هل تؤثر مساحة منزلك على شعورك بالسعادة؟
[ad_1]
يعتقد كثيرون أنه كلما كان منزل الأسرة أكثر اتساعا، كان ذلك أفضل، بيد أن دراسات تشير إلى أن إحساس الفرد بالمكان في حد ذاته هي العنصر الأهم.
وتسهم مساحة المنزل الذي نسكنه في تشكيل الكثير من جوانب حياتنا، فالمنزل في النهاية هو المكان الرئيسي الذي يتفاعل فيه أفراد الأسرة أو شركاء السكن مع بعضهم بعضا، كما تمثل أبعاد المكان وطريقة تصميمه حجر الأساس في كيفية تطور علاقاتنا ببعض.
كما تتيح طرق الاستفادة من التصميم الداخلي للمنزل، مثل تقسيم الغرف والمساحة المفتوحة، فرصا أو قيودا تؤثر على طريقة تفاعلنا مع المحيطين بنا.
وربما لا تمثل الطبيعة الحرفية لتصميم المكان عنصرا فعالا في علاقاتنا مع الآخرين، إذ خلصت دراسة بحثية، صدرت هذا العام من جامعة “بريغام يونغ” في ولاية أوتاوا الأمريكية، إلى أنه كلما كان شعورنا يتسم بالإيجابية تجاه منازلنا، اتسم تفاعلنا بإيجابية أيضا داخله.
وترأست كارلي ثورنوك، خبيرة التصميم الداخلي للمنازل، فريقا من الباحثين لمتابعة 164 عائلة لديها أطفال في غربي الولايات المتحدة، ومثلت العائلات طيفا واسعا من مستويات الدخل ولديها منازل مختلفة المساحة والتصميم.
وعكف الباحثون طوال عامين على رصد علاقة البيئة المادية المحيطة بالعائلات والعناصر الأساسية المؤثرة في أداء العائلة مثل الاستجابة الفعّالة، والتعبير العاطفي، والقبول، وصناعة القرار.
كما استطلع الباحثون آراء الأطفال والآباء والأمهات بشأن أداء العائلة داخل المنزل، وتحديد مستوى الموافقة على جُمل مثل “أشعر بضغوط داخل منزلي” أو “يشعر أفراد العائلة بقبول وضعهم”، ومن ثم وضع الباحثون هذه الإجابات في سياق معين في مقابل متغيرات كمساحات منازل العائلة، ومستوى الدخل، وعدد الغرف وعدد أفراد العائلة.
وتوصل الباحثون بشكل عام إلى أن هناك علاقة بالفعل تربط بين العائلات الأكثر سعادة وزيادة المساحة المخصصة لكل شخص.
بيد أن ما أثار دهشة الباحثين كان شعور الأسر بأن المساحة المتوفرة في المنزل، أي حجم المساحة بالنسبة لعدد الأفراد، وما إذا كان هناك شعور بالضغط الشديد أو التباعد، لها تأثير كبير على العلاقات بين أفراد الأسرة.
اكتشف “سيرتك البيئية”
تبدأ عملية إدراك الطريقة التي تؤثر بها أماكن السكن على حياتنا النفسية والعقلية في مرحلة الطفولة المبكرة.
ونستطيع من خلال النظر إلى المنازل التي نشأنا فيها، أن نتفهم على نحو أفضل طبيعة الأسباب الكامنة في اللاوعي، التي تحدد رؤيتنا واختيارنا لمنازلنا المفضلة في المستقبل.
وتعتقد طوبي إسرائيل، خبيرة سيكولوجية التصميم ومؤلفة كتاب “مكان أشبه بمنزل: استخدام سيكولوجية التصميم لتهيئة أماكن مثالية”، أن لكل فرد “سيرته البيئية” المميزة له، أي التاريخ الشخصي المرتبط بالمكان.
وتضيف أنه على الرغم من أن السيرة البيئية تكمن غالبا في اللاوعي، تخضع علاقاتنا ومشاعرنا تجاه الأماكن للمراجعة والتعديل أو التكرار أو الرفض خلال سنوات حياتنا.
وتقول طوبي إن مقارنة أماكن السكن الحالية بتلك التي نشأنا فيها تعد نوعا من المتعة ووسيلة ذكية للتعرف على تاريخنا الشخصي المرتبط بالأماكن.
وتضيف: “يختار الناس في الغالب منازل تشبه إلى حد كبير تصميم وشكل المنازل التي عاشوا فيها أثناء طفولتهم. وأحيانا يلجأون إلى منازل مختلفة تماما”.
ويعتمد كل ذلك على تجارب شخصية في الماضي، وعلى الرغبة أيضا في تغيير الصورة أو الحفاظ عليها.
وتتذكر الخبيرة زوجين بدت سيرتهما البيئية الشخصية متناقضة تماما للوهلة الأولى، فالزوجة نشأت في منزل عائلي في ضواحي مدينة نيوجرسي الأمريكية، في شارع مزدحم بالأطفال والأسر الأخرى، أما الزوج فقد نشأ في قرية صيد أسماك يونانية تطل على البحر ويحيط بها الجبال.
وتقول: “أراد الزوج العثور على منزل تحيط به مساحة كبيرة من المناظر الجميلة، ولم يكن يزعجه كثيرا أن يجاور هذا المنزل منازل أخرى أو يكون في الضواحي، أما الزوجة كانت ترغب في منزل يقع في مكان مزدحم بالجيران والأطفال الذين يلعبون مع أطفالها، ومن ثم كان الزوجان على طرفي نقيض”.
وكان بإمكان الزوجين أن يستوعبا بصورة مباشرة مفهوم الآخر ورؤيته لمنزل المستقبل، والوقوف على أرضية مشتركة بينهما من خلال استحضار تاريخ كل منهما عن المكان الذي نشأ فيه من خلال تدريبات نفسية.
وتشير التجربة إلى أنهما يعشقان البيئة، لذا اختارا منزلا محاطا بالأشجار الكثيفة، كما كان المنزل جزءا من منطقة قيد التطوير والتوسيع، مع إمكانية الوصول بسهولة إلى الحي، وفي الغالب سوف يعيش الزوجان في المنزل سعداء، لأنه يلبي لكل منهما احتياجاته.
أما بالنسبة لمن يعيشون مع شركاء سكن، فهم لا يستطيعون تعديل تصميم المنزل بالكامل، لكن يظل بإمكانهم أن يكتشفوا التصميم الذي يفضلونه في أماكن مثل غرف النوم.
فعلى سبيل المثال، هل تنظر إلى غرفتك على أنها ملجأ أم مكان يجلب لك السعادة؟ وهل صممت المكان المشترك في الشقة، التي تتقاسمها مع شركاء آخرين، ليكون ثمة أماكن منفصلة تستخدم لأغراض مختلفة بدلا من صالة واسعة للجميع؟
هذه الأماكن تعكس الاحتياجات المكانية الحقيقية سواء الحالية أو الماضية لشركاء السكن.
التصميم بعناية
إن كنت تتطلع إلى تهيئة علاقات أفضل داخل منزلك، فقد يكون من المكلف جدا على أرجح التقديرات بل، وفي غاية الصعوبة، توسيع المكان، بيد أن تغيير طبيعة منازلنا إلى الأفضل يعد ممكنا دائما، كما تقول ثورنوك.
وينبغي أن ندرك في البداية إمكانية التحكم في تصوراتنا، وهي عملية مؤثرة جدا حتى لو كان المكان لا يزيد كثيرا عن مساحة خزانة أو دولاب.
وتقول ثورنوك: “في الوقت الذي تنمو فيه المدن بهذه السرعة، وفي ظل عدم توافر مساحات كافية، يتعين عليك أن تتحلى بالابتكار ذهنيا، لأن ظروفك قد لا تكون قابلة للتغيير بالفعل”.
وتضيف أنه حتى لو كنت في نفس المكان (منزل أو شقة) تعيش فيها مع آخرين “ثمة دائما طريقة تجعل أصغر الأماكن مناسبة وتلبي احتياجاتك”.
وتقول ثورنوك إنه، على سبيل المثال، لو كان الازدحام داخل المكان هو القضية، فبإمكانك أن تبدأ بتغير الوضع عن طريق الإضاءة ووضع مرايا.
وتضيف أن الأشخاص يرغبون في أماكن يلوذون إليها، وربما يكون ذلك بسيطا مثل استخدام ستارة تفصل بين مكانين أو بضع مخدات توضع بترتيب معين على الأرض.
وتوصي الخبيرة طوبي إسرائيل بحيلة أخرى تتلخص في أن تتشارك العائلات فيما بينها ما يفضله كل فرد، من خلال رسم تصميم المنزل، وأن يستخدم كل فرد لونا مختلفا يظلل به ما يعتقد أنه أماكن عامة وخاصة وشبه خاصة.
وتضيف أنه عن طريق النظر لنفس المنزل من خلال تصورات مختلفة، تصبح المساحات التي تمثل إشكالية، وكذا المناطق التي تحتاج إلى تطوير وتحسين، أكثر وضوحا.
وسواء كان المنزل عبارة عن شقة مشتركة مع شركاء سكن، أو منزل عائلة، فإن تصميم الأماكن مع الأخذ في الاعتبار وجود آخرين مهم للوصول إلى حالة انسجام وتعايش مشترك.
وتقول ثورنوك : “نحتاج إلى مراعاة كل ما نضعه في منازلنا، وكيف نغير أماكن هذه الأشياء، والأشياء المحيطة بنا”.
وتقول الدراسة التي أعدتها ثورنوك إن الطريقة الفعالة التي تضفي فارقا على طريقة معيشتنا، تتمثل على الأرجح في تركيزنا على الأشخاص الذين يعيشون داخل هذه المساحة.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link