أخبار عربية

التوغل التركي في شمال سوريا: الدوافع والأهداف


مقاتلات من وحداية حماية الشعب الكردية

مصدر الصورة
YPJ

تؤكد تركيا بأن “وحدات حماية الشعب” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي من أجل الحكم الذاتي للأكراد في مناطق تواجدهم في جنوبي شرقي تركيا.

ولا تنكر وحدات حماية الشعب تبنيها أفكار الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، لكنها تصر على أنها “كيان مستقل ولا علاقة لها به عسكرياً”.

وتقول تركيا إن هذه الجماعة “إرهابية” مثلها مثل “تنظيم الدولة الإسلامية”، بينما ترفض الولايات المتحدة ذلك.

وخاضت الوحدات معارك دامية وشرسة ضد “الدولة الإسلامية” عندما كانت الأخيرة في أوج قوتها عامي 2014 و2015 كما خاصت العديد من المعارك ضد الجماعات السورية الإسلامية المتشددة مثل “جبهة النصرة” وغيرها عندما حاولت الأخيرة السيطرة على المدن والمناطق الكردية في سوريا.

ومع دخول الولايات وغيرها من الدول الغربية عسكريا في سوريا بهدف القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن شنت الأخيرة عمليات دامية في أوروبا وأمريكا، وقطعت رؤوس صحفيين ورهائن غربيين، كان المقاتلون الأكراد الطرف الوحيد المؤهل الذي قبل التعاون مع الجانب الأمريكي لمحاربة التنظيم.

لماذا الحديث عن منطقة آمنة؟

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إلحاق الهزيمة بـ “تنظيم الدولة الاسلامية”، كما أعلن عن سحب القوات الأمريكية البالغ عددها ألفي جندي من سوريا. لكن حلفاء ترامب والجمهوريين المقربين منه عبروا عن قلقهم عما قد يحدث للقوات الكردية دون وجود حماية أمريكية، فكتب ترامب بعد عدة أيام، تغريدة في صفحته في تويتر قال فيها إنه سيدمر تركيا اقتصادياً إذا فكرت بضرب الأكراد”.

ورغم أن الانسحاب الأمريكي تأخر، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغل اقتراح ترامب وقال إن القوات التركية مستعدة لإقامة منطقة آمنة شرقي سوريا.

ترامب يهدد بـ “سحق” اقتصاد تركيا لو تجاوزت حدودها

نبذة: قوات وحدات حماية الشعب الكردي

نبذة عن قوات سوريا الديمقراطية

مصدر الصورة
EPA

Image caption

يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنشاء “منطقة آمنة” بطول 32 كم داخل الأراضي السورية

وعادت القضية إلى الواجهة بشدة بعد أن استولت قوات سوريا الديمقراطية على آخر جيب (الباغوز) الذي كان يحتفظ به “تنظيم الدولة ” في مارس/آذار 2019.

وفي أغسطس/آب الماضي، قال الجيش الأمريكي إنه توصل إلى اتفاق مع الجيش التركي للقيام بدوريات مشتركة في المنطقة الحدودية لتبديد المخاوف الأمنية التركية في إطار “آلية أمنية” اتفق عليها الطرفان.

وأكدت الولايات المتحدة لاحقاً أن وحدات حماية الشعب سحبت الأسلحة الثقيلة من الحدود وفكّت تحصيناتها هناك.

وقال المسؤولون الأكراد إن إقدامهم على تلك الخطوة أظهرت التزامهم بآلية الأمن بعد أن تلقوا تعهدات من الجانب الأمريكي بأن تركيا لن تقوم بعملية توغل عسكرية في مناطقهم.

لذلك، كان الأمر مفاجئاً عندما قال البيت الأبيض في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الحالي إن القوات الأمريكية ستنسحب من المنطقة الحدودية بعد اتصال بين ترامب وأردوغان قبل بدء العملية التركية.

لكنه أضاف أن الولايات المتحدة لن تدعم العملية وأن تركيا وحدها “ستكون مسؤولة عن جميع مسلحي التنظيم في سجون قوات سوريا الديمقراطية”.

ثم عاد ترامب وقال في تغريدة أخرى: “ربما نكون بصدد مغادرة سوريا، لكننا لن نتخلى عن الأكراد، وهم شعب مميز ومقاتلون رائعون. وبالمثل، علاقتنا مع تركيا، شريكتنا في الناتو والتجارة جيدة جداً”.

وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية 12 ألف رجل يشتبه بأنهم عناصر في “تنظيم الدولة الإسلامية” إضافة إلى 70 ألف امرأة وطفل، من أسر وعوائل عناصر التنظيم.

جهازك لا يدعم تشغيل الفيديو

الحرب خطفت بصر جمعة

ما هدف تركيا؟

قال أردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/أيلول بأنه “يعتزم القضاء على الهيكل الإرهابي لحزب العمال الكردستاني و وحدات حماية الشعب الكردية وإنشاء ممر للسلام”.

ويسعى أردوغان إلى بناء 10 مناطق و 140 قرية في هذه المنطقة لإسكان ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري مقيم في تركيا.

لكن السناتور ليندسي غراهام، حليف الرئيس ترامب، وصف خطوة الولايات المتحدة بأنها “كارثة”، بينما قال منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إنها “تستعد للأسوأ”.

وبعد انتقادات الجمهوريين وحلفاء ترامب، قال الأخير مهدداً تركيا في تغريدة له بأنه سيقوم بتدمير الاقتصاد التركي تماماً إذا ما قامت الأخيرة بخطوة “غير مقبولة”.

وكتبت المرشحة السابقة للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون في تغريدة لها: “لقد انحاز الرئيس للسلطات الاستبدادية في تركيا وروسيا على حساب حلفائنا المخلصين والمصلحة الأمريكية، وقراره هذا خيانة مقيتة للكرد وللقسم الذي أداه”.

وقالت المندوبة السابقة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي:”إذا أردنا أن يدعمنا حلفاؤنا فعلينا دعمهم بنفس القدر. لعبت قوات سوريا الديمقراطية دورا فعالا في حربنا الناجحة ضد التنظيم في سوريا، وتركهم لمواجهة الموت خطأ كبير”.

مصدر الصورة
Socialmedia-twitter

ماذا يقول الأكراد؟

قالت قوات سوريا الديمقراطية إن “هجوم تركيا غير المبرر على مناطقهم، سيكون له تأثير سلبي على قتالهم ضد التنظيم والاستقرار والسلام في المنطقة وإنهم مصممون على الدفاع عن أرضهم بأي ثمن”.

وقال مسؤولو الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا: “نحمّل الأمم المتحدة بكافة مؤسساتها والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وروسيا وكافة الدول والمؤسسات صاحبة القرار والتأثير في الشأن السوري كامل المسؤولية عن أي كارثة إنسانية تلحق بشعبنا في شمال وشرق سوريا”.

وأعلن وجهاء وشيوخ العشائر العربية في مقاطعة الحسكة، النفير العام وتقديم كافة الإمكانيات للتصدي لأي هجوم محتمل من تركيا، وطالبت مؤسسات المجتمع الدولي بوقف “العدوان التركي على أراضيهم”.

وقال كادار بيري، مدير منظمة كرد بلا حدود، في حديث لبي بي سي: “إن تركيا هي من دفعت بالإرهابيين نحو الحدود السورية لضرب المؤسسات والانجازات التي حققها الأكراد في السنوات الثماني الماضية، بشكل ديمقراطي، وإن هدف تركيا هو ضرب الأكراد أينما كانوا، بحسب اعتراف الخبراء والمسؤولين الأتراك، لكن الأكراد وجميع المكونات الأخرى سيدافعون عن أرضهم وكرامتهم”.

أما عن السجناء من عناصر التنظيم البالغ عددهم 12 ألف مسلح، فيقول بيري: “بلا شك سيبادر المسلحون المدعومون من تركيا إلى فك أسرهم فضلاً عن إيقاظ الآلاف من الخلايا النائمة التي تنتظر الفرصة المناسبة لإعادة تجنيد عناصر التنظيم، وهذه المرة ستكون أكثر فتكاً وخطراً في المنطقة”.

ويعتبر بيري أن الهجوم التركي على المنطقة بمثابة “إنعاش التنظيم من جديد” وأنه بدلاً من إعلان تركيا الحرب على قوات سوريا الديمقراطية، الأفضل لها تأمين حدودها من جانبها وليس من الجانب السوري لأن الأكراد في سوريا وتركيا كانوا ومازالوا منفتحين على الحوار مع جميع الأطراف من أجل الحل السياسي العادل” بحسب رأيه .

مصدر الصورة
Hawarnews

Image caption

شيوخ ووجهاء العشائر الكردية والعربية في مركز العلاقات العامة لقوات سوريا الديمقراطية في مدينة الحسكة تنديدا بالتهديدات التركية بـ “احتلال أراضي شمال وشرق سوريا”.

خلفية

تعد وحدات حماية الشعب، القوة الرئيسية في قوات سوريا الديمقراطية التي تضم عرباً وكرداً وآشوريين في صفوفها، وبرز اسمها في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي كان يسيطر على عشرات الآلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي في شمال شرقي سوريا.

وتم إنشاء منطقة تتمتع بإدارة ذاتية، يُعتقد أنها تضم ما يزيد عن ثلاثة ملايين مواطن من عرب وكرد وقوميات أخرى.

وعلى الرغم من أن تركيا جزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”، إلا أنها عارضت بشدة دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية وحاولت منعها من السيطرة على الحدود الشمالية لسوريا.

وفي عام 2016 دعم الجيش التركي فصائل سورية مسلحة متحالفة معها وطردت مقاتلي “تنظيم الدولة” من بلدة جرابلس الحدودية وأوقفت زحف مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية غرباً باتجاه منطقة عفرين الكردية. وبهذا منعت تركيا الأكراد من ربط المقاطعات الكردية الثلاث من أقصى شمال شرقي سوريا إلى أقصى شمال غربي البلاد.

ومنعت الولايات المتحدة تركيا من السيطرة على بلدة منبج ذات الغالبية العربية بالقوة في السابق، وما زالت تركيا تصر على انسحاب قوات سوريا الديمقراطية منها، وتسليمها لجماعات سورية موالية لها.

سيطرة الجيش التركي على عفرين

وفي يناير/ كانون الثاني 2018، وبعد تصريحات المسؤولين الأمريكيين نيتهم مساعدة قوات سوريا الديمقراطية في إنشاء ” قوة أمنية حدودية” جديدة، أطلق الجيش التركي حملة عسكرية ساعدها في ذلك الفصائل والكتائب السورية المعارضة سماها أردوغان “غصن الزيتون” للسيطرة على منطقة عفرين الكردية التي كانت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب منذ بداية اندلاع الحرب السورية في عام 2012.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل ما يزيد عن 300 مدني بمن فيهم أطفال في المعركة التي استمرت ثمانية أسابيع، إلى جانب 1500 من مقاتلي وحدات حماية الشعب و 400 من مقاتلي الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، و45 جندياً تركياً، كما نزح ما لا يقل عن 137 ألف مدني من منازلهم في عفرين وقراها.

—————————————

يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى