي بشكل أكبر بكثير مما حدث مع الكلاب، بل وكانت القطط تمسك كذلك فيه بزمام القيادة، على نحو كبير للغاية أيضا.
فأولى القطط المستأنسة بدأت في الظهور في قرى بمنطقة الشرق الأوسط خلال العصر الحجري الحديث، قبل نحو 10 آلاف عام. ولم تعتمد على مُضيفيها من البشر في هذا الزمن البعيد، لكي يوفروا لها الطعام، بل حُضَتْ على الحصول عليه بنفسها وعلى حماية المحاصيل ومخازن الغذاء من الفئران وغيرها من الكائنات الضارة الأخرى.
لكن منذ البداية، كانت علاقتنا مع القطط أقل حميمية وودا من صلاتنا بالكلاب، تلك الحيوانات التي ساعدتنا في الصيد واعتمدت علينا في المقابل للحصول على حصتها من الغنائم. بجانب ذلك، ربما تحتفظ القطة، التي تتربع الآن على أريكتك أو تحدق فيك بعينيها المتوهجتين وهي تقبع فوق خزانة الكتب، بالكثير من الغرائز التي كانت لدى أسلافها في عصر ما قبل استئناس الهررة، من قبيل الرغبة في القنص أو القيام بدوريات في الأراضي المحيطة بها لحمايتها من دخول قطط أخرى إليها، وهو ما يجعل تلك الحيوانات، أقرب إلى طباع الأسلاف أكثر مما هو قائم بين الكلاب. ويعني ذلك أن استئناسنا للقطط لم يبعدها عن البرية إلا جزئيا.
وتقول الطبيبة البيطرية كارِن هيستاند، وهي مسؤولة كذلك في إحدى الجمعيات الخيرية الدولية المعنية بالقطط، إن الأمر يرجع في الجانب الأكبر منه إلى “سوء فهم من جانب الإنسان لطبيعة هذا النوع من الكائنات. فثمة تشابه كبير بين الكلاب والبشر، وقد عاش النوعان جنبا إلى جنب لفترة طويلة. وكان هناك تطور مشترك لهما، بطريقة ما. أما القطط، فقد حدث ذلك معها في وقت متأخر عن ذلك كثيرا، باعتبار أنها تنحدر من سلف منعزل منطوٍ لا يمثل نوعا إحيائيا اجتماعيا”.
فالقط البري الأفريقي، الذي تنحدر قططنا المنزلية المستأنسة منه، يميل للعيش في عزلة، ولا تتلاقى الهررة المنتمية لنوعه إلا للتزاوج في غالب الأحيان.
وتقول هيستاند في هذا الشأن: “القط هو الحيوان الوحيد ذو الطبيعة الانعزالية، الذي استأنسناه. فكل الحيوانات الأخرى التي قمنا بتدجينها، كانت الروابط الاجتماعية تسود داخل قطعانها”.
وفي ضوء ميل القطط للعيش في عزلة عن الحيوانات الأخرى التي تحيط بنا، فلا عجب في أننا قد نسيء فهم الإشارات الصادرة منها. وتقول هيستاند: “تزداد شعبية الهررة، نظرا لأنها تحظى بالاستقلالية الشديدة، وتستطيع الاعتناء بنفسها. لكن ذلك لا يرتبط بما إذا كانت طبيعة حياتنا تناسبها أم لا. فالبشر يتوقعون أن تكون القطط شبيهة لهم وللكلاب. وهي ليست كذلك”.
وفي الآونة الأخيرة، تسارعت وتيرة إجراء دراسات تتناول الانفعالات التي تعتري القطط ومسألة مدى إقبالها على الاختلاط بالآخرين، وذلك بعدما ظلت لا تحظى باهتمام الباحثين – لسنوات طويلة – مقارنة بالكلاب.
ومع أن غالبية هذه الدراسات لا تزال في مراحلها الأولية، فإنها أظهرت بالفعل أن ميل القطط للاختلاط مع البشر، هو أمر معقد وتتداخل فيه عوامل متعددة.
وهنا تقول هيستاند: “إنه لأمر قابل للتغير بشدة، يرتبط بعلم الوراثة. كما أن الجانب المتعلق بالميل للاختلاط بالآخرين، ربما ينبع مما تمر به القطط في الأسابيع الستة أو الثمانية الأولى لها بعد الولادة. فإذا كانت تجاربها في هذه المرحلة المبكرة من حياتها إيجابية؛ فغالبا ستنشأ على الميل للبشر، وسترغب في أن تقضي وقتها معهم”.
من جهة أخرى، لا تقل مسألة استئناس القطط تعقيدا. فالقطط الضالة غالبا ما تختبئ من البشر أو تفر منهم، ماضيةً على درب أسلافها، التي كانت تعيش في البرية. وفي مناطق مثل الشرق الأوسط ودول كاليابان، تشهد قرى الصيد تزايد أعداد مجموعات من “القطط التي تهيم على وجهها بلا صاحب في المناطق المأهولة بالسكان”.
وتتسم هذه الهررة بالود بقدر كاف لجعلها تتملق السكان الذين يوفرون لها الطعام. وفي مدينة إسطنبول على سبيل المثال، يُطعم السكان القطط الضالة ويعتنون بها. كما أصبحت هذه الحيوانات جزءا من هوية المدينة، ما أدى إلى إنتاج فيلم وثائقي عنها.
هذا التعقيد يشمل حتى الحيوانات التي تعيش معنا. فبعضها يُبقي على مسافة نسبية بينها وبين أصحابها، بينما يسعد البعض الآخر بالرفقة البشرية. إذا، فما الذي يتوجب علينا الاهتمام به والالتفات إليه، إذا كنا راغبين في إقامة صلات ودية قوية مع القطط؟
في البداية، يمكن القول إن القطط – مثلها مثل الكلاب – تعتمد في القدر الأكبر من عمليات التواصل بينها وبين الآخرين، على حركات جسدها لا الأصوات الصادرة عنها. وتقول كريستين فيتالي، الباحثة الحاصلة على درجة الدكتوراه والتي تدرس سلوك القطط: “أعتقد أنه من الأصعب على البشر قراءة لغة الجسد الخاصة بالهررة، مقارنة بما يحدث مع الكلاب” وهو ليس خطأ القطط بالضرورة.
لكن هناك سمة رئيسية أخرى، ربما جعلت بوسع الكلاب أن تكون أقرب إلى قلوبنا من القطط، وهي تلك التي كشفت عنها النقاب دراسة أُجريت في جامعة بورتسموث البريطانية. فالدراسة أظهرت أن الكلاب تعلمت محاكاة التعبيرات التي يُظهرها الرضع، ما يثير لدى أصحابها من البشر الرغبة في رعايتها والاعتناء بها. ويبدو أن تلك المقدرة تعود لتطور عضلة تستطيع من خلالها الكلاب رفع الحاجبيْن الداخلييْن لعينيْها، وهو ما لم يكن موجودا لدى أسلافها من الذئاب.
وهكذا فإن ما يقال عن أن النظرة التي نراها في عيون الكلاب تعكس براءة حقيقية أو ساذجة، ليس مجرد تشبيه نمطي، وإنما يمثل ما يمكن أن نصفه بـ “أمر بارع مرتبط بعلم التطور”، أدى إلى تعزيز الروابط والأواصر القائمة بين البشر والكلاب.
الخبر السيء بالنسبة للقطط أنها تفتقر لهذه العضلة تحديدا. نتيجة لذلك، يمكن أن تبدو نظرة القطط المُحدقة في ما يحيط بها من أشياء وبشر، باردة وتفتقر للود والحميمية، بل إن تفرس أي قطتيْن في بعضهما البعض، قد يمثل في أغلب الأحيان مقدمة لنشوب شجار بينهما. لكن تحديق القطة فيك بنظرة يتخللها تحريكها لجفنيها ببطء، وهو ما يُعرف بـ “الرمش”، قد يشكل أمرا مختلفا تماما، ألا وهو التعبير عن الحب، فهذه هي الطريقة التي تبدي بها الهررة مثل ذلك الشعور. بل إن إشاحة القطة برأسها إلى أحد الجوانب، لا يمثل بالضرورة علامة على الازدراء، بل مؤشرا على شعورها بالاسترخاء.
وتلفت فيتالي الانتباه لدراسة أجرتها في إحدى الجامعات الأمريكية، تُرِكت فيها الكلاب والقطط في إحدى الغرف بمفردها لبعض الوقت، ثم عاد إليها أصحابها فجأة في وقت لاحق. فمن المثير للاهتمام – بحسب الباحثة – تشابه الكلاب والقطط في ردود فعلها على العودة المفاجئة لأصحابها؛ إذ تدافعت حيوانات كلا النوعيْن نحوهم مُحييّة ومرحبة لفترة وجيزة، قبل أن تعود لاستكشاف الغرفة من جديد. ويصف الباحثون الهدوء الذي ينتاب الحيوانات عند عودة أصحابها لها، بـ “الارتباط الآمن”، الذي يشير إلى وجود رابطة عاطفية قوية بين الجانبين.
وتقول فيتالي إن التحيز الذي يشوب توقعات البشر حيال الحيوانات وما ستفعله، يؤثر على تصرفاتهم إزاءها. إذ أن محاولة إجبار القطط على أن تتصرف على نحو أقرب للكلاب، كأن تغمرنا باهتمامها، يمثل مسعى منّا لدفعها للابتعاد عن سلوكها الطبيعي.
وتعتبر هيستاند أن جزءا من هذه المشكلة، يتمثل في فشلنا على مر التاريخ، في إدراك أن طباع القطط تختلف عن نظيرتها لدى الكلاب. حتى الخبراء الذين قضوا سنوات من عمرهم في تلقي تدريبات على رعاية القطط، ليسوا بمنأى عن الوقوع في هذا المأزق.
وتروي هيستاند في هذا الصدد بأنها شعرت أنها “حمقاء بكل معنى الكلمة” عندما ذهبت لمؤتمر عُقِدَ عام 2007، وعَلِمَت هناك أنها تجهل “كل هذه المعلومات الأساسية عن القطط، مثل كونها تفضل أن يُوضع لها مأكلها ومشربها في مكانين مختلفين”.
فلتأخذ مثلا مسألة قيام القطط بمسح أجسادها في أجساد أصحابها. فرغم أن من المعتاد أن يعد ذلك الفعل، إذا قامت به الهررة البرية مع الأشجار أو أي شيء مادي في المنطقة التي تعيش فيها، من قبيل وضع علامة تؤكد بها ملكيتها لهذه البقعة، فإن الإقدام عليه مع البشر، يشكل عادة مؤشرا على الانتماء والاندماج. فالقطط تسعى في هذه الحالة، إلى نقل رائحتها إلى بشرتك، وأن تنقل رائحتك كذلك في الوقت ذاته إلى فرائها. هذا بالضبط ما تفعله القطط الضالة مع القطط الأخرى المتحالفة معها. ومن هنا يمثل هذا التصرف أسلوبا لخلق “رائحة مشتركة” للتمييز بين العدو والصديق.
في نهاية المطاف، تقول الطبيبة البيطرية هيستاند إن من بين الأمور المحورية التي يتعين علينا وضعها في الاعتبار، أن شعور القطة بالراحة يجعلها أكثر رغبة في إقامة علاقات صداقة. وتشير إلى أن الهررة تبدأ في استكشاف تلك الروابط الاجتماعية، إذا وُفِرَ لها الماء والطعام، وأُعِدَتْ النفايات التي ستلهو بها والمكان الذي ستنام فيه. لذا فلا تشعر بخيبة أمل في المرة التالية التي تدخل فيها منزلك، لتجد قطتك وقد عكفت على تفحصك بهدوء أو بدأت تتثاءب كسلى وهي تمضي متثاقلة عبر الردهة، فالحقيقة أنها تخبرك – بطريقتها وعلى نحو هادئ – بأنها سعيدة لرؤياك.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future
[ad_2]
Source link