الحرب في ليبيا: الغرق في الفوضى مع تواصل حرب بلا نهاية
[ad_1]
تعيش العاصمة الليبية طرابلس في حالة حرب دائمة ونزاعات متعددة منذ ما يقرب من عقد.
وقد ولت الأيام الأولى للثورة، في عام 2011، التي أطاحت بمعمر القذافي بعد عقود في الحكم.
وفي السنوات التي تلت، عاشت ليبيا نسختها الخاصة من المسلسل التليفزيوني “لعبة العروش”، في حالة مستمرة من الصراعات القوية على السلطة، التي تشمل ميليشيات متناحرة، وحكومات متنافسة، ولاعبون دوليون يتزايدون.
وفي العاصمة طرابلس هذه الأيام يمكنك أن تسمع بشكل متقطع أصوات المعارك البعيدة تتخلل حركة المرور، بيد أن الشوارع ظلت مكتظة بالناس. فهذه مدينة يغذيها النفط والقهوة والمقاومة.
وبدأت آخر جولات القتال في أبريل/نيسان، عندما قاد اللواء خليفة حفتر قواته من معاقلها في شرق ليبيا نحو طرابلس في غرب البلاد.
ويقود حفتر قوات يسميها “الجيش الوطني الليبي”، التي تسيطر بالفعل على معظم أجزاء البلاد، بدعم من الحكومة المعلنة في طبرق. لكن طرابلس تأبى الوقوع في قبضته رغم مرور ستة أشهر على بدء الهجوم. وأصبح حفتر عالقا في الأطراف الجنوبية للمدينة.
قذيفة طائشة
وتتصدى لحفتر مجموعة من الميليشيات، التي عادة ما تقاتل بعضها، لكنها الآن تحارب تحت لواء حكومة الوفاق الوطني.
وتدعم الأمم المتحدة هذه الحكومة، إلا أنها بالكاد تحكم طرابلس، ويقل نفوذها كثيرا خارجها. كما تعاني للإبقاء على الكهرباء والمياه، حتى داخل العاصمة.
وفي زيارة إلى ليبيا مؤخرا، سافرنا في شاحنة صغيرة عبر الأحياء التي أنهكتها الحرب حتى نصل إلى خط القتال.
ولم يتغير المشهد كثيرا منذ رحلتنا السابقة في أبريل/نيسان. ولوهلة كان المشهد أشبه بعام 2011، حيث ترى المتطوعون الشباب الذين يرتدون خفوفا مطاطية، يعرضون أنفسهم للموت على يد العدو، وربما على أيدي بعضهم (جراء نقص الخبرة والتدريب).
لقد أطلق أحدهم قذيفة ار بي جي بشكل عشوائي، باتجاه المقعد الأمامي لشاحنة بعد فشله في محاولة التصويب نحوها وإطلاق النار نحو هدفه بشكل صحيح.
السلام المنشود
ظهر قائد القوات الموالية لحكومة الوفاق، سالم بن إسماعيل، الذي كان يرتدي زيا مدنيا ويتحدث بنبرة هادئة ليشير باتجاه طريق مهجور مؤدي إلى نقطة تمركز قوات حفتر، على بعد 500 متر فقط.
وبالنسبة له، وهو أحد المقاتلين الذين دعمتهم قوات حلف شمال الأطلنطي (ناتو)، فإن القتال ضد حفتر يتعلق بالحيلولة دون عودة الحكم الاستبدادي إلى ليبيا.
وقال: “نعيش في حالة من الفوضى منذ عام 2011. وأتمنى أن تكون هذه آخر الحروب. قاتلنا ضد القذافي للتخلص من السيطرة العسكرية. وقادتنا الظروف للقتال من جديد”.
وأضاف: “نريد صندوقا وانتخابات وحكما مدنيا. ونؤمن بالديمقراطية”.
اللواء خليفة حفتر: رجل الحروب العديدة
- ساعد القذافي في الإطاحة بالملكية عام 1969، وكان بعمر 26 عاما.
- شارك في حرب أكتوبر عام 1973 ضد إسرائيل.
- قاد القوات الليبية المقاتلة في تشاد في ثمانينيات القرن العشرين.
- أسرته القوات التشادية عام 1987 وتخلى عنه القذافي.
- رُحّل إلى الولايات المتحدة بعد إطلاق سراحه عام 1990، وعاش بالقرب من مقر المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).
- عاد إلى ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي عام 2011.
- يعتبر القائد العسكري الأقوى في ليبيا حاليا.
- تدعمه حكومة طبرق، التي تشمل برلمانا انتُخب عام 2014.
- يحظى بدعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
- يُقال أنه يطمح في أن يكون “سيسي ليبيا”.
وبالنسبة للكثير من المدافعين عن طرابلس، يتعلق الأمر بمعارضة حفتر أكثر منه دعما لحكومة الوفاق الوطني. فالكثير من سكان العاصمة لا يدعمون أي من الطرفين.
لكن حفتر له داعمين أقوياء في الخارج، من بينهم مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا. وأصبحت المعركة في طرابلس حربا جديدة بالوكالة في الشرق الأوسط.
تشابه مع سوريا
ويقول عماد بادي، الباحث الليبي غير المقيم بمعهد دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، إن “القوى الأجنبية الداعمة لحفتر هي التي تقف وراء استمرار الصراع”.
وأضاف: “الناس ينسبون الكثير من الفضل لحفتر. لكنه أصبح واجهة للقوى الأجنبية. أعتقد أن القرارات أكبر منه”.
وتحظى حكومة الوفاق الوطني بدعم أجنبي كذلك، تحديدا من قطر وتركيا. لكن الثقل يقع في الكفة الأخرى.
ويقول بادي إن “الدول الداعمة لحفتر أو التي تميل إليه أكثر عددا، وتحظى بثقل سياسي أكبر من تركيا وقطر”.
ويرى بادي إنه حتى لو نجح حفتر في دخول طرابلس، لن يتمكن من السيطرة على المدينة، وقد تستمر المعارك كسائر الصراعات الدائرة في المنطقة.
“وإذا تأملنا سوريا واليمن، سنجد أن نفس القوى تتدخل في البلدين.”
“ندفن الشباب يوميا”
وتدفع طرابلس ثمن استمرار الحرب التي تنفث فيها القوى الأجنبية. وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه منذ أبريل/نيسان الماضي، قُتل ألف شخص على الأقل، مئة منهم من المدنيين، ونزح أكثر من 120 ألف مدني.
ويقول فتحي بشغة، وزير داخلية حكومة الوفاق: “ندفن يوميا الشباب الذي يُفترض أن يكون جزءا من بناء ليبيا”.
واتهم المجتمع الدولي بالإخفاق في دعم البلاد منذ عام 2011.
“لم يستكملوا المشروع. أرادوا الإطاحة بالقذافي، لكن كان يجب عليهم دعمنا لإعادة إعمار البلاد وبناء الجيش. لكنهم تخلوا عنا”.
وأضاف أن تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة قد يستغلان الفراغ الناتج عن انشغال الحكومة بالدفاع عن طرابلس.
“سيستغلون هذه الفرصة. يمكنهم التوسع الآن في الصحراء، ثم التحرك، ولن يتمكن أحد من إيقافهم”.
وحذر من خطر آخر وهو وقوع ليبيا في براثن الحرب الأهلية في حال استمرار الصراع.
“تهديد وجودي”
وحذرت المستشارة الأمريكية، أنغيلا ميركل، مؤخرا من تداعيات الوضع في ليبيا، وقالت إنه على وشك التحول إلى ما يشبه سوريا.
وتدفع ميركل من أجل عقد مؤتمر سلام عالمي قبل نهاية العام.
وقالت: “من المهم أن نبذل كل ما في وسعنا للتأكد من عدم تصعيد الوضع ليصبح حربا بالوكالة”.
لكن التقارير الواردة عن وجود مرتزقة روس، وخبراء عسكريين مصريين، وطائرات بدون طيار إماراتية، قد يعني أن الأوان قد فات.
ويتوقع السفير البريطاني السابق في ليبيا، بيتر ميليت، أن يُقام المؤتمر الألماني، لكنه يستبعد حدوث أي تطور فعلي على الأرض.
وقال: “حفتر لا يستطيع ولن يكسب الحرب، لكن مصر والإمارات لا يتحملان الخسارة. يسعى المصريون للسيطرة على جارتهم الغربية، ولا يريدون مجموعات إرهابية قرب حدودهم. فهو بالنسبة لهم تهديد وجودي”.
وأضاف: “والأمر أيديولوجي بالنسبة للإمارات. فهم يظنون أن بإمكانهم لعب دور كبير في ليبيا على غرار اليمن”.
وخلص ميليت إلى أن الجمود الحالي سينتهي إلى “وقف إطلاق نار هش”، وإجهاد سيؤدي إلى مفاوضات سرية، ونوع من الصفقة السياسية.
واوضح أن مثل هذه الاتفاق يجب أن ينحت بروية “وأن تكون هناك مشاركة في موارد النفط. ويجب أن يكون واضحا أن أهالي وقبائل شرق ليبيا ستستفيد من هذا المال”.
وما يشجع على هذا الحل، بقاء المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، في منصبه. والذي يعرف بأنه مفاوض ماهر.
وعلى حد تعبير ميليت: “يمكن لأي طرف أن يستخرج أرنبا من القبعة، لكنه لن يكون أرنبا جميلا”.
[ad_2]
Source link